المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌اليمين الدستوري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌معنى حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم

- ‌معنى حديث "ليبلغن هذا الدين

- ‌ربا العباس بن عبد المطلب

- ‌الملك العضوض والملك الجبري

- ‌حديث الأعمى (لا أجد لك رخصة) وتخلف المعذور عن الجماعة

- ‌معنى "حتى يحب لأخيه

- ‌معنى حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي

- ‌الجرس في البيت

- ‌هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة

- ‌حديث"رأيت ربي في أحسن صورة

- ‌هل يقتضي حديث: "سياحة أمتي الجهاد" تحريم السياحة للنزهة

- ‌شرح: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌هل في هذا ما يقدح في عدالة الصحابة

- ‌الحكمة في عدم الاسترقاء

- ‌معنى "من خاف أدلج

- ‌معنى حديث: "الأئمة من قريش

- ‌إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر

- ‌معنى "يقادون إلى الجنة في السلاسل

- ‌مفهوم الولد في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله

- ‌شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات

- ‌هل في حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن

- ‌حديث الأخفياء الأتقياء

- ‌معنى "فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه

- ‌أفضل دينار ينفقه الرجل

- ‌حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة

- ‌حديث: "ستكون أمراء…" وحكام اليوم

- ‌هل الولد وماله لأبيه مطلقاً

- ‌حديث "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌حديث الثقلين: كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى حديث التبايع، العِينة

- ‌معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم

- ‌المقصود بموجبات الرحمة في "اللهم أسألك موجبات رحمتك

- ‌حديث: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم

- ‌ما جدوى العمل إذا كان "لا يدخل أحد الجنة بعمله

- ‌فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد

- ‌المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها

- ‌معنى: " ولا يسترقون

- ‌حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره

- ‌معنى: "لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد

- ‌صحة حديث: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها

- ‌عندي إشكال في حديث "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً

- ‌كيف أجتنب المجاهرة بالمعصية وانتهاكها في السر

- ‌حديث "من عاشر قوماً أربعين يوماً

- ‌معنى حديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر

- ‌تساؤلات حول حديث الواهبة نفسها

- ‌الجمع بين حديث "من قُتل دون نفسه" وفتنة عثمان

- ‌صحة حديث: (العنوهن فإنهن ملعونات

- ‌مسائل متفرقة

- ‌تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي

- ‌الدعاء بطول العمر

- ‌التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الخلع وطلب الطلاق

- ‌هل الاحتلام من الشيطان

- ‌رفع اليدين عند قبر النبي

- ‌إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها

- ‌أحاديث الإفطار

- ‌حديث (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)

- ‌رد حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌الأخذ بالحديث الحسن في العقائد

- ‌الحكمة من استحباب النوم على الشق الأيمن

- ‌لعن المخنثين

- ‌حكم من ينكر السنة

- ‌لماذا النساء أكثر أهل النار

- ‌خَلْق المرأة من ضلع أعوج

- ‌رواية الحديث بالمعنى

- ‌حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة

- ‌هل هناك أحاديث صحيحة لم تصلنا

- ‌رواية نعيم بن حماد للفتن

- ‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تبادل التحايا مع غير المسلم

- ‌صحة نسبة كتاب النزول للدارقطني

- ‌العقائد والمذاهب الفكرية

- ‌الحكمة من خلق المخلوقات

- ‌توحيد الألوهية

- ‌في حق الله تعالى، هل يصح العشق

- ‌الجوهر الفرد

- ‌توحيد الربوبية

- ‌الحكمة في خلق السموات والأرض في ستة أيام

- ‌كيف خلق الله الكون

- ‌لماذا خلق الله الخلق لعبادته

- ‌الفرق بين الرب والإله

- ‌هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌كيف أقنعها بوجود الله

- ‌خلق الكون في ستة أيام

- ‌هل الحنان والعطف من صفات الله

- ‌توحيد الأسماء والصفات

- ‌صفة الشم لله تعالى

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌حقيقة التجسيد عند السلفيين

- ‌الله نور السماوات والأرض

- ‌روح الله -تعالى

- ‌هل رؤية الله -تعالى- في الدنيا ممكنة

- ‌معنى: "بائن من خلقه

- ‌أول ما خلق الله

- ‌معنى: "قال الله ولا يزال قائلاً

- ‌القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى

- ‌آخر وقت نزول المولى سبحانه

- ‌هل تحمل آيات الصفات هذه على المجاز

- ‌معنى: "إِلَاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ

- ‌أسماء الله الدالة على وصف متعدي وغير متعدي

- ‌الضابط في أسماء الله الحسنى

- ‌نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز

- ‌الأسماء الإدريسية

- ‌حفظ أسماء الله الحسنى وتعيينها

- ‌هل من أسماء الله: الواجد والماجد

- ‌صيغة الجمع في القرآن

- ‌عبارة: (يا معين)

- ‌هل (الستير) من أسماء الله

- ‌معنى علو الله تعالى

- ‌ما الفرق بين أسماء الله وصفاته

- ‌معنى الله معنا

- ‌هل (القديم) من أسماء الله

- ‌التجسيم في الإسلام والنصرانية

- ‌الرد على مقولة: (الله وحده الموجود ولا شيء سواه)

- ‌حكم الذهاب إلى الرقاة

- ‌عدل الله مع الكفار

- ‌لوازم إثبات الصفات لله

- ‌أين الله

- ‌الكبرياء ردائي

- ‌عبارة: "الله يلوم من يلومك

- ‌أصابع الرحمن

- ‌هل يدعو الله بـ (يا سَتِير) أم بـ (يا ساتر)

- ‌استواء الله على عرشه

- ‌اسم الله الأعظم

- ‌هل (الفرد) من أسماء الله تعالى

- ‌هل يلزم من رؤية الله في الآخرة التجسيم

- ‌عبارة (اللهم لا تضر أبنائي)

- ‌صفة النفس لله تعالى

- ‌نزول الرب جل وعز واختلاف آخر الليل

- ‌رؤية المنافقين لله يوم القيامة

- ‌الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية

- ‌معنى حديث ذراع الجبار

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق

- ‌الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق

- ‌إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا

- ‌استخدام الجنّ في العلاج

- ‌الإيمان بالملائكة والجن

- ‌كيف نثبت وجود الملائكة

- ‌الجن والشياطين سلالة من

- ‌هل الملائكة أجسام نورانية

- ‌تلبس الجن بالإنس

- ‌تكليف الجن بالعبادات

- ‌رؤية الجن والكلام معهم

- ‌مذهب أهل السنة في الملائكة والجان

- ‌دخول الملائكة للبيوت

- ‌هل للموت ملك أم ملائكة

- ‌الكروبيون

- ‌رجال الغيب

- ‌هل وجد الجن قبل الإنس

- ‌هل هاروت وماروت مطرودان من الجنة

- ‌كيف تموت الشياطين

- ‌مصير الجن يوم القيامة

- ‌رؤية الملائكة في الدنيا

- ‌الاستعانة بالجن للدلالة على المفقود

- ‌هل الذي يقبض الروح مَلَكُ الموت وحده

- ‌رؤية الملائكة لله تعالى

- ‌دواب الجن

- ‌هل آمن الجن بموسى عليه الصلاة والسلام

- ‌احتسى سُماً فمات

- ‌وظائف الملائكة

- ‌وظائف الملائكة الموكلين بالعباد

- ‌رؤية الملائكة

- ‌متى يؤجر المرء على الحنث في يمينه

- ‌الإيمان بالقدر

- ‌هل في هذين البيتين محظور شرعي

- ‌مواجهة المصائب

- ‌الجبر والاختيار

- ‌أسباب المصائب

- ‌معنى الخوض في القدر

- ‌لماذا العمل

- ‌عبارة: (قصف الآجال)

- ‌العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان

- ‌تساؤلات حول القدر

- ‌هل هذا من حفظ الملك الموكل بالإنسان

- ‌عبارة: (يلعن أم الحالة)

- ‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

- ‌الفرق بين الإرادة والمشيئة

- ‌الإنسان بين التسيير والتخيير

- ‌عبارة: (نجا من الموت بأعجوبة)

- ‌هل ابتلاء الخلق يعارض الرحمة

- ‌الاحتجاج على المعصية بالقدر والضعف البشري

- ‌هل أعتبر ساخطة على القدر

- ‌ما الواجب تجاه من يسبّ الله

- ‌ نواقض الإيمان

- ‌الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌رمي الودع (التنبؤ بالغيب)

- ‌الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر

- ‌الذبح في رجب لدفع أذى الجن

- ‌وصف الله بالظلم

- ‌ما يستوجب الكفر

- ‌الوليمة والذبح في الدار الجديدة

- ‌دفع مال للاستسقاء

- ‌هل تصح عبارة: (نحن أبناء الله، أو عيال الله)

- ‌التبرك بما يوضع على قبور الصالحين

- ‌شبهات في جواز دعاء الأموات

- ‌بيع الأحجار الكريمة لمن يصنع منها أصناماً

- ‌طلب العون من غير الله تعالى

- ‌الذبح في المقابر

- ‌طاعة ولي الأمر

- ‌الحكم بالقوانين الوضعية

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الفرق بين الأنظمة الإدارية والقوانين الوضعية

- ‌اليمين الدستوري

- ‌تحاكم المسلم على القانون البريطاني

- ‌تحاكم المسلمين إلى المحاكم الوضعية

- ‌التكفير بالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌تولي المناصب السياسية في دول لا تحكم بالشريعة

- ‌التحاكم إلى المحاكم الوضعية إذا لم يجد غيرها

- ‌القول بتحريف القرآن

- ‌برج المولود

- ‌قتل الساحر

- ‌رقية أم شعوذة

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌الرقية بكتابة الآيات وشرب مائها

- ‌رجل يعالج باستخدام الجن

- ‌تناول الطعام للرقية

- ‌التنجيم

- ‌الرقية باللغة السريالية

- ‌شعوذة من نوع جديد

- ‌معالجة المسحور بالقرآن

- ‌هل الرقية موهبة وإلهام

- ‌شيوخ يخبرون بمكان المسروق

- ‌معالجة السحر

- ‌رقية الحساسية

- ‌حل السحر بالسحر

- ‌معالجة المسحور

- ‌قراءة الأبراج

- ‌هل هذه الرقية جائزة

- ‌لبس القلائد التي فيها ذكر الله

- ‌الجمع بين النهي عن الطيرة والاسترقاء

- ‌الذهاب للساحر وتعلم السحر

- ‌هل تجوز هذه التميمة

- ‌ماء الرقية للهداية

- ‌الرقية قبل أو بعد المرض

- ‌تعدي تأثير السحر إلى غير المسحور

- ‌حكم الساحر

- ‌ما يفعله العائن لإنقاذ المعين

- ‌استخدام الجن لفك السحر

- ‌حرز الجوشن الكبير

- ‌تحضير الأرواح (النورانية)

- ‌ما يقال للعائن لاتقاء عينه

- ‌هل من هجر القرآن عدم الاستشفاء به

- ‌استعانت بالسحرة لتصرِفَه عن غيرها ويتزوجها

- ‌التطهر لمس كتب السحر

- ‌الرقية الجماعية

- ‌معالجة روحانية أم كهانة

- ‌تحضير خدام القرآن من الجن

- ‌ترقي نفسها عن طريق سماع الأشرطة

- ‌كيفية إبطال السحر

- ‌هل هذه رقية شرعية

- ‌قبول توبة الساحر

- ‌تعليق ملصق "العهود السبع السليمانية

- ‌الوقاية من شر الساحر

- ‌الاستشفاء بأسماء الله الحسنى

- ‌ما ذنب المسحور

- ‌يقدم ألعاباً سحرية

- ‌كتابة الحرز، وتعليق التمائم

- ‌قراءة سورة يونس وطه للمبتلاة بإسقاط الجنين

- ‌جدتي تمارس الشعوذة

- ‌أرادت أن تعمل سحراً لوالدها

- ‌الاستعانة بالمشعوذين في فك السحر

- ‌هل النشرة سحر

- ‌تعلم القرآن لعلاج الجن

- ‌تأثير الساحر ماديًّا على المسحور

- ‌الاستعانة بالجن

- ‌الرقية بأدعية غير مأثورة

الفصل: ‌ ‌اليمين الدستوري المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية

‌اليمين الدستوري

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/الحكم بغير ما أنزل الله

التاريخ 11/6/1424هـ

السؤال

يا شيخ بارك الله فيك نحن طلبة علم ونسألك ما حكم رجل يجلس أمام حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، ويضع هذا الرجل المصحف بين يديه، والدستور (الذي يحكم بغير الشرع) أمامه ثم يقول العبارة التالية:

(أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن والأمير، وأن أحترم الدستور وقوانين الدولة وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق

) ؟

وقد قال هذا القسم مختاراً من غير إكراه ولا جهل معتبر ولا تأويل سائغ، ويقول هذا القسم أمام الملأ: والسؤال هنا هل هذا المقسم مؤمن بالطاغوت كافراً بالله أم كافر بالطاغوت مؤمناً بالله، ظاهر؟ إذ لا شأن لنا بما يعتقده في قلبه، وما حكم من يرضى بهذا القسم ولم يقسم؟ وجزاك الله خيراً ونسأل الله أن ينفع بكم الأمة.

الجواب

إذا أريد الحكم الشرعي على حاكم معين لا يحكم بشرع الله فيجب أن يعلم حالة ذلك الحاكم من حيث الإيمان بشرع الله أو ضده، ولهذا لا تخلو حال الحاكم بغير ما أنزل الله من ثلاث حالات:

الأول: أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم حكم الله في هذه المسألة المعينة، ويرى أن حكم الله لا يصلح لهذا الزمان فهذا كافر كفراً أكبر ينقله عن ملة الإسلام.

الثانية: إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل وهو يعلم حكم، الله ويرى أن حكمه سبحانه وحكم غيره من القوانين البشرية سواء، وله أو لغيره أن يختار أي الحكمين فهو كافر كالذي قبله سواء بسواء.

ص: 393

الثالثة: إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل، وهو يعتقد أن حكم الله هو أصلح للعباد في دينهم ودنياهم، وإنما حكم بالقانون الوضعي لجهله بحكمه، أو لتأوله بأنه لا يخالف الشرع لشهوة شخصية ففعله هذا كبيرة من كبائر الذنوب، وهو معصية تقرب من الشرك ولكن لا يكفر بها، وهي عند أهل العلم،: كفر دون كفر، وهذا النوع الثالث عليه أكثر حكام المسلمين اليوم، ومعلوم في القواعد الشرعية المقررة: أن المؤاخذة والتأثيم لا تكون بمجرد المخالفة ولكن بتحقق القصد إليها، فالمتأول في حقيقة الأمر مخطئ غير متعمد للمخالفة، بل هو يعتقد أنه على حق وموافق لشرع الله قال تعالى:"وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ"[الأحزاب: من الآية5]، وهذا عام في كل خطأ وقد ثبت في صحيح مسلم أنه لما نزل قوله تعالى:"رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا"[البقرة: من الآية286]، قال الله: قد فعلت وأيضاً إن هذا النوع من الحكام يغلب عليهم الجهل بالإسلام وأحكامه، وتعلق بقلوبهم الشبهة تلو الشبهة، فتراه إن دافع عن فعله المنكر دافع بشبهة أو شهوة، وحاله غير مكذّب لقول الله وليس مستحلاً لمخالفة أمره سبحانه فهذا وأمثاله إن أطلق عليه وصف الكفر مراعاة لظاهر النص في القرآن "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة: 44] ، فلا تجرى عليه أحكام الكفار في الدنيا من عدم التوارث أو الصلاة عليه أو الدفن في مقابر المسلمين أو الدعاء له بعد الوفاة ونحوه، ولهذا لابد من التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين، فالإمام أحمد وغيره من علماء السلف رحمهم الله لم يكفروا كل من دعا إلى القول بخلق القرآن، مع إطلاقهم أن القول بخلق القرآن كفر، ولهذا قال علماء السلف: إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع،

ص: 394

وقال ابن تيمية في رده على البكري ص: 260 (كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم: أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم وأصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور معرفة المنقول الصحيح والمعقول الصريح الموافق له) أ. هـ، وبناء على هذا نقول شبهات هؤلاء الحكام في هذا العصر هي شبهات أولئك الأمراء والقضاة في السابق، والحجة الشرعية لا تقوم على المخالف عامة في الاعتقاد أو غيره، بمجرد بلوغه الدليل بل لابد مع ذلك من فهم تلك الحجة جيداً بمعرفة لوازمها إثباتاً ونفياً، وأظهر دليل على هذا حكم الله في المنافقين بأن يعاملوا معاملة المسلمين في الدنيا، وإن كانوا في الآخرة من أهل الجحيم؛ كما أخبر الله "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا" [النساء:145] ، ولقد حدثنا الله عن المنافقين الذين صرح الله بكفرهم في كتابه وقد عاملهم رسوله – صلى الله عليه وسلم – معاملة المسلمين لقيامهم بشعائر الإسلام في الظاهر وإن أسروا خلافها؛ قال الله تعالى:"وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ"[التوبة: 65-66] ، فحكام المسلمين اليوم الذين يؤدون شعائر الإسلام الظاهرة، وفي نفس الوقت يحكمون القوانين الوضعية حكمهم حكم المنافقين في الدنيا، وهذا موافق لمذهب السلف بعدم تكفير المسلم المعين إلا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.

ص: 395

وسؤال السائل عن حكم المقسم بهذا القسم المنصوص في السؤال هل هذا المقسم مؤمن بالطاغوت كافر بالله أو هو كافر بالله مؤمن بالطاغوت؟ مبني على حكم ذلك الأمير الذي يحكم بالقانون الوضعي المخالف لشرع الله هل هو كافر كفراً أكبر أو كفرا أصغر أي كفر دون كفر كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما، ولهذا أطلت في الأول (الحاكم) لأنه أساس الثاني (مؤدي القسم) ، والراضي بهذا الحكم الوضعي يأخذ حكم الحاكم، والمقسم تبعاً لذلك حسب التفصيل السابق، والناظر لصيغة السؤال يظهر منه أن السائل مستشرف ومتشوق للحكم بالكفر على هذا القسم ولكل من يقسم به، والأولى على هذا أن جملة في آخر السؤال هي:"ولا شأن لنا بما يعتقده قلبه" ثم ألفاظ القسم أكثرها صحيح لا شيء فيه مثل أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن والأمير.. وأذود عن الشعب وأمواله وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق) ، ولم يبق من ألفاظه المحتملة غير احترام الدستور وقوانين الدولة وحريات الشعب) فالدستور وقوانينه وحماية الحريات للشعب يحتمل أن تكون موافقة للشرع ويحتمل أن تكون مخالفة له، فإن كانت موافقة فالحمد لله وإن كانت غير موافقة فينظر هل قبول الحاكم (الأمير) لها وإلزام الناس بها عن معرفة لمخالفتها لشرع الله أم الأخذ بها وتبنيها نتيجة تأويل لديه أو شهوة عنده؟ إن كان الأمر هكذا فيقال أيضاً إن هذا الحكم ليس كفراً، ولا الحاكم به أو المقسم عليه طاغوتاً وإنما هو مخطئ متأول لم تبلغه الحجة عن فهم وبصيرة.

ص: 396

وأخيراً أحذركم من التسرع في إصدار الأحكام على الناس حكاماً أو محكومين تمسكاً بظواهر النصوص دون فقه وتدبر، فإن هذا فتنة للمتكلم والسامع "والفتنة أكبر من القتل" [البقرة: 217] كما قال الله سبحانه، وأوصيكم ونفسي بالتزام طريقة السلف في الحكم على المخالف، وكما في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه في البخاري (4269)، ومسلم (96) لما أهوى بالسيف إلى مشرك ليقتله تلفظ المشرك بقول:"لا إله إلا الله" فقتله أسامة رضي الله عنه متأولاً بأنه لم يقل كلمة التوحيد إلا تعوذاً من السيف فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم معاتباً: "أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله فكيف يا أسامة بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجك عند الله"؟ ومثل هذا يقال بتكفير الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو يشهد كلمة التوحيد ويؤدي شعائر الإسلام الظاهرة فكيف بمن يكفره وهو يعلم أنه متأول أو جاهل بالحكم ولم يقم أحد بمناقشته وإقامة الحجة عليه؟! فكيف إذا جاءت كلمة التوحيد وشعائر الإسلام الظاهرة كلها تحاج لصاحبها عند الله يوم القيامة؟! وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

ص: 397