الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 ملاحظات في أيام الامتحانات
(1)
الخطبة الأولى:
الحمد لله خلق الموتَ والحياة ليبلوكم أيُّكم أحسن عملًا .. ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل هذه الدار دار امتحان وبلاء وعمل، والآخرة دار جزاء وقرار إلى الأبد .. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بلغ البلاغ المبين وجاهد في الله حتى أتاه اليقين .. اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن أصحابه الغرِّ الميامين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (2). {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم} (3).
إخوة الإسلام! غدًا موعدُ الامتحان لمعظم الطلاب والطالبات .. وللامتحان رهبة وهيبة .. والنفوس بطبعها تخاف من مساءلتها .. وتقلق من غيبٍ لا تدري ما الله صانع فيه لها .. ولكن القلق أو التخوف الذي يعقبه الطمأنينة والنجاح سرعان ما ينتهي، وتشعر النفس معه بلذة الراحة بعد التعب، والسرور بعد الكبد. وما أتعس عيش الذين يتواصل كبدهم قبل الامتحان وبعده .. وأشدُّ تعاسة الذين يستمر كبدُهم في تلك الحياة الدنيا وفي الآخرة .. ألا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين.
(1) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق 11/ 2/ 1419 هـ.
(2)
سورة الحشر، آية:18.
(3)
سورة الأنفال، آية:29.
أيها الطلبةُ والطالبات .. وأولياء الأمور آباء كانوا وأمهات، إخوانًا كانوا أو أخوات .. وإليكم جميعًا أوجه هذه النصائح الملاحظات العشر بمناسبة أيام الامتحانات:
الملاحظة الأولى: ومع رهبة الامتحان فمما يخفف من هذه الرهبة قوة اليقين والتوكل على الله بعد فعل الأسباب المطلوبة شرعًا من حسن المذاكرة والتركيز في الفهم. وكن واثقًا مطمئنا لقضاء الله وقدره، فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك .. دافع القلق وكثرة الهموم فلربما كانت هذه وتلك أسبابًا لضياع معلوماتك وفشلك في الامتحان.
الملحوظة الثانية: إياك وكثرة السهر المفضي إلى الإعياء وعدم القدرة على التركيز أثناء الإجابة .. وإياك أن يطول سهرُك إلى قرب الفجر ثم تنام عن الصلاة، وربما استيقظت متأخرًا فأتيت إلى قاعة الامتحان ولم تصلِّ فرض الله بعدُ، متأولًا أن الله غفور رحيم، وناسيًا أَن الله شديد العقاب .. ولا خير فيك إن فوَّتَ شيئًا من الصلوات أثناء الامتحانات، ولا خير أيضًا إن لم تصل إلا أيام الامتحانات.
الملحوظة الثالثة: وهناك من يعمد من الطلبة أو الطالبات إلى تعاطي المنبهات أو المخدرات أيام الامتحانات، وذلك لدفع النوم -كما يظنون- ولكنها البداية النكدة لو كانوا يعلمون .. وهي مورثة لخلل التفكر وتعب الجسد فيما بعد .. الأمر الذي يدعو إلى كثرة النوم بعد وضياع أوقات مضاعفة .. لو كانوا يعلقون.
الملحوظة الرابعة: وهى همسةٌ لأولياء الأمور، وتنبيه من لم يبتل بعد بهذا الداء .. ذلكم أنّ هناك أشرارًا يصيدون في الماء العكر، فيلقون سمومهم إلى غيرهم .. وربما فتنوا بالمخدرات شابًا أو شابة لا علم لهم بمثل هذه الأمراض الفتاكة، مستغلين ظروف الامتحانات .. ومُسوّلين للطالب أو الطالبة أن تعاطي حبةً
مخدرة كفيل بالحيوية والنشاط ومن ثمَّ النجاح في الامتحان .. ومن هنا تبدأ المشكلة ويتلوث الأبرياء بأدواء الخبثاء .. ولربما تطور الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك، فراودوا المتعاطي عن نفسه، إذا اعتاد جسمه عليها ولم تتوفر في حينها .. فباعوها له بأغلى الأثمان .. وربما كان الثمن انتهاك العرض ووأد الفضيلة والحياء ولا حول ولا قوة إلا بالله .. فانتبهوا لهذه المخاطر وبداياتها في كل حين .. ولاسيما في أيام الامتحانات.
الملحوظة الخامسة: وهى قريبة من سابقتها .. ولكنها بلون آخر من الإغراء .. فقد تخدع هذه الذئاب المفترسة شابًّا غِرًّا .. فتعرض عليه الركوب معهم في السيارة لسرعة إيصاله إلى بيت أهله أو إلى مدرسته .. فإذا استجاب وركب بدأ مسلسل الإغراء والعروض أولًا .. فإن لم يستجب الشابُّ بدأ مسلسل التهديد والوعيد .. ولربما كاد من وسائلهم تهديدُ الشاب بعدم تمكينه من الامتحان إن لم يستجب لمطالبهم الخبيثة .. ولربما استجاب الشاب المسكين في البداية خشية فوات الامتحان عليه ولوم الأهل له، ثم كانت هذه الفضيحة ورقةً يُهدد بها إذا لم يستجب لمثلها .. وكل ذلك يقع في غيبة ولي الأمر وغفلة المدرسة .. وسببها الأول الاستجابة للركوب مع هذه الشلل الفاسدة .. فاحذر أخي الشاب من الركوب مع من لا تعرفه معرفةً جيدةً وتثق بدينه وخلقه، وتنبه أيها الولي لمسيرة ابنك وذهابه وإيابه من المدرسة .. وعلى المدرسة ورجالات الشرطة والحسبة ثقل من المسؤولية ومتابعة هذه الحالات الشاذة.
الملحوظة السادسة: وثمة ظاهرة يغفل عنها كثير من الناس، وهي مقلقة لرجالات الحسبة والدوريات وتحتاج إلى يقظة وحزم وحسم يقطع دابر الفتنة ويحفظ بنات المسلمين من أوغاد قل حياؤهم واستطار شرُّهم، وجعلوا مهمتهم
التحرش بالطالبات، إنها ظاهر مؤلمة تقع عند مدارس البنات -وتكثر أيام الامتحانات- والذئابُ ترصد خروجهن فتبدأ المضايقة بكلمة أحيانًا أو برسالة مختصرة أحيانًا أخرى وبرمي رقم هاتف تتم المحادثة والمهاتفة عليه فيما بعد .. وكم خَدع هؤلاء الذئاب بوسائلهم المختلفة عددًا من الفتيات فأصابهن من لوثة العرضِ ما دنَّس حياءَهن .. وجاء بالفضيحة على عوائلهن.
أيها الأولياء! ربما كان الخلل من الفتاة أحيانًا .. فالطالبة مثلًا حين تُنهي امتحانها يكون هناك زمن بين نهاية الامتحان ووصولها إلى منزلها .. ويظن الأهل أنها في المدرسة، وتعتقد المدرسة أنها في بيت أهلها .. وهي خلال هذه المدة متعرضة للفتنة وربما ضربت مواعيد مع أولئك الفساق، فكانت بدايات النكدِ والشقاء لها ولأسرتها وللمجتمع من حولها.
أيها الأولياء .. أباءً كنتم أو أمهاتٍ أو إخوانًا أو أخوات. هل تأكدتم من ذهاب الطالبة إلى المدرسة ومجيئها عن طريق النقل الرسمي، أو عن طريقكم؟ أم خاطرتم بذهابها على رجليها .. ولا تدرون ما يحدث لها؟ هل تنبهتم للمكالمات الهاتفية المثيرة من الفتيات، وهل احتطتم في مكان الهاتف .. وأكدتم على عدم استخدامه إلا للضرورة وفي مكان بارز .. وليس في غرفة مختصة؟ هل تسامحتم في مذاكرة الطالبة مع زميلتها .. ثم لا تعلمون ما يحدث في هذه المذاكرة؟ هل نتعاون جميعًا في معرفة من يدورون حول المدارس وبلغنا الجهات الرسمية بهم أو برقم سياراتهم .. إنها فتن يشيب لهولها الولدان .. وفضائح إذا ما وقعت -لا قدر الله- طأطأت رؤوس الرجال، وتسري الفتن لتعم الظالم وغيره، وصدق الله:{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب} (1).
(1) سورة الأنفال، آية:25.