المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت - عون المتين على نظم رسالة القرويين

[محمد بن محمد بن المصطفى اليعقوبي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الشرح

- ‌مقدمة النظم

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌فصل في الحيض والنفاس

- ‌باب طهارة الماء والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌أماكن تمنع الصلاة فيها

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب في الأذان والإقامة

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الكسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

- ‌باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع

- ‌باب في العدة والنفقة والاستبراء

- ‌باب في البيوع وما شاكل البيوع

- ‌باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء

- ‌باب في الشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة والغصب

- ‌باب في أحكام الدماء والحدود

- ‌باب في الأقضية والشهادات

- ‌باب في الفرائض

- ‌باب جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب

- ‌باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك

- ‌باب في الطعام والشراب

- ‌باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله عز وجل والقول في السفر

- ‌باب في التعالج وذكر الرقى والطيرة والنجوم والخصاء والوسم والكلاب والرفق بالمملوك

- ‌باب في الرؤيا والتثاؤب والعطاس واللعب بالنرد وغيرها والسبق بالخيل والرمي وغير ذلك

الفصل: ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

568 -

وفي صلاتك على الأموات

كبر فقط أربع تكبيرات

569 -

وارفع مع الأولى فقط، ومن رفع

مع الجميع جاز أيضا ما صنع

570 -

ومن يشأ من بعد الاربع دَعا

وإن تشا الدعاءَ بعدها دَعا

571 -

أما سواها فالدعا من بعدُ

مساقه لم يك منه بُدُّ

572 -

ويقف الإمام في نظير

سُرَر الاموات من الذكور

573 -

وحيث بالأنوثة الميْتُ وُصِف

ففي نظير منكب له يقف

574 -

وأخفِيَنْ وأفرد السلاما

مقتديا تكون أو إماما

قوله: وفي صلاتك على الأموات البيت، أشار به إلى عدد التكبير في الصلاة على الجنازة، وقد حكى ابن رشد - رحمه الله تعالى - الإجماع على ما ذكره الشيخ - رحمه الله تعالى - من كونه أربعا، وقال القاضي أبو محمد في الإشراف: خلافا لمن قال خمس، لأن المتواتر من الأخبار أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - كبر على الجنائز أربعا، على النجاشي،

(1)

وعلى قبر المسكينة

(2)

- رضي الله تعالى عنهما - وغيرهما، وقال ابن عباس وابن أبي أوفى - رضي الله تعالى عنهم -: آخر ما كبر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أربعا، ولأن التكبير في الجنائز، جعل بإزاء عدد الركعات، فلما كان أكثر ذلك أربعا، فكذلك التكبيرات.

(1)

متفق عليه.

(2)

رواه النسائي والإمام مالك، وهو حديث صحيح.

ص: 322

وإن زاد الإمام على أربع لم تبطل، ولا يتبع، واختلف هل ينتظر سلامه أو لا، وعليه اقتصر خليل -رحمه الله تعالى -وهو قول مالك -رحمه الله تعالى -في العتبية، والأول قوله في الواضحة، وهو قول أشهب، وإن نقص عن أربع فقال ابن حبيب: يتمها إن قرب، وإلا ابتدأ ما لم يدفن، نقله ابن عرفة -رحمه الله تعالى ـ.

وذكره بمعناه ابن بشير -رحمه الله تعالى -وقال: فإن دفن جرى على الخلاف هل يصلى عليه، أو يخرج، أو يترك، وأحرى هاهنا أن تترك الصلاة، لقول من قال بالاكتفاء بالثلاث.

قوله: وارفع مع الأولى فقط البيت معناه أن المصلي يرفع يديه مع التكبيرة الأولى فقط، كما هو قول مالك -رحمه الله تعالى -في المدونة، وروى عنه ابن وهب -رحمه الله تعالى -الرفع مع الجميع، وقال ابن القاسم -رحمه الله تعالى -في مختصر ما ليس في المختصر: حضرت مالكا -رحمه الله تعالى -غير مرة، فكان لا يرفع يديه، لا في الأولى ولا في الأخيرة، قاله في التبصرة.

وقيل يرفع مع الأولى، ويخير في ما سواها، وهو في سماع أشهب -رحمه الله تعالى - وهو ظاهر الشيخ ? رحمه الله تعالى -.

قوله: ومن يشأ من بعد الاربع دعا البيتين، أشار بأولهما إلى أن المصلي على الجنازة مخير في أن يدعو بعد التكبيرة الرابعة، وأن يسلم عقبها، من غير دعاء بعدها، وقال سحنون -رحمه الله تعالى -: يدعو بعد الرابعة، قال اللخمي -رحمه الله تعالى -: وهو أبين، والمشهور أنه لا يدعو بعد الرابعة، قال ابن يونس - رحمه الله تعالى -: وفي غير كتاب لأصحابنا: إذا كبر الرابعة سلم، وكذلك في كتاب ابن حبيب -رحمه الله تعالى -وغيره.

وقال في التاج: أبو عمر: السنة أن يسلم إذا كبر الرابعة، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء، وعليه الناس.

هذا وما ذكره الشيخ من التخيير، قال ابن ناجي -رحمهما الله تعالى -: لم أقف عليه لغيره.

ص: 323

ولا يبعد عندي أن يكون مراده استواء القولين، واتساع العمل بكل منهما، ونحوه كثير في هذا الكتاب، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما ثانيهما فأشار به إلى أن الدعاء بعد كل تكبيرة واجب، على ما ذكر في المواهب أنه ظاهر عياض والشبيبي وغيرهم، ومقتضى قول ابن رشد: أقل ما يجزئ في كل ركعة: اللهم اغفر له وارحمه، وقال في التوضيح: نقل ابن زرقون عن أبي بكر الوقار -رحمهم الله تعالى جميعا -أنه قال: يحمد الله سبحانه وتعالى في الأولى، ويصلي على النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -في الثانية، ويشفع للميت في الثالثة.

وقال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -في مختصره: وفي النوادر: إنما تقول إثر التكبيرة الأولى: الحمد، والصلاة، وهذا الدعاء إثر غيرها.

واختلف هل يقرأ قبل الدعاء بأم القرآن، وهو لأشهب، نظرا لعموم " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج "

(1)

ولأن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن، وقال:" ليعلموا أنها سنة "

(2)

وهو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى - أو لا يقرأ فيها، وهو المشهور، قال في الإشراف: لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء "

(3)

ولم يأمر بالقراءة، ولأنها صلاة لا ركوع فيها، فلم يكن فيها قراءة، أصله سجود التلاوة والطواف، ولأن من حق القراءة ألا تجب إلا مكررة في الصلوات الواجبة، فلما لم يتكرر في الجنازة، دل على أنها ليست بواجبة فيها، ولأن القيام ركن من أركان الصلاة، فإذا وجب منفردا لم تجب له قراءة، كسجود التلاوة، ولأنها قراءة فأشبه ما عدا الفاتحة.

(1)

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام مالك والإمام أحمد.

(2)

رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

(3)

رواه أبو داود وابن ماجة، وهو حديث حسن.

ص: 324

قوله: ويقف الميت في نظير البيتين، أشار به إلى أن الإمام يقف في نظير وسط الميت، إذا كان رجلا، وفي نظير منكبيه إذا كان امرأة، كما في المدونة من عمل ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: أشهب: ويقف الإمام وسط الميت أحب إلي، وإن تيامن لصدره فحسن، الشيخ: في المدونة عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - في المرأة عند منكبيها، وروى ابن غانم وسطها، ابن شعبان: حيث شاء من الميت، اللخمي: الأحسن التيامن للصدر في الرجل مطلقا، والمرأة إذا كان عليها قبة، أو كفنها بالقطن، وإلا فوسطها، ويجعل رأسه عن يمين الإمام.

وقال في التاج: أبو عمر: اختلفت الآثار أين يقوم الإمام من الجنازة، وليس في ذلك حد لازم، من كتاب ولا سنة، فلا حرج في فعل كل ما جاء عن السلف -رضي الله تعالى عنهم -وليس قيامه صلى الله تعالى عليه وسلم منها في موضع ما،

(1)

يمنع من غيره، لأنه لم يوقف عليه.

(1)

روى الترمذي أن أنس بن مالك ـ رضي الله تعالى عنه ـ جيء بجنازة رجل فوقف حيال رأسه، ثم جيء بجنازة امرأة، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيتَ رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ قام على الجنازة مقامك منها وعلى الرجل مقامك منه؟ قال: نعم.

ورواه ابن ماجة والإمام أحمد، ولفظ العلاء عنده: أهكذا كان رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ يقوم من الرجل والمرأة نحوا مما رأيتك فعلت؟ قال: نعم.

وهو حديث صحيح.

ص: 325

قوله: وأخفين وأفرد السلاما البيت، معناه أن المصلي على الجنازة يسلم تسليمة واحدة خفيفة، إماما كان أو مأموما، إلا أن الإمام يسمع من يليه، قال في التاج: سمع ابن القاسم - رحمه الله تعالى - يسلم الإمام واحدة، وسمع من يليه، ومن وراءه يسلمون واحدة في أنفسهم، وإن أسمعوا من يليهم لم أر بذلك بأسا، ابن رشد: هذا مثل ما في المدونة سواء، فالإمام يسمع من يليه لأنهم يقتدون به، فيسلمون بسلامه، بخلاف من خلفه إنما يسلم ليتحلل من صلاته، فيسلم في نفسه، وفي سماع ابن غانم: يرد المأموم على الإمام في صلاة الجنازة، وهو تفسير لسائر الروايات، ابن يونس: قال مالك - رحمه الله تعالى - في الواضحة والعتبية: لا يرد على الإمام إلا من سمعه.

وقال أشهب -رحمه الله تعالى -في مدونته: يسلم الإمام تسليمتين عن يمينه وعن يساره، ويسلم القوم كذلك، نقله المازري في شرح التلقين، وقال: قال بعض أشياخنا: الأولى أن يكون السلام هاهنا، كما يكون في غير هذه الصلاة، فيرد المأموم على الإمام، وعلى من على شماله، لأن رد التحية فرض، يرد عليهما بعد التسليمة التي يخرج بها من الصلاة.

وإفراد السلام منقول عن جماعة من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين -.

575 -

وأجر قيراط على صلاة

ميْتٍ بالاخبار الصحاح آتي

576 -

كذاك في حضور دفنٍ، وجبَلْ

أُحُدٍ الشامخُ جا لذا مثل

577 -

وليس في الدعاء في الصلاة

حد محتم به أن تاتي

578 -

والشيخ قد ساق هنالك دعا

لم يك نظمي له متسعا

ص: 326

أشار بالبيتين الأولين إلى ما في الصحيحين، من أن في الصلاة على الجنازة قيراطا من الأجر، وفي شهود دفنها قيراطا، ولفظ البخاري " من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن كان له قيراطان " قيل: وما القيراطان؟ قال: " مثل الجبلين العظيمين " قال الفاكهاني: يحتمل ظاهر هذا الحديث عندي أن يكون له بالصلاة قيراط، وشهود الدفن قيراطان، فتكون ثلاثة، نقله ابن ناجي -رحمه الله تعالى ـ.

لكن وقع في رواية عند البخاري " من اتبع جنازة مسلم ـ إيمانا واحتسابا ـ وكان معه حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط ".

وقال الحطاب في حاشيته: قال الجزولي: هل يحصل للمصلي على الجماعة من القراريط بعددهم، قال الفقيه أبو عمران: يحصل له بكل ميت قيراط واحد.

وظاهر الحديث خلافه، إلا أن يقال إن هذه الصورة من النادر الذي الأصح عدم دخوله في العموم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 327

قوله: وليس في الدعاء في الصلاة البيتين، معناه أنه لا يتعين في الدعاء للجنازة لفظ بعينه، على وجه الوجوب، فبأي لفظ دعا أجزأ، قال في التاج: وفي المدونة: هل وقت فيه مالك - رحمه الله تعالى - ثناء وغير ذلك؟ قال: ما علمت أنه قال إلا الدعاء للميت فقط، وفي حديث عوف عن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أنه قال:" اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر أو من عذاب النار " وقال عوف - رضي الله تعالى عنه -: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت، لدعاء رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -

(1)

وقيل لأبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -: كيف تصلي على الجنازة؟

فقال: أحمد الله سبحانه وتعالى، وأصلي على نبيه -صلى الله تعالى عليه وسلم -ثم أقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده،

(2)

قال مالك -رحمه الله تعالى -: هذا أحسن ما سمعت في الدعاء على الجنائز.

(1)

رواه مسلم والترمذي والنساءئ وابن ماجة والإمام أحمد، واللفظ لمسلم.

(2)

رواه الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ بإسناد صحيح.

ص: 328

قال الشيخ - رحمه الله تعالى -: وإن كانت امرأة قلت اللهم إنها أمتك، ثم تتمادى بذكرها على التأنيث، غير أنك لا تقول: وأبدلنها زوجا خيرا من زوجها، لأنها قد تكون زوجا في الجنة لزوجها في الدنيا، ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا، وقد ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى -هنا دعاء طويلا، قال ابن ناجي -رحمه الله تعالى -: ليس العمل عليه لقوله: قال عبد الحق عن إسماعيل القاضي قدر الدعاء بين كل تكبيرتين قدر الفاتحة وسورة، وقال ابن رشد -رحمه الله تعالى -: أقله: اللهم اغفر له.

قال في الكافي: والدعاء كثير، ويكره التطويل لقول رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم ـ:" من أم الناس فليخفف "

(1)

.

ويندب البدء بحمد الله سبحانه وتعالى، والصلاة على النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -لحديث أبي هريرة المتقدم، ولما رواه الترمذي من أن النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -أمر من يريد الدعاء أن يبدأ بالحمد لله عز وجل، والثناء عليه، ثم يصلي على النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم -ثم يدعو

(2)

.

579 -

لا بأس أن تجمع في صلاة

واحدة جمعا من الأموات

580 -

وللإمام هاهنا يلي الرجال

بحسب الفضل، فربات الحجال

581 -

والاصبيا من بعدُ شطرَ القبله

وجاز أن تصُفَّ ذاك كلَّه

582 -

مرتبين نحو ما قبلُ خلا

وقربنْ إلى الإمام الافضلا

583 -

وإن جمعتهم بقبر، فاجعلِ

قبلة ذا القبر إذا للافضل

(1)

متفق عليه بالمعنى.

(2)

ورواه أبو داود والنسائي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح، ولفظ الترمذي: سمع النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ رجلا يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فقال النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ:" عجِل هذا " ثم دعاه فقال له أو لغيره: " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ ثم ليدع بعد بما شاء ".

ص: 329

584 -

ومن يكن بلا صلاة وُورِي

حتما عليه صل بالقبور

585 -

ومن يكن قبلُ عليه صُليا

فلا تصلينْ عليه ثانيا

قوله: لا بأس أن تجمع في صلاة البيت، معناه أنه إذا تعددت الجنائز، فإن شاءوا صلوا عليهم مجتمعين، وإن شاءوا أفردوا كل ميت بصلاة، قال ابن ناجي -رحمه الله تعالى -: نص عليه غير واحد كابن شاس.

وقال في التاج: قال مالك وابن القاسم -رحمهما الله تعالى -: إذا اجتمعت جنائز لم ينبغ للإمام أن يصلي على بعضها ويؤخر بعضها.

قوله: وللإمام هاهنا الأبيات الثلاثة، معناه أنه إذا كثرت الجنائز جعل أفضلهم مما يلي الإمام، ثم جعل الذي يليه في الفضل خلفه وهكذا، ثم جعل الأصبياء من بعدهم كذلك، ثم العبيد كذلك، ثم الخناثى كذلك، ثم النساء كذلك، ويقرع في التساوي، وإن شاءوا صفوهم كلهم صفا واحدا من الجنوب إلى الشمال، وقرب إلى الإمام أفضلهم.

قوله: وإن جمعتهم بقبر البيت، معناه أنه إذا اضطر إلى جمع أموات متعددين بقبر واحد، جعل أفضلهم مما يلي القبلة، وهكذا، كما حصل في شهداء أحد -رضي الله تعالى عنهم أجمعين -ولا يجوز ذلك من غير ضرورة، وكذلك إذا جعل لكل واحد قبر، خص أفضلهم بالقبر الذي يلي القبلة، على ما قاله بعضهم.

قوله: ومن يكن بلا صلاة البيت، معناه أن من دفن من غير صلاة، يصلى على قبره على المشهور، وهو قول ابن القاسم وابن وهب ويحيى بن يحيى الليثي، وذلك لحديث المسكينة الذي أخرجه مالك -رحمه الله تعالى -في الموطإ،

(1)

وقيل لا يصلى عليه في قبره، واختلف القائلون به، فمنهم من قال يخرج إن لم يخف تغيره، وهو لسحنون، ومنهم من قال يدعون عنده وينصرفون، قاله ابن ناجي -رحمه الله تعالى ـ.

586 -

وصلينْ إن تجد أكثرَ الجسد

واختلفوا إذا وجدتَ نحوَ يدْ

587 -

ولا تصلينْ على سِقْطٍ ولا

تدفِنْه بالدور فذاك استثقلا

588 -

وغسْلُ مرأةٍ سليلَ سبعِ

ليس بمحرم خلا من منع

(1)

تقدم قريبا.

ص: 330

589 -

أما الصبية فغَسْلها الرجال

عنه نهوا هنا على أية حال

590 -

وفي التي لا تشتهى بعض السلف

أرخص، والأحب ما قبلُ سلف

قوله: وصلين إن تجد أكثر الجسد البيت، معناه أن الميت إذا وجد أكثر جسده، غسل وصلي عليه، واختلف إذا وجد منه ما هو دون ذلك، فقيل يصلى عليه مطلقا، وقيل يصلى عليه إن كان رأسا، لا إن كان غيره، وقيل يصلى عليه إن بلغ النصف، أو الجل مجتمعا لا متفرقا، وقيل مجتمعا أو متفرقا، نقله ابن عرفة -رحمه الله تعالى ـ.

قال في التاج: قال ابن رشد -رحمه الله تعالى ـ: المعنى في ذلك -يعني عدم الصلاة على ما دون الجل -أنه لا يصلى على غائب.

والصلاة على الغائب مكروهة عندنا، وصلاته صلى الله تعالى عليه وسلم على النجاشي قضية عين لا عموم لها، وعدم صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم طول عشر سنين أو أكثر على غيره -رضي الله تعالى عنه -مع كثرة من توفي، قرينة ظاهرة على أن صلاته عليه كانت لمعنى خاص، وعمل الخلفاء من بعده دال على أنهم فهموه على ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

قوله: ولا تصلين على سقط البيت، معناه أن السقط -وهو الذي ولد ميتا -تكره الصلاة عليه -قال ابن شهاب -رحمه الله تعالى -: السنة أن لا يصلى على السقط، وكره مالك -رحمه الله تعالى -دفنه بالدور، القابسي: لأنه لا يؤمن عليه أن ينبش مع انتقال الأملاك، وقال الإبياني: جائز أن يدفن الرجل في داره، نقله في التاج.

ويغسل عن السقط ما عليه من الدم، ويلف في خرقة، ويدفن.

قوله: وغسل مرأة سليل سبع البيت، معناه أنه يجوز للمرأة تغسيل الصبي الذي ليس بمحرم، إذا كان ابن سبع سنين وشبهه، كما في المدونة، إذ يجوز لها مسه وهو حي،

قال ابن عرفة: الشيخ: وروى ابن وهب: وابن تسع، اللخمي: المناهز كالكبير.

ص: 331

قوله: أما الصبية البيتين، معناه أن تغسيل الرجل للصبية التي ليست بمحرم، منهي عنه تحريما، وإن صغرت جدا، وهذا قول ابن القاسم -رحمه الله تعالى -وقيل إن صغرت جدا جاز، وهو رواية ابن حبيب في الواضحة عن مالك -رحمهما الله تعالى -وقال أشهب -رحمه الله تعالى -يجوز له تغسيلها ما لم تشته، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وينبغي أن لا يصلى على الميت في المسجد، للأحاديث الكثيرة الصريحة في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إنما كان يصلي على الجنائز في المصلى، وقد كان قريبا من المسجد، إلا ما كان من صلاته على ابني بيضاء - رضي الله تعالى عنهما -

(1)

فإن كان لمعنى خاص من مطر ونحوه فذلك، وإلا فالأغلب المتأخر أحق بالتقديم، وسواء في ذلك كان الميت في المسجد أو لا، فقد جاء أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نعي له النجاشي، فخرج بالناس إلى المصلى،

(2)

فعدوله عن المسجد مع ما جاء فيه من التضعيف قرينة على مرجوحية إيقاعها في المسجد، خاصة مع عدم وجود الجنازة والأمن من تلويث المسجد، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1)

رواه مسلم وأبو داود.

(2)

متفق عليه.

ص: 332