الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
76 -
حكم الصلاة في البيت لمن أصيب بحالة نفسية
س: من مكة المكرمة رسالة بعث بها المستمع: س. ع. يقول: أنا أبلغ من العمر ثلاثين عاما، ومتمتع بصحة جيدة والحمد لله، توفي والدي منذ ست عشرة سنة، وبسبب وفاته أصابتني حالة نفسية سيئة، اعتزلت الناس على أثرها، ولم أعد أخرج من المنزل أبدا، وأنا دائم المحافظة على الصلاة في وقتها، لكني أصلي في المنزل. وسؤالي: هل يجوز لي الصلاة في البيت، وحالتي الصحية ما ذكرت؟ وهل علي ذنب إذا صليت في البيت؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: يلزمك الصلاة مع المسلمين في المساجد إلا بعذر شرعي؛ كالمرض الذي يمنعك من الصلاة، وإلا فتذكر موت فلان أو موت فلان: أبيك أو غيره فلا يمنع، الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد، وإذا صار لك الدعاء لأبيك بالمغفرة والرحمة فالحمد لله، وعليك التوبة مما فعلت، التوبة إلى الله والندم.
(1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (345).
77 -
بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة
س: رجل قارب من العمر الثلاثين عاما، ويصلي في المنزل غالبا، إلا أنه يحضر الجماعة في بعض الأوقات وفي الجمعة، ولكن لا يبدو عليه الحرص على ملازمة الجماعة، ووالدته تلح عليه في لزوم
الجماعة، وهناك من اقترح عليها أن تظهر غضبها عليه، وألا تجالسه لعله يرجع، ولكنها تخاف عليه وتقول: أنصحه. أريد توجيها مفصلا لهذا الرجل حول أدلة وجوب الجماعة، وما ينبغي للمسلم من طاعة الله وشكره على ما أنعم على الإنسان من نعم صالحة، ونعمة الصحة والشباب والعافية وسعة الرزق ولله الحمد. وما هو الحكم الشرعي في مجالسته ومؤاكلته، والحالة هذه؟ ونصيحة أخرى نرجو أن تتفضلوا بتوجيهها للأم، وتوصيتها بأي أسلوب تستعمله مع هذا الشاب لعله أن يرجع (1)
ج: لا ريب أن الصلاة في الجماعة مع المسلمين في بيوت الله من أهم الفرائض، ومن شعائر الإسلام، فالواجب على كل مكلف أن يعتني بذلك، وأن يبادر ويسارع إلى إقامة الصلاة مع الجماعة مع المسلمين، وأن يتباعد عن مشابهة أهل النفاق. قال ابن مسعود رضي الله عنه: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (146).
وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل - يعني: من الصحابة - يؤتى به يهادى بين الرجلين - يعني: مريض أو كبير السن - حتى يقام في الصف (1)» وفي رواية: «ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم (2)» من شدة حرصهم على أداء الصلاة مع الجماعة رضي الله عنهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر» . قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (3)» يعني: خوف إذا خرج من بيته أن يقتل أو يسجن أو يضرب؛ لأن البلاد غير آمنة، أو مرض يمنعه من ذلك. وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» ، قال: نعم. قال: «فأجب» (4)» رواه مسلم في صحيحه، وفي الرواية الأخرى لغير مسلم:«لا أجد لك رخصة (5)» فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد رخصة لأعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في بيته، بل
(1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم (550).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).
(5)
أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).
عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بحال الصحيح المعافى البصير؟ الأمر أعظم، وقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:«لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة - يعني: في المساجد - فأحرق عليهم بيوتهم (1)» هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وفي رواية لأحمد:«لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (2)» المقصود أن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر مفترض، أمر لازم ومن شعار المسلمين وشعار أهل الحق، والتخلف عن ذلك في البيوت من شعار المنافقين، فلا ينبغي للمسلم أن يرضى بمشابهة أهل النفاق الذين قال الله فيهم سبحانه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3){مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (4)، ذكرهم سبحانه
(1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).
(3)
سورة النساء الآية 142
(4)
سورة النساء الآية 143
بخمس؛ صفات المنافقين:
إحداها: أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، ما عندهم نصيحة ولا أمانة، عندهم المكر والخديعة والكذب في معاملاتهم.
والثانية: أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ما عندهم نشاط لعدم إيمانهم، إنما هو رياء.
الثالثة: أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، تغلب عليهم الغفلة.
الرابعة: أنهم أهل رياء يراؤون الناس بأعمالهم، ليس عندهم إخلاص، الغالب عليهم في أعمالهم الرياء والسمعة وطلب المحمدة، وليس عندهم إخلاص لله سبحانه وتعالى.
والخامسة: أنهم مذبذبون، ليس عندهم ثبات، وليس عندهم هدف مستقيم، بل هم تارة مع المؤمنين، وتارة مع الكافرين، ليس عندهم قاعدة ولا دين ثابت، ولا إيمان صادق، بل إن ظهر المؤمنون ونصروا صاروا مع المؤمنين، وإن ظهر الكفار على المسلمين صاروا مع الكفار. هذه حال المنافقين، فكيف يرضى المؤمن أن يتشبه بهم في التخلف عن الصلاة مع الجماعة؟
والوالدة التي نصحت ولدها بأن يصلي مع الجماعة قد أحسنت، وهذا هو الواجب عليها، الواجب عليها أن تستمر في ذلك، وأن تنصحه