الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/شروح حديثية
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
ما معنى حديث (إن يكن منكم محدثون
…
فإنه عمر) ؟ وهل من الممكن أن يعلم أحد من الناس الغيب المستقبل (غير نبي) ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
هذا الحديث أخرجه البخاري ح (3689) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون،
فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر " وأخرجه مسلم ح (2398) من حديث عائشة رضي الله عنها. المحدثون - بفتح الدال -: جمع محدث، وهو الملهم، بهذا فسره ابن وهب كما في صحيح مسلم، وفي مسند الحميدي - عقب حديث عائشة رضي الله عنها: المحدث الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه. والمعنى: أنهم يلقى في قلوبهم الصواب والحق فيجري على ألسنتهم، ويخبرون بالشيء فيقع كما أخبروا.... وفسره بعض العلماء بأن معناه أنهم مصيبون فيما يظنون من نوع الفراسة والتوسم
…
وخص عمر رضي الله عنه بهذا لكثرة ما وقع له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الموافقات التي نزل القرآن مطابقاً لها، ووقع له بعد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء عديدة حدث بها فأصاب كما في قصة: الجبل يا سارية. .وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وجود المحدثين في الأمم السابقة، وعلق وجودهم في هذه الأمة بـ " إن " الشرطية، مع أنها أفضل الأمم وأكرمها عند الله، - هذا والله أعلم - لاحتياج الأمم قبلنا إليهم في إصابة الحق حيث لا يكون حينئذ فيهم نبي، واستغناء هذه الأمة بالقرآن والسنة، لهذا لا يؤخذ بقول أحد محدث ولا ملهم حتى يعرض على الكتاب والسنة. وأما السؤال عن الغيب المستقبل، وهل يعلمه غير نبي؟ فيجاب بأن الغيب الحقيقي، وهو ما لا يمكن أن تدركه الحواس والعقول، فهذا على مرتبتين:
1-
المرتبة الأولى: ما استأثر الله بعلمه، فهذا لا يطلع عليه أحد لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، كعلم الساعة وسائر الأمور الخمسة التي هي مفاتح الغيب، قال سبحانه:" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو......."[الأنعام: 59]
2-
ما لم يرد فيه نص صريح أن الله سبحانه قد كتمه عن الخلق جميعا، فله سبحانه أن يطلع من يشاء من رسله على ما شاء منه، قال سبحانه:" عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا " سورة [الجن: 26- 27]، وقال سبحانه:" وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء..... "[آل عمران: 179]، فالرسل عليهم الصلاة والسلام لا يعلمون شيئا من الغيب إلا ما أطلعهم الله عليه.... قالت عائشة رضي الله عنها:" من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول " قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله " [النمل: 65] أخرجه مسلم (177) .ولهذا نعرف ضلال من يدعي شيئا من علم الغيب الذي استأثر به الله، أو لم يمكن الخلق من أسباب معرفته مثل ما يدعيه المنجمون والكهنة وغيرهم من علم الغيب.