الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما عن طبيعة العلاقات الاجتماعية في هذه المرحلة:
فإن الأم أو الشخص القائم برعاية الطفل هي التي تمثّل أولى الاتصالات الاجتماعية للطفل، وتبرز البيئة من خلال ثدي الأم أو الزجاجة البديلة مصدر الرضاعة الصناعية؛ حيث إن الحب وبهجة الاعتماد ينتقلان إليه عندما تضمه الأم إليها، فيشعر بدفئها المريح وابتسامتها العذبة، والطريقة التي تناجيه بها، كل هذا له أهميته البالغة في هذه المرحلة.
ويذكر أريكسون أن هذه المرحلة الفمية تنقسم إلى مرحلتين:
-مرحلة فمية نفسية حسية: تتخذ فيها كل الاتصالات الاجتماعية نمطًا ضميًا تداخليًا.. ويها تتوقف الخبرة الانفعالية على تبادل الأخذ والعطاء، وما تتضمنه من درجات الاسترخاء والأمان التي تتصل بعمليات الإمساك والمص من خلال الشكل الفمي الانضمامي العملية المص الممتد الحلمة الثدي أو البديل المناسب -وبذلك يحاط الأطفال بابتسامات أمهاتهم ويجدون في دفء أجسامهن ملاذًا وراحة وحماية، ذلك الدفء الذي به أيضًا -عندما يلقون رعاية من الأم- بيخلصهم مما يحسون به من ضيق ناشئ عن برد أو بلل أو ملل أو جوع. وكلما نمت أجسامهم ازداد اعتمادهم على أنفسهم وازداد سرورهم بنمو حواسهم وتأزرهم الحركي- مصحوبًا هذا كله بتشجيع الأم ورعايتها.
- والمرحلة الفمية الثانية: هي المرحلة السنية العضية -حيث يبلغ المنوال الانضمامي ذروته في الوقت الذي تظهر فيه أولى اأسنان، وهذا يصبح الإمساك تحت سيطرته الكاملة
…
وفي هذه المرحلة الضمية الثانية تصبح الطريقة الاجتماعية في الإمساك مشابهة لعملية الشد إلى أسفل "العض" بالسن الجديدة.. وهنا يميل الطفل للاندماج الكلي وأن يحتفظ لنفسه بكل ما يحصل عليه أو يعطي له بعد أن علمته التجربة الآن وأن باستطاعته الاحتفاظ ببيئته من
خلال جهده الخاص -غير أن الإمساك والاحتفاظ عن طريق العض كثيرًا ما يسبب انسحاب الأم مما قد يشعر الطفل بالشك وعدم الثقة فيتولد لدى الطفل حثًا جديدًا للإمساك بحدة وبشكل أشد.
وهكذا يتضح: أن الثقة عنصرًا هامًا في الشخصية السوية وأن هذا الإحساس يتكون في وقت مبكر
…
وندلنا دراسات المضطربين انفعاليًا والاطفال الذين حرموا من العطف حرمانا بالغًا: على أن أخطر الأمراض النفسية تظهر عند الأشخاص الذين تعرضوا لإهمال بالغ أو حرمان من الحب في الطفولة.. وبالمثل يجد الباحثون النفسيون والاجتماعيون أن السيكوباتيين قد حرموا من الحب في طفولتهم لدرجة أنهم لم يجدوا ما يبرر ثقتهم بالجنس الإنساني وبالتالي أصبحوا لا يحسون بمسئولية تجاه زملائهم في الإنسانية.
المرحلة الثانية: الشهر 12-أو 15 حتى نهاية السنة 3:
انتساب حاسة الاستقلال الذاتي ومكافحة حاسة الشك والخجل "التحقق الإرادة" Sence of Autionomy vs. Shame& doubt:
حتى يتأسس الإحساس بالثقة على نحو راسخ -يبدأ الطفل فيما بين الشهر الثاني عشر أو الخامس عشر حتى نهاية السة الثالثة في تاسيس المكون التالي للشخصية السليمة حيث تنصرف معظم طاقاته نحو تأكيد ذاته من حيث هو إنسان له عقل وإرادة خاصة به، ويتضح ولع الأطفال بالاستطلاع، ويصبح الطفل أقل اعتمادًا على الآخرين وأكثر استقلالًا بنفسه. والفهم في هذه السنوات هو إحساس الطفل بالإستقلال -أي إحساسه بأنه إنسان مستقل ومع ذلك فهو قادر على أن يستخدم مساعدة الآخرين وتوجيههم في المسائل الهامة.
وبالنسبة لواجبات النمو في هذه المرحلة:
فكما هو الحال في المرحلة السابقة: فإن هناك أساس فسيولوجي لهذا السلوك المتميز الواضح -فهذه قدرة نضج الجهاز العضلي، وما يترتب على هذه النضج من تأزر وتوافق عدد من انماط الحركة والفعل المتصارعة المختلفة: كالإمساك
بشيء وتركه، وكالمشي، والكلام، والقبض على الأشياء وتناولها بطرق معقدة، ويصاحب هذه القدرات وينشأ عنها حاجات أساسية تدفع الفرد لِأَنْ يستخدمها في الارتياد والكشف والإمساك بشيء، وإسقاطه والاحتفاظ والنَّبذ أو الهجر، ويصحب كل هذا إرادة مسيطرة هي "أنا أفضل" إرادة تتحدَّى في إصرار وباستمرار ما يقدّم له من عون. "شكل: 57".
أما عن طبيعة العلاقات الاجتماعية:
فلكي ينمي الطفل هذا الإحساس بالاعتماد على الذات والكفاءة التي نسميها استقلالًا، فمن الضروري أن يعيش الطفل المرَّة بعد الأخرى خبرة أنه شخص حر، يسمح له بأن يختار الطريق الذي يسلكه، فلا بُدَّ أن يكون له حق الاختيار بين الجلوس والوقوف، وبين التقدم والاقتراب من الزائر، أو الاستناد إلى ركبة أمه، بين تقبُّل الطعام المقدَّم إليه أو رفضه، وهل يستخدم إرادته، فما لا شك فيه أن الطفل نتيجة لأنَّ الأيدي والأقدام ما زالت ضعيفة في هذه المرحلة، فإنه سوف يواجه أشياء لا يمكن أن تصل إليها يداه، وعقبات لا يستطيع تسلقها أو التغلب عليها، وفوق كل شيء: هناك أوامر لا حصر لها يفرضها الراشدون الأقوياء عليه، وتبلغ خبرته من الضآلة حدًّا لا يمكن معه أن يعرف ما يستطيع وما لا يستطيع عمله في بيئته، وسوف يستغرق سنوات حتى يكتشف حدود ما هو مقبول وما هو ممنوع، وما يسمح به مما يصعب عليه فهمه في بداية الأمر.