الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم
…
)
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
في الحديث الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حقوق الله على الناس وحقوق الناس على الله. وقد ورد في الحديث أن للناس حق على الله إذا عبدوه وحده ولم يشركوا به شيئا فلن يعذبهم. شخص يقول: " وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكافئهم بدلا من قوله: لن يعذبهم فكيف أرد عليه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ورد في الصحيحين البخاري (7373) ومسلم (30) في قصة إرداف النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، والحديث مشهور ومعروف، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فيه حق الله عز وجل، على العباد ثم حق العباد على الله-عز وجل وحق العباد على الله عز وجل ألاّ يعذبهم إذا قاموا بحقه، وهذا النص محمول على أن الله عز وجل لا يعذب العباد إذا قاموا بشهادة لا إله إلا الله وبمقتضياتها وحقوقها، وسلموا من الشرك بقسميه الأكبر والأصغر ومن البدع والأهواء ومن المعاصي والذنوب. فهؤلاء لهم الأمن التام والاهتداء التام ويدخلون الجنة، وأما من تلبس بشيء من الذنوب والمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله عز وجل عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء تجاوز عنه ثم مآله إلى الجنة، فهذا النص:"ألاّ يعذبهم"، محمول على من قال لا إله إلا الله ولم يمت مصراً على ذنب، أو قالها بصدق ويقين ثم مات على ذلك.
وأما قول المعترض: وددت أن الرسول -صلى الله عليهم وسلم- قال: "سيكافئهم" بدل من قوله: "ألاّ يعذبهم" فهذا الكلام خطأ عظيم من القائل ويخشى على هذا القائل، فهذا استدراك على حكم الشارع، وهو جهل من القائل، فقوله: لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعبر بـ"يكافئهم" هذا قول مردود فالنبي-صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس، وهو أعلم بما يخبر به عن رب العالمين وهو مؤتمن على ذلك، والنبي-صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وهو معصوم بالإجماع فيما يتعلق بتبليغ الشرع. وهذا الكلام جهل من القائل ولا ينبغي له أن يكون مستدركاً على الشارع متعقباً عليه بل يكون حاله مع الشرع حال التسليم والانقياد والقبول لما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم وهذا من شروط شهادة ألاّ إله إلا الله، وجعل أمور الشرع مجالاً للانتقاد والكلام فيها لا شك أنه مسلك خطير، بالإضافة إلى ما فيه من تضييع الأوقات وصرف الكلام بما لا يعود بالنفع على العبد بل يعود عليه بالضرر المحض. والأمة في الأزمنة الأخيرة اعتادت أن تتكلم كثيرا ولا تفعل إلا القليل، والجدل لا خير فيه فكيف إذا كان الجدل في أمور محسومة من قبل الشارع. فينبغي للقائل أن يصرف وقته فيما يعود عليه بالنفع وأن يحرص على زيادة إيمانه ويكون موقفه من الشرع موفق المسلم المنقاد الراضي بما جاء، لا موقف المنتقد المستدرك. وعلى السائل أن يترك جدال هذا الشخص القائل، فجميل بن زيد قال للإمام مالك: الرجل يكون عالماً بالسنة يخبر بها، قال: نعم، قال يجادل بها، قال: لا. فهذا المسلك مشهور عند أهل العلم عدم المجادلة مع أهل الباطل في الأصل وإن كانت توجد استثناءات ليس هذا محلها، والله أعلم.