الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفهوم النضج:
يرى جيزل: أن كلمة النضج maturation تطلق على عمليات النمو التي تتمخض عن تغيرات منتظمة في سلوك الفرد، والتي تكون مستقلة استقلالاً نسبيًا عن أي تدريب أو خبرة سابقة "عبد المنعم المليجي: د. ت".. وهو يعني وجود أنماط سلوكية تحدث نتيجة عملية نمو داخلية لا علاقة لها بالتدريب أو أي عامل آخر خارجي. فالجهاز العصبي ينمو وفقًا لخصائصه الذاتية، ومن ثم تنشأ عنه أنماط أولية من السلوك، هذه الأنماط تحددها عوامل الإثارة من العالم الخارجي، وليس للخبرة أي علاقة خاصة بها "إبراهيم وجيه: 1976" ولذلك فإن:
- نمو الجنين رهن بسلامة البيئة في رحم الأم: فالنمو قد يمضي طبقًا للخطة الطبيعية على الرغم من التقلبات التي قد تعتري البيئة داخل الرحم، بشرط ألا تتجاوز هذه التقلبات حدًا معينًا. مثال ذلك: أن الطفل الذي يولد قبل الموعد الطبيعي إذا حافظنا على حياته ووضعناه في حضّانة صناعية فإنه ينمو نموًا طبيعيًا شأنه شأن الطفل الذي يولد بعد اكتمال أشهر الحمل.. وهذا يدل على أن توقيت النمو أمر تقرره عوامل في داخل الكيان العضوي ذاته.
- كذلك: فإن النمو يسير في مراحله المتعاقبة دون أن يتأثر إلا قليلاً بالمؤثرات البيئية، طالما أن البيئة توفر قدرًا كافيًا من الظروف اللازمة لاستمرار النمو.. فالتطورات التي يحققها الطفل كالحبو والزحف، ثم الوقوف، فالمشي، كل هذه التطورات يقابلها نمو في داخل الكيان العضوي نفسه، وأن هذا النمو الداخلي هو المسئول عن السلوك. "عبد المنعم المليجي: د. ت".
وتبعًا لتعريف جيزل للنضج، فقد عرف أتباعه النضج بتعريفات مماثلة: إذ عرفه ماركس Marquis "1930" بأنه ملاءمة من الجانب العضوي للكائن الحي للاستجابة لدواعٍ داخلية مستقلة عن مؤثرات البيئة الخارجية. ويرى ستوارد وويليمان Stoddard & Wellman "1934" بأن النضج هو النمو المتوقع من الكائن الحي تحت شروط الإثارة العادية، ويرى ماك كونيل Mc Connell "1943" أن النضج هو:"النمو الذي يحدث بالتدريج ي وجه التغيرات المختلفة للشروط البيئية".
وعلى هذا: فإن جيزل وأتباعه يوكدون بوضوح أهمية العوامل الداخلية العضوية بالنسبة للنضج، وأن النضج إنما يحدث نتيجة لهذه العوامل وحدها بعيدًا عن أي مؤثرات أخرى خارجية كالخبرة أو المران. وأن النضج إذا كان عملية داخلية ترجع إلى التركيب العضوي للكائن الحي، إلا أنه متوقع تحت شروط البيئة والعوامل الخارجية، فكل كائن حي ينمو وفقًا لنمط معين تحدده العوامل العضوية الوراثية، إلا أن هذا النمو تحدث آثاره في البيئة الخارجية بحيث يتوقع من الكائن الحي -إذا توافرت هذه الشروط الخارجية- أن يتبع خط نمو معين ويصل إلى مستويات معينة من النضج خلال هذا النمو.
ووفقًا لمفهوم النضج فإن هذا المفهوم ينطبق على الإنسان والحيوان، وإذا وجدت فروق بينهما فمرجعه إلى اختلاف التركيب العضوي لكل ممنهما، فمثلاً:
- يمكن لبعض صغار الحيوانات أن تمشي بمجرد أن تولد، بينما لا تستطيع صغار الإنسان أن تمارس مثل هذا السلوك عند ولادتها، ويرجع ذلك إلى أن طبيعة هذه الحيوانات مزودة بمستوى من النضج عند ولادتها يمكنها من القيام بهذا السلوك، بينما طبيعة الطفل الإنساني لا تمكنه من هذا المستوى إلا بعد مولده بـ12-14 شهر تقريبًا.
- ومن ناحية أخرى يصل النضج المطرد بالطفل الإنساني إلى أن يقوم بسلوك يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة كالقراءة والكتابة مثلاً، بينما طبيعة الحيوانات لا تمكنها من أن تصل إلى مستوى من النمو أو النضج يمكنها من القيام بهذا السلوك مهما تقدمت في العمر.
وعلى هذا:
فإن هناك علاقة إيجابية بين التقدم في السلم الحيواني من ناحية، ومرونة التحكم في عوامل النضج الطبيعية من ناحية أخرى، بمعنى أن سلوك الحيوانات الأكثر تقدمًا في ذلك السلم يكون عادة أقل جمودًا وأكثر قابلية للتعديل والتحسن. "إبراهيم وجيه: 1976".