المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: المجال المهني: - علم نفس النمو - جـ ١

[حسن مصطفى عبد المعطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌طبيعة النمو الإنساني

- ‌مدخل

- ‌نبذة تاريخية عن نمو الطفل:

- ‌موضوع علم نفس النمو:

- ‌معنى النمو:

- ‌أنماط التغير في النمو:

- ‌مظاهر النمو:

- ‌قوانين ومبادئ النمو:

- ‌مطالب النمو:

- ‌أهمية دراسة النمو:

- ‌النمو بين الوراثة والبيئة

- ‌مدخل

- ‌نشأة السلوك ونموه:

- ‌الآليات الوراثية الأساسية:

- ‌مبادئ التطور وعلاقتها بالنمو: principles of evaluation

- ‌تكوين السلوك الإنساني

- ‌مدخل

- ‌توارث السلوك الإنساني: the heritability of human behavior

- ‌مدخل

- ‌طرق تحديد الوراثية: methods of determining heritability

- ‌توارث الصفات الشخصية:

- ‌البيئة والنمو الإنساني

- ‌أولًا: البيئة قبل الولادية prenatal

- ‌ثانيًا: البيئة بعد الولادية:

- ‌التفاعل بين الوراثة والبيئة في تشكيل النمو:

- ‌مناهج وطرق‌‌ البحث في علم نفس النمو:

- ‌ البحث في علم نفس النمو:

- ‌أخلاقيات البحث في علم نفس النمو:

- ‌أبعاد البحث في علم نفس النمو:

- ‌طرق البحث في علم نفس النمو

- ‌الطريقة المستعرضة لفئات مختلفة cross - sectional study

- ‌ الطريقة المستعرضة التتبعية cross - sequential study:

- ‌ دراسة الحالة case study:

- ‌تقييم نتائج البحث evaluation research results:

- ‌خلاصة:

- ‌الاتجاهات النظرية في تفسير النمو

- ‌مدخل

- ‌النظرية في علم نفس النمو:

- ‌الأنماط النظرية في النمو

- ‌مدخل

- ‌ نمط نظرية التعلم:

- ‌دور النظرية في تفسير نمو الطفل:

- ‌نظريات النضج والنمو العضوي النفسي

- ‌أولًا: نظرية ميكانيزمات النضج العضوي النفسي "لارنولد جيزل

- ‌مدخل

- ‌منهج الدراسة عند جيزل:

- ‌مفهوم النضج:

- ‌النضج والتعلم:

- ‌مبادئ النمو:

- ‌جيزل وسلالم النمو:

- ‌أهمية سلالم النمو:

- ‌مجالات سلالم وقوائم النمو:

- ‌ النشاط البدني:

- ‌ العينان واليدان:

- ‌تقييم نظرية جيزل:

- ‌ثانيًا: نظرية النمو الجسمي والتعلم الاجتماعي "لروبرت ر. سيرز

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: السلوك الفطري "البدائي

- ‌المرحلة الثانية: النظم الدافعية الثانوية:

- ‌ثالثًا: نظرية النمو الجنسي النفسي سيجموند فرويد

- ‌مدخل

- ‌مراحل نمو الشخصية

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى: المرحلة الفمّية: oral stage

- ‌المرحلة الثانية: المرحلة الشرجية anal stage

- ‌المرحلة الثالثة: المرحلة القضيبية phallie stage

- ‌المرحلة الخامسة: المرحلة التناسية genital stage

- ‌رعاية النمو الجنسي النفسي في هذه النظرية

- ‌نظريات النمو النفسي الاجتماعي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: نظرية النمو النفسي الاجتماعي "لإريك هـ. إريكسون

- ‌مدخل

- ‌المرحلة الأولى:

- ‌أما عن طبيعة العلاقات الاجتماعية في هذه المرحلة:

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌المرحلة الرابعة:

- ‌المرحلة الخامسة:

- ‌المرحلة السادسة:

- ‌المرحلة السابعة:

- ‌المرحلة الثامنة:

- ‌ثانيا: نظرية تشكيل الهوية "جيمس مارشيا

- ‌مدخل

- ‌كيف تتشكل الهوية

- ‌أولًا: استكشاف البدائل exploration of alternatives

- ‌ثانيًا: الالتزام commitment

- ‌قضايا تقدير الهوية:

- ‌مجالات ومعايير تقدير الهوية:

- ‌أولًا: المجال المهني:

- ‌ثانيًا: مجال المعتقدات الدينية:

- ‌ثالثًا: المعتدات السياسية

- ‌رابعًا: الاتجاهات نحو الدور الجنسي

- ‌خامسًا: مجال العلاقات مع الجنس الآخر

- ‌خلاصة وتطبيقات:

- ‌نظريات النمو المعرفي

- ‌مدخل

- ‌النظريات المفسرة للنمو المعرفي

- ‌مدخل

- ‌ نظرية هانز وارنر hunz wener

- ‌ نظرية جيروم برونر jerome bruner

- ‌ نظرية جان بياجه jean piaget:

- ‌مراحل بياجيه:

- ‌ المرحلة الحسية الحركية "0-2 سنة

- ‌ التركيز centration:

- ‌ الانتقال transiton:

- ‌تقييم نظرية بياجيه:

- ‌الفروق الفردية في النمو المعرفي:

- ‌خلاصة:

- ‌نظريات النمو اللغوي

- ‌مدخل

- ‌نظريات التعليم والتشريط

- ‌ النظرية العقلية أو الفطرية:

- ‌ النظرية المعرفية:

- ‌نظريات النمو الخلقي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: نظرية التحليل النفسي:

- ‌ثانيًا: نظرية التعلُّم الاجتماعي

- ‌ثالثًا: ال‌‌مدخلالتطوري المعرفي

- ‌مدخل

- ‌ نظرية بياجيه في النمو الخلقي:

- ‌ نظرية كولبرج:

- ‌خلاصة:

- ‌تحليل ناقد لنظريات النمو

- ‌مدخل

- ‌أوجه الاختلاف بين النظريات:

- ‌تكامل النظريات

- ‌فيما يتعلق بمراحل النمو

- ‌ التكامل حول مظاهر النمو:

- ‌ تكامل أزمات النمو:

- ‌التطبيقات التبربوية لنظريات النمو

- ‌مراحل النمو

- ‌ التشخيص:

- ‌ التنشئة الاجتماعية:

- ‌ الممارسة التربوية بالمدرسة:

- ‌المراجع:

- ‌فهرس

الفصل: ‌أولا: المجال المهني:

‌مجالات ومعايير تقدير الهوية:

‌أولًا: المجال المهني:

سواء كان المراهق طالبًا جامعيًّا أو دخل مجال العمل، فإن ما نسعى إليه هو التعرُّف على التداخل "التشابك" النفس/ اجتماعي بين قدرات الفرد وحاجاته من جهة، ومطالب المجتمع وجزاءاته من جهة أخرى. فمن المتوقَّع أن يقيم قدراته وميوله، وأن يكشف عن الفرص الاجتماعية، وأن يحدّد اتجاهًا ملتزمًا يتصرَّف بمقتضاه، هذا الالتزام قد يتَّخذ صورًا شتَّى، منها ما هو عائلي "يتعلق بالأعمال المنزلية، وتربية الأطفال" أو مهني "سباك، سمكري، سكرتير"، أو تعليمي "تلمذة صناعية أو تدريب مهني، تخصص جامعي".. إلخ. هذه الصور قد تتداخل وتترابط معًا، ولكن الأهمَّ هو ما ينجزه الفرد، أي: ما يحوله من "طفل" متلقي في مرحلة تفتُّح، إلى "راشد" منتج، وما يصاحب ذلك من سلوكيات وانعكاس ذاتي بما يتمشَّى مع أسلوب الحياة.

وهناك مشكلة تتعلَّق بالمجال المهني كمعيار لتكوّن الهوية، فقد تعمل الظروف الاجتماعية بدرجة شديدة أحيانًا، على تحديد اختيار البدائل التعليمية والمهنية، ففي الظروف الاقتصادية الصعبة يصبح مجرَّد الحصول على وظيفة -كمهنة- "أي مهنة" شيئًا هامًّا، وبالتالي يصبح الاستكشاف والالتزام نوعًا من الرفاهية، وإذا لم يتوفَّر التنوُّع في نطاق المقابلة الشخصية "كالأيديولوجية السياسية في حكومة مستبدة محتكرة مثلًا" تجعل هذه الناحية تفقد معناها كمؤشر على تحقق الهوية، وليس كمؤشر على الهوية بمقوماتها. إن تحقق الهوية أو بناءها يستلزم وجود الاختبار في مجالات الحياة المختلفة، وإذا لم توجد هذه الاختيارات في داخل مجتمع معين، أو إذا كانت ناحية منها ضعيفة، فإن نموذج الهوية السائد في هذا المجتمع يصبح في أحسن الظروف هو إعاقة الهوية، وفي أسوأ الظروف هو تشتت الهوية.

وثَمَّةَ قضية أخرى أثيرت عن المجال المهني -وقد تثار مرة أخرى، وهي: هل احتمال الالتزام الفكري يعوق "يمنع" الالتزام المهني؟ والواقع يشير

ص: 312

إلى أنه في أثناء حرب فيتنام أصبح كثير من الشباب في الولايات المتحدة ملتزمين بأيدولوجية من عدم المشاركة في ثقافة الراشدين، فقد كان جزء من هذه الأيديولوجية هو أنه: لكي يشغل الفرد مكانًا مهنيًّا لائقًا في المجتمع، عليه أن يقدِّم تأييدًا لسياسة الاستيطان الذي كان يتمّ بطريقة لا أخلاقية. لذلك: فإن أي مهنة كما تحدد نموذجًا يمكن أن تكون مقبولة، لذا فإنَّ مثل هؤلاء الأفراد كانوا يسمون ذوي الإنجازات المغترب alienated achievement؛ إذ يحدث تحقق الهوية اصطلاحيًّا. فالنقطة العامة هنا: هي أنَّ المقصود بالهوية على المستوى النظري تمثل عملية ذات طبيعة تركيبية كلية gestalt - like، وأن المجالات المختلفة منها يمكن أن تقدر كلٌّ على حدة مستقبل بعضها عن بعض. وقد نتحدث هنا عن الهوية المهنية، ولكن هوية الأنا التي فضَّلها مارشيا فإنها تشير إلى كل منظم، قليلًا أو كثيرًا، مما يلزم القائمين بالمقابلة بأن يكونوا منتبهين للموضوعات المتكاملة التي تجري أثناء الحديث عن المجالات المنفردة التي تشكّل هوية الفرد. فمثلًا: هناك بعض المهن التي لا يمكن للماركسي أن يختارها قانونًا، وهناك بعض المعتقدات عن أدوار الجنس، وعن الجوانب الجنسية التي لا يجوز أن يسعى إليها الشخص المتعصّب "المتشدد"، ورغم ذلك: فكلا الشخصين يمكنه أن يحقق هويته، ومن المفيد بعد تقدير المجالات التي تتضمَّنتها المقابلة منفصلة أن تنعكس جميعًا على الفرد ككل بعد الاستماع إليه، ومحاولة استخلاص من بين رتب الهوية ما يتمشَّى مع نسيج هويته، أو المزاج الخاص به.

وفيما يلي نعرض لرتب الهوية في المجال المهني:

أ- تشتت الهوية: identity diffusion:

هناك ثلاثة أنواع من الانتشار "التشتت" في المجال المهني:

أولها: ما يسمَّى بالنوع الانتهازي opportunist: وهو الذي يقفز على كل ما يجده مربحًا بلا عناء في هذه اللحظة "اللي تغلب به إلعبيه"، فالحماس يخبو سريعًا، وسرعان ما ينكشف الالتزام في المقابلة بسهولة على يد القائم بإجراء تلك المقابلة، الفطن المدقق الذي يمكن أن يقترح بعض الاتجاهات المهنية الجذابة عالية العائد والإنجاز الأكثر سهولة.

ص: 313

والنوع الثاني: من التشتت المهني هو المنساق "الهوائي" drifing: وهو الذي ينتظر أن يختار له بعض المهن لا أن يسعى هو إليها، مثل هذا الفرد يميل إلى أن يسعى وراء العائد السريع، ويتميِّز بضعف الإيمان "وربما يلفُّه اليأس" من حدوث شيء ما أو أن شيئًا ما سيصادفه.

أما النوع الثالث للتشتت في المهنة: فيعكس نوعًا ما من القلق والاضطراب النفسي بدرجة ما، فالاختبار المهني يقوم على خيال وجنون العظمة، ولا يتطابق مع واقع استعدادات الفرد المهنية وإنجازاته؛ كشغف الفرد في أن يصبح أخصائيًّا نفسيًّا إكلينيكيًّا في عيادة خاصة، بعد أن يحصل على تقدير ضعيف في دراسته في علم النفس مثلًا، أو شغف فتاة أن تكون مشهورة في ممارسة الباليه في سن 21 سنة، مثل هذين المثلين يدلان على هذا النوع من الخيال المريض.

كل هذه الأنواع من الانتشار "التشتت" تشترك جميعًا في انعدام أو نقص الالتزام، أو على الأقل نقص الالتزام الواقعي "الحقيقي" الذي يؤدِّي إلى التوظيف المناسب وسلوكياته، حتَّى وإن كان الأفراد قد مروا بفترة الاستكشاف فعادة ما تكون وجيزة واصطناعية.

ب- إعاقة الهوية:

تعد إعاقة الهوية ذات أثر أكيد في التوجيه المهني للفرد، وتعد عنصرًا هامًّا في هويته لعدة سنوات. فعادة يكون هناك أثر فعَّال ومحسوس disecernible للوالدين أو أي سلطة أخرى في حدوث ذلك، وحتَّى إذا لم يتمكَّن الفرد من تحديد اتجاه ثابت، أو إذا تَمَّ تحديد الوضع المهني مبكرًا ولم ينظر في البدائل، فإن إعاقة الهوية تصبح هي الوصف المناسب للفرد. والافتراض بأن أي قرار مهني خلال المراهقة المتأخِّرة قد تأثَّر بالكبار أو بقي ولم يعدَّل خلال هذه المرحلة، فذلك يعني أن عملية بناء الهوية لم تتم أو تحدث1.

ج- توقف الهوية: moratorium:

تتداخل فترات توقف الهوية في عملية الاستكشاف، ويميل الأفراد فيها نحو عديد من التعبيرات اللفظية التي تعكس ذلك، وعلى الرغم من ذلك فإن فترات توقف الهوية وبصفة خاصَّة في المراهقة المتأخرة لا تشمل الخريطة المهنية ككل في العادة، بل إنَّ توقف الهوية يجعل الأفراد يميلون إلى أن يكونوا متلزمين داخل مجال عام، كما أنهم لا يكافحون بشدة أو بشكل مكثَّف، وأحيانًا يمكن أن ينظروا ببساطة في بدائل معقولة حتى يتمَّ الوصول إلى القرار، ورغم ذلك: فإن وصف الأفراد بأنَّهم في حالة توقف الهوية، لا بُدَّ أن يظهروا أنهم مهتمون، وأن يكون لديهم بدائل استكشافية فعالة، بهدف الوصول إلى التزام مهني.

د- تحقق الهوية: identity achivement:

الأفراد المتَّصفون بتحقق الهوية يتميِّزون بالاستكشاف الجاد، على الأقل للبحث عن البديل الحي الأوحد للمهنة التي يقع عليها اختيارهم، بما يجعلهم يفكرون في ذواتهم كشيء "مدرس، أو مهندس

مثلًا"، فهم تقريبًا لا يسيرون في اتجاه مجالٍ ما فحسب، ولكن اختيارهم المهني يمثل جزءًا من هويتهم، والتعريف بذاتهم، فهم يؤكدون كثيرًا على كينونتهم وليس على ما سيفعلونه. وكقاعدة: فإن ذلك يظهر -عمومًا- من نظرتهم لمجال مهنهم على أنه عمل بالفعل أو خبرة تطوعية باختيارهم.

1 إعاقة الهوية في المجال المهني لا تعني أن الفرد يكون بالضرورة أقل كفاءة في هذه المهنة من الذي اختار بنفسه تلك المهنة، فذلك يصدق فقط في مجال الفنون.

ص: 314