الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: نظرية التعلُّم الاجتماعي
طبقًا لنظرية التعلُّم، فإن السلوك الأخلاقي مكتسب من خلال الآليات الكثيرة من السلوكيات، وهي التعلُّم "geirtz، 1969" أو النمذجة والتقليد الأخلاقي. إن إجمالي البحث عند التقليد في النمو الأخلاقي قد عالج تمثّل المعايير الأخلاقية "mischel & mischel 1976". ويعتقد أصحاب نظريات التعلُّم الاجتماعية مثل "بندورا bandural" أن مفهوم التحليل النفسي للتوحُّد مطابق لمفهوم نظرية التعلُّم الاجتماعي بشأن التقليد. إن التوحُّد يحدث عندما يطابق سلوك الشخص سلوك النموذج، وطبقًا لنظرية التعلُّم الاجتماعي فإن التوحُّد والتقمُّص هما عملية مستمرة لاكتساب الاستجابات وتعديلها، الناتجان عن التعلم الخبرات مع الوالدين وغيرهما من النماذج، ويعتبر ذلك على النقيض من وجهة نظر التحليل النفسي التي تنظر إلى التوحُّد كعملية تنتهي في سن الرابعة أو الخامسة. "obermeyer ، 1973"
وبينما نجد أن نظرية التحليل النفسي تؤكِّد على عمليات لا يمكن ملاحظتها مثل: "الهو" أو "الأنا" أو "الأنا العليا"؛ فإن نظرية التعلُّم الاجتماعي تؤكد على العمليات التي يمكن ملاحظتها، مثال ذلك: إن مفهوم التحليل النفسي عن الضمير أو الأنا العليا يمكن تفسيره من خلال الارتباط الشرطي للقلق بالنسبة لمواقف سلوكية محددة، وهذه نتيجة للجمع بين العقاب والسلوكيات غير الموافق عليها. إن الإثم والقلق اللذين يتولدان يرتبطان ارتباطًا شرطيًّا أكثر بالسلوك غير المرغوب فيه، ويصبحان استجابة شرطية لعملٍ ما، أو حتى التفكير في عمل الفعل المحظور "Eysenck، 1976، 109"، كما يركز "أيزنك""1976" أيضًا أن هذا القلق الشرطي يعتبره الطفل بمثابة الضمير. إن اكتساب هذا الضمير يسهل بواسطته وضع تسميات، باعتباره تعميمًا على أنماط مختلفة للأفعال. أننا بتسمية بعض الأفعال بأنها "رديئة أو شريرة" إنما نشجِّع الطفل على التعرُّف عليها بطريقة واحدة، وأن يتفاعل في المستقبل بقلق نحو كل شيء يحمل نفس التسمية. إن الضمير إذن ينظر إليه كنتيجة لاستجابات متعلمة لأفعال محددة أو لمجموعات أفعال محددة. ومع تقدم التعلُّم فإن السيطرة الخارجية للآخرين على سلوك الطفل تصبح غير ضرورية، ويتوصّل الطفل إلى استخدام مكافآته الخاصة "الفخر" وجزاءاته "الذنب" عن كل سلوك "Maccoby، 1968".
إن نظرية التعلُّم الاجتماعي مثلها مثل نظرية التحليل النفسي تؤكِّد على دور الوالدين أو غيرهما من النماذج في هذا التعلم. إن الوالدين كليهما يعلمان ويقدمان النموذج لسلوك ذريتهما، وقد أكدت ماكوبي "1968: 240" على هذه النقطة في مناقشتها لطريقة تعلُّم الأطفال للسلوك الاجتماعي على النحو التالي:
"
…
يعمل الوالدان كنموذج أكثر تواجدًا وبروزًا، وكذلك كمصدر أساسي للتعزيز في الفترة الأولى من حياة الطفل، علاوةً على ذلك، فمع أنَّ الطفل قد يكتسب عناصر لسلوك اجتماعي من خلال ملاحظة نموذج قد لا يكون متفاعلًا معه بطريقة مباشرة، فإن أداء السلوك يميل للخضوع للتعزيز الفوري للظروف، ومن ثَمَّ فإن الناس الذين يسمح لهم وصفهم بالسيطرة على هذه الظروف يكون لهم تأثير قوي على ما يعمله الطفل، حتى ولو كان لهم نفوذ أقل تخصصًا على ما يتعلمه عن طريقة أدائها. إن الوالدين عندئذ يصبحان الهيئة المركزية في
التنشئة الاجتماعية المبكرة، وهذا ما يجعلها مركزيين لإجمالي في النمو الأخلاقي، ويكون السلوك المتعلم مبكرًا ميَّالًا للدوام. إن السلوك متى تَمَّ تعلُّمه فإنه يبقى ما لم تتغير الظروف التعزيزية".
"
…
إن ثبات السلوك يميل للبقاء من خلال ميول الفرد للبحث عن البقاء في البيئات التي لا تتطلَّب تغييرًا منه".
وعلى ذلك فإن طريقة المعالجة بالتعلُّم الاجتماعي قد ركَّزت على المظاهر السلوكية للأخلاقيات. إن مقاومة الإغراء، والقدرة على تأخير الإقدام على فعلٍ محظور، كانت مقياسًا شائعًا وتجريبيًّا وجزئيًّا؛ لأنها تعكس رغبة الطفل وقدرته على اتباع قاعدة أخلاقية. "شكل: 99".
بحث سلابي وبارك slaby & parke عام "1971":
إن الدراسة التي قام بها سلابي وبارك "1970" تعتبر مثلًا حيًّا للبحث في قدرة الطفل على مقاومة الإقدام على انتهاك القواعد الأخلاقية، لقد فحصت التجربة مظهرين من النموذجين في مقاومة الانحراف:
1-
النتائج التي يمر بها النموذج الملاحظ.
2-
وردّ فعل النموذج لهذه النتائج.
وكانت العينة من الأولاد والبنات في سن 7 سنوات، 66 فردًا من كل جنس، وقد أجلس كل طفل على منضدة كان عليها عدة لعب جذَّابة، ثم أخبر القائم بالتجربة الطفل أنهم سيلعبون لعبة، ولكنه لا يستطيع أن يتذكّر أين كانت، وقال
القائم بالتجربة: إن اللعب التي تركت على المنضدة تخص شخصًا آخر، وأنَّ الطفل لا يجب أن يلعب بها، ثم شاهد الطفل فيلمًا قام فيه شخص راشد بإخبار طفل أن يقرأ كتابًا وألّا يلعب ببعض اللعب، ثم ترك الراشد الطفل في المكان وأخذ الطفل يلعب باللعب مدة 3 دقائق عاد بعدها الراشد، وقد رأى نصف المفحوصين أن الشخص الراشد يجب أن يكافئ الطفل للعبه باللعب، ورأى النصف الآخر أن الطفل يجب أن يعاقب، وقد أظهر الطفل في التعلُّم إما حالة وجدانية موجبة "ابتسام"، أو حالة وجدانية سلبية "بكاء"، أو لم يظهر أي حالة وجدانية بعد قيام الراشد بالمكافأة أو العقاب. وعند هذه النقطة انتهى الفيلم وأعطى القائم بالتجربة للطفل كتابًا غير مسلٍّ لقراءاته، وتركه وحيدًا في الحجرة لمدة 15 دقيقة، بينما هو ذاهب للبحث عن اللعبة، وكان عدد المرات التي لعب فيها الطفل باللعب، والكمون عن أول لمس اللعب، ومدة اللعب باللعب، قد جرى تسجيلها بواسطة مراقبين من خلال مرآة ذات اتجاه واحد.
وقد افترض "سلابي وبارك" أن الأطفال الذين يلاحظون نموذجًا نال مكافأة ينحرفون أكثر من الأطفال الذين لاحظوا نموذجًا معاقبًا، وعلاوة على ذلك فإن عدد مرات الانحراف كانت تزداد إذا أظهر النموذج استجابة وجدانية إيجابية، وتقلُّ إذا أظهر النموذج استجابة وجدانية سلبية، بالمقارنة بعدد مرات الانحراف التي أظهرها الأطفال الذين كانوا يلاحظون نموذجًا لا يبدي أي استجابات وجدانية. وقد لقي الافتراض الأول تأييدًا:
- فالأطفال الذين لاحظوا نموذجًا يَلْقَى مكافأة انحرفوا عددًا كبيرًا من المرات ولفترات أطول من الأطفال الذين لاحظوا نموذجًا يلقى عقابًا، مع أن هذا التأثير كان ذا دلالة بالنسبة للأولاد فقط، وربما كان السبب في ذلك أن النموذج الذي عُرِضَ في الفيلم فإنه يختص بالبنين.
- أما الافتراض الثاني فقد لقي تأييدًا جزئيًّا فقط، وقد انحرف الأطفال الذين لاحظوا نموذجًا يلقى مكفأة مرات أكثر ووقتًا أطول إذا ما أظهر النموذج حالة وجدانية إيجابية وليس سلبية، مع عدم مسايرة الانحراف لأي وجدانية تحدث بين
الحالتين، والأطفال الذين لاحظوا نموذجًا يُلْقِي عقابًا انحرفوا إذا ما أظهر النموذج وجدانية سلبية عمَّا إذا كان النموذج يظهر وجدانية إيجابية، مع وجود المجموعة التي ليس لها تأثير ثانية، والتي تقع في الوسط "بين الحالتين".
إن هذه النتائج حوَّلت تأثيرات المكافأة والعقاب لنموذج إنما تطابق نتائج عدد من التجارب الأخرى مثل mezei، leat، walter 1963 cane، parke، walter، 1964 parke، walter، 1963". إن هذه الدراسات توضح أن التعرُّض لنموذج مكافأة له تأثير حاظر على سلوك الطفل.
إن النتائج عن الوجدانيات التي أظهرها النموذج تظهر مدى تعقيد هذا البحث، والنتائج الناجمة عن الوجدانية التي أظهرها النموذج كانت كما تَمَّ التنبؤ بها للأطفال الذين كانوا يلاحظون نموذجًا يلقي مكافأة، ولكن ليس للأطفال الذين كانوا يلاحظون نموذجًا يلقي عقابًا. وقد ذكر "سلابي وبارك" أن الأطفال الذين كانوا يلاحظون نموذجًا يلقي مكافأة "يبكون"، ونموذجًا يلقي عقابًا "يبتسمون"، لا بُدَّ وأنهم قد نبذوهم كنماذج بسبب عدم ملائمة الاستجابة الوجدانية، مع اعتبار معرفة الطفل لسلوكه هو في ظروف مشابهة. إن تشابه وجدانية الملاحظ للنماذج تبدو هامة في إظهار التقليد؛ وحيث إن الطفل يجد أنه من غير الملائم أن يحزن بشأن المكافأة، أو يسعد بشأن العقاب، فإنَّ النموذج يبدو مختلفًا عن الطفل. ويأتي تأييد هذا الرأي من التجارب "مثل fry عام 1977" التي تدل على أن الأطفال الذين يخبرون النجاح ولديهم وجدانية موجبة يقاومون الإغراء مدة أطول من الأطفال الذين يخبرون الفشل ويشعرون بالحزن.
وقد أُجْرِيَ عدد من التجارب لبحث مدى تأثير مشابهة النموذج للطفل على تقليده "gear & tannebaum، 1965، rosekrans، 1967"، إن التشابه يبدو عاليًا في تأثيرات الحظر - السماح للنموذج الملاحظ، غير أن الأبعاد التي قد تتعارض فيها المشابهة كثيرة، ولسوء الحظ فإن كثيرًا منها لا تعتبر حيوية للسلوك التقليدي "محاكاة"، وما تزال في حاجة لحصرها.
إن البحث في طيّات تقاليد نظرية التعلُّم الاجتماعي قد أُجْرِيَ على جوانب أخرى من جوانب النمو الأخلاقي، مثال ذلك: العدوانية كما في دراسات: بذورا،
روس وروس bandura، ross & ross عام "1963"، بندورا "1965"، مكافأة الذات، self reward في دراسات: بدورا وكيرز bandura & kkupers عام "1964"، بندورا ووالين bandura & whalen عام "1966"، فريرر وتالين fryreur & thelen عام "1971"، وتأخير الإشباع delay of gratification مثل دراسات "ميشيل michel عام "1965"، بندورا وميشيل bandura & mischel عام "1965". وفي كل هذه الحالات كان سلوك النموذج يؤثر على الأداء التالي للطفل القائم بالملاحظة.
بعض النتائج عن نظرية التعلُّم الاجتماعي:
إن البحث في النمو الأخلاقي من تقاليد نظرية التعلم الاجتماعي قد اهتمَّ أساسًا بتأثيرات البيئة على أداء الأطفال في مواقف مشابهة تمامًا لتلك التي لوحظ فيها النموذج، وعند وصف عمليات التعلّم بالملاحظة والتقليد تمكَّن الباحثون من التعرُّف على العديد من العوامل الدافعة للسلوك الأخلاقي لدى الأطفال. ولقد كان نموذج الأخلاقيات في هذا البحث نموذجًا يبحث أساسًا عن السرور وتجنب الضيق "hoffman، 1970"، وقد كان الأطفال فيها يعتمدون على المكافآت والجزاءات في البحث عن مؤشرات لكي يكون السلوك لائقًا، وبعبارة أخرى: فإن تصوّرات الطفل عن الأخلاقيات تقوم أساسًا على العقوبات "الجزاءات" الخارجية مثل أن نتمكَّن من تقييم هذا البحث، ويجب أن نضع في الاعتبار الإسهامات المعرفية في فهم الأخلاقيات.