المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توارث الصفات الشخصية: - علم نفس النمو - جـ ١

[حسن مصطفى عبد المعطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌طبيعة النمو الإنساني

- ‌مدخل

- ‌نبذة تاريخية عن نمو الطفل:

- ‌موضوع علم نفس النمو:

- ‌معنى النمو:

- ‌أنماط التغير في النمو:

- ‌مظاهر النمو:

- ‌قوانين ومبادئ النمو:

- ‌مطالب النمو:

- ‌أهمية دراسة النمو:

- ‌النمو بين الوراثة والبيئة

- ‌مدخل

- ‌نشأة السلوك ونموه:

- ‌الآليات الوراثية الأساسية:

- ‌مبادئ التطور وعلاقتها بالنمو: principles of evaluation

- ‌تكوين السلوك الإنساني

- ‌مدخل

- ‌توارث السلوك الإنساني: the heritability of human behavior

- ‌مدخل

- ‌طرق تحديد الوراثية: methods of determining heritability

- ‌توارث الصفات الشخصية:

- ‌البيئة والنمو الإنساني

- ‌أولًا: البيئة قبل الولادية prenatal

- ‌ثانيًا: البيئة بعد الولادية:

- ‌التفاعل بين الوراثة والبيئة في تشكيل النمو:

- ‌مناهج وطرق‌‌ البحث في علم نفس النمو:

- ‌ البحث في علم نفس النمو:

- ‌أخلاقيات البحث في علم نفس النمو:

- ‌أبعاد البحث في علم نفس النمو:

- ‌طرق البحث في علم نفس النمو

- ‌الطريقة المستعرضة لفئات مختلفة cross - sectional study

- ‌ الطريقة المستعرضة التتبعية cross - sequential study:

- ‌ دراسة الحالة case study:

- ‌تقييم نتائج البحث evaluation research results:

- ‌خلاصة:

- ‌الاتجاهات النظرية في تفسير النمو

- ‌مدخل

- ‌النظرية في علم نفس النمو:

- ‌الأنماط النظرية في النمو

- ‌مدخل

- ‌ نمط نظرية التعلم:

- ‌دور النظرية في تفسير نمو الطفل:

- ‌نظريات النضج والنمو العضوي النفسي

- ‌أولًا: نظرية ميكانيزمات النضج العضوي النفسي "لارنولد جيزل

- ‌مدخل

- ‌منهج الدراسة عند جيزل:

- ‌مفهوم النضج:

- ‌النضج والتعلم:

- ‌مبادئ النمو:

- ‌جيزل وسلالم النمو:

- ‌أهمية سلالم النمو:

- ‌مجالات سلالم وقوائم النمو:

- ‌ النشاط البدني:

- ‌ العينان واليدان:

- ‌تقييم نظرية جيزل:

- ‌ثانيًا: نظرية النمو الجسمي والتعلم الاجتماعي "لروبرت ر. سيرز

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: السلوك الفطري "البدائي

- ‌المرحلة الثانية: النظم الدافعية الثانوية:

- ‌ثالثًا: نظرية النمو الجنسي النفسي سيجموند فرويد

- ‌مدخل

- ‌مراحل نمو الشخصية

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: المرحلة الفمّية: oral stage

- ‌المرحلة الثانية: المرحلة الشرجية anal stage

- ‌المرحلة الثالثة: المرحلة القضيبية phallie stage

- ‌المرحلة الخامسة: المرحلة التناسية genital stage

- ‌رعاية النمو الجنسي النفسي في هذه النظرية

- ‌نظريات النمو النفسي الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: نظرية النمو النفسي الاجتماعي "لإريك هـ. إريكسون

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌أما عن طبيعة العلاقات الاجتماعية في هذه المرحلة:

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌المرحلة الرابعة:

- ‌المرحلة الخامسة:

- ‌المرحلة السادسة:

- ‌المرحلة السابعة:

- ‌المرحلة الثامنة:

- ‌ثانيا: نظرية تشكيل الهوية "جيمس مارشيا

- ‌مدخل

- ‌كيف تتشكل الهوية

- ‌أولًا: استكشاف البدائل exploration of alternatives

- ‌ثانيًا: الالتزام commitment

- ‌قضايا تقدير الهوية:

- ‌مجالات ومعايير تقدير الهوية:

- ‌أولًا: المجال المهني:

- ‌ثانيًا: مجال المعتقدات الدينية:

- ‌ثالثًا: المعتدات السياسية

- ‌رابعًا: الاتجاهات نحو الدور الجنسي

- ‌خامسًا: مجال العلاقات مع الجنس الآخر

- ‌خلاصة وتطبيقات:

- ‌نظريات النمو المعرفي

- ‌مدخل

- ‌النظريات المفسرة للنمو المعرفي

- ‌مدخل

- ‌ نظرية هانز وارنر hunz wener

- ‌ نظرية جيروم برونر jerome bruner

- ‌ نظرية جان بياجه jean piaget:

- ‌مراحل بياجيه:

- ‌ المرحلة الحسية الحركية "0-2 سنة

- ‌ التركيز centration:

- ‌ الانتقال transiton:

- ‌تقييم نظرية بياجيه:

- ‌الفروق الفردية في النمو المعرفي:

- ‌خلاصة:

- ‌نظريات النمو اللغوي

- ‌مدخل

- ‌نظريات التعليم والتشريط

- ‌ النظرية العقلية أو الفطرية:

- ‌ النظرية المعرفية:

- ‌نظريات النمو الخلقي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: نظرية التحليل النفسي:

- ‌ثانيًا: نظرية التعلُّم الاجتماعي

- ‌ثالثًا: ال‌‌مدخلالتطوري المعرفي

- ‌مدخل

- ‌ نظرية بياجيه في النمو الخلقي:

- ‌ نظرية كولبرج:

- ‌خلاصة:

- ‌تحليل ناقد لنظريات النمو

- ‌مدخل

- ‌أوجه الاختلاف بين النظريات:

- ‌تكامل النظريات

- ‌فيما يتعلق بمراحل النمو

- ‌ التكامل حول مظاهر النمو:

- ‌ تكامل أزمات النمو:

- ‌التطبيقات التبربوية لنظريات النمو

- ‌مراحل النمو

- ‌ التشخيص:

- ‌ التنشئة الاجتماعية:

- ‌ الممارسة التربوية بالمدرسة:

- ‌المراجع:

- ‌فهرس

الفصل: ‌توارث الصفات الشخصية:

في هذا الصدد هي الحصول على درجات عن السمات السلوكية ذات الأهمية للأم والأب الحقيقيين، والوالدين الحاضنين والطفل، وفي بعض الحالات وجد هونزج honzig "1963، 1975" أن العلاقة المتبادلة بين الطفل والأم الحقيقية، وبين الطفل والأم الحاضنة يجري فحصها على مر الوقت، وهذه الطريقة تتسم بالإثارة؛ لأنها تسمح بإجراء تقييم لحجم العلاقة كدالة على مستوى نمو الطفل، أو كدالة في طول الوقت الذين عاشه الطفل في منزل الحاضنة، والإجراء الأكثر مثالية هو الحصول على علاقة تبادلية بين الطفل والأمه الحقيقية، وبين الطفل والأم الحاضنة في نقطة زمنية واحدة، ويجب أن تكون الأبحاث مع افتراض أن الأطفال قد وضعوا عشوائيًّا في منازل الحضانة، وهذا الافتراض يسمح للباحث بالادعاء بأن أي اختلافات في العلاقة التبادلية مع الوالدين الحقيقيين والطفل، وبين الحاضنين والطفل ترجع إلى اختلافات في البيئة. والافتراض بعشوائية اختيار الحاضنين تتعرَّض عادة لعدم الصدق أو للانتهاك، وغالبًا ما يؤدي ذلك الأمر بالتشبهات البيئية إلى التخفيف من الفروق الوراثية.

وهذا الاهتمام بالشكل الإجرائي ذو أهمية؛ إذ إنه من الممكن تبيان أننا عندما نقارن مؤشرات الوراثة من خلال طرق متعددة، فإن الطرق المختلفة تعطي نتائج مختلفة، وسنعرض فيما يلي لأهم الجوانب التي لاقت كثيرًا من البحوث حول تأثير التغيُّر التكويني الوراثي، وهما الذكاء والشخصية.

ص: 103

‌توارث الصفات الشخصية:

أ- توارث الذكاء heritability of intelligence:

أثارت البحوث حول تأثير التغير التكويني الوارثي على الذكاء جدلًا شديدًا، وذلك بسبب الاختلافات الفلسفية بين الذين يعرفون باسم الفطريين nativists أو الطبيعيين "وهم يمثلون التحديد الوراثي"، وأولئك الذين يعرفون باسم "التجريبيين".. empiricists وهم "يمثلون التحديد التجريبي"، وقد شاع الجدل بين هاتين المدرستين في علم النفس، وأثَّر على اتجاهات وطرق الأبحاث، ولسوء الحظ يبدو

ص: 103

أن هذا الجدل قد ابتعد عن مجال النقاش العلمي وأصبح موضوعًا للتباري في الجدل الأدبي، وقد حدثت هذه الزيادة في الاستقطاب؛ لأن بعض الباحثين المهتمين بالإسهام النسبي للتكوينات الوراثية والبيئية في زيادة الذكاء قد استخدموا الاختلافات الجنسية العرقية الظاهرة كقياس.

ولقد تأثر البعض من غير المتخصصين بكل الدراسات الخاصة بالمحددات الوراثية وكأنها تتعلق مباشرة بالاختلافات الجنسية، عندما تبحث في الاختلافات في إطار جنس ما، وفي اعتقادنا أن استخدام الاختلافات الجنسية كقاعدة لتقدير الوراثية أمر يؤسف له، ذلك لأنَّ نتائج مثل هذه الدراسات غالبًا ما تكون غامضة، وبالتالي يجب ألّا تستخدم بوضع قرارات تحدد السياسة التي تؤثر على أي من الجماعتين. ومن جهة أخرى: فإذا جادلنا في أن الوراثية يجب ألّا تكون موضع بحث لأسباب سياسية، فإن ذلك أيضًا غير لائق. إن كثيرًا من الدراسات عن الوراثية لا تهتم سوى بالجنس "العرق"، ولا تزال تقدم قاعدة تجريبية لتقدير الدرجة التي يمكن أن يعزى فيها السلوك إلى التشكيل البيئي، علاوة على ذلك: فإن مثل هذه الدراسات تقدّم فكرة ما عن الطريقة التي يمكن بها تعزيز مثل هذه التغيرات السلوكية. إن الذكاء تجريد من صنع الإنسان لا يمكن قياسه إلّا من خلال أنماط سلوكية معينة، وهو ليس وحدة متكاملة تشغل حيزًا محددًا في الدماغ، لقد ذكر بعض المؤلفين أن الذكاء هو ما يقيسه اختبار الذكاء، ولكن بعض هذه المقاييس مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بأحداث بيئية، ويمكن وصفها بأنها أكثر مادية.

إن الدرجة التي تؤثر بها التكوينات الوراثية أو البيئية على الذكاء تتوقف على الدرجة التي يعكس بها الاختبار البيئي، وهنا أيضًا قدر كبير من المنطق في الرأي القائل بأن البيئة كلما زادت تجانسًا فإن تأثيرات التغيرات الوراثية تبرز بوضوح أكبر.

ص: 104

وفي دراسة أجراها نيومان وفريمان وهولزنجر holzinger & freedman & newman "1937" وجدوا أن التوائم المتماثلة الذين يربون منفصلين في ظروف بيئية شديدة التباين قد أظهروا تناقضًا أعظم في معامل الذكاء منه في الحالات الأخرى، وفي إحدى الحالات تناقضًا أعظم في معامل الذكاء منه في الحالات الأخرى، وفي إحدى الحالات كان الفرق 24 نقطة في معامل الذكاء، وعلى ذلك: فحتَّى التأثير القوي للمحداد التكوينية الوراثية يبدو من الممكن التغلب عليه بالاختلاف في المثيرات البيئية.

ولقد لاحظ كل من أيرلمر كيملنج ويورفيك erlenner - kimling& jarvik مختلف مراتب الأزدواج التي اعتمدت عليها العلاقات المتبادلة، فكلما ازدادت درجة العلاقات المتبادلة تتزايد الازدواجيات هي الأخرى. إن المرتبة الأولى تسمَّى بالأشخاص الذين لا تربط بينهم علاقة، وعندما توجد علاقة متبادلة بين درجات معامل الذكاء بين ازدواجيات عشوائية من الناس، فإن متوسط العلاقة المتبادلة يكون صفرًا، ولا تسهم ظروف التربية إلّا بفرق بسيط، وأضحت الدراسة أنه في نهاية قائمة الرتب توجد التوائم الأحادية الزيجوت، مجموعة من التوائم ربوا منفصلين، ومجموعة أخرى من التوائم ربوا معًا. إن متوسط العلاقة

ص: 105

المتبادلة في معامل الذكاء بالنسبة للتوائم الذين ربوا منفصلين هو + 78 تقريبًا، في حين أن متوسط هذه العلاقة النسبية للتوائم الذين ربوا معًا هو + 90، والفرق في الدرجة بين المجموعتين يفسر عادة بأنه يبين تأثيرات البيئة؛ وحيث إن التوائم المتماثلة الذين يربون منفصلين يبدون درجة أعلى من العلاقات التبادلية من التوائم الأخوية الذين ربوا معًا، فإن ذلك يعتبر دليلًا قويًّا على تأثيرات التكوينات الوراثية على الذكاء. إن أهم الانتقادات التي توجَّه إلى دراسات العلاقات المتبادلة هذه هي أنه فيما بين التوائم يتوقع الإنسان تعميمًا بيئيًّا أكبر مما في حالة الأشقاء العاديين، وعلى ذلك يحدث ليس بين التشابهات التكوينية الوراثية المتشابهات البيئية.

يوحد صورة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ اسكنر

شكل "32" ذكاء الأمهات الحقيقيات بالنسبة لمعامل ذكاء أطفالهن، في مقابل ذكاء الأمهات الحاضنات بالنسبة لذكاء أطفالهن الذين لم يعيشوا أبدًا مع أمهاتهم الحقيقيات.

وفي طريقة أخرى لدراسة موضوع الطبيعة "الفطرة" في مقابل التنشئة narure - nurture تجرى مقارنة العلاقات المتبادلة بين الوالد الحاضن، والوالد الحقيقي، وبين الطفل في اختبارات الذكاء، إن الموقف البيئي يتنبأ بأن العلاقات المتبادلة بين الوالد الحاضن والطفل يجب أن تكون على الأقل على نفس المستوى العالي كالعلاقات المتبادلة بين الوالد الحقيقي والطفل، وقد أخذت المعطيات الخاصة بهذا الموضوع من داسات النمو التي قام بها بيركلي berkeley، وقدمها هونزيك honzik "1957" حيث لاحظ أولًا أن العلاقات المتبادلة للثلاث مجموعات "الوالد

ص: 106

الحقيقي، الطفل، الوالد الحقيقي، الطفل المحتضن، والوالد الحقيقي، الطفل المحتضن" سجَّلت صفرًا بالنسبة للثلاث أو أربع سنوات الأولى تقريبًا. وهذه المقاييس المأخوذة من مرحلة الطفولة المبكرة لا تتنبأ بالأداء في مراحل السن التالثة، والسبب في عدم وجود هذ العلاقات هو أنَّ اختبارات الطفولة تقيس القدرات الحسية والحركية، وهي تختلف عن المطلبات المعرفية التجريدية "نوع مسائل الاختبار" التي تفرضها اختبارات الذكاء للأطفال الأكثر تقدمًا في السن والكبار. ثانيًا أن علاقات معامل الذكاء المتبادلة بين الآباء الحقيقيين وأطفالهم، سواء كان الأطفال يعيشون بعيدًا أو لا، هذه العلاقات تكون عالية، وهذه المعطيات تعزز التفسير التكويني الوارثي، خاصَّة عندما تبين هذه المعطيات أن العلاقة المتبادلة بين معامل الذكاء للآباء الحاضنين وأطفالهم المحتضنين قريبة من الصفر، ويجب أن تفسر هذه المعطيات بمنتهى الحذر. وقد قام سكيدز وشوداك skeeds & shodak "1959" وأكيدز akeeds "1966" بقياس الذكاء لمائة طفل محتضنين في فترة تقرب من 16 عامًا، ووجدوا أن معاملات ذكائهم تزيد حوالي 20 نقطة في المتوسط عن الأطفال الآخرين الذين بقوا مع أمهاتهم الحقيقيات، وعندما حسبوا العلاقات المتبادلة باستخدام نفس الازدواجيات التي استخدمها هونزيك honzik، وجدوا أن العلاقات المتبادلة من الوالد الحقيقي والطفل أعلى منها بين الوالد الحاضن والطفل، تمامًا كما وجدها هونزويك. وتفسير هذه الظاهرة يتطلّب تفهُّم مفهوم العلاقة المتبادلة، ومع أن العلاقة المتبادلة بين مجموعة من الدرجات قد تكون غالبة، إلّا أن ذلك لا يستتبع أن النقط الفعلية، أو متوسط النقط متشابهة. إن العلاقة المتبادلة هي مؤشر على التوافق بين الدرجات المقارنة في قياسين.

وفي الدراسة التي قام بها هونزيك honzik ودراسة سكيدز skeeds نجد أن القيم المقارنة للدرجات الخاصة بالوالد الحقيقي والطفل أكثر تشابها من القيم المقارنة لدرجات الوالد المحتضن والطفل

وفي حالة الدرجات الخاصة بالوالد المحتضن والطفل، نجد أن الأطفالقد سجلوا درجات مطلقة أعلى، كان أداؤهم أفضل من أداء الوالدين الحقيقيين، وتدل هذه المعطيات على أنَّ الأطفال الطبيعين الذين يوضعون في الحضَّانة "التبني" في بيئات مثيرة يتقدمون في ذكائهم.

ص: 107

والدراسة التي أجراها سكار ووينبرج scarr & weinborg "1976" تمثل تقدمًا عظيمًا في طريقة البحث في آثار انتزاع الأطفال من البيئات المنزلية المفترض أنَّها ضارة بمستوى الذكاء، ووضعهم في بيئات منزلية تبدو أنها تنشط نمو الذكاء، فلقد تَمَّ احتضان أطفال سود "وهم أطفال من زوجين سود" وأطفال من جنس مختلط "وهم أطفال من أحد الأبوين أسود والآخر أبيض"، وفي عائلات من البيض من الطبقة المتوسطة والعليا، وتدل النتائج: على أن تلك العائلات تميل لتربية الأطفال الذين يظهرون أداء أفضل في اختبارات الذكاء، وكذلك في المدرسة، وتنطوي الدراسة على أهمية كبيرة؛ لأن الأطفال المحتضنين يلقون نفس العناية المفيدة المستمرة التي يلقاها أطفال الوالدين المحتضنين بالمقارنة بالمعاملة غير المنتظمة المتيسرة في البرامج التعويضية. كما أنه وبعكس الدراسات المشابهة التي أجريت قبل ذلك: فإن التغير في البيئة أكثر تأثيرًا، وبالتالي يزداد الاحتمال بأن البيئة يمكن أن يكون لها تأثير. ومن الأسئلة التي طرحت: سؤال خاص بتأثير الوضع الحضاني على الأداء في اختبارات الذكاء، فإذا لم يكن للبيئة تأثير على الأداء، فإن متوسط الأداء وتغيره يجب أن يظل معادلًا للمتوسط الخاص بالأطفال السود أو المختلطين، وتدل النتائج على أن تأثير بيئة الطبقة المتوسطة والعليا أدى إلى رفع درجات من 10-20 نقطة، وأطفال الوالدين المختلطين السود الذين اختضنوا بعد هذه السن 32.3 شهرًا، وكان أداء الأطفال البيولوجيين في اختبارات الذكاء أفضل من أداء كل المجموعات، وبالرغم من التأثير الكبير لبيئة الحضانة فإن المعطيات قد أظهرت أيضًا أن متغيرات التكوينات الوراثية تسهم في تغير الأداء في اختبار الذكاء. وطبقًا لنتائج "سكار"، وينبرج، "1976" فإن أهم نتائج الدراسة تعزز الرأي بأن البيئة الاجتماعية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد متوسط معامل الذكاء للأطفال السود، وأن المتغيرات الاجتماعية ومتغيرات التكوينات الوراثية تسهم في التغير الفردي بينهم".

ص: 108

والاستراتيجية الثالثة في دراسة التكوينات الوراثية لنمو الذكاء "وقد تكون أقلها حسمًا" هي دراسة تواريخ العائلات. إن تاريخ أسرة كاليكاك سبق أن قدمت كمثال لهذه المعالجة، غير أن ثمة نتائج أخرى تركز على الأطفال ذوي معامل الذكاء العالي بدرجة غير عادية، والذين درست عائلاتهم وبيئاتهم دراسة مكثفة، من ذلك: دراسات تيرمان tirman "1925" وفريمان وأودين freman & oden "1947، 1959"؛ حيث كانت النقط التي سجلها نحو 1000 طفل "الذين اشتركوا في هذه الدراسة" من حيث معامل الذكاء لا تقل عن 140، وكان آباء هؤلاء الأطفال أنفسهم ذوي ذكاء عال، وطوال مرحلة الطفولة وإلى مرحلة الرشد كان هؤلاء الأطفال أكثر طولًا وأثقل وزنًا من المتوسط، وكانت المشاكل الصحية التي واجهتهم أقل، كما كانت نسبة الوفيات بينهم أقل، ودلت التقديرات النفسية والطبية النفسية على أنهم يتميزون بصحة عقلية أفضل، وكان عدد من حول منهم إلى المؤسسات النفسية أو الأطباء النفسيين أقل، كما كانوا أكثر شعبية، وكانت لهم أدوارًا قيادية أكثر من المدرسة، وقد أدَّى زواجهم إلى نسبة أعلى في الزيجات السعيدة، وكذلك في معدّلات الطلاق. والظاهر أن الموهوبين منهم تمكنوا من إنجاح زواجهم، أو تخلصوا منه، وكان عدد الموهوبين الذين ذكرت التقارير أنهم غير سعداء، وإن استمروا في الزواج كان عددهم أقل، وكان استهلاكم للخمور أكثر من عامة السكان، وإن كان ذلك نتيجة ثانوية للطبقة المتوسطة، وكما كان متوقعًا، كان أداء هؤلاء الأطفال في المدرسة جيدًا، ومعظمهم واصل الدراسة لأربع سنوات أو أكثر في الجامعة، وكان أطفالهم بدورهم أكثر نباهة من الطبيعي.

لقد أظهر الأطفال في كل مستويات النمو نمطًا للتفوق في عدد من السمات المختلفة، وقد استنتج تيرمان terman أن هيئة التكوينات الوراثية كانت السبب الأساسي في هذا النمط، هذا ونتائج "تيرمان" ليست وحيدة، لقد قدَّم آخرون نتائج مشابهة في الدراسات عن الأفراد اللامعين.

ويجدر بنا الإشارة إلى أن الأفراد اللامعين فوق المستوى العادي هم أيضًا متفوقون في الكفاءة الاجتماعية، طبقًا لهذه الدراسات التي تعارض مع الاعتقاد العام أن الأفراد اللامعين فوق المستوى العادي غير متزنين عقليًّا، وهم ضعاف

ص: 109

بدنيًّا، ومتخلفين اجتماعيًّا، ومن الواضح أن المتغيرات الوراثية والبيئية في تلك الدراسات تلتبس تمامًا مما يجعل الحكم على أيٍّ منها مستحيلًا، ومن المحتمل أن يكون الوالدان ذوي الذكاء والتعليم الفائقين قادرين على خلق بيئة مثيرة للعقل، ليس هذا فقط، بل يوفران لأطفالهما رعاية صحية وغذائية فائقة. إن الأطفال قد حصلوا على رعاية صحة فائقة؛ لأنَّ الوالدين كان باستطاعتهما توفير هذه الرعاية، والوالدان بسبب ألمعيتهم الفائقة كانوا أكثر قدرة على مراعاة احتياطات التطعيم والاحتياجات الغذائية، وغير ذلك من أوجه الرعاية اللازمة.

وهكذا يرى تيرمان وزملاؤه أن السمات الإيجابية تواكب العلاقات المتبادلة بين الوالدين والطفل، ولا يمكن أن تعزى مباشرة أو كلية إلى التفوق في التكوينات الوارثية.

وأخيرًا ما الذي يمكن أن نستخلصه حول توارث الذكاء الإنساني، إننا نقول بأن الذكاء موروث، وأن البيئة تؤثر على المظاهر السلوكية الناجمة عنه، ولا نستطيع أن نقدر مدى ما يسهم به كل من هذه العوامل؛ لأن القدرات الوراثية والعوامل البيئية تختلط اختلاطًا يصعب التمييز والتفرقة والفصل بينهما "كما سيتضح في التفاعل بين الوراثة والبيئة".

ب- توارث الشخصية والطباع:heritability of personality temperament

تركز الاهتمام خلال السنوات العشر الماضية على تغيرات السمات الانفعالية والسمات العامة للشخصية لدى الأطفال والكبار، وكان السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه التغيرات لا تحدث إلّا بفعل البيئة "الوالدان، المدرسون، الأقران"، ومدى تأثيرها على التركيب العضوي السلبي "bell، 1968".

لقد قدمت دراسات العلاقات المتبادلة التقليدية لتفاعلات الوالد والطفل الافتراض الضمني بأن الوالدين هما السبب في الأنماط السلوكية لأطفالهم، وقد أثار بيل bell افتراضًا معقولًا بأن الفروق التركيبية بين الأطفال قد تكون هي السبب في التغيرات السلوكية بين الآباء، ويشير مصطلح "الفروق التركيبية" constitutional differences هنا ليس

ص: 110

فقط إلى الفروق الموروثة، ولكن أيضًا إلى الفروق التي تنتج عن أحداث طبيعية في فترة الحمل أو الإصابات في أثناء الولادة، والواقع أن بل bell يذكرنا بأن النمو الاجتماعي والانفعالي مثله في ذلك كمثل النمو العقلي عملية تفاعلية، وأن الأطفال يؤثرون على بيئتهم بطرق عديدة، وتستجيب البيئة بدورها بطرق عديدة، وهكذا.. فمثلًا بَيَّنَ موس moss "1967" أن الأمهات أكثر استجابة لأبنائهن منهن لبناتهن، ذلك لأن الأطفال الذكور أكثر شغبًا وإلحاحًا من الإناث، ولذلك فمن المحتمل أن نفس السلوك الأمومي والأبوي قد يولدان مجموعة كبيرة من الاستجابات بين أطفال مختلفين، وإذا أردنا إيضاح الاستعدادات الوراثية في الشخصية فيجب علينا أن نعير موقف بِل bell مزيدًا من الاعتبار في نماذجنا الفطرية، وفي تخطيطاتنا البحثية.

والبحث في توارث الشخصية يواجه كثيرًا من الموضوعات المتعلقة بالطريقة كالتي يواجهها الذكاء، بل والمزيد منها، فأولًا: إن أكثر الطرق انتشارًا لدراسة توارث الشخصية هي من خلال استخدام التوائم المتماثلة iderntical twins والتوائم المتأخية fraternal twins، وتواجه هذه الطريقة مشاكل في فصل عوامل التكوينات الوراثية عن عوامل البيئة، علاوة على ذلك، فإن مقاييس الشخصية تميل للاقتصار على صلاحية "صدق" اختبارات معامل الذكاء، وهذا النقص في الصدق يجعل مشكلة تقدير الوراثية أكثر صعوبة، وثانيًا: فإن هناك طرقًا كثيرة سبق التعرف عليها، فضلًا عن ذلك فإن القائمين على اختبارات معامل الذكاء يوافقون على ما يعنونه بالذكاء أكثر مما يتَّفق عليه القائمون على اختبارات الشخصية من حيث تعريف الشخصية، ونتيجة لذلك فإن اختبارين للشخصية يهدفان لقياس نفس السمة يفشلان عادة في الارتباط فيما بينهما بالقدر الواجب. علاوة على ذلك فإن الشخصية يمكن تقييمها باستخدام اختبارات الورقة والقلم "اختبارات موضوعية" أو الاختبارات الإسقاطية مثل اختبار بقع الحبر، أو المقابلات، ويستخدم مختلف الباحثين إجراءات مختلفة ووسائل فنية محددة لقياس الشخصية. إن تجميع صورة متكاملة أمر صعب، ولذلك فإننا سوف نقصر تعليقنا على صفات الشخصية الأكثر تحديدًا والتي لاقت أكبر قدر من الاهتمام، والتي تؤدي إلى ظهور بعض

ص: 111

الإجماع في النتائج. وفي مناقشتنا للاستعداد الوراثي المسبق لمتغيرات الشخصية سوف نستخدم الشخصية بشكل واسع غير محدد، ونضم إليها الانفعالية، والخجل، والانطواء، والانبساط، ومستوى النشاط.

إن الملاحظة اليومية تفترض أن الأطفال يغيرون استجاباتهم للمواقف المولدة للانفعال. إن بعض الأطفال يئنون بالبكاء ويلجأون إلى أحد الكبار المعروفين لهم للاطمئنان والإحساس بالأمان، وفي حين أن أطفالًا آخرين لا يمكن السيطرة عليهم، ويحتاجون بقدر كبير من الملاحظة قبل أن تخمد فترة الانفعال، ومع أنه باستطاعتنا أن نقيم تفسيرًا بيئيًّا "التقليد، والتفات الكبار كمكافأة على السلوك الانفعالي"، فإن بعض علماء النفس لديهم الأدلة التي تفيد أن الاختلافات في "الانفعالية" emotionality لها أيضًا أساس وراثي في التشابه الانفعالي للتوأمين المتطابقين، والأشقاء، والأزواج العشوائية من الأطفال، وقد قيست كفاءة الجهاز العصبي الذاتي بعدة طرق مثل: مقاومة البشرة، وضغط الدم الانقباضي والانبساطي، سرعة نبضات القلب، إفراز اللعاب، والتنفس، وزمن ثبات حركية الأوعية الدموية، وقد تَمَّ تجميع هذه الدرجات "فقط"، وأطلق عليها اسم "دليل التوازن التلقائي" an index of automatic balance ولا يجب اعتبار نتيجة هذه الدارسة إلّا كتقرير للمكوّن الوراثي؛ إذ أن 17 توأمًا متطابقًا اشتركوا في الاختبار، ولم تكن المقاييس ذاتها على درجة عالية من الوثوق بها، وكان عدد أزواج الأشقاء 54، وعدد الأزواج غير المترابطة 1009 زوجًا.

ومع الفروق في العلاقات التبادلية بين درجات "الانفعالية" للتوائم، والأشقاء، والأزواج غير المترابطة لم تكن ذات دلالة إلّا أنه في جميع الحالات كانت العلاقات المتبادلة بالنسبة للتوائم المتطابقة أعلى منها في المجموعتين الآخريتين، وكانت هذه العلاقات بالنسبة للأشقاء هي الأخرى أعلى منها في حالة الأزواج العشوائية، وعلى ذلك: فالبرغم من أن الفروق لم تصل إلى مستوى الدلالة الإحصائية، إلّا أنَّ ترتيب مستوى العلاقات التبادلية يتناسب مع التفسير الوراثي، وعندما تحسب الفروق بين متوسط الدرجات، فإنه من الواضح أن التوائم المتطابقة كانت درجة اختلافها أقل كثيرًا من الأشقاء، وهؤلاء بدورهم أظهروا من الفروق

ص: 112

ذات الدلالة أقل من الأزواج العشوائية "غير المترابطة"، ويبدو من المعقول أن نستخلص من ذلك أن للتفاعل الانفعالي مكوّن وراثي، وإن كان من المحتمل أنه ليس قويًّا في الظاهر، بمعنى أن يتقبَّل التشكيل البيئي.

وثمة سمة سلوكية أخرى قد يكون لها سوابق وراثية هي "مستوى النشاط activity level، ويوضح سكار scarr "1966" أن هناك فروقًا فردية ثابتة في مدى تولُّد النشاط في حد ذاته، ومدى سرعته وتكراره، ومقدار ما يكمن وراءه من حيوية أو فتور، ومقدار النشاط أو الاسترخاء العصبي، ومقدار ما يكتنفه من صبر أو فروغ صبر، ووجود فروق فردية كبيرة في هذا البعد أمر مقرَّر في العديد من الدراسات عن الأطفال حديثي الولادة؛ حيث يقول الباحثون: إن هناك نسبًا مئوية مختلفة من هؤلاء الأطفال الذين كان من الصعب السيطرة عليهم. ولم يقتصر ما كشف عنه كاجن، موس moss & kagan "1962" عن الفروق الفردية بين الأطفال حديثي الولادة، ولكنهما قررا أيضًا أن هذه الفروق تستمر حتى المراهقة، وهنا يصبح التساؤل هو: هل لاختلافات الأفراد في "النشاط" أساس وراثي أم أنها ناتجة كلية من الخبرات البيئية؟

لقد قارن سكار scarr24 زوجًا من التوائم المتطابقة مع 28 زوجًا من التوائم الأخوية، وكانت كل التوائم من الإناث، وأعمارهن تتراوح من 6-10 سنوات، وتَمَّ الحصول على مؤشرات "مستوى النشاط" من خلال ملاحظة الأطفال في لعبتين صممتا لفرض قياس الفضول أو حب الاستطلاع curiosity، ومقابلة مع كل طفلة، وثلاث مجموعات من التقديرات "كانت هذه التقديرات تستند إلى مقاييس لقياس الحيوية vigor، والتوتر tension، والارتباك sauirming ولقد بحث جوست، سونتيج jost & sontage سمة سلوكية لها سوابق وراثية في مستوى النشاط، وقام بذلك سكار scarr "1966" الذي أوضح أن هناك فروقًا فردية ثابتة في مدى تولد النشاط أو الاسترخاء العصبي، ومقدار ما يكتنفه من صبر أو فروغ صبر، ووجود فروق فردية كبيرة في هذا البعد أمر مقرر في العديد من الدراسات. شكل "33".

ص: 113