المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌معنى حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم

- ‌معنى حديث "ليبلغن هذا الدين

- ‌ربا العباس بن عبد المطلب

- ‌الملك العضوض والملك الجبري

- ‌حديث الأعمى (لا أجد لك رخصة) وتخلف المعذور عن الجماعة

- ‌معنى "حتى يحب لأخيه

- ‌معنى حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي

- ‌الجرس في البيت

- ‌هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة

- ‌حديث"رأيت ربي في أحسن صورة

- ‌هل يقتضي حديث: "سياحة أمتي الجهاد" تحريم السياحة للنزهة

- ‌شرح: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌هل في هذا ما يقدح في عدالة الصحابة

- ‌الحكمة في عدم الاسترقاء

- ‌معنى "من خاف أدلج

- ‌معنى حديث: "الأئمة من قريش

- ‌إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر

- ‌معنى "يقادون إلى الجنة في السلاسل

- ‌مفهوم الولد في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله

- ‌شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات

- ‌هل في حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن

- ‌حديث الأخفياء الأتقياء

- ‌معنى "فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه

- ‌أفضل دينار ينفقه الرجل

- ‌حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة

- ‌حديث: "ستكون أمراء…" وحكام اليوم

- ‌هل الولد وماله لأبيه مطلقاً

- ‌حديث "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌حديث الثقلين: كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى حديث التبايع، العِينة

- ‌معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم

- ‌المقصود بموجبات الرحمة في "اللهم أسألك موجبات رحمتك

- ‌حديث: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم

- ‌ما جدوى العمل إذا كان "لا يدخل أحد الجنة بعمله

- ‌فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد

- ‌المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها

- ‌معنى: " ولا يسترقون

- ‌حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره

- ‌معنى: "لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد

- ‌صحة حديث: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها

- ‌عندي إشكال في حديث "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً

- ‌كيف أجتنب المجاهرة بالمعصية وانتهاكها في السر

- ‌حديث "من عاشر قوماً أربعين يوماً

- ‌معنى حديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر

- ‌تساؤلات حول حديث الواهبة نفسها

- ‌الجمع بين حديث "من قُتل دون نفسه" وفتنة عثمان

- ‌صحة حديث: (العنوهن فإنهن ملعونات

- ‌مسائل متفرقة

- ‌تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي

- ‌الدعاء بطول العمر

- ‌التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الخلع وطلب الطلاق

- ‌هل الاحتلام من الشيطان

- ‌رفع اليدين عند قبر النبي

- ‌إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها

- ‌أحاديث الإفطار

- ‌حديث (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)

- ‌رد حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌الأخذ بالحديث الحسن في العقائد

- ‌الحكمة من استحباب النوم على الشق الأيمن

- ‌لعن المخنثين

- ‌حكم من ينكر السنة

- ‌لماذا النساء أكثر أهل النار

- ‌خَلْق المرأة من ضلع أعوج

- ‌رواية الحديث بالمعنى

- ‌حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة

- ‌هل هناك أحاديث صحيحة لم تصلنا

- ‌رواية نعيم بن حماد للفتن

- ‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تبادل التحايا مع غير المسلم

- ‌صحة نسبة كتاب النزول للدارقطني

- ‌العقائد والمذاهب الفكرية

- ‌الحكمة من خلق المخلوقات

- ‌توحيد الألوهية

- ‌في حق الله تعالى، هل يصح العشق

- ‌الجوهر الفرد

- ‌توحيد الربوبية

- ‌الحكمة في خلق السموات والأرض في ستة أيام

- ‌كيف خلق الله الكون

- ‌لماذا خلق الله الخلق لعبادته

- ‌الفرق بين الرب والإله

- ‌هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌كيف أقنعها بوجود الله

- ‌خلق الكون في ستة أيام

- ‌هل الحنان والعطف من صفات الله

- ‌توحيد الأسماء والصفات

- ‌صفة الشم لله تعالى

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌حقيقة التجسيد عند السلفيين

- ‌الله نور السماوات والأرض

- ‌روح الله -تعالى

- ‌هل رؤية الله -تعالى- في الدنيا ممكنة

- ‌معنى: "بائن من خلقه

- ‌أول ما خلق الله

- ‌معنى: "قال الله ولا يزال قائلاً

- ‌القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى

- ‌آخر وقت نزول المولى سبحانه

- ‌هل تحمل آيات الصفات هذه على المجاز

- ‌معنى: "إِلَاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ

- ‌أسماء الله الدالة على وصف متعدي وغير متعدي

- ‌الضابط في أسماء الله الحسنى

- ‌نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز

- ‌الأسماء الإدريسية

- ‌حفظ أسماء الله الحسنى وتعيينها

- ‌هل من أسماء الله: الواجد والماجد

- ‌صيغة الجمع في القرآن

- ‌عبارة: (يا معين)

- ‌هل (الستير) من أسماء الله

- ‌معنى علو الله تعالى

- ‌ما الفرق بين أسماء الله وصفاته

- ‌معنى الله معنا

- ‌هل (القديم) من أسماء الله

- ‌التجسيم في الإسلام والنصرانية

- ‌الرد على مقولة: (الله وحده الموجود ولا شيء سواه)

- ‌حكم الذهاب إلى الرقاة

- ‌عدل الله مع الكفار

- ‌لوازم إثبات الصفات لله

- ‌أين الله

- ‌الكبرياء ردائي

- ‌عبارة: "الله يلوم من يلومك

- ‌أصابع الرحمن

- ‌هل يدعو الله بـ (يا سَتِير) أم بـ (يا ساتر)

- ‌استواء الله على عرشه

- ‌اسم الله الأعظم

- ‌هل (الفرد) من أسماء الله تعالى

- ‌هل يلزم من رؤية الله في الآخرة التجسيم

- ‌عبارة (اللهم لا تضر أبنائي)

- ‌صفة النفس لله تعالى

- ‌نزول الرب جل وعز واختلاف آخر الليل

- ‌رؤية المنافقين لله يوم القيامة

- ‌الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية

- ‌معنى حديث ذراع الجبار

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق

- ‌الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق

- ‌إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا

- ‌استخدام الجنّ في العلاج

- ‌الإيمان بالملائكة والجن

- ‌كيف نثبت وجود الملائكة

- ‌الجن والشياطين سلالة من

- ‌هل الملائكة أجسام نورانية

- ‌تلبس الجن بالإنس

- ‌تكليف الجن بالعبادات

- ‌رؤية الجن والكلام معهم

- ‌مذهب أهل السنة في الملائكة والجان

- ‌دخول الملائكة للبيوت

- ‌هل للموت ملك أم ملائكة

- ‌الكروبيون

- ‌رجال الغيب

- ‌هل وجد الجن قبل الإنس

- ‌هل هاروت وماروت مطرودان من الجنة

- ‌كيف تموت الشياطين

- ‌مصير الجن يوم القيامة

- ‌رؤية الملائكة في الدنيا

- ‌الاستعانة بالجن للدلالة على المفقود

- ‌هل الذي يقبض الروح مَلَكُ الموت وحده

- ‌رؤية الملائكة لله تعالى

- ‌دواب الجن

- ‌هل آمن الجن بموسى عليه الصلاة والسلام

- ‌احتسى سُماً فمات

- ‌وظائف الملائكة

- ‌وظائف الملائكة الموكلين بالعباد

- ‌رؤية الملائكة

- ‌متى يؤجر المرء على الحنث في يمينه

- ‌الإيمان بالقدر

- ‌هل في هذين البيتين محظور شرعي

- ‌مواجهة المصائب

- ‌الجبر والاختيار

- ‌أسباب المصائب

- ‌معنى الخوض في القدر

- ‌لماذا العمل

- ‌عبارة: (قصف الآجال)

- ‌العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان

- ‌تساؤلات حول القدر

- ‌هل هذا من حفظ الملك الموكل بالإنسان

- ‌عبارة: (يلعن أم الحالة)

- ‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

- ‌الفرق بين الإرادة والمشيئة

- ‌الإنسان بين التسيير والتخيير

- ‌عبارة: (نجا من الموت بأعجوبة)

- ‌هل ابتلاء الخلق يعارض الرحمة

- ‌الاحتجاج على المعصية بالقدر والضعف البشري

- ‌هل أعتبر ساخطة على القدر

- ‌ما الواجب تجاه من يسبّ الله

- ‌ نواقض الإيمان

- ‌الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌رمي الودع (التنبؤ بالغيب)

- ‌الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر

- ‌الذبح في رجب لدفع أذى الجن

- ‌وصف الله بالظلم

- ‌ما يستوجب الكفر

- ‌الوليمة والذبح في الدار الجديدة

- ‌دفع مال للاستسقاء

- ‌هل تصح عبارة: (نحن أبناء الله، أو عيال الله)

- ‌التبرك بما يوضع على قبور الصالحين

- ‌شبهات في جواز دعاء الأموات

- ‌بيع الأحجار الكريمة لمن يصنع منها أصناماً

- ‌طلب العون من غير الله تعالى

- ‌الذبح في المقابر

- ‌طاعة ولي الأمر

- ‌الحكم بالقوانين الوضعية

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الفرق بين الأنظمة الإدارية والقوانين الوضعية

- ‌اليمين الدستوري

- ‌تحاكم المسلم على القانون البريطاني

- ‌تحاكم المسلمين إلى المحاكم الوضعية

- ‌التكفير بالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌تولي المناصب السياسية في دول لا تحكم بالشريعة

- ‌التحاكم إلى المحاكم الوضعية إذا لم يجد غيرها

- ‌القول بتحريف القرآن

- ‌برج المولود

- ‌قتل الساحر

- ‌رقية أم شعوذة

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌الرقية بكتابة الآيات وشرب مائها

- ‌رجل يعالج باستخدام الجن

- ‌تناول الطعام للرقية

- ‌التنجيم

- ‌الرقية باللغة السريالية

- ‌شعوذة من نوع جديد

- ‌معالجة المسحور بالقرآن

- ‌هل الرقية موهبة وإلهام

- ‌شيوخ يخبرون بمكان المسروق

- ‌معالجة السحر

- ‌رقية الحساسية

- ‌حل السحر بالسحر

- ‌معالجة المسحور

- ‌قراءة الأبراج

- ‌هل هذه الرقية جائزة

- ‌لبس القلائد التي فيها ذكر الله

- ‌الجمع بين النهي عن الطيرة والاسترقاء

- ‌الذهاب للساحر وتعلم السحر

- ‌هل تجوز هذه التميمة

- ‌ماء الرقية للهداية

- ‌الرقية قبل أو بعد المرض

- ‌تعدي تأثير السحر إلى غير المسحور

- ‌حكم الساحر

- ‌ما يفعله العائن لإنقاذ المعين

- ‌استخدام الجن لفك السحر

- ‌حرز الجوشن الكبير

- ‌تحضير الأرواح (النورانية)

- ‌ما يقال للعائن لاتقاء عينه

- ‌هل من هجر القرآن عدم الاستشفاء به

- ‌استعانت بالسحرة لتصرِفَه عن غيرها ويتزوجها

- ‌التطهر لمس كتب السحر

- ‌الرقية الجماعية

- ‌معالجة روحانية أم كهانة

- ‌تحضير خدام القرآن من الجن

- ‌ترقي نفسها عن طريق سماع الأشرطة

- ‌كيفية إبطال السحر

- ‌هل هذه رقية شرعية

- ‌قبول توبة الساحر

- ‌تعليق ملصق "العهود السبع السليمانية

- ‌الوقاية من شر الساحر

- ‌الاستشفاء بأسماء الله الحسنى

- ‌ما ذنب المسحور

- ‌يقدم ألعاباً سحرية

- ‌كتابة الحرز، وتعليق التمائم

- ‌قراءة سورة يونس وطه للمبتلاة بإسقاط الجنين

- ‌جدتي تمارس الشعوذة

- ‌أرادت أن تعمل سحراً لوالدها

- ‌الاستعانة بالمشعوذين في فك السحر

- ‌هل النشرة سحر

- ‌تعلم القرآن لعلاج الجن

- ‌تأثير الساحر ماديًّا على المسحور

- ‌الاستعانة بالجن

- ‌الرقية بأدعية غير مأثورة

الفصل: ‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالقدر

التاريخ 20/3/1425هـ

السؤال

أنا فتاة، أعاني من مأساة الوسواس الذي لا يتركني أبداً، وقد كان يشككني في كل شيء، ولكني بعد قراءات عديدة في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة أيقنت تماماً بوجود الله وبالإسلام ديناً، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، ولكن المشكلة الوساوس الخاصة بالعدالة الإلهية، فدائماً أقول لنفسي: إن الله غير عادل؛ لما نحن فيه من بلاء، فأنا أخاف الله جداً، ولكني لا أحبه، والمشكلة الأخرى هي عدم تيقني من مبدأ الثواب والعقاب بالجنة والنار حتى اصبر على ظلم الحياة. فأرجوكم أريد من يمد يده لينقذني مما أنا فيه؟.

الجواب

الحمد لله:

ص: 334

لقد دل الله عباده بما نصب من آياته الكونية، كالسماوات والأرض وما بينهما، وكل جزء من هذا العالم يدل على وجود الخالق – سبحانه- وقدرته، وحكمته، قال – سبحانه وتعالى:"إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"[الأعراف:54]،وقال –سبحانه وتعالى:"وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون"[الذاريات:20-21] ، فما على وجه الأرض من جبال وأنهار، وأشجار، وبحار فيها دلالة عظيمة على قدرة الخالق وحكمته، وعلمه –سبحانه-، بل ونفس الإنسان فيه آيات باهرات، ولو فكّر الإنسان في خلقه شهد العجائب، قال –تعالى-:"وفي أنفسكم أفلا تبصرون"[الذاريات:21]، وقال –تعالى-:"أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون"[الروم:8]، وقال –سبحانه-:"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"[فصلت:53] ، فهذا الإنسان مخلوق من ماء مهين، خلقه الله أطواراً، وصوره في رحم أمه، وركب فيه أعضاءه، وقواه، وجعل فيه آلات الإدراك من السمع، والبصر، والعقل، "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون" [النحل:78] ، والقرآن مملوء من الإرشاد إلى آيات الله الكونية في الأنفس والآفاق، فما أضل الجاهلين! وما أجهل الملحدين!.

ص: 335

فتفكري أيتها السائلة في آيات الله، فإن التفكر الصادق طريق إلى المعرفة، "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الرعد:3] فالتفكر في آيات الله الخلقية، وآيات الله القرآنية يزيد المؤمن إيماناً، ويقوي به اليقين، ويذهب الله به الوساوس الشيطانية، قال – سبحانه وتعالى:"إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار"[آل عمران:190-191]، يعني: ما خلقت هذا العالم عبثاً ولا لعباً، بل خلقته بالحق لحكم بالغة، وبقدرة تامة، ومشيئة نافذة، وما دام -أيتها السائلة- أن الله قد وفقك للنظر فيما يُذكِر من الإعجاز العلمي في القرآن، وأنه حصل لك بسبب ذلك اليقين والإيمان بالله، وكتابه، ورسوله – صلى الله عليه وسلم، ودين الإسلام، فهذه نعمة منَّ الله بها عليك، فإنه – سبحانه- هو الذي يمن على من يشاء بالهداية، ويؤتي فضله من يشاء، وهو الحكيم العليم، كما قال –تعالى-:"يهدي الله لنوره من يشاء"[النور:35]،وقال –تعالى-:"ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم"[الحجرات:7-8] .

ص: 336

ثم اعلمي -أيتها السائلة- أن الخواطر التي ترد على القلب مما يعارض الإيمان بالله ورسوله – صلى الله عليه وسلم، واليوم الآخر، لا تضر المسلم ما دام أنه يعلم أنها باطلة، ويبغضها، ويكرهها، ويتألم منها، والشيطان إذا عجز عن إضلال المسلم، وإخراجه عن دينه، اجتهد في أن يشوش عليه إيمانه بإلقاء الوساوس التي تزعجه، وقد جاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم فقال:"إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخرُّ من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، فقال – عليه الصلاة والسلام: "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" رواه أحمد (2098) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما، وفي لفظ آخر عند مسلم (132) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه قال له صلى الله عليه وسلم: "ذاك صريح الإيمان"، يعني: كراهة هذا الوسواس، وبغضه، والنفرة منه من صحة الإيمان، فمثل هذه الوساوس لا تضر المؤمن ما دام أنه ثابت على عقيدته، ثم إنه – صلى الله عليه وسلم أرشد من خطرت له هذه الخواطر أن يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول: آمنت بالله ورسله، وأن يعرض عن هذه الوساوس، ولا يشتغل بها، ولا يسترسل معها، بل يعرض عنها انظر ما رواه البخاري (3276) ومسلم (134) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – وما رواه أحمد (21393) والطبراني في الكبير (3633) من حديث خزيمة – رضي الله عنه.

ص: 337

ومما يجب الإيمان به القدر، فإن الإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، ومعنى الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله علم كل شيء بعلمه القديم، وكتب ذلك، كما أخبر في كتابه، كما أن من الإيمان بالقدر الإيمان بأن كل ما يجري في هذا الوجود هو بمشيئته – سبحانه- وتدبيره، وأنه –تعالى- خالق كل شيء، فيجب مع الإيمان بالقدر الإيمان بحكمة الله، أن الله حكيم، يعني: له الحكمة البالغة فيما خلق وقدر في هذا الوجود من خير وشر، ومن حكمته –تعالى- ابتلاء العباد، يعني: اختبارهم؛ ليتبين المؤمن من الكافر، والمطيع من العاصي، والصادق من الكاذب، كما قال –تعالى-:"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً"[الملك:2]،وقال –تعالى-:"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"[العنكبوت:2-3] ، فيجب الإيمان بأن له في كل ما يقدره حكمة بالغة، علمنا ذلك أو لم نعلم، بل ما يخفى على العباد من حكمته –تعالى- هو أضعاف أضعاف ما يعلمونه، بل ما يعملونه من حكمته في خلقه يسير جداً، فالعقول لا تحيط به علماً، قال –تعالى-:"وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"[الإسراء:85]، وقال –تعالى-:"ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء"[البقرة:255] ، فإذا رأى الإنسان ما يتوهم منه أنه خلاف العدل فليتذكر كمال علمه، وحكمته – سبحانه-، ويتذكر مع ذلك قصور عقل الإنسان عن معرفة أسرار القدر، فالقدر سر الله، لا يعلم العباد منه إلا ما علمهم، ومعنى هذا أن على الإنسان أن يحسن الظن بربه، ويقرّ على نفسه بالعجز والقصور، هذا الأصل عند المؤمن أو المؤمنة، انزاحت عنه الشبهات لحكم الله وحكمته، فلا يستقر الإيمان إلا على مبدأ التسليم؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يدرك عقله كل شيء. ومما يدخل في ذلك أقدار الله الجارية على العباد مثل أنه – سبحانه وتعالى يُضل ويهدي، ويُسعد ويشقي، ويُعز ويذل، ويُفقر ويغني،

ص: 338

ويبتلي ويعافي، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، كما يدخل في ذلك تنويعه للخلق، حيث خلق الطويل والقصير، والجميل والدميم، وفاضل بين العباد في عقولهم وحواسهم، وخلق – سبحانه وتعالى الأضداد، فخلق الطيب والخبيث، والنافع والضار، كما خلق الملائكة والشياطين، والعقول قاصرة عن معرفة أسرار هذه الأقدار، فلا بد من التسليم لحكمته – سبحانه وتعالى وعدله في تدبيره ثم إنه –سبحانه وتعالى قد جعل هذه الحياة ميداناً للابتلاء، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب لهداية العباد، وإخراج من شاء – سبحانه وتعالى من الظلمات إلى النور، قال –تعالى-:"كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد"[إبراهيم:1] ، وقد قضى بحكمته أن تكون السعادة والفلاح لمن أجاب المرسلين، واستقام على صراط الله الذي هو دينه، وهو دين الإسلام، وأن يكون الشقاء والضلال لمن كذب الرسل، وأعرض عن دعوتهم، قال – سبحانه وتعالى:"قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى"[طه:123 – 124] .

فالناس أمام دعوة الرسل فريقان مؤمن وكافر، وتقي وفاجر، وقد أعد الله لأوليائه المتقين دار النعيم المقيم، وأعد لأعدائه الكافرين عذاب الجحيم، فهذه الدنيا دار الابتلاء ودار العمل، والدار الآخرة دار الجزاء قال تعالى:"فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره"[الزلزلة:7، 8]، وقال سبحانه:"يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد"[آل عمران:30] .

ص: 339

فأوصيك أيتها السائلة وكل مسلم بالجد والاجتهاد في طاعة الله مع سؤال الله الثبات، فإن العبد في ضرورة إلى هداية الله، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) من حديث أنس رضي الله عنه، وأنفع الدعاء ما علمه الله عباده، وفرضه عليهم في كل صلاة، وهو ما في سورة الفاتحة:"اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين"[الآيتين:6-7] .

نسأل الله أن يمن علينا بالهداية إلى صراطه المستقيم؛ صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والله أعلم.

ص: 340