الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: نظرية التحليل النفسي:
حيث إننا وصفنا نظرية التحليل النفسي عن نمو الأنا العليا في الفصل الرابع، فسوف نقتصر هنا على تفسير جوانب النظرية التي تتعلق بالنمو الأخلاقي، وطبقًا لفرويد فإنَّ تكوّن الضمير أو الأنا العليا، وبالتالي اكتساب السلوك الأخلاقي، إنما يعتبر نتيجة لحل العقدة الأوديبية.
إن الأنا العليا الذي يمثل معايير الراشدين، ينمو من خلال التوحّد مع الوالد من نفس الجنس "فرويد 1923، 1924". إن المحتمع يضمن بقاءه من خلال التقمُّص أو التوحُّد الذاتي بفرض معاييره على الفرد الذي ينقل هذه المعايير إلى الجيل الذي يليه، فكلٌّ من الأولاد والبنات الذين يتوحَّدون مع الوالد من نفس الجنس بسبب الخوف أو القلق على السلوك "فقدان الحب أو العدوانية".
وكما يذكر برونفينبرنر bronfenbrenner عام "1960" فإنَّ الطفل قد يتوحَّد مع أيٍّ من جوانب الوالد الثلاثة أو معه جميعًا، وهي: السلوك الواضح، أو الدوافع، أو الطموح بالنسبة للطفل، أمَّا ما يتوحد معه الطفل من هذه الجوانب فهو موضوع البحث، وقد يتوقَّف على شكل التوحُّد.
وقد يحدث أن عملية واحدة مثل التواجد anaclitic انتقائيًّا تكون أكثر احتمالًا؛ كي ينتج عنها تطوير المعايير، في حين أن عملية أخرى مثل التوحُّد مع معايير الشخص العدواني يؤدي إلى اتباع دوافع الوالدين "Bronfenbronner، 160. 24".
ورغم أنَّ الأساس الدقيق للتوحُّد غير واضح. والواقع أنه ما يزال موضع جدل شديد، ولذلك فإن نظرية فرويد قد آثارت كثيرًا من البحث حول آثار سلوك الوالدين على نمو الطفل.
بحث هارتسون وماي Horthorne & May:
إن أحد الآثار المترتبة على نظرية فرويد هو أنه بسبب التوحُّد مع فرد واحد، فإن الجوانب المتعددة للسلوك الأخلاقي يجب أن تكون على درجة كبيرة من التناسق مع بعضها البعض؛ إذ إنها كلها جزء من نفس التكوين المتكامل للشخصية. إن هذا التأثير جرى اختباره بمعرفة هارتشون وماي "1927، 1928، 1930" اللذان أدخلا سلسلة من الاختبارات على الأطفال والمراهقين من 8-16 سنة، وذلك لقياس: الغش، والكذب، والسرقة، وكانت أهم نتائج هذا البحث هي:
1-
كان الغش موزعًا توزيعًا طبيعيًّا.
2-
إن الغش في موقف معين لم يتنبأ به جيدًا في موقف آخر، وبعبارة أخرى: لم يكن بالإمكان تصنيف الأطفال على أساس أنهم "غشاشون" أو "غير غشاشين"، لقد غشَّ كل الأطفال تقريبًا، ولكنهم اختلفوا في مدى المجازفة التي أقدموا عليها خوفًا من اكتشاف أمرهم، ولقد استنتج "هارتشون وماي" أن الغش يتحدَّد بدرجة كبيرة طبقًا للموقف، وأنه لا توجد سمة عامة للأمانة أو الأخلاقيات.
وقد قام بورتون burton بإعادة تحليل نتائج هارتشون وماي "1963، 1976"، وقد نقض هذا الاستنتاج الأخير، وكان تحليل بورتون لتلك الاختبارات قد كشف عن "سمة عامة للأمانة"، مما يدل على درجة كبيرة من الثبات في الأمانة عبر المواقف، وخاصة بالنسبة لمقاومة الإغراء على الغش، أو الكذب، أو السرقة. وقد استنتج بورتون أن المواقف المتشابهة تدعو إلى إبراز حالات غشٍّ متشابهة، ولكنه لم يناقش ما إذا كان ذلك يدل على أن الناس يمكن تصنيفهم على أساس أنهم إمَّا أمناء أو غير أمناء.
وقد أوضح بيك وهافيجرست "1960" أن ذلك قد يكون هو الواقع، وقد ذكرا سمة للتطابق الخارجي مع القواعد، وعند أحد طرفي هذا البعد نجد الشخص الذي يتبع القواعد، وفي الطرف الآخر نجد الشخص الذي يظن أن القواعد الاجتماعية لا تسري عليه، وهو ينتهكها بانتظام. وكذا فإن الدليل على ثبات السلوك الأخلاقي يدل على أن الناس يسلكون نفس السلوك في المواقف المتشابهة، ولكن هذا التناسق يصبح ضئيلًا عبر المواقف "Burton، 1976".