المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في ثبوت صلاة الخوف والصفات الواردة فيها - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ٥

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

فهرس الكتاب

- ‌باب صلاة المسافر والمريض

- ‌باب: ما جاء في أن قصر الصلاة في السفر سُنَّة

- ‌باب: ما جاء في استحباب الأخذ بالرُّخص

- ‌باب: ما جاء في مسافة القصر

- ‌باب: مدة القصر

- ‌باب: ما جاء في جمع التقديم والتأخير

- ‌باب: ما جاء في صلاة المريض

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب: ما جاء في التغليظ في ترك صلاة الجمعة

- ‌باب: ما جاء في وقت صلاة الجمعة

- ‌باب: ما جاء في ذكر العدد في الجمعة

- ‌باب: ما جاء فيمن أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى

- ‌باب: ذكر الخطبتين وما فيهما من الجلسة

- ‌باب: ما جاء في تقصير الخطبة وقول بعد الثناء: أما بعد

- ‌باب: ما جاء في القراءة في خطبة الجمعة

- ‌باب: ما جاء في الإنصات لخطبة الجمعة

- ‌باب: جواز الكلام في الخطبة للحاجة

- ‌باب: ما يقرأ في صلاة الجمعة

- ‌باب: ما جاء فيما إذا وافق يوم الجمعة يوم عيدٍ

- ‌باب: ما جاء في التطوع بعد الجمعة

- ‌باب: ما جاء في الإنصات للخطبة

- ‌باب: ما جاء في الساعة التي ترجى يوم الجمعة

- ‌باب: جامع في سنن الخطبة

- ‌باب: فيمن لا تلزمه الجمعة

- ‌باب: ما جاء في استقبال الإمام وهو يخطب

- ‌باب: ما جاء في أن الخطيب يخطب عَلى قوس

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب: ما جاء في ثبوت صلاة الخوف والصفات الواردة فيها

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب: الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس

- ‌باب: ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى

- ‌باب: خروج النساء للعيد

- ‌باب: صلاة العيدين قبل الخطبة

- ‌باب: ما جاء في ترك الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها

- ‌باب: ما جاء في ترك الأذان والإقامة في العيدين

- ‌باب: التكبير في صلاة العيدين

- ‌باب: ما يُقْرأ به في صلاة العيدين

- ‌باب: مخالفة الطريق إذا رجع يوم العيد

- ‌باب: إباحة اللعب يوم العيد

- ‌باب: ما جاء في أن المشي إلى العيد سُنة

- ‌باب: ما جاء في أن صلاة العيدين تكون في المصلى إلا لعذر

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب: الحث على صلاة الكسوف

- ‌باب: جامع في صفات صلاة الكسوف

- ‌باب: لا تشرع صلاة الكسوف إذا هاجت الريح وإنما يكتفى بالذكر

- ‌باب: ما جاء في الصلاة عند الزلزلة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌باب: ما جاء في تقديم خطبة الاستسقاء على الصلاة

- ‌باب: تحويل الإمام الرداء عند الاستسقاء

- ‌باب: الاستسقاء بغير الصلاة

- ‌باب: الاستسقاء بدعاء أهل الصلاح الأحياء الحاضرين

- ‌باب: من سنن الاستسقاء

- ‌باب: من أدعية الاستسقاء

- ‌باب: رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء

- ‌باب اللِّباس

- ‌باب: ما جاء في تحريم لباس الحرير والذهب على الرجال وقدر ما يجوز منه

- ‌باب: إن الله يحب أن يرى أثر نعمه على عباده

- ‌باب: ما جاء في النهي عن لبس الثوب المعصفر بالحمرة

الفصل: ‌باب: ما جاء في ثبوت صلاة الخوف والصفات الواردة فيها

‌باب: ما جاء في ثبوت صلاة الخوف والصفات الواردة فيها

472 -

وعن صالح بن خَوَّات، عمَّن صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ ذاتِ الرِّقاعِ صلاةَ الخوفِ: أنَّ طائفةً صَفَّتْ معه، وطائفةٌ وِجَاهَ العدُوِّ، فصلَّى بالذين معه ركعةً، ثم ثبتَ قائمًا وأتموا لأنفسِهم، ثم انصرفوا فَصفُّوا وجَاهَ العَدُوِّ، وجاءتِ الطائفةُ الأُخرى، فصلَّى بهم الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ، ثمّ ثبتَ جالسًا، وأتمُّوا لأنفسِهم، ثم سلَّم بهم. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. ووقع في "المعرفة" لابن مَندَه، وعن صالح بن خَوَّات عن أبيه.

رواه مالك في "الموطأ" 1/ 183 وعنه رواه البخاري (4129) ومسلم 1/ 575 وأبو داود (1238) والنسائي 3/ 171 والبيهقي 3/ 253 - 252 كلهم من طريق مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوَّات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره.

ورواه البخاري (4131) والترمذي (565) وابن ماجه (1259) كلهم من طريق يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوَّات عن سهل بن أبي حثمة قال: يقوم الإمام مستقبل القبلة وطائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو وجوههم إلى العدو؛ فصلَّى بالذين معه ركعة

ص: 237

ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة ويسجدون سجدتين في مكانهم ثم يذهب هؤلاء إلى مقام أولئك فيجيء أولئك فيركع بهم ركعة فله ثنتان ثم يركعون ويسجدون سجدتين.

ورواه مالك 1/ 183 عن يحيى بن سعيد به.

ورواه البخاري (4131) ومسلم 1/ 575 والترمذي (566) والنسائي 3/ 170 كلهم من طريق شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف فصفهم خلفه صفين فصلى بالذين يلونه ركعة ثم قام؛ فلم يزل قائمًا حتى صلى الذين خلفهم ركعة ثم تقدموا وتأخر الذين كان قدامهم فصلى بهم ركعة، ثم قعد حتى صلَّى الذين تخلفوا ركعة ثم سلم. واللفظ لمسلم

ورواه باقي الستة مطولًا ومختصرًا وبألفاظ بين بعضها شيء من الاختلاف.

فعند النسائي بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فصفَّ صفًّا خلفه وصفًّا مصافو العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهب هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ثم قاموا فقضوا ركعة ركعة.

قال الترمذي 2/ 169: هذا حديث حسن صحيح، لم يرفعه يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد، وهكذا روى أصحاب يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفًا، ورفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: محمد بن بشار: سألت يحيى بن سعيد عن

ص: 238

هذا الحديث؛ فحدثني عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوَّات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، وقال لي يحيى: اكتبه إلى جنبه ولست أحفظ الحديث ولكنه مثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري. اهـ.

وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 302 - 303: حديث سهل بن أبي حثمة هو حديث حسن وهو مرفوع رفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم. اهـ.

وتفرد به مسلم بذكر والد خوات وهو جبير.

ورجح الحافظ رواية صالح بن خوات عن أبيه قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 422 لما ذكر رواية صالح بن خوات عمن شهد مع الرسول، قال: قيل اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري، ولكن الراجح أنه أبوه خوات بن جبير؛ لأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك فيه. فقال عن صالح بن خوات عن أبيه أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" ومن طريقه.

وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه، وجزم النووي في "تهذيبه" بأنه خوات بن جبير، وقال: إنه محقق من رواية مسلم وغيره.

ص: 239

قلت -أي الحافظ-: وسبقه لذلك الغزالي. فقال: إن صلاة ذات الرقاع في رواية خوات بن جبير.

وقال الرافعي في "شرح الوجيز": اشتهر في كتب الفقه، والمنقول في كتب الحديث رواية صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وعمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلعل المبهم هو خوات والد صالح.

قلت -أي الحافظ-: وكأنه لم يقف على رواية خوات التي ذكرتها وبالله التوفيق.

ثم قال الحافظ: ويحتمل أن صالحًا سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة فلذلك يبهمه تارة ويعينه أخرى؛ إلا أن تعيين كونها كانت ذات الرقاع إنما هو في روايته عن أبيه وليس في رواية صالح عن سهل أنه صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وينفع هذا من استبعاد أن يكون سهل بن أبي حثمة كان في سن من يخرج في ذلك الغزاة فإنه لا يلزم من ذلك أن لا يرويها فتكون روايته إياها مرسل صحابي، بهذا يقوي تفسير الذي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بخوات والله أعلم. انتهى ما نقله وقاله الحافظ ابن حجر.

قلت: رجح الحفاظ رواية سهل وتقوية رواية صالح بن خوات عن أبيه بموجب رواية البيهقي فيه نظر لأن البيهقي رواه 3/ 253 من طريق عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟

ص: 240

ورواه ابن خزيمة 2/ 301 من طريق عبد الله بن عمر عن القاسم به.

وقد رجح أبو زرعة أنه عن سهل بن أبي حثمة.

فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل"(209): سألت أبا زرعة عن حديث رواه عبد الله العمري عن أخيه عبيد الله عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف قال: هذا إنما صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: الوهم ممن هو. قال من العمري. اهـ.

وكذلك أعل أبو زرعة طريق أبو أويس الذي عند ابن منده فقال ابن أبي حاتم في "العلل"(352): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الله العمري عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف.

قلت: ورواه أبو أويس عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أبو زرعة: الصحيح من حديث يزيد بن رومان ما يقول مالك. قلت لأبي زرعة: الوهم من أبي أويس؟ قال: نعم. قال أبي: هذا خطأ يقال عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الصحيح. اهـ.

وقال أيضًا ابن أبي حاتم في "العلل"(424) سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن سهل بن أبي حثمة عن خوات بن جبير قال: السنة في صلاة

ص: 241

الخوف. فذكر الحديث بطوله. قال أبي: هذا حديث مقلوب جعل إسنادين في إسناد. اهـ.

فالحافظ ابن حجر حاول سلوك منهج الجمع بين الروايات وهذا منهج طيب. لكن الحفاظ المتقدمين الذين عاصروا وقت الرواية جزموا بخلافه فقولهم أجدر بالاتباع، ورأيهم أقرب للصواب.

* * *

473 -

وعن ابن عمر قال: غزوتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَوازَينا العدُوَّ فصاففناهم، فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يصلِّي بنا؛ فقامت طائفةٌ معه، وأقبلَت طائفةٌ على العدُوِّ، وركعَ بمن معه، وسجدَ سجدتَينِ، ثم انصرفُوا مكانَ الطائفةِ التي لم تُصَلِّ فجاؤوا فركع ركعةً، وسجد سجدتَينِ، ثم سَلَّمَ، فقام كلُّ واحدٍ منهم فركعَ لنفسِه ركعةً، وسجد سجدتَينِ. متفق عليه وهذا لفظ البخاري.

رواه البخاري (942) ومسلم 1/ 584 وأبو داود (1243) والترمذي (564) والنسائي 3/ 171 وابن خزيمة 2/ 298 كلهم من طريق الزهري عن سالم أن عبد الله بن عمر قال: غزوت

فذكره.

وعند مسلم بلفظ: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو. ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك ثم صلى بهم

ص: 242

النبي صلى الله عليه وسلم ركعة. ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة.

* * *

474 -

وعن جابر قل: شهدتُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوفِ فَصَفَفْنا صَفَّينِ: صَفٌّ خَلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. والعَدُوُّ بينَنا وبينَ القِبلَةِ، فكبَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وكبَّرنا جميعًا، ثم ركعَ وركعنا جميعًا، ثم رَفَعَ رأسَه من الرُّكوع ورفَعنا جميعًا، ثم انحدرَ بالسجودِ والصَّفُّ الذي يليهِ، وقامَ الصَّفُّ المُؤَخَّرُ في نَحْرِ العدُوِّ، فلمَّا قَضَى السُّجودَ، قام الصَّفُّ الذي يليه. فذكر الحديث وفي رواية: ثم سَجَدَ وسَجَدَ معه الصَّفُّ الأولُ، فلمَّا قاموا سجدَ الصفُّ الثاني، ثم تأخَّرَ الصفُّ الأولُ وتقدَّم الصفُّ الثاني. فذكرَ مثلَه، وفي آخرِه: ثم سلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم وسَلَّمنا جميعًا. رواه مسلم.

رواه مسلم 1/ 574 والنسائي 1/ 175 كلاهما من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: شهدت

فذكره.

وتمامه: فلما قضى السجود، وقام الصف الذي يليه انحدر الصفُّ المؤخر بالسجود، وقاموا. ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصفُّ المقدم. ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعًا. ثم رفع رأسه من

ص: 243

الركوعِ ورفعنا جميعًا. ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه كان مؤخرًا في الرَّكعة الأولى. وقام الصف المؤخر في نحور العدو. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه. انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا. ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعًا. قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم.

ورواه مسلم 1/ 575 قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو الزُّبير عن جابر قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة فقاتلونا قتالًا شديدًا. فلما صلينا الظُّهر قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة لاقتطعناهم. فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقالوا: إنه ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد. فلما حضرت العصر قال: صفَّنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة. قال: فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا وركع فَرَكعنا. ثم سجد وسجد معه الصف الأول. فلما قاموا سجد الصفُّ الثاني ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني فقاموا مقام الأول. فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا وركع فركعنا. ثم سجد وسجد معه الصف الأول، وقام الثاني. فلما سجد الصف الثاني، ثم جلسوا جميعًا، سلم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو الزبير: ثم خص جابر أن قال: كما يصلي أمراؤكم هؤلاء.

وأصل الحديث في البخاري كما سيأتي.

* * *

ص: 244

475 -

ولأبي داود عن أبي عَيّاشٍ الزُّرَقي مِثلُه، وزاد: إنَّها كانت بعُسفان.

رواه أبو داود (1236) والدارقطني 2/ 59 والبيهقي 3/ 256 كلهم من طريق سعيد بن منصور ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر، فقال المشركون لقد أصبنا غرة، لقد أصبنا غفلة، ولو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر، فلما حضرت العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه؛ فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صف، وصف بعد ذلك الصف صف آخر؛ فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه، وقام الآخرون يحرسونهم؛ فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعًا ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعًا فسلم عليهم جميعًا، فصلاها بعسفان، وصلاها يوم بني سليم.

ورواه النسائي 3/ 176 وأحمد 4/ 60 من طريق شعبة عن منصور قال سمعت مجاهدًا يحدث عن أبي عياش الزرقي نحوه.

ص: 245

ورواه النسائي 3/ 177 عن عمرو بن علي قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال حدثنا منصور به بنحوه.

ورواه ابن حبان (2876) من طريق منصور عن مجاهد قال:

حدثنا أبو عياش الزرقي

فذكره.

قلت: وجاله ثقات وإسناده قوي.

قال النووي في "الخلاصة" 2/ 749: رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح على شرط "الصحيحين" إلى أبي عياش. اهـ.

وقد صححه الدارقطني في "السنن" 2/ 60.

وقال البيهقي 3/ 257 لما رواه من طريق سعيد بن منصور: هذا إسناد صحيح، وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي. اهـ.

وقال الحاكم 1/ 488: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ. ووافقه الذهبي.

وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 7/ 140 في ترجمة أبي عياش. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف، أخرج حديثه أبو داود والنسائي بسندٍ جيد. اهـ.

وأبو عياش الزرقي الأنصاري اختلف في اسمه، قيل: اسمه زيد بن الصامت، وقيل: عبيد أو عبد الرحمن بن معاوية وقيل غير ذلك، وهو صحابي جليل شهد أحدًا وما بعدها.

ص: 246

قال ابن حبان في "صحيحه" 7/ 127: اختلف في اسمه منهم من قال: إنه زيد بن النعمان، ومنهم من قال: إنه زيد بن الصامت، ومنهم من قال: عبيد بن معاوية بن الصامت، وقال بعضهم عبيد بن معاذ بن الصامت. اهـ.

وقال في "الثقات" 3/ 138: زيد بن النعمان أبو عياش الزرقي شهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الخوف، ويقال اسمه زيد بن الصامت، وقد قيل: عبيد بن معاوية بن الصامت، وقال بعضهم: عتيك بن معاذ بن الصامت، وهو من بني زريق وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وذكر الخلاف في اسمه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 7/ 139.

* * *

476 -

وللنسائي مِن وجهٍ آخرَ عن جابر: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بطائفةٍ من أصحابِه ركعتينِ، ثم سلَّمَ، ثم صَلَّى بآخرينَ أيضًا ركعتينِ، ثم سَلَّم.

رواه النسائي 3/ 178 قال: أخبرني إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى .. فذكره.

قلت: رجاله لا بأس بهم. والحسن البصري لم يسمع من جابر.

قال عنه ابن المديني: لم ير عليًّا إلا أنه كان بالمدينة وهو غلام ولم يسمع من جابر بن عبد الله ولا من أبي سعيد

اهـ

ص: 247

وقال بهز بن أسد: لم يسمع الحسن من ابن عباس ولا من أبي هريرة ولم يره ولا من جابر

اهـ.

وقال أبو زرعة: لم يلق جابرًا. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي سمع الحسن من جابر؟ قال: ما أرى. ولكن هشام بن حسان يقول عن الحسن ثنا جابر، وأنا أنكر هذا؛ إنما الحسن عن جابر كتاب مع أنه أدرك جابرًا. اهـ.

وروى الحديث ابن خزيمة 2/ 297 - 298 من طريق يونس عن الحسن به بمثله.

ثم قال ابن خزيمة اختلف أصحابنا في سماع الحسن من جابر. اهـ.

ورواه الدارقطني 2/ 60 من طريق عبد الوهاب الثقفي ثنا عنبسة عن الحسن عن جابر بنحوه.

قال ابن الجوزي في "التحقيق"(797) لما ذكر هذا الطريق: لا يصح. قال يحيى بن معين: عنبسة ليس بشيء، وقال النسائي: متروك. وقال أبو حاتم الرازي: كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. اهـ.

وتعقبه ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 2/ 5 فقال: عنبسة الذي ذكره المؤلف فيه الجرح هو عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي وقد تركوه قاله البخاري، روى له من أصحاب السنن: الترمذي وابن ماجه وأما راوي هذا الحديث فهو عنبسة بن سعيد القطان الواسطي ويقال البصري أخو أبي الربيع السمان أشعت بن سعيد وقد تكلم فيه

ص: 248

غير واحد من الأئمة. قال ابن عباس الدوري عن يحيى بن معين: ضعيف. اهـ.

وقال أبو حاتم عنه: ضعيف الحديث يأتي بالطامات.

وقال الفلاس: كان مختلطًا لا يروى عنه، قد سمعت منه وجلست إليه، متروك الحديث وكان صدوقًا لا يحفظ، وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: ثقة. وقال ابن عدي بعض أحاديثه مستقيمة وبعضها لا يتابع عليه. اهـ.

وأصل الحديث في مسلم عن جابر من غير طريق الحسن.

فقد رواه مسلم 1/ 576 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا أبان بن يزيد حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كُنَّا بذات الرُّقاع. قال: كُنَّا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة فأخذ سيف نبي الله صلى الله عليه وسلم فاخترطه فقال لرسول صلى الله عليه وسلم: أتخافني؟ قال: "لا". قال. فمن يمنعك مني؟ قال: "الله يمنعني منك". قال: فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأغمد السيف. وعلقه، قال: فنودي بالصلاة. فصلى بطائفة ركعتين. ثم تأخروا، وصلَّى بالطائفة الأخرى ركعتين. قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتين.

ورواه البخاري (4135) قال: حدثنا إسماعيل حدثني أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن جابر بنحوه.

ص: 249

ورواه مسلم 1/ 576 قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا يحيى -يعني ابن حسان- حدثنا معاوية -وهو ابن سلَّام- أخبرني يحيى أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أن جابرًا أخبره، أنه صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ركعتين ثم صلَّى بالطائفة الأخرى ركعتين فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وصلى بكلّ طائفة ركعتين.

* * *

477 -

ومِثلُهُ لأبي داود عن أبي بكرةَ.

رواه أبو داود (1248) والنسائي 3/ 178 وأحمد 5/ 39 وابن حبان (2881) والدارقطني 2/ 61 والبيهقي 3/ 259 كلهم من طريق الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة. قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر، فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو، فصلى بهم ركعتين ثم سلَّم، فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين. ثم سلم؛ فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا، ولأصحابه ركعتين ركعتين، وبذلك كان يفتي الحسن. اللفظ لأبي داود.

قلت: رجاله ثقات. وإسناده قوي.

قال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 246: أخرجه أبو داود بسندٍ صحيح عن الحسن عن أبي بكرة. اهـ.

ص: 250

ونقل العلائي في "جامع التحصيل" ص 165 عن بهز بن أسد سمع الحسن من عمران بن حصين ومن أبي بكرة شيئًا اهـ.

ونقل أيضًا العلائي ص 163 عن الدارقطني أنه قال: الحسن لم يسمع من أبي بكرة. اهـ.

وفي "صحيح البخاري" عدة أحاديث من طريق الحسن عن أبي بكرة منها ما رواه البخاري (1040) من طريق يونس عن الحسن عن أبي بكرة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس ....

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 527: وترجمه الحسن عن أبي بكرة متصلة عند البخاري منقطعة عند أبي حاتم والدارقطني، وسيأتي التصريح بالأخبار فيه بعد أربعة أبواب وهو يؤيد صنيع البخاري. اهـ.

وروى البخاري (1048) من طريق يونس عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد

" ثم قال البخاري: لم يذكر عبد الوارث وشعبة وخالد بن عبد الله وحماد بن سلمة عن يونس "يخوف بهما عباده". وتابعه موسى، عن مبارك عن الحسن، قال: أخبرني أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يخوف بهما عباده" وتابعه أشعث عن الحسن. اهـ.

قال العلائي في "جامع التحصيل" ص 193: غاية ما اعتل به الدارقطني أن الحسن روى أحاديث عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة، وذلك لا يمنع من سماعه منه ما أخرجه البخاري اهـ.

ص: 251

وعموما أصل حديث أبي بكرة عند مسلم كما سبق في الحديث السابق لكن ليس فيه ذكر التسلم من الركعتين.

قال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 56: لما ذكر حديث أبي بكرة، والحديث في مسلم من رواية جابر وليس فيه التسليم من الركعتين.

* * *

478 -

وعن حُذَيفة: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صلاةَ الخوفِ بهؤلاء ركعةً وبهؤلاء ركعةً، ولم يَقضُوا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان.

رواه أبو داود (1246) والنسائي 3/ 167 - 168 وأحمد 5/ 385 وابن خزيمة 2/ 293 كلهم من طريق الأشعث بن سليم بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقام فقال: أيُّكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا. فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا. هذا لفظ أبي داود.

وعند النسائي بلفظ: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بطائفة ركعة صفٍّ خلفه، وطائفةٍ أخرى بينه وبين العدو فصلَّى بالطائفة التي تليه ركعة ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة.

وفي رواية له: فقام حذيفة فصف الناس خلفه صفين صفا خلفه وصفًّا موازي العدو فصلى بالذي خلفه ركعة. ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.

ص: 252

قلت: رجاله ثقات وإسناده قوي.

وقد صححه ابن خزيمة ونقل الحافظ في "البلوغ" أن ابن حبان صححه ولم أجد الحديث عند ابن حبان. فأخشى أنه وقع خطأ أو تصحيف، فأراد عزوه إلى ابن خزيمة فذهل فعزاه إلى ابن حبان أو أن ابن حبان صححه في كتاب آخر (1)، والله أعلم.

قال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 44: هذا إسناد صحيح كما قال الحاكم ووافقه الذهبي وصححه أيضًا ابن حبان كما في "بلوغ المرام" ورجاله ثقات رجال مسلم غير الأسود.

وقد جزم ابن حزم 5/ 35 أنه صحابي حنظلي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه وروى عنه.

وأما ثعلبة بن زهدم جزم بصحة صحبته جماعة منهم ابن حبان وابن السكن ونفى ذلك البخاري وغيره.

وقد تابعه مُخْمِل بن دِماث ذكره ابن حبان في "الثقات".

أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 310 وأحمد 5/ 395 وتابعه سليم بن عبيد السلولي قال: كنت مع سعيد ابن العاص.

أخرجه البيهقي ورجاله ثقات غير سليم بن عبيد كذا وقع عنده "عبيد" صغيرًا، والذي في "الجرح والتعديل" 2/ 1 / 212 "عبد" ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلًا.

(1) استدراك: الحديث في "صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان" 6/ 182 (2425). طبعة مؤسسة الرسالة.

ص: 253

وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" 1/ 77 على قاعدته، وقال الشافعي كما في "اللسان": سألت عنه أهل العلم بالحديث فقيل لي: إنه مجهول. انتهى ما نقله وقاله الألباني.

وأصل الحديث في مسلم وسيأتي ضمن أحاديث الباب.

* * *

479 -

ومثلُه عندَ ابن خُزَيمةَ عن ابنِ عباسٍ.

رواه ابن خزيمة 2/ 293 والنسائي 3/ 269 وأحمد 1/ 232 وابن حبان (2871) والحاكم 1/ 485 - 486 كلهم من طريق سفيان قال: حدثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد وصف الناس خلفه صفين صفًّا خلفه وصفًّا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.

هذا لفظ النسائي وابن خزيمة لم يذكر لفظه. وإنما أحال على لفظ حديث حذيفة.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي.

ورواه النسائي 3/ 169 من طريق الزبيدي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس.

وعبيد الله بن عبد الله هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي كما وقع التصريح به عند الحاكم وهو ثقة ثبت.

ص: 254

قال الحاكم 1/ 486: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الألفاظ. اهـ. ووافقه الزهبي.

قلت: أبو بكر بن عبد الله بن أبي الجهم العدوي لم يخرج له البخاري وهو ثقة من رجال مسلم.

ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 319 - 320 من طريق ابن لهيعة عن الأعرج أنه سمع عبيد الله بن عبد الله بن عباس يقول: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول في صلاة الخوف فذكر مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عياش وجابر.

قلت: إسناده ضعيف لأن فيه ابن لهيعة وقد سبق (1).

* * *

480 -

وعن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاةُ الخوفِ رَكعةٌ على أيِّ وَجْهٍ كان" رواه البزار بإسناد ضعيف.

رواه البزار في "كشف الأستار"(678) قال: حدثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن الحارث ثنا محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المسابقة ركعةٌ على أي وجهٍ كان الرجل يجري عنه -أحسبه قال- فإن فعل ذلك لم يعده به".

(1) راجع باب: نجاسة دم الحيض.

ص: 255

قلت: إسناده واهٍ؛ لأن محمد بن عبد الرحمن هو البيلماني متروك

قال الدارمي عن ابن معين: ليس بشيء. اهـ.

وقال البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث. اهـ.

وقال البخاري: وكان الحميدي يتكلم فيه لضعفه. اهـ.

وقال أبو حاتم أيضًا: مضطرب الحديث. اهـ.

وقال ابن عدي: وكل ما يرويه ابن البيلماني فالبلاء فيه منه، وإذا روى عنه محمد بن الحارث فهما ضعيفان. اهـ.

وقال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة شبيهًا بمئتي حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على وجه التعجب. اهـ.

وقال الحاكم: روى عن أبيه عن ابن عمر المعضلات. اهـ.

وكذلك في إسناده محمد بن الحارث بن زياد بن الربيع الهاشمي الحارثي قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء. اهـ.

وقال عمرو بن علي: روى أحاديث منكرة وهو متروك. اهـ.

وقال ابن أبي حاتم: ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأه علينا في كتاب الشفعة. اهـ.

وقال أبو حاتم: ضعيف. اهـ.

وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: بلغني عن بندار قال: ما في قلبي منه شيء البلية من ابن البيلماني. اهـ.

ص: 256

وقد أعل الحديث البزار فقال: لما روى الحديث: محمد بن عبد الرحمن أحاديثه مناكير وهو ضعيف عند أهل العلم. اهـ.

وكذلك أعله الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 96 فقال: رواه البزار وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف جدًّا هـ.

تنبيه: وقع في "البلوغ" في لفظ هذا الحديث "صلاة الخوف ركعة

" والذي في "كشف الأستار" و"مختصر زوائد البزار على الكتب الستة" بلفظ "صلاة المسابقة" بدل "صلاة الخوف" فلعل الحافظ ابن حجر وقف على "مسند البزار" بتمامه وضبط هذه اللفظة، والله أعلم.

* * *

481 -

وعنه مَرفوعًا "ليس في صلاةِ الخوفِ سَهْوٌ" أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف.

رواه الدارقطني 2/ 58 قال: حدثنا يحيى بن صاعد والقاضي الحسين بن إسماعيل قالا: نا أبو عتبة أحمد بن الفرج ثنا بقية ثنا عبد الحميد بن السري الغنوي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

قلت: إسناده واهٍ؛ بل قيل: إنه موضوع.

لهذا قال الدارقطني 2/ 58: تفرد به عبد الحميد بن السري، وهو ضعيف. اهـ.

ص: 257

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 14: عبد الحميد بن السري الغنوي روى عن عبيد الله بن عمر روى عنه بقية بن الوليد سألت أبي عنه فقال: هو مجهول روى عن عبيد الله بن عمر حديثًا موضوعًا. اهـ.

وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 42: في إسناده بقية عن عبد الحميد بن السري ضعيف عن مجهول. اهـ.

وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" 2/ 541 وقال: من المجاهيل والخبر منكر. اهـ.

وذكر له هذا الحديث ونقل كلام أبو حاتم وتضعيف الدارقطني.

وذكره ابن عدي في "الكامل" 5/ 323 وقال: من المجهولين الذين يحدث عنهم بقية. اهـ.

وذكر له حديث ابن عمر "ليس في صلاة الخوف سهو" ثم قال: لا أعرف لعبد الحميد هذا غير هذا الحديث. اهـ.

وفي الباب عن جابر وابن عباس وسهل بن أبي خيثمة وأبي هريرة وأبي موسى وأثر عن حذيفة:

أولًا: حديث جابر رواه البخاري (4125) فقال: وقال عبد الله بن رجاء: أخبرنا عمران العطار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرِّقاع.

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 419: قوله: "قال لي عبد الله بن رجاء" كذا لأبي ذر، ولغيره "قال عبد الله بن رجاء" ليس فيه

ص: 258

"لي" وعبد الله بن رجاء هذا هو الغداني البصري قد سمع منه البخاري وأما عبد الله بن رجاء المكي فلم يدركه. اهـ.

وروى النسائي 3/ 174 وابن خزيمة 2/ 294 - 295 كلاهما من طريق شعبة عن الحكم عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فقام صف بين يديه وصف خلفه صلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء. وصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين ثم سلَّم فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولهم ركعة.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي.

ورواه ابن ماجه (1260) قال: حدثنا أحمد بن عبدة ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف؛ فركع بهم جميعًا ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذين يلونه، والآخرون قيام حتى إذا نهض سجد أولئك بأنفسهم سجدتين، ثم تأخر الصف المقدم حتى قاموا مقام أولئك وتخلل أولئك حتى قاموا مقام الصف المقدم؛ فركع بهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعا ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يلونه فلما رفعوا رؤوسهم، سجد أولئك سجدتين، وكلهم قد ركع مع النبي صلى الله عليه وسلم، وسجد طائفة بأنفسهِم سجدتين، وكان العدو مما يلي القبلة.

قال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجه": إسناد حديث جابر هذا صحيح. اهـ.

ص: 259

وهو كما قال فقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أبي عوانة ورواه ابن خزيمة 2/ 295 - 296 من طريق عبد الوارث به.

ثانيًا: حديث ابن عباس رواه مسلم 1/ 479 والنسائي 3/ 169 وأبو داود (1247) وابن خزيمة 2/ 294 كلهم من طريق أبي عوانة عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.

ورواه مسلم 1/ 479 من طريق أيوب بن عائذ الطائي عن بكير الأخنس به.

ثالثًا: حديث سهل بن أبي حثمة وقد سبق في أول الباب ضمن حديث صالح بن خوَّات.

رابعًا: حديث أبي هريرة رواه أبو داود (1240) قال: حدثنا الحسن بن علي ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا حيوة بن شريح وابن لهيعة قالا: أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة: هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم. فقال مروان: متى؟ فقال أبو هريرة: عام غزوة نجد، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة العصر؛ فقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة؛ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا جميعًا الذين معه والذين مقابل العدو، ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة وركعت الطائفة التي معه، ثم سجد سجدتين فسجدت الطائفة التي تليه. والآخرون قيام

ص: 260

مقابلو العدو، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطائفة التي معه؛ فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلة العدو فركعوا وسجدوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو، ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه، ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلة العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن كان معه ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلَّموا جميعًا فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل من الطائفتين ركعة ركعة.

قلت: رجاله ثقات. غير ابن لهيعة لكنه توبع فالحديث إسناده قوي.

وقد رواه ابن خزيمة 2/ 301 من طريق محمد بن يحيى ثنا عبد الله يزيد المقري به ولم يذكر ابن لهيعة في الإسناد.

وروى أبو داود (1241) قال: حدثنا محمد بن عمر الرازي ثنا سلمة قال: حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد حتى إذا كنا بذات الرقاع من نخل لقي جمعًا من غطفان

فذكر معناه ولفظه على غير لفظ حيوة وقال فيه. حين ركع بمن معه وسجد قال: فلما قاموا مشوا القهقرى إلى مصافِّ أصحابهم ولم يذكر استدبار القبلة.

قلت: رجاله لا بأس بهم، ومحمد بن إسحاق مدلس لكن صرح بالتحديث عند ابن خزيمة.

ص: 261

فقد رواه ابن خزيمة 2/ 302 من طريق يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الأسود بن نوفل، وكان يتيمًا في حجر عروة بن الزبير وهو أحد بني أسد بن عبد العزى بن قصي عن عروة بن الزبير قال: سمعت أبا هريرة ومروان بن الحكم يسأله عن صلاة الخوف، فقال أبو هريرة: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة. قال: فصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس صدعين؛ فذكر الحديث بمثل معناه، وذكر في الركعة الثانية. قال: وأخذت الطائفة التي صلت خلفه أسلحتهم ثم مشوا القهقرى على أدبارهم حتى قاموا مما يلي العدو

وزاد في آخر الحديث "فقام القوم وقد شاركوه في الصلاة".

قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 303: حديث عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة حسن، وحديث عروة بن الزبير عن أبي هريرة حسن. اهـ.

وذكر الدارقطني في "العلل" 9 / رقم (1637) الاختلاف في سنده فقال لما سئل عنه: اختلف فيه على عروة.

فرواه محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن أبي هريرة، قاله يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير.

وخالفه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن.

فرواه عن عروة بن مروان بن الحكم عن أبي هريرة وهو أشبه بالصواب.

ص: 262

وقيل: عن أبي الأسود عن عروة عن أبي هريرة أن مروان سأل أبا هريرة.

وقيل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها. انتهى كلام الدارقطني.

خامسًا: حديث أبي موسى الأشعري رواه أبو بكر بن أبي شيبة كما في "المطالب"(742) قال: حدثنا محمد بن بشر حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي العالية الرياحي قال: إن أبا موسى رضي الله عنه كان بالدار من أصبهان وما كان بها يومئذ كبير خوف ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فجعلهم صفين طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها وطائفة من قدَّامه فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين. يتخلَّلونهم، حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم بعضهم على بعض فتمت للإمام ركعتان في جماعة وللناس ركعة ركعة.

قلت: رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا فقد ذكر شعبة أن قتادة لم يسمع من أبي العالية سوى أربعة أحاديث، ثم ذكرها وليس هذا منها.

وقال الحافظ ابن حجر في تعليقه على "المطالب": رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين أبي العالية وأبي موسى رضي الله عنه. اهـ

سادسًا: أثر حذيفة رواه أبو داود الطيالسي (743) قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن سليم بن عبد عن حذيفة رضي الله عنه -

ص: 263

قال: صلاة الخوف ركعتان وأربع سجدات وإن أعجله أمر فقد حل القتال والكلام.

قلت: إسناده ضعيف لأن فيه شريك وهو ضعيف كما سبق (1) وسليم مجهول.

ورواه ابن أبي شيبة 2/ 465 قال: حدثنا شريك به.

ونقل عبد الله ابن الإمام أحمد في "العلل"(629) عن أبيه أنه قال في حديث أبي إسحاق عن سُليم بن عبد عن حذيفة في صلاة الخوف كان وكيع حدثنا به في الكتب عن شريك وقال بعد ذلك مرة أخرى: سفيان عن أبي إسحاق فلا أدري يعني سمعته منهما جميعًا أو من أحدهما. اهـ.

وقال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 301: سألت محمدًا. فقلت: أي الروايات في صلاة الخوف أصح؟ فقال: كل الروايات عندي صحيحة، وكل يستعمل، وإنما هو على قدر الخوف. اهـ.

* * *

(1) راجع الباب الماء لا ينجسه شيء، وباب: المني يصيب الثوب.

ص: 264