الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى حديث "ليبلغن هذا الدين
"
المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 19/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما يقول فضيلتكم فيمن يشكك في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين" بحجة أن هناك أماكن في مجاهيل إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية لم يصل إليها الدين الإسلامي بعد على الرغم من مرور أكثر من ألف وأربعمائة عام على بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأن هناك كثيراً من البيوت لم يدخلها الإسلام قد هدمت خلال تلك الأعوام؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: إن هذا الحديث صحيح وثابت وصححه الألباني في السلسلة تحت رقم الحديث (3) مجلد (1) وأخرجه الإمام أحمد عن تميم الداري مجلد (4) صـ (103) وعن مقداد بن الأسود مجلد (6) صـ (4) وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن منده في الإيمان (1085) والبيهقي في السنن (9/181) وأخرجه البخاري في التاريخ (2/150) ، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/231) والطحاوي في شرح مشكل الآثار
(6155)
والحاكم (4/430) وأخرجه الطبراني في الكبير (1280) وأورده الهيثمي في المجمع (6/14) ، وقال رواه أحمد والطبراني ورجال رجال الصحيح.
ثانياً: أن تشكيك الأعداء بهذا الدين ومصادره ليس أمراً جديداً فإنهم ما فتئوا يشككون فيه منذ بدء نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن التشكيك مقتصراً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يشككون في القرآن المعجز الذي أعجز الفصحاء والبلغاء أن يأتوا بسورة من مثله مع تحدي الله لهم.
ثالثاً: أن من المعلوم والمجزوم به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"[النجم: 3-4] فإذا صح ثبوت الخبر إليه فهو حق لا مرية فيه والإيمان بما دل عليه الخبر واجب.
رابعاً: هذا الحديث ليس بينه وبين الواقع الذي أشار إليه السائل تعارض ولا تنافٍ ولا مجال للغمز في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خامساً: جوابنا على استشكال المستشكل أن الحديث لا يدل على أن أهل الأرض يدخلون في الإسلام جميعاً وقد دل على ذلك القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل:"ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"[يونس: 99] ومعنى الحديث أن خبر هذا الدين وشيوعه ينتشر انتشاراً كثيراً وأن ذكره سيصل كل بيت وهذا متحقق بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فإن خبر الإسلام يدخل في كل بيت حتى في مجاهل أفريقيا وأمريكا سواءً كان وصول الخبر من طريق أهل الإسلام للدعوة إليه أو من طريق أعدائه للتحذير منه، وهذا محسوس وملموس ولم يرد في الحديث أن كل فرد من أهل البيت يدخل في الدين، وإنما الذي دل عليه الحديث دخول الدين في البيت وهذا يعني دخول الخبر، ودخول الدين غير الدخول فيه وإنما تضمن الحديث البشارة بأن هذا الدين سينتشر انتشاراً كثيراً كما جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها" مسلم (2889) وملك الأمة على هذه الرقعة الكبيرة من الأرض لا يلزم منه إسلام جميع أفراد من يعيش عليها بل يوجد منهم من لم يدخل في الإسلام، ولذلك شرعت الجزية على من بقي من اليهود والنصارى والمجوس بين أظهر المسلمين.
وقال الألباني رحمه الله حول هذا الحديث عبارة جميلة ونصها "ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان وهذا ما يبشرنا به الحديث.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.