الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيئة والنمو الإنساني
أولًا: البيئة قبل الولادية prenatal
…
2-
البيئة والنمو الإنساني:
البيئة هي المجال الذي تحدث فيه عملية النمو، ويقصد بالمجال هنا: جميع القوى المحيطة بالفرد التي يتفاعل معها أثناء نموه، أو بعبارة أبسط: جميع العوامل التي يتأثر بها الفرد ويؤثر فيها في سياق نموه على طول فترة الحياة، سواء كانت هذه القوى أو هذه العوامل داخلية أو خارجية "ثقافية أو اجتماعية" قبل الولادة، أم بعدها.
وفي هذا الإطار الشامل لمفهوم البيئة يمكن تقسيم البيئة في تأثيرها على النمو الإنساني إلى قسمين: البيئة الداخلية بل الولادية، والبيئة الخارجية بعد الولادية.
أولًا: البيئة قبل الولادية prenatal
بداية الكائن الإنساني هي التقاء أو تقابل خليتين جنسيتين إحداهما الحيوان المنوي للأب، وبويضة الأم، وتكون خلية واحدة تعرف باللاقحة، وتستمر اللاقحة في النمو عن طريق انقسام الخلايا وتخصصها وتمايز وظائفها في أعضاء، وأجهزة مختلفة إلى أن يخرج إلى الحياة بعد مدة حمل تمتد بين 240-300 يوم تقريبًا، وحين يولد يأتي إلى العالم الخارجي مزودًا بأجهزة استقبال حسية "أعضاء البصر، والسمع، والتذوق، والشم، واللمس"، وأجهزة إرسال حركية "العضلات،
الغدد، والجهاز العصبي"، وهي معدات لو لم يزود بها الكائن الإنساني قبل مجيئه إلى العالم أو تعرض للأذى أثناءها لاستحال عليه أن ينمو أو ينمي أي نوع من السلوك.
ولذلك: تنقسم البيئة قبل الولادية إلى قسمين:
- البيئة الداخلية للخلية المخصبة.
- والبيئة الرحمية.
أ- البيئة الداخلية للخلية intracellular environment:
يعد السيتوبلازم الميحط بنواة الخلية بيئة ذات تأثير هام، ففي بعض التجارب على الحيوانات أمكن استبدال السيتوبلازم بآخر، فكانت النتيجة خلق أجنة من أنواع مختلفة، وقد مكَّنت دراسات مماثلة من اكتشاف أن التفاعل بين النواة والسيتوبلازم هو الذي يحدد لها وظيفتها، وقد تبين من بعض الدراسات ما لبعض العقاقير المهدئة ذات التركيب الكيميائي الخاص من تأثير على أجنة الحوامل؛ فالتأثير الكيميائي لهذه العقاقير جعل الأجنَّة تولد مشوهة، وأعضاؤها ناقصة؛ لأن فاعليتها كانت على البيئة الداخلية للخلايا المتكاثرة المكونة للجنين.
ب- البيئة الخارجية للخلية intercellular environment "البيئة الرحمية":
تقوم البيئة الرحمية بالتأثير الهائل على الوليد الذي يمكث في رحم أمه أهم تسعة أشهر في حياته، حيث تنفتح إمكاناته الوراثية، وتظهر فيها خصائصه البشرية، وفي هذه الفترة يحوطه سائل رحمي داخل غشاء الرحم الذي يجعل الحراة مناسبة ومنتظمة حوله، كما يعزله عن الضوء والصوت، ويحميه من الارتجاجات والصدمات، ويصل إليه الغذاء عن طريق الحبل السري من دم الأم، ويمكن أن يحدث ما يغير من هذه الظروف، أي: يغير من البيئة الرحمية مما يؤثر على نمو الجنين. "طلعت منصور، عادل الأشول: 1976".
وأهم العوامل التي تؤثر على الجنين في البيئة الرحمية قبل الولادية ما يلي:
1-
الحالة الصحية للأم الحامل:
إن أي مرض يصيب الأم الحامل وخاصة في الشهور الثلاثة الأولى للحمل يؤذي الجنين، نظرًا لأنه محروم من المناعة التي تواجه الفيروسات، فلا يستطيع
تكوين أجسام مضادة لها، فإذا انتقل إليه فيروس أو بكتريا عن طريق المشيمة فتك به بسهولة، وأدى إلى الإجهاض، أو أعاق نموه في الرحم، وجاء وليدًا مشوهًا، من ذلك:
إن إصابة الأم الحامل بأحد الأمراض المعدية مثل: الحصبة الألمانية rubella أو مرض الزهري syphilis وخاصة في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل ينتقل من الأم الحامل إلى الجنين، مما قد يسبب له أمراضًا أو تشوهات مثل: الصمم أو العمي أو البكم أو أمراض القلب وضمور المخ، microcephaliak، كما قد يعاني من تأخر في نموه الجسمي والعقلي، وبالتالي يكون الطفل متخلفًا عقليًّا.
وجدير بالذكر أن الحصبة الألمانية تخضع الآن لعمليات التطعيم، وينصح بتطعيم الأطفال الإناث بشكل خاص بمصل الحصبة الألمانية، وبهذا فإنه من المتوقع تبعًا لذلك أن تقل أو تنعدم إصابات التخلف العقلي المسببة عن الحصبة الألمانية.
اضطرابات التمثيل الغذائي أو عملية الهدم والبناء عند الأم الحامل، فلقد أمكن التعرُّف حتى الآن على حوالي 90-120 نوعًا من الأمراض التي تصيب الجنين نتيجة لذلك، ومنها: التخلف العقلي الذي يحدث نتيجة اضطراب عمليتي الهدم والبناء بسبب طفرة في الجينات، تسبب اختفاء نشاط إنزيمي معين، أو اضطرابه فيما يتصل بالعمليات المرتبطة بالبروتينيات، كما في حالات الفينيل كيتونيوريا المعروفة باسم PKU، أو اضطراب في التمثيل الدهون، أو الكربوهيدرات كما في حالات الجلاكتوسيميا galactosemia وقد سبق أن أوضحنا ذلك.
كما أن اختلاف فصائل دم الوالدين قد يسبب التخلف العقلي، خاصة إذا كانت الأم تحمل "-rh"، وكان الأب يحمل "+ rh"، فإن الجنين حينئذ يرث عن الأب "+ rh" فيحدث اختلاف بين دم الجنين ودم الأم الذي يقوم بدوره بتكوين أجسام مضادة لدم الطفل تنتقل إلى الجنين عن طريق الحبل السري فتهاجم دم الجنين وتقتل الخلايا العصبية، وقد تحدث مضاعفات تقتل الجنين، وتحدث مثل هذه الحالات بعد الحمل الأول. "شكل: 34".
- بالإضاة لذلك، فإن اضطرابات التسمُّم العضوي التي تصيب الأم يمكن أن تنتقل إلى الجنين عن طريق الحبل السري وتؤثر في الجهاز العصبي للجنين فيولد متخلفًا عقليًّا، كما أن إصابة الأم الحامل بمرض الحمى الصفراء يؤدي إلى إصابة الجنين بمرض الفراء المخية، ويسبب التخلف العقلي.
- تعرُّض الأم الحامل لصدمة آلية في بطنها يصل تأثيرها للجنين قد تؤثر على جهازه العصبي، خاصة أن دماغ الجنين وهي لينة تتأثر بالصدمة مما يؤدي إلى إتلاف بعض مراكز المخ، وقد يؤدي إلى إصابته بالصرع.
- بالإضافة لما سبق فإن إصابة الأم ببعض الاضطرابات الهرمونية يؤثر على الجنين، من ذلك: إصابة الأم بمرض السكر يؤدي إلى اضطرابات هرمونية عند الجنين، كما أن نقص إفراز الغدة الدرقية لدى الأم ينتج عنه خمول الغدة الدرقية للجنين، مما ينتج عنه نقص في النمو والتأخر العقلي. "شكل: 35".
- كذلك فإن صغر حجم رحم الأم يؤثر بدوره في الجنين، فلا يعطيه فرصة الحركة المعتادة اللازمة للأرجاع العصبية البسيطة التي تظهر في منتصف فترة الحمل.
شكل "35" طفل رضيع كانت الأم مصابة بتضخم الغدة الدرقية أثناء الحمل.
2-
سوء تغذية الأم الحامل:
أوضحت الدراسات والأبحاث الطبية والغذائية أن الغذاء من العناصر الأساسية والضرورية لصحة الأم الحامل وجنينها، ذلك أن حصول الحامل على غذاء صحي مناسب يساعد على نمو جنينها نموًّا طبيعيًّا. فالحامل التي يحتوي جسمها على نسبة عالية من عنصر الكالسيوم مخزونًا بعظامها، من السهل أن تحفظ لجنينها إمدادًا كافيًا من هذا العنصر، ذلك لأن الجنين يحصل على متطلباته الغذائية من مدخرات الأم، أما إذا كانت المدخرات غير كافية، وهبطت إلى نقطة النقص عند الأم، عجز الجنين على الحصول على عناصره الضرورية، وأثَّر هذا بالتالي على نموه.
ولقد أوضح موناجو montago "1972" أن الحامل التي تتناول أغذية متكاملة خلال حملها ينمو جنينها نموًّا طبيعيًّا وتلد طفلًا يتمتع بصحة جيدة.
كما أوضحت دراسة كابلان kaplan "1972" أن الحامل التي ينقصها الغذاء الجيد ينمو جنينها نموًّا غير طبيعي، وتنجب طفلًا يتميز بنقص الوزن وانعدام الصحة، بل والإصابة ببعض الأمراض، كما أوضحت دراسات أخرى أن الأمهات اللاتي يعانين من نقص في الغذاء غالبًا ما يلدن أطفالًا بهم نقص جسمي أو عقلي أو اضطراب نفسي شديد، وأوضحت دراسات كوخ koch "1986" أن نقص فيتامين "ب12" في غذاء الأمهات الحوامل يؤذي جهازها العصبي، ويؤدي إلى ولادة صغارٍ مشوهين جسميًّا وعقليًّا، وما مشكلة البلاجرا في بعض الدول الفقيرة إلّا نتيجة لسوء التغذية أثناء الحمل.
وقد أشار فيرنون p.e. vernon إلى أن عدم كفاية التغذية أو سوء التغذية يؤثر تأثيرًا سيئًا على نمو الجنين، خاصة في الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل، وعلى نمو الطفل في الأربع سنوات الأولى بعد الولادة، وهي الفترة التي يكتمل فيها نمو الدماغ والأعصاب، كما وجد باسامنيك pasamainc "1966" أن سوء تغذية الأمهات الحوامل يجعلهن معتدلات الصحة كثيرات المرض متوترات أثناء الحمل، يؤدي إلى الولادة قبل الأوان أو الولادة العسرة، ونقص نمو الأجنة، وارتفاع نسبة الوفيات، والصرع، وشلل الدماغ، والاضطرابات العقلية بين الأطفال.
ولقد أظهرت الدراسات التي أجريت في شيلي وجواتيمالا وجنوب أفريقيا أن الأطفال الذين يتعرضون لسوء التغذية في مرحلة ما قبل الميلاد لا يمكنهم أن يصلوا إلى المستوى العقلي الذي يصل إليه زملاؤهم ممن لا يواجهون مثل هذه الظروف، حتى ولو أعطوا بعد ذلك ما يعوض هذا النقص.
وأكدت دراسة أخرى أجريت في الولايات المتحدة على أطفال أمريكيين عانت أمهاتهم من نقص شديد في البروتين أثناء النصف الثاني من فترة الحمل "حيث تكون حاجة الجنين إلى البروتين أكثر ما يمكن"، وبمقارنة هؤلاء الأطفال بمجموعة أخرى كانت أمهاتهم تتمتع بصحة جيدة، وجد أن المحرومين كانوا أقل وزنًا عند الولادة، وبمتابعة المجموعتين حتى سنّ الرابعة وجد أن الأطفال الذين حرموا من البروتين كانوا أقل ذكاءً من المجموعة الثانية.
ويفسر تأثير سوء التغذية أثناء الحمل على الطفل بأن الحرمان الغذائي في هذه الفترة المبكرة من العمر يصعب تعويض العجز الذي يسببه.
3-
الحالة النفسية للأم الحامل:
الناحية الانفعالية للأم الحامل لها تأثيرها الواضح على الجهاز العصبي المركزي، وكذلك على الغدد الصماء التي تفرز هرموناتها في الدم مباشرة، وأن وطأة الانفعالات الشديدة التي تتعرّض لها الأم الحامل تحدث أثار كبيرة على هذه الأجهزة العصبية والبيوكيميائية، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن حال الأم من الناحية الانفعالية أثناء حملها له تأثيرات هامة في مجرى نمو الجنين، وبالتالي في صحته وتوافقه في المستقبل.
كما أظهرت بعض الدراسات بوضوح أن الحالة النفسية السيئة للأم الحامل أثناء حملها يسبب تأثيرات ضارة على الجنين "1980، tylor". ويرجع ذلك لسببين:
الأول: إن الرحم والجهاز التناسلي للأم يرتبط ارتباطًا شديدًا بالجهاز العصبي اللإرادي بشقيه السمبتاوي والباراسمبتاوي، وفي أثناء الانفعال يستثار هذا الجهاز ويختل التوازن بين شقيه السمبتاوي والباراسمبتاوي فيحدث اضطرابًا في الانقباضات الرحمية، وفي سير الدورة الدموية الجنينية الأموية.
والسبب الثاني: يرجع إلى أن الحامل إذا ما تعرضت لانفعال شديد، فإن نسبة الأدرينالين الذي تفرزه الغدة الكظرية يزداد في دمها، مما يحدث حالة من التوتر العصبي، ويلحق هذا التوتر بالجنين عن طريق زيادة نسبة الهرمون في دمه المرتبط بالدورة الدموية للأم، وتكون النتيجة النهائية هي مضاعفة حركة الجنين داخل الرحم، فيستنفذ الغذاء في هذه الحركة الزائدة بدلًا من استنفاذها في النمو.
وفي دراسات حول الحمل غير الشرعي وجد أن الحالة الانفعالية التي تعانيها الأم الحامل التي تحمل جنينها بدون رغبة، فلا تعتني بصحتها ولا بغذائها، وتبذل ما في وسعها للتخلص منه، وتظل في حالة من التوتر والقلق، خاصة عندما تفشل في التخلُّص من الجنين، فتقبل وجوده في أحشائها على مضض منها. وتؤدي هذه الظروف الرحمية السيئة التي تعيشها الأجنَّة غير الشرعية إلى زيادة نسبة الولادات المشوهة والمتخلفة عقليًّا.
4-
التدخين أثناء الحمل:
أشارت الدراسات إلى أن نسبة ولادة أطفال مشوهين من الأمهات الحوامل المدخنات أو المدمنات على تعاطي المخدرات والكحوليات أعلى منها عند الأمهات الأخريات، فقد أشار فيرنون vernon إلى أن تدخين الأم يؤدي إلى الإجهاض أو الولادة قبل الأوان، وإلى زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال الرضع، ويرجع ذلك إلى
حرمان الجنين من الدم النقي، ذلك أن الدم يصل من الأم إلى الجنين وفيه نسبة كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي نسبة أقل من الأكسجين. ولقد أوضحت البحوث أن تأثير تدخين الأم الحامل لسيجارة واحدة يؤثر في نشاط دقات قلب جنينها، وأن الأمهات الحوامل اللاتي يدخن السجاير قد يلدن أطفالًا غير مكتملي النمو prematurity.
وفي دراسة أجراها جولدشتين goldstein "1972" على عشرة آلاف طفل بريطاني تفوق أطفال الأمهات غير المدخنات على أطفال الأمهات المدخنات في التحصيل الدراسي والذكاء، وكانت الفروق دالة إحصائيًّا. ووجد برومان وآخرون broman et al "1975" أن الأمهات المدخنات ينجبن أكثر من غيرهن أطفالًا ضعاف البنية ناقصي النمو، منخفضي الذكاء، وأشار ييروشالني yerushaineg "1979" إلى أن تدخين الأم أكثر تأثيرًا من تدخين الأب على نمو الجنين؛ لأن وجود النيكوتين في دم الأم يؤذي الجنين جسميًّا ونفسيًّا، ولكن يزداد تأثير التدخين على الجنين إذا كان كلا الوالدين من المدخنين.
5-
الإدمان على الكحوليات والمخدرات:
وبالنسبة للمخدرات فإلى جانب أثارها الخبيثة على الأم، فقد تَمَّ اكتشاف تغيرات تطرأ على الجنين من جراء تعاطي المخدرات:
- فلقد وجد أن الأطفال الذين يولدون من أمهات يتعاطين المخدرات يكونون في حالة هدوء زائد عند الولادة، ويبدو عليهم نوعًا من "الدَّوَخَان" أو الدوار، وهذا يجعل الحركات العشوائية أقل نسبيًّا، مما يترتب عليه تعطيل النمو العضلي أو الجسمي بشكل عام، وقد يولد الجنين مصابًا بتلف في خلايا المخ، وقد يختنق عند الولادة؛ لأنه لا يكون قادرًا على تحمل ضغط عضلات جدران الرحم أثناء عملية الولادة.
- ولقد أشار كوخ koch "1968" إلى زيادة نسبة التشوّهات الخلقية في ولادات الأمهات المدمنات والمتعاطيات للمخدرات والخمور والحبوب النفسية، وترتفع هذه التشوهات في الأجنَّة إذا كان كلا الوالدين من المدمنين على المخدرات أو الخمور.
- وفي دراسات أخرى: وجد أن الأمهات المدمنات على الهيروين والمورفين أنجبن أطفالًا مضطربين نفسيًّا، كما أن تعاطي عقار الهلوسة lysergic acid "وهو عقار يستخدم في علاج بعض حالات الهستريا" وجد أن له أعراضًا جانبية، منها: تحطم كروموسومات وخلايا الأجنة التي لم تولد بعد، ويسبب التخلف العقلي.
- وفي دراسة لجونز وآخرون johnz el al "1973" وجد أن 40% من المدمنات على شرب الخمور أنجبن أطفالًا مصابين بالميكروسفالي "صغار الجمجمة"، أو أطفالًا يعانون من تشوهات القلب وضعف في التآزر الحركي والعضلي، وفي دارسة أخرى له سنة 1974 على 23 سيدة من الحوامل مدمنات على شرب الخمور مات أربعة من أطفالهن أثناء الولادة، وظهر على 13 طفلًا التخلف العقلي أو التشوهات الجسمية، 6 أطفال كانوا يعانون من اضطرابات نفسية من أعراض الاكتئاب، والإنسحابية، والنشاط الزائد، وضعف التآزر الحركي.
شكل "36" طفل لديه أعراض الكحوليات أثناء الفترة الجنينية، لاحظ وجود شحوب أعلى الشفاه، عينان واسعة، عظام مفلطحة.
6-
سوء استعمال الأدوية:
يجب أن نشير في البداية إلى أن كل الأدوية التي تتناولها الأم الحامل تكون قادرة على الوصول إلى المشيمة placenta وتؤثر في الجنين، وثبت أن كثيرًا من الأدوية التي تتداوى بها الأمهات الحوامل يؤثر بعضها تأثيرًا سيئًا على الأجنَّة ويؤدي إلى تشوهًا جسميًّا وذهنيًّا، من ذلك:
- أوضحت نتائج أبحاث مونتاجو montago 1970، أن أبسط الأدوية كالإسبرين له تأثير ضار ومخيف على أجنَّة فئران المعامل، وذلك أنه عندما أعطيت فئران التجارب إسبرين من اليوم السادس حتى اليوم الأخير للحمل كانت النتائج مخيفة للغاية، فقد وجد أن نسبة الوفيات مرتفعة في أجنة فئران المعامل، وبها تشوهات وعيوب تكوينية وخلقية واضحة.
- وأوضحت بعض الدراسات أن استعمال الحامل لحبوب الإجهاض quinine إذا لم يتمّ الإجهاض، جاء الوليد أصمًّا أبكمًا.
- كما أن بعض المضادات الحيوية لها تأثيرات خطيرة على الأجنة، ولا ننسى المآسي التي نتجت عن تعاطي الحوامل دواء الثاليدوميد thaildomide، فقد كان هذا العقار سببًا في تشوه الآلاف من الأطفال الأبرياء.
- كما أن مادة الكينين التي تعالج الملاريا لها تأثير على السمع، وتؤدي إلى إحداث الصمم للأجنة التي لم تولد بعد.
وعلى ذلك: يجب ألّا تتناول الأم الحامل العقاقير إلّا تحت الإشراف الطبي، ويعرف الأطباء أنواعًا كثيرة من الأدوية تؤثر تأثيرًا سيئًا على نمو الأجنة، فلا يصفونها للحوامل، كما أن جميع الأدوية التي تؤثر على الجنين يكتب تحذيرًا عن مخاطر استخدامها بالنسبة للأم الحامل، ومن ثَمَّ كان على الأم عدم استعمال أي نوع من الأدوية إلّا بعد استشارة طبيبها.
7-
عمر الأم الحامل:
أوضحت الدراسات أن هناك علاقة ذات دلالة بين المتاعب والمصاعب أثناء الحمل والفشل في الولادة "الإحهاض" من ناحية، وبين عمر الأم الحامل من ناحية أخرى، وأن أفضل سنوات الحمل هي ما بين العشرين والثلاثين سنة، وإن كان هناك الآلاف من النساء تقل أعمارهن عن العشرين أو تزد عن الثلاثين يحملن بنجاح.
كما أوضحت نتائج الدراسات التي تتبَّعت رعاية حمل النساء كبار السن "35-45" أنهن يعانين من صعوبات بالغة من عمليات الحمل والولادة، وأنه
كلما زادت أعمار الحوامل زادت إصابة أطفالهن بحالات الضعف العقلي، كما أن بعض النساء اللاتي يحملن في سن متقدمة يسهمن في إنجاب أطفال ناقصي النمو.
ولعل هذا يرجع إلى تدهور وظيفة التناسل عند بعض النساء المتقدمات في السن.
ولعدم اكتمال ونضج الجهاز التناسلي للنساء صغيرات السن فإن حملهن يواكبه حالات أطفال حديثي الولادة ناقصي النمو، وكذلك حالات إجهاض متكررة، ولذا يفضل زواج الفتاة بعد سن العشرين لاعتبارات متعلقة بالنضج الجسمي والاجتماعي والنفسي.
8-
تعرض الأم للإشعاع:
كانت أشعة × تستخدم بالنسبة للأم الحامل بدون تحفظ، بل إنها كانت تستخدم للتأكد من وجود الحمل، وكطريقة لتحقيق بعض انطباعات الطبيب عن الجنين، إلّا أن أحد الأطباء اكتشف في الثلاثينات من ق20 تشوه جنين أم كانت تعاني من سرطان الرحم، وعالجها بالإشعاع وهي حامل، كما تبين من الدراسات على الأمهات الحوامل في مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بعد ضربهما بالقنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية أن الأمهات اللاتي تعرضن لإشعاعات هذه القنابل وهن في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل ولدن أطفالًا مشوهين. كما أثبتت الدراسات التي أجريت على الحيوانات الحوامل أن تعرضها للإشعاعات أدى إلى تشوه أجنتها.
ومن هنا: أصبح من القواعد الطبية المسلَّم بها عند الأطباء عدم فحص الأم الحامل بالأشعة إلّا عند الضرورة القصوى، بل ينصح بعضهم بالإجهاض إذا اضطر إلى فحص الحامل بالأشعة في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وتأكده من تشوه الجنين أو إصابته بالتخلف العقلي. فالإشعاع قد يؤدي إلى عيوب يمكن توريثها إلى جانب العيوب الولادية، فالجنين، وخاصة في فترة الانقسام، يكون معرضًا بشكل خاص للإصابة بالأضرار المختلفة إذا ما تعرَّض للإشعاع، وأن التعرض للإشعاع العميق، وخاصة في منطقة الحوض وفي المراحل الأولى للحمل قد تحدث أضرارًا مختلفة للجنين، منها: الاضطرابات العصبية، التخلف العقلي، فقدان البصر، أو التشوه الخلقي بشكل أو بآخر، وإذا حدث هذا التعرض دون علم الطبيب أو الوالدين فقد يوصى بعملية الإجهاض.
على أن تسليط الأشعة على مناطق أخرى غير منطقة الحوض كعمل أشعة على الأسنان مثلًا: فإن ذلك قد لا يتسبب عنه أي ضرر إذا ما عزلت منطقة الحوض.