الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرحلة الأولى: السلوك الفطري "البدائي
":
الحاجات البيولوجية والتعلم في فترة الطفولة المبكرة:
وتتضمّن هذه المرحلة أساسًا الشهور العشرة إلى الستة عشر الأولى من حياته، عندما لا تكون خبراته البيئية قد بدأت في توجيه تعلمه، لذلك تتضمَّن هذه المرحلة محاولات الطفل لخفض حدة التوتر الداخلي الناشئ عن دوافعه الداخلية، وأهمّ حاجات الطفل في هذه المرحلة:
1-
الحاجة إلى الغذاء والراحلة الجسمية:
فالجوع والتعب والألم.. إلخ تولد توترًا يبحث عن التخفيف عنه من خلال أيّ استجابة إشباعية، وقدر كبير من هذا البحث عن الإشباع المبدئي يحدث بالتجربة والخطأ، وبالتدريج يتعلم الطفل أن خفض الألم يتعلق ببعض أفعاله، ثم يحاول جاهدًا أن يقلّد هذه الأفعال التي سبق أن نجحت. مثال ذلك: إن إشارة الجوع تصبح مقرونة بالتتابع: البكاء والثدي "أو الزجاجة" مع السائل المخفض للجوع، وتصبح أفعاله أكثر، وأكثر سلوكه متعلمًا، أي: إن أفعاله تصبح جزئيًّا تتابع مع استجابة متعلمة.
2-
الحاجة للتخلص من الفضلات:
على الرغم من أن رغبة الطفل الطبيعية للتخلص من الفضلات تظل رغبة غير اجتماعية، فإن الضغط على الطفل للمحافظة على صحة ونظافة الجسم تصبح خبرة ذاتية تنمو من الطفل في المرحلة التالية، فالاستجابات التي تتكرَّر مع الطفل وتؤدي إلى الرضا "الإشباع"، ينظر إليها معًا كخبرات مجزية. فنشاط الأم مع وليدها ودفئها الشخصي "الملامسة الجسدية والتدليل
…
إلخ" توفر التعزيز اللازم لطفلها؛ فالأم التي تكفل عناية لائقة لطفلها في الأوقات التي يحتاج إليها فيها تعتبر إثابة معزّزة، والطفل بدوره أكثر استعدادًا لتكيف سلوكه بالأشكال التي تضمن له استمرار عناية أمه.
3-
الحاجة الاجتماعية:
وينمو الدافع الاعتمادي مع الطفل في استجاباته للناس كظواهر بيئية تتكرر من الشهرين الأوَّليين من حياته، من خلال العلاقة الثنائية للتغذية والتخلص من الفضلات، والحماية من البرد، أو أي حالة احتياج بيولوجي أخرى. بدءًا من الشهر الرابع إلى الشهر الثاني عشر تبدأ هذه العلاقة الجوهرية بأولى الاحتكاكات بين الطفل وأمه عندما ينقل الطفل عمليات تعلمه من الاعتماد على التجربة والخطأ إلى العمليات التي ترتكز على التعزيز الثنائي، فكلٌّ من الأم والطفل تصبح لديه حصيلة من الأفعال ذات دلالات خاصة به، تستخدم لإثارة استجابات كل من الآخر بما يتفق وتوقعاتهما. فمن الملاحظ أن حاجة الطفل البيولوجية لخفض دافع الجوع سرعان ما تقترن بمكونين أساسيين متداخلين خاصين بتناول الغذاء هما "المص، والتواجد بالقرب من الشخص المرضع"، سرعان ما تصبح عادة متأصلة ودافعًا مستقلًا يزداد قوة مع تقدم السن، فيبدأ الطفل ينظر إلى الأم كجزء لا غنى عنه من نشاط المص وتناول الغذاء، وتصبح صورتها ورائحتها وملمسها.. إلخ تقترن اقترانًا وثيقًا بالإشباع.. ومن هنا: فإن الطفل لا يقتصر على أن يتعلّم أن يتوقَّع حضورها عندما يجوع، ولكنه يتعلم أيضًا أنه يحتاج إليها، مما يعزز الاعتمادية عليها باعتبارها الراشد الكبير الذي يقوم بالرعاية.
4-
تعلم السلوك العدواني:
فالعدوانية في أبحاث سيرز إنما هي نتيجة للإحباط؛ حيث تصبح العدوانية مظهرًا مبكرًا وحيويًّا من مظاهر السلوك التعلُّمي، وذلك لأنها تحدث في اللحظة الأولى التي يواجه فيها الطفل خبرته بالضيق أو الألم أو التأخير في التخلص من التجربة الكريهة، وتتجلَّى العدوانية عادة من خلال الغضب على شكل اهتياج "ثورة" أو إظهار حدَّة الطبع، التي هي في الواقع استجابة لهذا الإحباط، وتجد العدوانية تنفيثًا عنها من خلال البكاء، وتغيّر في اتزان التنفس، أو وضعه الجسماني كله.. إلخ.
العوامل الاجتماعية المؤثرة على النمو:
للبيئة الاجتماعية التي يولد فيها الطفل تأثيرات كامنة على نمو الطفل وتعلمه المتوقّع في هذه المرحلة، ويتمثل ذلك في عدة عوامل نذكر منها:
أ- جنس الطفل:
فمنذ مولد الطفل ينتمي لأحد الجنسين أو للآخر، ومن هنا يبدأ المجتمع يغرس فيه الدوافع والاهتمامات والمهارات والاتجاهات المناسبة لمثل جنسه، فجنس الطفل يمد الأم بمثير هام، ويضع الطفل في مرتبة اجتماعية لها تأثيرات بالغة الأهمية في تدريبه.
ب- ترتيب الطفل في الأسرة:
يعتبر سيزر أن الترتيب الميلادي للطفل له تأثير كبير على نموه، فالأسرة كبيرة العدد توجد مسافة ممتدة للوصول إلى السيطرة النهائية للأم والأب؛ حيث يتعرض الطفل الأكبر إلى تدريب مباشر بالغ من الأبوين، في حين يميل أخوته الأصغر إلى الحصول على وسيط إضافي مع كل أخ أو أخت أكبر منه. والطفل الوحيد يحصل على مزيد من العناية من أحد الوالدين من نفس جنسه أو من كليهما.
ج- فارق السن بين الأطفال:
فهذا الفارق في العمر بين الأطفال وحرية الأم في المعاملة المباشرة مع كل طفل دون أن تبخس علاقاتها مع الأطفال الأكبر الذين يتنافسون هم أيضًا في سبيل
اكتساب اهتمامها، تعتبر من أهم العوامل المؤثرة على نمو الطفل، علاوة على ذلك: فإن الأم تميل إلى أن يقل شعورها بالإحباط نتيجة مشاغلها اليومية بوليدها الثاني.
د- ثقافة الأم:
فلثقافة الأم تأثير كبير في قدرتها على التصرف مع أطفالها بطرق مختلفة في مختلف مراحل نموهم، فالأم الأدنى تعليمًا غالبًا ما تستخدم إجراءات غير مناسبة من حيث التسامح والسيطرة، وبالعكس، فإن مزيدًا من التعليم وإدراك الفهم المعاصر لرعاية الطفل تعد الأمهات لاستخدام أكثر منطقية للسيطرة، ومزيد من التسامح نحو الاعتمادية.
هـ- المركز الاجتماعي للأم:
الذي يحدد الكثير من إجراءات تربية الطفل، ويكوّن للطفل فرصة أكبر للنمو الصحيح، إذا لم تكن الأم تتطلّع لمركز آخر في الحياة، والتسري هذه الملاحظة على الأم العاملة وعلى ربة البيت، وغالبًا ما تكون الأم المتفرغة لتربية الطفل أكثر قدرة على تدريب الطفل تدريبًا ينمي شخصيته على الأيام.
و شخصية الأم:
فالكثير من النمو المبكِّر للطفل يعكس شخصية الأم وقدرتها على أن تكون أمًّا حانية، وتقترن قدرات الأم بدرجة كبيرة بمدى احترامها لنفسها وتقييمها للأب، ومشاعرها نحو أسلوب حياتها الجاري، والتقدير الأعلى، كل ذلك يرتبط بدرجة عالية من الحماس والتفاني في تربية الطفل في هذه المرحلة المبكرة من حياته.