الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في جمع التقديم والتأخير
436 -
وعن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتَحَلَ قبلَ أن تَزِيغَ الشمسُ أخَّرَ الظُّهرَ إلى وَقتِ العَصرِ، ثم نَزَلَ فَجَمَعَ بينَهُما. فإن زاغَتِ الشمسُ قبلَ أن يَرتَحِلَ صَلَّى الظهرَ ثمَّ رَكِبَ. متفق عليه. وفي رواية الحاكم في "الأربعين" بإسناد صحيح: صَلَّى الظهرَ والعصرَ ثم رَكبَ. ولأبي نُعَيمِ في "مستخرج مسلم": كان إذا كان في سَفَرٍ، فزالَت الشمسُ صلَّى الظهرَ والعصرَ جميعًا ثم ارتَحَلَ.
رواه البخاري (1111 - 1112) ومسلم 1/ 489 وأبو داود (1218) والنسائي 1/ 284 كلهم من طريق المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك باللفظ الأول.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 583: كذا فيه الظهر فقط، وهو المحفوظ عن عقيل في الكتب المشهورة أنه كان لا يجمع بين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما، وبه احتج من أبي جمع التقديم، ولكن روى إسحاق بن راهويه هذا الحديث عن شبابة فقال: كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل، أخرجه الإسماعيلي، وأعلِّ بتفرد إسحاق بذلك
عن شبابة ثم تفرد جعفر الفريابي به عن إسحاق، وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان. اهـ.
وروى أبو نعيم في "مستخرجه على صحيح مسلم" 2/ 294 قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ومخلد بن جفر قالا ثنا جعفر الفريابي ثنا إسحاق بن راهوية ثنا شبابة ثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل.
وقال في "تلخيص الحبير" 2/ 52: وحديث أنس رواه الإسماعيلي والبيهقي من حديث إسحاق بن راهويه عن شبابة بن سوار عن الليث عن عقيل عن الزهري، عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل: وإسناده صحيح قاله النووي. وفي ذهني أن أبا داود أنكره على إسحاق ولكن له متابع رواه الحاكم في "الأربعين" له عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن محمد بن إسحاق الصغاني عن حسان بن عبد الله عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أَخَّر الظهر إلى وقت المحصر، ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب وهو في "الصحيحين" من هذا الوجه بهذا السياق، وليس فيها: والعصر، وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد. وقد صححه المنذري من هذا الوجه والعلائي، وتعجب من الحاكم كونه لم يورده في "المستدرك" اهـ.
قلت: فالحافظ ابن حجر رحمه الله جزم بصحة إسناد هذه الزيادة في "البلوغ" و"التلخيص" لكن مما يعل به هذه الزيادة إعراض البخاري ومسلم عن هذه الزيادة مع أنهما أخرجا أصل الحديث. لأنه واضح من منهجهما إعراضهما عن المعلول من الأحاديث والروايات.
ولهذا يعل شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرًا من الزيادات بهذا الأمر.
فقد قال شيخ الإسلام كما في كتاب "علم الحديث" لابن تيمية ص 105 لما تكلم عن شرط البخاري ومسلم: وقد يتركا من حديث التقة ما علم أنه أخطأ فيه، فيظن من لا خبرة له أن كل ما رواه ذلك الشخص يحتج به أصحاب الصحيح وليس الأمر كذلك. اهـ.
لهذا قال ابن رجب في رسالة "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" ص 25 في أثناء كلامه على "الصحيحين": فقلَّ حديث تركاه إلا وله علة خفية لكن لعزة من يعرف العلل كمعرفتهما وينقده وكونه لا يتهيأ الواحد منهم إلا في الأعصار المتباعدة، صار الأمر في ذلك إلى الاعتماد على كتابيهما والوثوق بهما والرجوع إليهما .. اهـ.
وعليه سار ابن القيم وابن عبد الهادي. ويفعل هذا الأمر أحيانًا الحافظ ابن حجر.
وقد روى الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 2/ 189 من طريق يعقوب بن محمد الزهري نا محمد بن سعد ثنا ابن عجلان عن عبد الله بن الفضل عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم -
كان إذا كان في سفرٍ، فزاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر والعصر جميعًا، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس جمع بينهما في أول وقت العصر، وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء.
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن عبد الله بن الفضل إلا ابن عجلان ولا عنه إلا محمد بن سعد. اهـ.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 160: رجاله موثقون. اهـ
قلت: يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري. قال أحمد: ليس بشيء، ليس يسوى شيئًا اهـ.
وقال ابن معين: ما حدثكم عن الثقات فاكتبوه وما لا يعرف من الشيوخ فدعوه. اهـ.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث اهـ.
وقال مرة. ليس عليه قياس، يعقوب بن محمد الزهري وابن زبالة والواقدي وعمر بن أبي بكر المليكي يتقاربون في الضعف. اهـ.
وكان ابن المديني يتكلم فيه.
وأما شيخه محمد بن سعدان فقال أبو حاتم: شيخ كما في "الجرح التعديل" 7/ 282 وسبق تحقيق مراد قول أبو حاتم في الرجل شيخ (1).
* * *
(1) راجع باب: صفة الوضوء وأن مسح الرأس مرة واحدة.
437 -
وعن مُعاذٍ رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبوكَ، فكان يُصلِّي الظهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعِشاءَ جمعًا. رواه مسلم.
رواه مسلم 1/ 290 ومالك في "الموطأ" 1/ 143 وأبو داود (1206) والنسائي 1/ 285 كلهم من طريق أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل قال:
…
فذكره.
زاد مالك وكذا النسائي وأبي داود في روايتهما عن مالك بلفظ قال: فأخَّر الصلاة يوما، ثم خرج فصلّى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا.
ورواه أبو داود (1208) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني، ثنا المفضل بن فضالة والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك: إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما.
وقد أعل هذا الحديث الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 583 فقال: لما ذكر حديث معاذ في الجمع: وله طريق أخرى عن معاذ
ابن جبل أخرجها أبو داود من رواية هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل، وهشام مختلف فيه. وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك والثوري وقرة بن خالد وغيرهم. فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم. اهـ.
ورواه الترمذي (553) وأبو داود (1220) وأحمد 5/ 241 - 242 والبيهقي 3/ 163 كلهم من طريق قتيبة بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل -هو عامر بن واثلة- عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخّر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر ليصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس عجّل العصر إلى الظهر وصلى الظهر والعصر جميعًا، ثمّ سار. وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخّر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب.
قال الألباني حفظه الله في "الإرواء" 3/ 29: أنا أرى أن الإسناد صحيح. اهـ.
قلت: قد أعله الأئمة النقاد بأن قتيبة تفرد به عن الليث كما قاله أبو داود 1/ 390.
وقال الترمذي 2/ 162: حديث معاذ حديث حسن غريب، تفرد به قتيبة، لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيره. وحديث الليث بن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ حديث غريب والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن
أبي الطفيل عن معاذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. رواه قُرّة بن خالد وسفيان الثوري ومالك وغير واحد عن أبي الزِّبير المكي. اهـ.
وقال أبو حاتم في "العلل" 1/ 91: كتبت عن قتيبة حديثًا عن الليث بن سعد لم أصبه بمصر عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان في سفر فجمع بين الصلاتين. لا أعرفه من حديث يزيد، والذي عندي أنه دخل له حديث في حديث، حدثنا أبو صالح حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. اهـ.
وذكر الدارقطني في "العلل" 6/ 41 - 42 حديث قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد به ثم قال: كذلك حدث به جماعة من الرفعاء عن قتيبة ورواه المفضل بن فضالة -عن الليث عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بهذه القصة بعينها وهو أشبه بالصواب. والله أعلم. وعند هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ الحديث الآخر في الجمع بين الصلاتين في السفر. اهـ.
ونقل الدارقطني في "السنن" 1/ 393 عن أبي داود أنه قال: لم يروه إلا قتيبة. اهـ. وكذا قال البيهقي 3/ 163.
وروى البيهقي 3/ 163 بسنده عن محمد بن إسماعيل البخاري يقول: قلت لقتيبة بن سعيد مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث
يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل فقال: كتبته مع خالد المدائني قال محمد بن إسماعيل وكان خالد المدائني هذا يدخل الأحاديث على الشيوخ. قال البيهقي: وإنما أنكروا من هذا رواية يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل. فأما رواية أبي الزبير عن أبي الطفيل فهي محفوظة صحيحه. اهـ.
وقال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 12/ 467: لم يرو حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن الليث غير قتيبة وهو منكر جدًّا من حديثه، ويرون أن خالدًا المدائني أدخله على الليث وسمعه قتيبة معه والله أعلم. اهـ.
ولما نقل ابن القيم في "الهدي" 1/ 478 سؤال البخاري؛ قال: وحكمه بالوضع على هذا الحديث غير مسلم. فإن أبا داود رواه عن يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي حدثنا المفضل .. فهذا المفصل قد تابع قتيبة، وإن كان قتيبة أجل من المفضل وأحفظ. لكن زال تفرد قتيبة به. ثم إن قتيبة صرح بالسماع. فقال: حدثنا. ولم يعنعن فكيف يقدح في سماعة .. اهـ.
قلت: قدح البخاري في سماعه ليس من باب التدليس بل هو من باب الغلط. وإدخال الأحاديث على الشيوخ.
ونقل الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 23 عن أبي سعيد بن يونس أنه قال: لم يحدث به إلا قتيبة، ويقال: إنه غلط وإن موضع "يزيد بن أبي حبيب" أبو الزبير. اهـ.
وقال أيضًا الذهبي في "السير" 11/ 20 - 23: ما رواه أحد عن الليث سوى قتيبة، وقد أخرج عنه أبو داود والترمذي وأما النسائي؛ فامتنع من إخراجه لنكارته. وقال أيضًا: وما علمتهم نقموا على قتيبة سوى ذلك الحديث المعروف في الجمع في السفر ثم علّق على قول أبي سعد بن يونس فقال: فيكون -يعني قتيبة- قد غلط في الإسناد وأتى بلفظ منكر جدًّا، يرود أن خالدًا المدائني أدخله على الليث وسمعه قتيبة معه، فالله أعلم.
ثم قال الذهبي أيضًا: هذا التقرير يؤدي إلى أن الليث كان يقبل التلقين، ويروي ما لم يسمع، وما كان كذلك بل كان حجه متثبتا، وإنما الغفلة، وقعت فيه من قتيبة وكان شيخ صدق، قد روى نحوًا من مائة ألف فيغتفر له الخطأ في حديث واحد. اهـ.
وقال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" عن 120: هذا حديث رواته أئمة ثقات وهو شاذ الإسناد والمتن لا نعرف له علة نعلله بها، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به؛ فلما لم نجد له العلتين خرج عن أن يكون معلولا؛ ثم نظرنا فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل فقلنا: الحديث شاذ، وقد حدَّثونا عن أبي العباس الثقفي قال: كان قتيبة بن سعيد يقول لنا: على هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي خيثمة حتى عدّ قتيبة أسامي سبعة من
أئمة الحديث كتبوا عنه هذا الحديث؛ وقد أخبرناه أحمد بن جعفر القطيعي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: ثنا قتيبة فذكره. قال أَبو عبد الله الحاكم: فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجبًا من إسناده ومتنه، ثم لم يبلغنا عن واحد منهم أنه ذكر للحديث علة، وقد قرأ علينا أَبو علي الحافظ هذا الباب وحدثنا به عن أبي عبد الرحمن النسائي وهو إمام عصره عن قتيبة بن سعيد ولم يذكر أَبو عبد الرحمن ولا أَبو على للحديث علة؛ فنظرنا فإذا الحديث موضوع وقتيبة بن سعيد ثقة مأمون اهـ.
وقال ابن القيم في "الهدي" 1/ 477 - 479: اختلف في هذا الحديث فمن مصحح له ومن محسن، ومن قادح فيه، وجعله موضوعًا كالحاكم. وإسناده على شرط الصحيح رُميَ بعلة عجيبة قال الحاكم. حدثنا قتيبة بن سعيد
…
اهـ. فذكر قصة سؤال البخاري.
وفي الباب عن جابر وابن عباس وابن عمر وأسامة بن زيد وأنس بن مالك ومرسل هزيل بن شرحبيل:
أولًا: حديث جابر رواه مسلم 1/ 886 - 890 قال: حدثنا أَبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعًا عن حاتم قال أَبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حديته الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر
…
وكان ذلك بعد الزوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خطب عندما زالت الشمس ثم لما فرغ منها أذن المؤذن فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: حديث ابن عباس رواه أحمد 1/ 367 - 368 والبيهقي 3/ 163 والدارقطني 1/ 388 - 389 كلهم من طريق حسين بن عبد الله عن عكرمة وعن كريب كلاهما عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل حين تزيغ الشمس يجمع بين الظهر والعصر، وإذا ارتحل قبل ذلك أخر ذلك إلى وقت العصر قلت: حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ضعيف، قال الأثرم عن أحمد: له أشياء منكرة. اهـ.
وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ضعيف اهـ.
وقال البخاري: قال علي. تركت حديثه، وتركه أحمد أيضًا اهـ
وقال أَبو زرعة: ليس بقوي. اهـ.
وقال أَبو حاتم: ضعيف، وهو أحب إلي من حسين بن قيس يكتب حديثه ولا يحتج به اهـ.
وقال النسائي: متروك. اهـ.
وقال الجوزجاني: لا يشتغل بحديثه. اهـ. فهو ضعيف يكاد يطبق العلماء على ضعفه.
لهذا قال ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 2/ 58: حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس المدني تكلم فيه غير واحد من الأئمة. قال أَبو بكر الأثرم عن أحمد: له أشياء منكرة وقال أَبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ضعيف .... اهـ.
وقد اختلف عليه فيه. وحاول الدارقطني الجمع بين الاختلاف فقد رواه الدارقطني 1/ 388: من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة وعن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس.
قال الدارقطني: روى هذا الحديث حجاج عن ابن جريج، قال أخبرني حسين عن كريب وحده عن ابن عباس، ورواه عثمان بن عمر عن ابن جريج عن حسين عن عكرمة عن ابن عباس - ورواه عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن حسين عن كريب عن ابن عباس. وكلهم ثقات، فاحتمل أن يكون ابن جريج سمعه أولًا من هشام بن عروة عن حسين كقول عبد المجيد عنه، ثم لقي ابن جريج حسينًا فسمعه منه كقول عبد الرزاق وحجاج عن ابن جريج حدثني حسين، واحتمل أن يكون حسين سمعه من عكرمة من كريب جميعًا عن ابن عباس، وكان يحدث به مرة عنهما جميعًا كرواية عبد الرزاق به. ومرة كريب وحده كقول حجاج وابن أبي رواد ومرة عن عكرمة وحده عن ابن عباس كقول عثمان بن عمر تصح الأقاويل كلها، والله أعلم. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" 2/ 51: حسين ضعيف، واختلف عليه فيه، وجمع الدارقطني في "سننه" بين وجوه الاختلاف فيه، إلا أن علته ضعف حسين ويقال: إن الترمذي حسنه وكأنه باعتبار المتابعة وغفل ابن العربي فصحح إسناده. اهـ.
وقال الحافظ أيضًا: لكن له طريق أخرى أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحماني في "مسنده" عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج
عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وروى إسماعيل القاضي في "الأحكام" عن إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه. اهـ.
قلت: يحيى بن عبد الحميد الحماني وثقه ابن معين وغيره.
وقال أحمد: كان يكذب جهارًا. اهـ.
وقال البخاري: كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني. اهـ.
وقال في موضع آخر: رماه أحمد وابن نمير. اهـ.
وقال السلمي: قال ابن المديني أدركت ثلاثة يحدثون مما لا يحفظون فذكره فيهم. اهـ.
ثم أيضًا الحكم هو ابن عتيبة لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث كما سبق وليس هذا منها (1).
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(526): سئل أَبو زرعة عن حديث روي عن أبي خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
…
فقال أَبو زرعة: هو خطأ إنما هو أَبو خالد عن ابن عجلان عن الحسين بن عبيد الله عن عكرمة عن ابن عباس. اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس رواه البيهقي 3/ 164 من طريق إسماعيل بن إسحاق ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعًا وإلا فهو
(1) راجع باب: الحجامة للصائم.
عن ابن عباس أنه كان إذا نزل منزلًا في السفر فأعجبه المنزل أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر.
قال: وثنا إسماعيل عن عارم ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس لا أعلمه إلا مرفوعًا. قال عارم: هكذا حدث به حماد قال: كان إذا سافر فنزل منزلًا فأعجبه المنزل أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر.
قلت: إسناده قوي والذي يظهر وقفه لأنه رواه البيهقي 3/ 164 من طريق إسماعيل بن إسحاق ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمه عن أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال: إذا كنتم سائرين. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 583: رجاله ثقات، إلا أنه مشكوك في رفعه، والمحفوظ أنه موقوف، وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر مجزومًا بوقفه على ابن عباس. فذكره. اهـ.
ثالثًا: حديث ابن عمر رواه البخاري (1109) ومسلم 1/ 488 - 489 والنسائي 1/ 287 كلهم من طريق الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء.
قال سالم: وكان عبد الله يفعله إذا أعجله السير ويقيم المغرب فيصلّيها ثم يسلم، ثمّ قلَّما يلبث حتى يقيم العشاء فيصليها ركعتين ثمّ يُسلم.
قال البخاري (1662): وقال الليث: حدثني عقيل بن شهاب قال: أخبرني سالم: أن الحجاج بن يوسف -عام نزل بابن الزبير رضي الله عنهما سأل عبد الله رضي الله عنه: كيف تصنع في الموقف يوم عرفة؟ فقال سالم: إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم عرفه فقال عبد الله بن عمر: صدق، إنهم يجمعون بين الظهر والعصر في الستة. فقلت لسالم: أفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سالم: وهل يتبعون بذلك إلا سنته؟ .
قال الحافظ في "الفتح": وصله الإسماعيلي من طريق يحيى بن بكير وأبي صالح جميعا عن الليث. اهـ
رابعًا: حديث أسامة بن زيد رواه البخاري (1672) ومسلم 2/ 934 كلاهما من طريق مالك عن موسى بن عقبة عن كريب عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفه، فنزل الشَّعب فبال، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء. فقلت له: الصلاة. فقال: الصلاة أمامك فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ، ثم أقيمت الصلاة فصلّى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلّى، ولم يصل بينهما.
خامسًا: حديث أَنس رواه مسلم 1/ 489 وابن حبان 4/ 309 (1456) وأَبو عوانة 2/ 351 والدارقطني 1/ 389 - 390 والبيهقي 3/ 161 كلهم من طريق شبابة بن سوار المدايني قال حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن الزهري عن أَنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم -
إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما.
ورواه مسلم 1/ 489 وأَبو داود (1219) والنسائي 1/ 287 والحاوي في "شرح المعاني" 1/ 164 والبيهقي 3/ 161 كلهم من طريق ابن وهب حدثني جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق.
ورواه البخاري (1111) من طريق المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أَنس بنحوه.
سادسًا: مرسل هزيل بن شرحبيل رواه أَبو داود الطيالسي كما في "المطالب"(730) قال: حدثنا شعبة عن أبي قيس قال: سمعت الهزيل -هو ابن شرحبيل- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأخر الظهر وعجل العصر وجمع بينهما وأخر المغرب وعجل العشاء وجمع بينهما.
قلت: إسناده ظاهره الصحة. قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على "المطالب": لم يقل شعبة عن عبد الله. وروي أن ابن أبي ليلى وصله عن عبد الله. اهـ.
* * *
438 -
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقصُرُوا الصلاةَ في أقلَّ من أربعةِ بُرُدٍ مِن مكَّةَ إلى عُسْفانَ" رواه الدارقطني بإسنادٍ ضعيف والصحيح أنه موقوف. كذا أخرجه ابن خُزَيمة.
قلت: سبق تخريجه في باب: مسافة القصر، فليراجع.
* * *
439 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيرُ أُمَّتِي الذين إذا أساؤُوا استغفروا، وإذا سافروا قَصَروا وأفطَروا" أخرجه الطبراني في "الأوسط" بإسناد ضعيف وهو في مرسل سعيد بن المسب عند البيهقي مختصر.
رواه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" 2/ 182 قال: حدثنا محمد بن أبي غسان، ثثا عبد الله بن يحيى بن معبد المرادي ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خير أمتي الذين إذا اساؤوا استغفروا وإذا أحسنوا استبشروا وإذا سافروا قصروا، وأفطروا".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن أبي الزبير إلا ابن لهيعة، تفرد به المرادي. اهـ.
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف مطلقًا ومدلس وقد عنعن هنا وسبق بيان ضعفه (1).
ولهذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/ 157: فيه ابن لهيعة وفيه كلام. اهـ.
وتلميذه عبد الله بن يحيى بن معبد المرادي لم أجد له ترجمة فاسمه ونسبه معروف وحاله مجهولة.
كذلك في إسناده أَبو الزبير وقد رمي بالتدليس. ورواه الشافعي مرسلًا عن ابن المسيب كما في "مسنده"(512) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا". أو قال: "لم يصوموا".
قلت: إسناده ضعيف جدًّا لأن إبراهيم بن محمد شيخ الشافعي متروك كما سبق (2).
وقد عزا الحافظ ابن حجر المرسل إلى البيهقي كما في "البلوغ" ولم أجده في "السنن الكبرى". لكن رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 2/ 425 من طريق الربيع أخبرنا الشافعي به.
وسبق ذكر أحاديث مشروعية القصر وما ورد فيه في أول باب: صلاة المسافر.
(1) راجع باب: نجاسة دم الحيض.
(2)
راجع باب: المني يصيب الثوب، وباب: الدعاء عند الفراغ من التلبية.