الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل للموت ملك أم ملائكة
؟
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
العقائد والمذاهب الفكرية/الإيمان بالملائكة والجن
التاريخ 8/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
هل يوجد لكل نفس ملك موكل بقبض الروح؟ أم فقط ملك الموت هو الموكل؟ وهل يوجد له أعوان من الملائكة؟ كما في صيغة الجمع من قوله تعالى: (وتتوفاهم الملائكة) . وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد وردت آيات القرآن الكريم متضمنة ما يدل على أن الله - تعالى - هو الذي يتوفى الأنفس كما في قوله تعالى:" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[الزمر:42]، وجاءت مرة لتدل على أن ملك الموت هو الذي يتوفى الأنفس كما في قوله:"قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ"[السجدة:11]، وجاءت أخرى لتدل على أن عدداً من الملائكة تتوفى الأنفس:"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" الآية، [الأنعام: 61] ، وهذه الآيات وغيرها مما هو في معناها لا تعارض بينها، فما جاء منها بإسناد التوفي إلى الله - تعالى - فلأنه سبحانه هو المتوفي للأنفس حقيقة، وهو - تعالى - خالق الموت والحياة، ويقول – جل وعلا -:"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"[الملك:2] ، وما جاء منها بإسناد التوفي إلى ملك الموت فلأنه هو المباشر لقبض الأرواح بأمر الله - تعالى - وتسليطه على خلقه، وما جاء منها بإسناد التوفي إلى الملائكة؛ فلأنهم أعوان ملك الموت في توفي الأرواح وقبضها، وقد جاء في الأثر عند ابن أبي شيبة وصححه ابن كثير، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:"توفته رسلنا وهم لا يفرطون"[الأنعام: 61] قال: أعوان ملك الموت من الملائكة انظر: تفسير ابن كثير (3/1306) . قال الشنقيطي – رحمه الله – في أضواء البيان "فتحصل أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله هنا "قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ " [السجدة:11] ، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأن إسناده للملائكة
في قوله تعالى "فكيف إذا توفتهم الملائكة"[محمد: 27] ، ونحوها من الآيات لأن لملك الموت أعواناً يعملون بأمره، وأن إسناده إلى الله في قوله تعالى " الله يتوفى الأنفس حين موتها"(سبق تخريجه) لأن كل شيء كائنا ما كان لا يكون إلا بقضاء الله وقدره
…
"، وما قرره رحمه الله هو حاصل كلام جمهور أهل العلم جمعاً بين الآيات الكريمات، والله أعلم.