الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسائل في مشاهدة المباريات
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل هل يجوز مشاهدة كرة القدم إن كان حقا لا يلهي عن طاعة ولا يؤدي إلى تعصب، إلى غيرها من الضوابط،خاصة مع العلم أن هناك أحاديث صحيحة تفيد بأن الفخذ ليس بعورة? والشطر الثاني من السؤال هو: هل متابعة كرة القدم الأوروبية يدخل في الولاء والبراء، مع العلم أن المشاهد لا يميل لأي فريق ولا يعظم أي فريق بل لمجرد استمتاعه بكرة القدم؟
بارك الله فيكم أنا أعلم شيخنا أنه لمتابعة المباريات شروط، فلهذا أنا أسألك عما إذا كان إنسان ذاهب مثلا للنوم فأخذ يشاهد مباراة في كرة القدم فهل يجوز في هذه الحالة؟ علما أنه في هذه الحالة لا يفوت واجبا أو يضيع وقتا لأنه ذاهب للنوم، أنا محتار- بارك الله فيكم- لأني أعلم جيدا ما معنى المعصية، فهل يأثم- بارك الله فيكم- من يشاهد هذه المباريات؟
أرجو التفصيل منكم شيخنا الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على حكم مشاهدة المباريات الكروية وشروطها في الفتوى رقم: 453، وتلك الشروط لا تتحقق في مباريات كرة القدم الأوروبية؛ لاشتمالها على كثير من الأمور التي تخالف أحكام وآداب الإسلام: ككشف معظم اللاعبين لأفخاذهم، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال، وأصوات المعازف والموسيقى ونحوها من المحرمات.
كما نلفت نظرك إلى أن جمهور أهل العلم على أن فخذ الرجل عورة؛ كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 15390، والكلام على الحديث الذي استدل به من يرى أن الفخذ ليس بعورة في الفتوى رقم: 37145، فارجع إليها.
أما مسألة الولاء والبراء فلا تعلق لها بتلك المشاهدة المجردة؛ ذلك أن المقصود بموالاة الكفار هو حبهم ومودتهم، ومدحهم والذب عنهم، وتأييدهم ونصرتهم على المؤمنين ونحو ذلك، وانظر مفهوم الولاء والبراء في الفتوى رقم: 113503، ورقم:14945.
وأما عند النوم فالأولى لك يا أخي الحبيب اتباع هدي نبينا عليه الصلاة والسلام في نومه، ومن ذلك المحافظة على أذكار النوم. وقد تتسبب مشاهدة هذه المباريات في ترك هذه الأذكار، أو في ذهاب النعاس وطول سهرك، مما قد يفوت عليك بعض أبواب الخير.
نسأل الله الكريم أنا يبلغنا وإياك المراتب العالية في الدين، وأن يلحقنا بالسابقين المقربين.
قال ابن القيم رحمه الله في وصف حالهم: وجملة أمرهم أنهم قوم قد امتلأت قلوبهم من معرفة الله، وغمرت بمحبته وخشيته وإجلاله ومراقبته، فسرت المحبة في أجزائهم فلم يبق فليها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب، قد أنساهم حبه ذكر غيره، وأوحشهم أنسهم به ممن سواه، قد فنا بحبه عن حب من سواه وبذكره عن ذكر من سواه، وبخوفه ورجائه والرغبة إليه والرهبة منه والتوكل عليه، والإنابة إليه والسكون إليه والتذلل والانكسار بين يديه عن تعلق ذلك منهم بغيره، فإذا وضع أحدهم جنبه على مضجعه صعدت أنفاسه إلى إلهه ومولاه، واجتمع همه عليه متذكرا صفاته العلى وأسماءه الحسنى، ومشاهدا له في أسمائه وصفاته قد تجلت على قلبه أنوارها فانصبغ قلبه بمعرفته ومحبته فبات جسمه في فراشه يتجافى عن مضجعه، وقلبه قد أوى إلى مولاه وحبيبه، فآواه إليه وأسجده بين يديه خاضعا خاشعا ذليلا منكسرا من كل جهة من جهاته.
فيا لها سجدة ما أشرفها من سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء.. .إلى آخر كلامه الرائع في كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1430