الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
المرحلة الحسية الحركية "0-2 سنة
":
تمتد فترة النمو الحسي الحركي sensorimotor من الولادة إلى حوالي السنة الثانية من العمر، وفي البداية يتكوَّن السلوك بدرجة تكاد تكون تامَّة من الحركات الانعكاسية التي تميز الطفل الوليد، وهذه ليست هي الانعكاسية التي ناقشناها في تناول النموّ الحركي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، تلك
الانعكاسات التي تختفي في الوقت المناسب، ولكنها سلوكيات انعكاسية لحركات العينين والذراعين والمص وغيرها، وبعبارة أخرى: فإن اهتمام بياجيه ينصبُّ على الانعكاسات التي تكون الأساس لمراحل قادمة في النمو المعرفي، وعندما يصف بياجيه هذه المرحلة المبكرة من النمو تجده يشدِّد على الأفعال الحركية بالمقابلة مع أيِّ نوع من التمثيلات الوصفية أو الرمزية. وتنتهي هذه المرحلة عندما تحل محلها العمليات الرمزية، ومرحلة الذكاء الحسي الحركي تتكوّن من ست مراحل فرعية، وتتمثل مجالات حَظِي ببعض أعمال بياجيه الوصفية بتفصيل بالغ. وتنقسم المرحلة الحسية الحركية إلى ست مراحل فرعية على النحو التالي:
المرحلة الفرعية الأولى: المرحلة الانعكاسية reflexive stage:
وهي تتميز بدرجة كبيرة بالانعكاسات reflexes التي ذكرناها، والطفل يقبل على قدر كبير من التمرين مع هذه الانعكاسات التي يبدو أنها تمر بتغيرات طفيفة في التكوين، مثال ذلك: إن الطفل لا يبدأ بعملية المص عند وجود زجاجة أو حلمة، حتى بدون أن تلمس الزجاجة أو الحلمة شفتيه.
المرحلة الفرعية الثانية: التفاعلات الدائرية الأولية: primary circular reactions "2-4شهور":
وتحدث عندما يزاول الطفل بشدَّة الموجزات الشكلية التي تكوَّنت في المرحلة الانعكاسية، علاوة على الموجزات الشكلية الجديدة التي تبرز في هذه الفترة، بما في ذلك النظر إلى المثيرات، والاستمتاع، والقبض، ويستخدم بياجيه لفظ "دائري" للدلالة على تكرار هذه الموجزات الشكلية، وقد يكون أهم حدث في هذه المرحلة هو تناسق الموجزات الشكلية، فعند سماع صوت مثلًا يدير الطفل رأسه وعينه في اتجاه مصدر الصوت.
كما يظهر التنسيق بين موجز المص وموجز القبض، وكذلك موجزًا لرؤية رد القبض، وهكذا فإن الطفل ينمي القدرة على الإمساك بشيء، ومتى فعل ذلك يدنيه من فمه لمصه. ومع التنسيق بين موجزي الرؤية والقبض، يستطيع الطفل رؤية شيء، ويحدد مكانه في الفضاء، ويمسك به، ثم يتفحصه ببصره، ويجب أن نلاحظ أنه يبدو وكأنَّ موجزًا شكليًّا رؤية -قبض يمكن أن يحدث فقط عندما تكون العين واليد في منظور واحد.
فإذا اختفى الشيء من مجال نظر الطفل، فإن الدليل السلوكي يبدو كأنه يشير إلى أن الشيء لم يعد له وجود بالنسبة للطفل، وبعبارة أخرى: فالطفل في هذه المرحلة ليس لديه مفهوم دوام الشيء object permenancy.
المرحلة الفرعية الثالثة: ردود الفعل الدائرية الثانوية secondary circular reactions": "4-8 شهور"، وتدل على أن الطفل أصبح مدركًا لعواقب أفعاله الحركية الخاصة، ولكن وبعكس المراحل السابقة، يقوم الطفل بتكرار هذه الأفعال. وكمثال لهذا السلوك: هز الشخشيخة، وهو فعل يكرره الطفل توقعًا للصوت الناتج عن الهز، وقد افترض بعض الباحثين أنَّ التكرار المستمرّ ينتج عن تعزيز إيجابي "نتيجة الفعل الحركي على الشي"، وبذلك فهو يشبه استجابة شرطية، وقد يبدو وصفنا أنه يعني أن بياجيه يستخلص بعض المعرفة بالسبب والنتيجة، أي: إن الطفل يؤدي سلوكه قصديًّا، والواقع أن بياجية يقول: إن الطفل في هذه المرحلة لا يستطيع فعلًا فهم أن فعله يولّد النتيجة البيئية، وفي أثناء الجزء الأخير من هذه المرحلة تظهر مبادئ مفهوم دوام الشيء.
المرحلة الفرعية الرابعة:
توصف هذه المرحلة بأنَّها مرحلة تنسيق التفاعلات الدائرية الثانوية coordination of secondary reactions "8-12شهرا".
وأهم إنجاز في هذه المرحلة هو ظهور القصدية، أو سلوك الوسيلة - الغاية، علاوةً على ذلك فإن الطفل يطوّر من الموجزات الشكلية الموجودة، ويضيف أشياء جديدة إلى الموجزات القديمة. إن ما يميز هذه المرحلة عن المرحلة الفرعية الثالثة هي القدرة على أداء عدد من الأفعال الفرعية. "تعدد الوسائل" بقصد الحصول على هدف مرغوب فيه "غاية"، وعلى ذلك، فبينما لم يتمكَّن بياجيه من أن يحدِّد بوضوح أن الوسائل قد تفاضلت عن الغايات في المرحلة الثالثة، فإن هذه التفرقة واضحة جدًّا في المرحلة الرابعة، ومن السمات الأخرى الهامة في المرحلة الفرعية الرابعة. إن اللعب يصبح له أهمية واضحة، ويصف فلافيل flavell "1977، ص32" مثلًا لذلك:
"يصبح اللعب أكثر مرحًا بشكلٍ واضح في هذه السن، فمثلًا بعد أن يكون قد ظلَّ لفترة يمارس بجدية، يصبح هناك تداخل بين الوسيلة والغاية الجديدة "مثال على الذكاء التكيفي adapted intellegent"، فقد يهمل الغاية ويتلهَّى مسرورًا بالوسيلة "لعب"، كما حدث في إحدى الحالات أن أحد أطفال بياجيه بدأ يحاول مهمة دفع عائق جانبًا ليحصل على لعبة، وانتهى به الأمر بأن تجاهل اللعبة وأخذ يدفع بالعائق جانبًا المرة بعد الأخرى بقصد اللهو. إن اللعب كالتقليد، يبدأ في التفاضل عن الذكاء المتكيف ليصبح أداة متميزة للنمو المعرفي. ومهما كانت الوظائف
الأخرى التي يؤدِّيها اللعب في حياة الطفل "وهناك الكثير منها"، فإن أحدًا لم يشك في أنه وسيلة هامة للتعلّم والنمو العقلي".
المرحلة الفرعية الخامسة:
ردود الفعل الدائرية الثالثة tertiary circular reactions "12-18 شهرا":
وهي تنعكس في استكشاف الطفل لإمكانيات جديدة لتناول الأشياء، وبعبارة أخرى: ينشط في التجارب بالأشياء التي في البيئة، كما أن الطفل يبدي مستوى أكثر نضجًا لدوام الأشياء، وقبل هذه المرحلة يميل الأطفال للافتراض بأن الشيء المخبَّأ عن نظرهم يجب أن يكون
موجودًا دائمًا، ولكنهم لا يفهمون أنَّ بالإمكان إزالته. وفي المرحلة الخامسة يتغلّب الطفل على هذا المفهوم الخاطئ، ويأخذ في الحسبان أفعال الآخرين في تحديد ما إذا كان الشيء ما يزال موجودًا أم لا.
والفرق الأساسي بين التفاعلات الدائرية في المرحلتين 4، 5 هو أنه في المرحلتين السابقتين لا تستمر التفاعلات الدائرية إذا أدَّت إلى نفس النتيجة، وفي المرحلة 5، لا تستمر التفاعلات الدائرية إلّا إذا تباينت نتائجها، ويتوقَّف ذلك على كيفية أداء الفعل. وهكذا، فإن الوليد في هذه المرحلة يبدأ فعلًا في اختيار الأشياء بسلوك مختلف مع الشيء، ويتفحص كيف تؤثر التغييرات في الشيء.
المرحلة الفرعية السادسة:
ترسيخ الموجزات الشكلية the internalization of schemas "18-24 شهرًا" ويعني ذلك أن الأطفال يحققون بعض القدرة التمثيلية reprezentational ability، أي: إنهم يصبحون الآن قادرين على العمل مع واقعية رمزية، وكذلك مع عالم حسي حركي ملموس. كما أنَّ الطفل يبدأ في الكلام وفهم الكلمات، ويقبل على تصنيف بدائي للأشياء. وفي أثناء هذه المرحلة التالية، يستخدم الطفل الأشياء بطريقة رمزية أو تمثيلية، مثال ذلك: يستطيع الأطفال أخذ مكعب واستخدامه كسيارة بكل تحركاتها وأصواتها المميزة لها، وبعد عشر ثوان قد يأخذون نفس المكعب ويمثلون به طائرة، وهذه القدرة
على أخذ أشياء لتمثيل أشياء أخرى تعتبر كسبًا معرفيًّا بالغ الأهمية، وهو يكتسب دورًا رئيسيًّا في لعب الأطفال، وله آثار هامة على العمليات الاستيعابية.
ومن المظاهر الأخرى للمرحلة السادسة التي تستحق التعليق عليها، دور التقليد initation، إننا لم نشر إلى الآن إلى التقليد، ذلك لأنَّ وظيفته المحدَّدة لم تكن واضحة، غير أن التقليد هام، وذلك بسبب دوره في المواءمة. إن السلوك التقليدي كان يحدث منذ المرحلة الثالثة تقريبًا، ولكن في تلك المرحلة كان من المتعذَّر التفرقة بين سماته الاستيعابية وسماته التواؤمية. وهكذا ففي المرحلة الثالثة كانت أنماط الأفعال المقلَّدة متيسرة فعلًا للطفل، ولكنه لم يكن يستطيع حتى المرحلة الرابعة تقليد أنماط سلوكية جديدة، علاوةً على ذلك، فقبل المرحلة الرابعة لا يمكن تمييز الأنماط التقليدية منفصلةً عن جسم الطفل، وهو لا يتمكَّن من إظهار تقليد مؤجل إلّا في المرحلة السادسة، أي: تقليد نماذج ليست موجودة ماديًّا بالقرب منه. علاوة على ذلك، يستطيع الطفل تقليد الأشياء غير البشرية، كيف تبدو الشجرة مثلًا! وعلى ذلك فإن الطاقة القصوى للتقليد واللعب تظهر في المرحلة السادسة والأخيرة من الذكاء الحسي الحركي، وتستمر تعمل كمصدر هام للاستيعاب والتواؤم والتطوير الممتد للوظيفية المعرفية.
ثانيًا: مرحلة ما قبل العمليات preoperational preiod "2-7 سنوات"
يعتبر بياجيه "1951" أن التحوّل إلى إجراءات أكثر تمثيلية تحولًا حاسمًا في النمو المعرفي، وقد عبَّر عن هذا التغيُّر باسم مرحلة ما قبل العمليات، غير أن المرحلة الفرعية السادسة للذكاء الحسي الحركي والمراحل الأولى من مرحلة ما قبل العمليات، تمثّل في الواقع تدرجًا وليس تحديدًا حادًّا.
وتنقسم مرحلة ما قبل العمليات إلى مرحلة التصوّر العقلي concerptual phase "2-4 سنوات" والمرحلة الحدسية intuitive phase "4-7 سنوات"، وأهمَّ ما يحدث في مرحلة التصوّر العقلي هو تطوير الإجراءات الرمزية واستخدام المهارات التمثيلية. ويتمثَّل جزء كبير من هذا التغير في ابتداء اللغة. وفي رأي بياجيه أنَّ كلام الطفل يبدأ مع بداية مرحلة ما قبل العمليات، وقد يكون ذلك نتيجة النضج العصبي الجسماني، وبعكس واطسون j.b. watson الذي قال: إن
الإجراءات "العمليات"، وإن تكن مجرد حركات عضيلات صغيرة في الحنجرة، فإن بياجيه يعتقد أن اللغة نظام رمزي ينقل المفاهيم، ولكنه لا يتضمَّن المفهوم نفسه، وكما لاحظنا في تعليقاتنا على المرحلة الفرعية السادسة، فإن الطفل يبدي زيادة في اللعب الخيالي علاوةً على اللعب الحركي بأشياء حقيقية. وفي أثناء المرحلة ما قبل العمليات الإجرائية تتّسع هذه الموجزات الشكلية "المخططات العقلية"؛ بحيث يصبح للمثيرات معنى فطري لدى الأطفال، وهي حقيقة كثيرًا ما تسبب صعوبات في التواصل بين الأطفال والراشدين. إن أنماط السلوك المعرفي، أي: التكوينات والموجزات الشكلية أو المخططات العقلية للأطفال في مرحلة التصور العقلي من هذه الفترة، يعكس فرقًا نوعيًّا كبيرًا عن التكوينات والموجزات الشكلية المتيسرة لدى الطفل في المرحلة الحسية الحركية.
ولسوء الحظ، فإنه لا توجد أبحاث منهجية مكثَّفة عن مختلف سمات سلوك الطفل الحابي، ونشك في أن السبب في ذلك يرجع بالأكثر إلى أنَّ الصغار في هذه السن يصعب الحصول عليهم مفحوصين للبحث. وأيضًا لأنه من الصعب العمل معهم "ومن أسباب ذلك ما يتَّسم به تفكير الطفل من الفطرية والأنانية". وتدل الأبحاث التي أجريت على أنَّ الطفل التصوري يختلف عن الأطفال الأكبر منه سنًّا من عدة نواحي ذات دلالة. مثال ذلك: إن الأطفال المفكرين في سن 2، 4 سنوات يتميزون بعدم وجود تصورات حقيقية، وذلك فلو أنها قد تحل بعض المشاكل، إلَّا أنها لا تستطيع أن توجد تفسيرات دقيقة، ولا تستطيع التنسيق مع أكثر من بعد واحد، أي: إنها تتركَّز على سمة واحدة "تسمَّى المركزية centration" بدلًا من السمات العديدة التي للأشياء والمسائل، والمركزية هي أحد الأسباب التي تجعل الأطفال كثيرًا ما يعجزون عن فهم مشاكل تتعلّق بثبات الخواص conserration، كما أنَّ الأطفال في طور التصور العقلي لا يستطيعون تعميم مثل واحد لمفهوم ما على الأشياء والأحداث الأخرى. والواقع أن تفكير الطفل في هذا المستوى النمائي يقع في خير ما بين التفكير الاستدلالي والتفكير الاستقرائي deductive and inductive، والطفل لا ينتقل من الاستدلال العام deduction إلى الاستدلال الخاص، أو من الاستقراء induction الخاص إلى الاستقراء العام، ولكن ينتقل من
حالة معينة إلى حالة أخرى معينة، ويسمي بياجيه هذا الإجراء بالتفكير التحولي transductive reasoning.
ومن أهم الخصائص المميزة لهذه المرحلة ما يلي:
1-
الانعكاسية Reversibility: إن الطفل في مرحلة ما قبل العمليات الإجرائية لا يستطيع أن يلمس مفهوم الانعكاسية، ويعتبر بياجيه الانعكاسية عملية عقلية يدرك فيها الشخص أنَّ الأشياء يمكن أن تتحوَّل من شكل إلى آخر، وتعود إلى شكل سابق، أو بلغة المعادلات: 6 + 3=9، و9 - 3= 6. إن المسائل العديدة لثبات الخواص كما وضعها بياجيه وزملاؤه تبسط المفهوم المعرفي. والشكل "77" يوضح مسألة ثبات خواص السوائل conservation of liquids، ويُسأل الأطفال:"أيّ الكأسين به ماء أكثر من الآخر، هل هو الطويل أم الأقصر؟ " أو "هل بهما نفس كمية الماء؟ "، وفي أثناء المرحلة، قبل العمليات الإجرائية، يختار الأطفال عادة الكأس الطويل أو الكأس القصير؛ لأنه أوسع، "والواقع أنهم يختارون الكأس الطويل؛ لأنهم يقرنون بين الطويل والكمية". وإذا قدم الطفل
ثبات خواص السوائل
أ- يصب ماء من أحد الكأسين في مخبار طويل "أو طبق مسطح"، ويطلب من الطفل أن يذكر ما إذا كان كل من الإناءين يحتوي على نفس القدر من الماء.
ب- كأسان من الزجاج بهما ماء بارتفاع واحد، ويلاحظ الطفل أنهما متساويان.
استجابة غير صحيحة، أو قدَّم تفسيرًا غير صحيح لاختياره أحد الكأسين، فإن القائم بالتجربة يأخذ عندئذ الماء من الكأس الطويل ويصبه في الكأس الصغير، ويمكن بعد ذلك السماح للطفل بصب الماء من الكأس القصير في الكأس الطويل، ويلاحظ أن الكأس الطويل أصبح الآن مملوءًا إلى حافَّته. وعادة يعلق الطفل على ذلك بأنَّ الكأس الطويل مملوء، أو أن الكأس القصير مملوء، وبعد إجراء هذه العملية يطلب من الطفل ثانيةً أن يوضِّح أي الكأسين به ماء أكثر، وأن نفسِّر أسباب اختياره، ورغم أنهم في الحقيقة قد أجروا العمليات الحركية، فإن أطفال مرحلة ما قبل العمليات الإجرائية يصرّون على ذكر أن الكأس الأطول "الأقصر" به ماء أكثر، وعند تفسير سلوكهم هذا يركِّزون على طول أو اتساع الكأس على أنه السبب في أن أحد الكأسين به ماء أكثر من الآخر. وواضح أن الطفل لكي يقدم الاستجابة الصحيحة، يجب أن يعرف أنه لم يضف أو يسحب ماء في أثناء عمليات صب الماء من كأس إلى آخر. وثانية: يجب أن يدرك الطفل أن زيادة اتساع أحد الكأسين يعوّض زيادة الطول في الكأس الآخر. وهنا نجد لدينا سمتين هامتين من سمات العمليات العقلية لمفهوم الانعكاسية، وتوضحه حقيقة أن صب الماء من كأس إلى آخر يعادل صب الماء في الاتجاه المضاد. وثانية: فإن الطفل يجب أن يلاحظ بُعْدَيْن في وقت واحد، الارتفاع والاتساع، ويجب أن نفهم أنهما يتغيران معًا في علاقة ثابتة. وإذا فشل الطفل في حل هذه المسألة فإنه ينحصر في سمة تصورية واحدة للمادة المثيرة، سواءً طول الكأس أو اتساعه. إن ظاهرة الانتباه لبُعْدٍ واحد فقط أو لخاصة واحدة، سبق أن أشرنا إليه وهو يسمَّى بالتمركز.
وثمة اختيار آخر عن ثبات الخواص، يوضع في كفتي ميزان كرتين من الصلصال "بنفس" الارتفاع، وذلك لمعرفة ما إذا كان الطفل يفهم معنى كلمة "نفس"، وبالعمل أمام الطفل، يقوم القائم بالتجربة بإعادة تشكيل إحدى الكرتين إلى شكل آخر، كما في الشكل "77"، فإذا أخبر القائم بالتجربة الطفل إن الكرة الأطول قد تحولت إلى صاروخ، فإن طفل المرحلة ما قبل العمليات يقول الآن: إن الكرة الأطول تزن أكثر؛ لأن الصوايخ تزن أكثر، وإذا لم يعلق القائم بالتجربة على ما يمثله الشكل المستطيل لكتلة الصلصال، فإن الطفل سيقول: إن الشكلين الصلصالين