الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قضايا تقدير الهوية:
صدق الاستكشاف:
إن تقرير ما إذا كانت فترة الاستكشاف الأصيل تقع في مجال الهوية يُعَدُّ من أكثر قضايا التقدير صعوبة، وتزيد صعوبتها حين تبلغ طريقة المقابلة الشخصية قوتها في التعرف على الاستكشاف، بينما نجد أن مقاييس الاستبيان الموضوعية على النقيض من الضعف في تقرير هذه القضية، ولا تكمن المشكلة في عملية التقدير في حدِّ ذاتها، بل في إجراءات المقابلة الشخصية ذاتها، فقد تسمح المقابلة بالمرونة في الاختبار والفحص، وفي أحيانٍ كثيرة يلجأ الفاحص إلى التعمُّق في فحص الحالة، وأحيانًا يجري المقابلة بنوعٍ ما من الابتكارية في صياغة أسئلة. ولما كان من غير الممكن أن يقدِّر الفرد ما لم يكن مسجلًا على شريط، فإن على الباحث في الهوية أن يكون ملمًّا بشكل كافٍ بمعايير التقدير قبل بدء المقابلة، والتأكد من كفاية الأسئلة التي تكفل الحكم على صدق الاستكشاف الذي يقوم به المراهق.
وفي عملية تشكيل الهوية يمكن للفرد العودة إلى التزامٍ أَوْلَى محتملًا فترة من الاستكشاف، ومن ثَمَّ فإن وجود نفس محتوى الالتزام لدى الفرد في مرحلتي المراهقة المبكرة والمتأخِّرة ليست دليلًا على إعاقة الهوية، كما أنَّ التغيُّر في محتوى الالتزام لا يُعَدُّ دليلًا أيضًا على تحقق الهوية، فالمهم في الحالة الأولى أن البدائل قد أخذت بعين الاعتبار بفاعلية، ولا بُدَّ من وجود دليل على انتقال السلوك من الاتجاه الأساسي "الأولى" قبل العودة إليه، أمَّا في الحالة الثانية فعلى المرء أن يتأكَّد من أنَّ محتوى الالتزام المتغيِّر ليس مرتدًّا على أساس تغيُّر في مرحلة الطفولة. فمثلًا: الارتداد عن اعتناق وجهة نظر الرأسمالية السياسية "التي يشجعها الآباء" إلى وضع اشتراكي عنيف دونما اعتبار كبير للبدائل، فلا يعني ذلك استكشافًا كافيًا، ومع ذلك: فإذا تَمَّ التخلِّي عن الماركسية مؤقتًا، فإنَّ بعض خبرات الحياة يمكن أن تتدخل، ويعكس الفرد التناقضات بين خبراته، ومعتقداته السابقة، وبعد ذلك يصل إلى وضع اشتراكي، فهنا تشير معايير التقدير إلى تحقيق الهوية.
الفروق بين الجنسين في الالتزام:
تبدي الإناث عمومًا وجهات نظر متباينة عن الذكور؛ إذ يبدو أنَّه ليس ثَمَّة فروقًا بين الجنسين تقريبًا في المسائل المهنية، وتتفوّق الإناث على الذكور قليلًا في قضايا الدين، وبالعكس يتفوّق الذكور قليلًا في القضايا السياسية، ويميلون أيضًا إلى أن يتبنَّوْا اتجاهًا ثابتًا جدًّا ومتتابعًا في قضايا الهوية معظم الوقت، في حين أنَّ الإناث يأخذن في الحسبان كل العناصر ليشكِّلْنَ كلًّا منسجمًا، ومن ثَمَّ فإن نسق الالتزام لدى الذكور غالبًا ما يتميز باتجاهٍ داخليٍّ فرديٍّ intra - individual مشتت "مبعثر" بين نواحي الهوية، في حين أن نسق الالتزام لدى الإناث غالبًا ما يتميز بتجريب الالتزام بين كل النواحي، ومع التسليم بقبول تلك الفروق وأخذها في الاعتبار، فعلى الباحث في الهوية أن يكون متشددًا في تقدير الاستكشاف؛ حيث إن هذه العملية يمكن أن تستغرق نحو سبع سنوات سابقة في حياة المراهق، في حين يجب أن يكون أيّ باحث متساهلًا إلى حدٍّ ما في تقدير الالتزام الذي يُعَدُّ الوافد الجديد على مسرح تكوين الهوية وتشكُّلها.
تقدير الحالات المتنوّعة لمراتب الهوية:
قليل جدًّا من الأفراد يكونون في نفس مرتبة الهوية عَبْرَ كل المجالات الخمسة التي تتضمَّنها المقابلة الشخصية "المهنة، المعتقدات الدينية، العلاقات الشخصية، المعتقدات السياسية، المجال الجنسي"، بينما يظهر أغلبية المراهقين نفس الحالة الرتبة من حالات الهوية في ثلاث مجالات فقط، وهذا ما يجعل من غالبية القرارات عن حالات الهوية غير ذات مشكلة، ولما كان ليس ثَمَّة قواعد تقدير محدَّدة للتعرف على الحالة الكلية للهوية التي تعطي التقسيم "2-2-1" موزعًا على النحو التالي:
"2" لتحقيق الهوية، "2" لتوقف الهوية، "1" لانتشار الهوية، ولذلك: فإنه يمكن أن يعتمد الفرد هنا على النغمة الكلية للمقابلة، أو يشم رائحة حالة الهوية من سياقها، ورغم ذلك فثَمَّة طريقة للتقدير تحقِّق معلومات إضافية تستخدم مؤشرًا مساعدًا لإظهار حالة الهوية في كل مجال من مجالات المقابلة تقريبًا. فإن الأفراد يكونون في نفس رتبة هوية معينة عبر كل المجالات الخمسة التي تتضمنها المقابلة؛ إذ يظهر كثير من المراهقين نفس الرتبة في ثلاث مجالات فقط، فمثلًا: نجد أنَّ رتبة الهوية داخل كل مجال يمكن ألَّا تكون نقية تمامًا، لذا يمكن الحكم بأن فردًا ما مشتتًا في مجالٍ ما -وليكن الدين مثلًا- ولكن هناك احتمالًا أيضًا لوجود توقف الهوية.
ولقد أعدَّ مارشيا معايير تقدير تعتمد على النغمة الكلية لأسلوب حياة الفرد واستجاباته، ولذلك فإن ثَمَّةَ طريقة يتم بها تحقيق معلومات إضافية تستخدم كمؤشر لإظهار رتبة الهوية في كل مجال من مجالات المقابلة، وتتلخص فيما يلي:
1-
يتم في البداية تجزئة وتحليل مادة الاستجابة في صورة آراء منفصلة، يقوم القائم بالتقدير بالمطابقة بينها وبين الإجابة الواردة في دليل ومحكَّات تقدير مراتب الهوية.
2-
يتم بعد ذلك اختبار أكثر الرتب تكرارًا في استجابات المفحوص؛ لتكون هي أسلوبه في مواجهة أزمة الهوية في هذا المجال أو ذاك.
3-
ثم يتمّ إجراء تقدير كلي لرتبة الهوية؛ بحيث إذا تكررت نفس الرتبة في مكونين أو أكثر من مكونات المقابلة، يعتبر المفحوص في هذه الرتبة.
هذا، ويرمز لمراتب الهوية في التقدير بالرموز الآتية:
"ت" أو "A" لرتبة تحقق الهوية.
"ق" أو "M" لتوقف الهوية.
"ع" أو "F" لإعاقة الهوية.
"ش" أو "D" لتشتت الهوية.
فعلى سبيل المثال تقدَّر الحالة على أنها تحقق الهوية "ت" إذا كان التحقق هو الاحتمال الأكثر قوةً ووضوحًا، وتقدَّر الحالة على أنها "ع" إذا كانت إعاقة الهوية هي الاحتمال الأكثر قوة.
وإضافة "ت" مع "ع" ينتج عنه "ت"، "ع"، فإذا كان تحقُّق الهوية هو البديل الضعيف، فإن الحالة تقدَّر بالرمز ع "ت"، وبالعكس إذا كان المقدَّر متأكدًا من أن الحالة أكثر ميلًا إلى تحقق الهوية، تقدَّر بالرمز ت "ع". أما إذا كانت الحالة واضحة جلية في أنها أكثر ميلًا إلى إعاقة الهوية في أكثر من مجالٍ، فيكون التقدير بالرمز "ع" فقط، وإذا وجدت كل رتب الهوية لدى مفحوص معيِّن، فإن الحالة تقدم أيضًا على أنها "ع".