الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم بالقوانين الوضعية
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله
التاريخ 24/12/1424هـ
السؤال
هل هناك فرق في الحكم بين الحاكم بالدستور الوضعي كالقضاة والحكام وبين المشرع للقوانين المخالفة للشريعة؟
هل يكفي سن قانون واحد مخالف للشريعة أو الحكم به في القضاء أو الاقتصاد أو السياسة الخ
…
للحكم بخروج المشرع أو الحاكم من الإسلام؟
وهل يخرج النظام المبني أصلاً على الشريعة من كونه نظاماً إسلامياً له السمع والطاعة بسبب هذا القانون، أم أن شرعيته تبقى رغم ما فعله المشرّع أو الحاكم؟
كيف نترجم عملياً الكفر بالدساتير الوضعية والمشرعين لها والحاكمين بها، هل يجب التصريح اللساني بذلك أم أن الكفر القلبي بهم يكفي لتطبيق الآية:"فمن يكفر بالطاغوت.." الآية خاصة إذا علم ما سيؤدي إليه التصريح بالبراءة منهم من الضرر؟ ومتى يجب التغيير بالخروج؟
الجواب
الحكم بغير ما أنزل الله كفر، كما هو صريح القرآن الكريم قال الله -تعالى-:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"[المائدة: 44] وقال -تعالى-:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما"[النساء: 65] وقال -تعالى-: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون"[المائدة: 50] وكل من حكم بغير ما أنزل الله فحكم الجاهلية.
ولكن هذا الكفر يختلف باختلاف حال الحاكم، فإن كان هذا الحاكم ممن يحكم بالشريعة في سائر أحكامه، ملتزم بالحكم بما أنزل الله إلا أنه في قضية معينة ولغرض معين حكم فيها بغير ما أنزل الله مع علمه بحكم الله -تعالى- فيها، واعتقاده بعدم جواز فعله ذلك فهذا كفر أصغر من كبائر الذنوب.
أما حالات تشريع القوانين المخالفة لحكم الله ورسوله والالتزام بها وإلزام الناس بالتحاكم إليها فهذا تبديل لشرع الله وتغيير لأحكامه، وهذا كفر أكبر لا شك في ذلك.
والحكم يشمل من سنّ تلك القوانين "المشرّع" ومن حكم بها، ومن ألزم الناس بالتحاكم إليها ومن رضي بالتحاكم إليها.
أما الذي يحكم بالشريعة في مجمل أحكامه لكنه يحكم في بعضها بالقوانين المخالفة لشرع الله -تعالى- فهذا حال المنافقين الذين قال الله -تعالى- عنهم: "وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون"[النور: 48-51] .
أما موقف المسلم من القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية فهو رفضها وإنكارها والتحذير من الحكم بها أو التحاكم إليها، والسعي بقدر المستطاع لإيجاد المحاكم الشرعية التي تحكم بين عباد الله بما أنزل الله.
وإذا كان بين مسلميْن خصومة في بلد لا توجد فيه محاكم شرعية، فعليهما أن يصطلحا بينهما، أو يختارا عالماً شرعياً يحتكمان إليه ويرضيان بحكمه.
وإن أُجبر المسلم بالتحاكم إليها كأن يكون هو المدعى عليه فالضرورة لها أحكامها.
بقي أن نشير إلى أن الآية المذكورة ليست خاصة في الحاكم بغير ما أنزل الله، وإن كان من رؤوس الطواغيت، وإنما تشمل نفي الإلهية عما سوى الله، فالآية:"فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله"[البقرة: 256] هي تفسير كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) ومعناها البراءة من كل معبود سوى الله، وإثبات العبادة لله وحده. والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.