المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌معنى حديث: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم

- ‌معنى حديث "ليبلغن هذا الدين

- ‌ربا العباس بن عبد المطلب

- ‌الملك العضوض والملك الجبري

- ‌حديث الأعمى (لا أجد لك رخصة) وتخلف المعذور عن الجماعة

- ‌معنى "حتى يحب لأخيه

- ‌معنى حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي

- ‌الجرس في البيت

- ‌هل الكراهية للحديث بعد العشاء مطلقة

- ‌حديث"رأيت ربي في أحسن صورة

- ‌هل يقتضي حديث: "سياحة أمتي الجهاد" تحريم السياحة للنزهة

- ‌شرح: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

- ‌هل في هذا ما يقدح في عدالة الصحابة

- ‌الحكمة في عدم الاسترقاء

- ‌معنى "من خاف أدلج

- ‌معنى حديث: "الأئمة من قريش

- ‌إن يك في أمتي محدثون فإنه عمر

- ‌معنى "يقادون إلى الجنة في السلاسل

- ‌مفهوم الولد في حديث "إذا مات ابن آدم انقطع عمله

- ‌شرح حديث "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات

- ‌هل في حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن

- ‌حديث الأخفياء الأتقياء

- ‌معنى "فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه

- ‌أفضل دينار ينفقه الرجل

- ‌حديث افتراق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة

- ‌حديث: "ستكون أمراء…" وحكام اليوم

- ‌هل الولد وماله لأبيه مطلقاً

- ‌حديث "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء

- ‌حديث الثقلين: كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌معنى حديث التبايع، العِينة

- ‌معنى (وحق العباد على الله ألا يعذبهم

- ‌المقصود بموجبات الرحمة في "اللهم أسألك موجبات رحمتك

- ‌حديث: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم

- ‌ما جدوى العمل إذا كان "لا يدخل أحد الجنة بعمله

- ‌فوائد من حديث الأعرابي الذي بال في المسجد

- ‌المقصود بالكمأة وحكم التداوي بها

- ‌معنى: " ولا يسترقون

- ‌حديث من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره

- ‌معنى: "لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌معنى: "اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد

- ‌صحة حديث: "لا ينظر الله لامرأة لا تشكر لزوجها

- ‌عندي إشكال في حديث "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً

- ‌كيف أجتنب المجاهرة بالمعصية وانتهاكها في السر

- ‌حديث "من عاشر قوماً أربعين يوماً

- ‌معنى حديث "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر

- ‌تساؤلات حول حديث الواهبة نفسها

- ‌الجمع بين حديث "من قُتل دون نفسه" وفتنة عثمان

- ‌صحة حديث: (العنوهن فإنهن ملعونات

- ‌مسائل متفرقة

- ‌تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي

- ‌الدعاء بطول العمر

- ‌التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الخلع وطلب الطلاق

- ‌هل الاحتلام من الشيطان

- ‌رفع اليدين عند قبر النبي

- ‌إنكار السنة بدعوى أن الله لم يتعهد بحفظها

- ‌أحاديث الإفطار

- ‌حديث (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)

- ‌رد حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌الأخذ بالحديث الحسن في العقائد

- ‌الحكمة من استحباب النوم على الشق الأيمن

- ‌لعن المخنثين

- ‌حكم من ينكر السنة

- ‌لماذا النساء أكثر أهل النار

- ‌خَلْق المرأة من ضلع أعوج

- ‌رواية الحديث بالمعنى

- ‌حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة

- ‌هل هناك أحاديث صحيحة لم تصلنا

- ‌رواية نعيم بن حماد للفتن

- ‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تبادل التحايا مع غير المسلم

- ‌صحة نسبة كتاب النزول للدارقطني

- ‌العقائد والمذاهب الفكرية

- ‌الحكمة من خلق المخلوقات

- ‌توحيد الألوهية

- ‌في حق الله تعالى، هل يصح العشق

- ‌الجوهر الفرد

- ‌توحيد الربوبية

- ‌الحكمة في خلق السموات والأرض في ستة أيام

- ‌كيف خلق الله الكون

- ‌لماذا خلق الله الخلق لعبادته

- ‌الفرق بين الرب والإله

- ‌هل يصح هذا العبارة: (عرفنا ربنا بالعقل)

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌كيف أقنعها بوجود الله

- ‌خلق الكون في ستة أيام

- ‌هل الحنان والعطف من صفات الله

- ‌توحيد الأسماء والصفات

- ‌صفة الشم لله تعالى

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌حقيقة التجسيد عند السلفيين

- ‌الله نور السماوات والأرض

- ‌روح الله -تعالى

- ‌هل رؤية الله -تعالى- في الدنيا ممكنة

- ‌معنى: "بائن من خلقه

- ‌أول ما خلق الله

- ‌معنى: "قال الله ولا يزال قائلاً

- ‌القرب الحسي والمعنوي من الله تعالى

- ‌آخر وقت نزول المولى سبحانه

- ‌هل تحمل آيات الصفات هذه على المجاز

- ‌معنى: "إِلَاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ

- ‌أسماء الله الدالة على وصف متعدي وغير متعدي

- ‌الضابط في أسماء الله الحسنى

- ‌نقل أسماء الله وصفاته من الحقيقة إلى المجاز

- ‌الأسماء الإدريسية

- ‌حفظ أسماء الله الحسنى وتعيينها

- ‌هل من أسماء الله: الواجد والماجد

- ‌صيغة الجمع في القرآن

- ‌عبارة: (يا معين)

- ‌هل (الستير) من أسماء الله

- ‌معنى علو الله تعالى

- ‌ما الفرق بين أسماء الله وصفاته

- ‌معنى الله معنا

- ‌هل (القديم) من أسماء الله

- ‌التجسيم في الإسلام والنصرانية

- ‌الرد على مقولة: (الله وحده الموجود ولا شيء سواه)

- ‌حكم الذهاب إلى الرقاة

- ‌عدل الله مع الكفار

- ‌لوازم إثبات الصفات لله

- ‌أين الله

- ‌الكبرياء ردائي

- ‌عبارة: "الله يلوم من يلومك

- ‌أصابع الرحمن

- ‌هل يدعو الله بـ (يا سَتِير) أم بـ (يا ساتر)

- ‌استواء الله على عرشه

- ‌اسم الله الأعظم

- ‌هل (الفرد) من أسماء الله تعالى

- ‌هل يلزم من رؤية الله في الآخرة التجسيم

- ‌عبارة (اللهم لا تضر أبنائي)

- ‌صفة النفس لله تعالى

- ‌نزول الرب جل وعز واختلاف آخر الليل

- ‌رؤية المنافقين لله يوم القيامة

- ‌الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية

- ‌معنى حديث ذراع الجبار

- ‌هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل

- ‌هل في هذا الحديث تشبيه الخالق بالمخلوق

- ‌الصفات المشتركة بين الخالق والمخلوق

- ‌إثبات الأيدي لله في قوله "مما عملت أيدينا

- ‌استخدام الجنّ في العلاج

- ‌الإيمان بالملائكة والجن

- ‌كيف نثبت وجود الملائكة

- ‌الجن والشياطين سلالة من

- ‌هل الملائكة أجسام نورانية

- ‌تلبس الجن بالإنس

- ‌تكليف الجن بالعبادات

- ‌رؤية الجن والكلام معهم

- ‌مذهب أهل السنة في الملائكة والجان

- ‌دخول الملائكة للبيوت

- ‌هل للموت ملك أم ملائكة

- ‌الكروبيون

- ‌رجال الغيب

- ‌هل وجد الجن قبل الإنس

- ‌هل هاروت وماروت مطرودان من الجنة

- ‌كيف تموت الشياطين

- ‌مصير الجن يوم القيامة

- ‌رؤية الملائكة في الدنيا

- ‌الاستعانة بالجن للدلالة على المفقود

- ‌هل الذي يقبض الروح مَلَكُ الموت وحده

- ‌رؤية الملائكة لله تعالى

- ‌دواب الجن

- ‌هل آمن الجن بموسى عليه الصلاة والسلام

- ‌احتسى سُماً فمات

- ‌وظائف الملائكة

- ‌وظائف الملائكة الموكلين بالعباد

- ‌رؤية الملائكة

- ‌متى يؤجر المرء على الحنث في يمينه

- ‌الإيمان بالقدر

- ‌هل في هذين البيتين محظور شرعي

- ‌مواجهة المصائب

- ‌الجبر والاختيار

- ‌أسباب المصائب

- ‌معنى الخوض في القدر

- ‌لماذا العمل

- ‌عبارة: (قصف الآجال)

- ‌العلاقة بين قضاء الله وقدره وعمل الشيطان

- ‌تساؤلات حول القدر

- ‌هل هذا من حفظ الملك الموكل بالإنسان

- ‌عبارة: (يلعن أم الحالة)

- ‌وساوس خاصة بالعدالة الإلهية

- ‌الفرق بين الإرادة والمشيئة

- ‌الإنسان بين التسيير والتخيير

- ‌عبارة: (نجا من الموت بأعجوبة)

- ‌هل ابتلاء الخلق يعارض الرحمة

- ‌الاحتجاج على المعصية بالقدر والضعف البشري

- ‌هل أعتبر ساخطة على القدر

- ‌ما الواجب تجاه من يسبّ الله

- ‌ نواقض الإيمان

- ‌الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌رمي الودع (التنبؤ بالغيب)

- ‌الاستغاثة بالأموات شرك أصغر أم أكبر

- ‌الذبح في رجب لدفع أذى الجن

- ‌وصف الله بالظلم

- ‌ما يستوجب الكفر

- ‌الوليمة والذبح في الدار الجديدة

- ‌دفع مال للاستسقاء

- ‌هل تصح عبارة: (نحن أبناء الله، أو عيال الله)

- ‌التبرك بما يوضع على قبور الصالحين

- ‌شبهات في جواز دعاء الأموات

- ‌بيع الأحجار الكريمة لمن يصنع منها أصناماً

- ‌طلب العون من غير الله تعالى

- ‌الذبح في المقابر

- ‌طاعة ولي الأمر

- ‌الحكم بالقوانين الوضعية

- ‌الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌الفرق بين الأنظمة الإدارية والقوانين الوضعية

- ‌اليمين الدستوري

- ‌تحاكم المسلم على القانون البريطاني

- ‌تحاكم المسلمين إلى المحاكم الوضعية

- ‌التكفير بالحكم بغير ما أنزل الله

- ‌تولي المناصب السياسية في دول لا تحكم بالشريعة

- ‌التحاكم إلى المحاكم الوضعية إذا لم يجد غيرها

- ‌القول بتحريف القرآن

- ‌برج المولود

- ‌قتل الساحر

- ‌رقية أم شعوذة

- ‌هل هذا من التنجيم

- ‌الرقية بكتابة الآيات وشرب مائها

- ‌رجل يعالج باستخدام الجن

- ‌تناول الطعام للرقية

- ‌التنجيم

- ‌الرقية باللغة السريالية

- ‌شعوذة من نوع جديد

- ‌معالجة المسحور بالقرآن

- ‌هل الرقية موهبة وإلهام

- ‌شيوخ يخبرون بمكان المسروق

- ‌معالجة السحر

- ‌رقية الحساسية

- ‌حل السحر بالسحر

- ‌معالجة المسحور

- ‌قراءة الأبراج

- ‌هل هذه الرقية جائزة

- ‌لبس القلائد التي فيها ذكر الله

- ‌الجمع بين النهي عن الطيرة والاسترقاء

- ‌الذهاب للساحر وتعلم السحر

- ‌هل تجوز هذه التميمة

- ‌ماء الرقية للهداية

- ‌الرقية قبل أو بعد المرض

- ‌تعدي تأثير السحر إلى غير المسحور

- ‌حكم الساحر

- ‌ما يفعله العائن لإنقاذ المعين

- ‌استخدام الجن لفك السحر

- ‌حرز الجوشن الكبير

- ‌تحضير الأرواح (النورانية)

- ‌ما يقال للعائن لاتقاء عينه

- ‌هل من هجر القرآن عدم الاستشفاء به

- ‌استعانت بالسحرة لتصرِفَه عن غيرها ويتزوجها

- ‌التطهر لمس كتب السحر

- ‌الرقية الجماعية

- ‌معالجة روحانية أم كهانة

- ‌تحضير خدام القرآن من الجن

- ‌ترقي نفسها عن طريق سماع الأشرطة

- ‌كيفية إبطال السحر

- ‌هل هذه رقية شرعية

- ‌قبول توبة الساحر

- ‌تعليق ملصق "العهود السبع السليمانية

- ‌الوقاية من شر الساحر

- ‌الاستشفاء بأسماء الله الحسنى

- ‌ما ذنب المسحور

- ‌يقدم ألعاباً سحرية

- ‌كتابة الحرز، وتعليق التمائم

- ‌قراءة سورة يونس وطه للمبتلاة بإسقاط الجنين

- ‌جدتي تمارس الشعوذة

- ‌أرادت أن تعمل سحراً لوالدها

- ‌الاستعانة بالمشعوذين في فك السحر

- ‌هل النشرة سحر

- ‌تعلم القرآن لعلاج الجن

- ‌تأثير الساحر ماديًّا على المسحور

- ‌الاستعانة بالجن

- ‌الرقية بأدعية غير مأثورة

الفصل: ‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

‌التقرب بأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم

المجيب د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة

التاريخ 22/12/1425هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما دليل من يقيدون ذكر الله في قوالب محددة وبألفاظ معينة، ويعيبون على بعض الناس أنهم يذكرون الله بما لم يذكره به رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ فما المانع من أن أذكر الله وأتقرب إليه بأذكار وأوراد لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، مادامت هذه الأوراد وتلك الأذكار غير خارجة عن الدين؟ قال الله تعالى، في كتابه الكريم:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)[الأحزاب: 41] . فالأمر فيه سعة، فلماذا يضيقون واسعًا؟ ومن ذلك أنهم يمنعون ذكر الله باسمه المفرد، وقد قال الله تعالى:(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)[الإنسان: 25] . فما يمنع أن أجري على لساني اسم: الله الله الله..؟. جزاكم الله كل خير.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ينحل الإشكال إذا نظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نظر المريض.. والراغب في استكمال الصحة: إلى الطبيب.

فهذا يتبعان إرشاداته حذو القذة بالقذة، ويعتقدان أن من الخطأ مخالفته في أدنى شيء، وعلى هذا اتفاق البشر، باعتبار أنه أدرى بأمور الصحة، بحكم التخصص..

ولو عنّ لأحد أن يجتهد، فيتعاطى دواء لم يصفه الطبيب، أو يزيد أو ينقص فيه، لكان محل اللوم والتسفيه..!!.

فهذا الحكم مع طبيب الأبدان، والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب.. وطبيب الأبدان يخطئ، وفي كثير من الأحيان، أما طبيب القلوب عليه الصلاة والسلام فلا يخطئ أبدًا في علاجه:

(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[النجم: 3، 4] .

فهذا دليل عقلي على: خطأ اختراع نوع من العبادة (كالذكر مثلاً) في هيئة مستحدثة، إذا لم ينص الشرع عليه.

والبدعة هي: كل أمر محدث في الدين؛ أي ليس عليه نص شرعي، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه من بعده، ومعلوم أن أحرص الناس على الدين واستكماله، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هم الصحابة، فإذا تركوا لونًا من العبادات (كالذكر بالاسم المجرد، أو المولد) فإنهم ما تركوه إلا لأنه ليس من الدين، فإذا أتى من يزعم جوازها، فهذا اتهام ضمني لهؤلاء المصطفين أنهم مفرطون..!! وحاشاهم، فهم الكمل، وما من خير إلا وهم إليه سابقون، شهد الله لهم بالخير والرضى:(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ)[المائدة: 119] . وما ذاك إلا لكمال دينهم، فما لم يفعلوه فليس من الدين قطعًا، فمن قلدهم فهو مفلح، ومن عارضهم، فما يدرى ما حاله.

فانظر: هل ذكروا الله تعالى بالاسم المجرد: الله، الله، الله..؟!

وقد روي في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ". أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

ص: 118

فمن جادل، واعترض على وصف العبادة الحادثة، التي لم تكن في عهد النبوة، مع توفر الدواعي لوقوعها بالبدعة. فعليه أن يفسر لنا هذا الأثر، وعلى أي شيء ينطبق؟ ومتى يكون العمل بدعة، ومتى لا يكون؟

في حقيقة الأمر أن المحدِثين في الأمة أنواع العبادات، التي لم تكن في العهد الأول: ليس ثمة عمل مردود عندهم، فكل ما استحسنته عقولهم، فهو من الدين!! وهذا غير مقبول، لا شرعًا، ولا عقلاً. وإلا فقل لي بربك عن هؤلاء الذين يستحبون الذكر بالاسم المفرد المجرد (المتصوفة) : ما العمل الذي يعدونه بدعة، مع ما يرتكبونه من بدع لا تُعَدُّ ولا تحصى؟!

جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "إِنَّ اللهَ حَجَب التَّوبةَ عَن صاحبِ كُلِّ بِدْعَةٍ". أخرجه الطبراني في الأوسط (4202) .

ومن هذا قال الحسن البصري: (أبى الله لصاحب بدعة بتوبة) .

والمعنى أن صاحب البدعة أقل توفيقًا واهتداء (وليس ممنوعًا منه) ، لاستمساكه بها، لظنه أنها من الدين، ليس كصاحب المعصية، الذي يشعر بالإثم والحرج، فهو أقرب للتوبة، ومن هنا قال سفيان الثوري:(البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها) .

وإذا احتج أحد بأن البدعة منها: الحسن، والسيئ. مستدلًا بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة التراويح:(نعم البدعة هذه) . أخرجه البخاري (2010) . فلنا أن نحاجه بقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومن وجب اقتفاء أثره، وتقديم قوله:"كُلُّ بِدْعةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه مسلم (867) . فهذا عام بألفاظه، فـ"كل" للعموم، و"بدعة" نكرة، والنكرة تعم، فلا يستثنى منها شيء إذن.

فلو فرضنا أن عمر، رضي الله عنه، قصد ما أرادوه، فقول النبي صلى الله عليه وسلم مقدم عليه بلا شك، فكيف والحقيقة أن عمر، رضي الله عنه، لم يقصد ما أرادوه؟

فإن عمر، رضي الله عنه، من أشد المحاربين للبدعة، وهذا مشهور، ولو اقتفى هؤلاء المحتجون به هنا: أقواله، وأفعاله، وآثاره. لأفسد عليهم كثيرا مما استحسنوه من العبادات المحدثة، مثل التبرك بالآثار!

- أليس هو الذي أمر بقطع شجرة الرضوان؟

- أليس هو الذي نهى عن تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة فيها؟

فعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عدو البدع.. فلم يقصد بقوله ما أرادوه، بل قصد أنها بدعة نسبة إلى أنها لم تفعل منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والتراويح ليست بدعة بالاتفاق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها في حياته- انظر صحيح البخاري (924) ومسلم (761) - ولا يظن بعمر، رضي الله عنه، أن تخفى عليه هذه المسألة.

وبخصوص الذكر بالاسم المفرد أو المجرد: أسوق أثرًا يوضح خطورة الاستحداث في طريقة الذكر، كما يعلن عن موقف صريح للصحابة، رضي الله عنهم، رافضًا لأي نوع من أنواع الإحداث، حتى لو دقّ وصغر، وهي فتوى من رضي الله عنهم، وعن دينهم، وأمر باتباعهم:

ص: 119

روى الإمام الدارمي في سننه (204) أن أبا موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال لابن مسعود، رضي الله عنه:(يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ. قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً. فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً. فَيُهَلِّلُونَ مِائَة، ً وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً. فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً. قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ. قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ. ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ. قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ. ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ) .

فانظر: كيف صار هؤلاء من هذا النوع من الذكر المحدث، البسيط في صورته، الخطير في معناه، إلى شقاق أعظم، حيث صاروا من قوم ذمهم النبي صلى الله عليه وسلم غاية الذم، وأمر بقتلهم وقتالهم- انظر صحيح البخاري (3611) ومسلم (1066) .

وانظر: كيف لم يُفِدْ هؤلاء قصدُهم الطاعةَ، ولا إرادتهم الخير، إذ كانوا على عمل لم يشرع.

فهذا يدلك على عاقبة البدعة، مهما صغرت.

ص: 120

إن الدين قد كمل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: 3] . ولم يكلف الله تعالى عباده بإحداث شيء، وزيادة عبادة. فما شُرع يعجز الإنسان عن الإتيان به كاملاً واستكماله، لو مكث عمره كله يعمل.. وإذا كان كذلك: فكل عمل محدث، يقع مكان عمل مسنون، ومن هنا كان ما قاله الإمام الأوزاعي غاية في الفقه:(ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ولا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة) .

وتأمل حال الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين ومن تبعهم: هل تجد فيهم هذه المحدثات؟

كلا، لا تجدها إلا فيمن بعدهم، ممن تأخر عن مقامهم، وخالف سبيلهم، ونحن إنما أمرنا باتباعهم، لا باتباع من بعدهم، ممن خالفهم، ولم يهتد بسنتهم.

إن مما يظهر خطورة البدعة أن صاحبها يحرم من الورود على حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث:"إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ". أخرجه مسلم (2294) .

وقد كان عليه الصلاة والسلام حريصًا على أمته أن يجنبهم الابتداع في الدين، يقول:"عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (42) .

قد جرى الصحابة على ذلك وثبتوا على الأمر كما أنزل، ولذا مر عصرهم وهو أزهى العصور وأعزها، يقول أبي بن كعب: (عليكم بالسبيل والسنة فإنه ليس من عبد على سبيلٍ وسنةٍ ذكَر الرحمن عز وجل ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فتمسه النار أبدًا

وإن اقتصادًا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة) . أخرجه أحمد في الزهد ص 197، وأبو نعيم 1/253، واللالكائي (10) .

بعد هذا التأصيل لحكم البدعة في الإسلام، نجيب مباشرة على السؤال الوارد فنقول:

- هل الذكر بالاسم المجرد: الله، الله، الله. ورد فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

اللهم، لا. ولو كان خيرًا لما فرط فيه.

- فهل ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين، وتابع التابعين؟

اللهم، لا. ولو كان خيرًا ما فرطوا فيه.

إذًا، لم يرد عن أهل القرون المفضلة، الذين دعا النبي صلى الله عليه وسلم، لهم بالخيرية، فعمّن ورد إذًا؟

عن جماعة من المتصوفة.. وهل هؤلاء قدوة الأمة؟!

هل نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته، رضي الله عنهم،، لنقتدي بجماعة لا يدرى ما حالهم عند الله تعالى؟!

فلا مستند شرعيًّا لهذا النوع من الذكر، لا من كتاب ولا سنة، ولا من فعل الصحابة.

- ثم ما معنى أن يردد المرء: الله، الله، الله؟

ص: 121

هل هذه جملة مفيدة، أم ناقصة غير مفيدة؟ وقد علم أن الجمل الشرعية كلها جمل مفيدة، ومنها الدعوات والأذكار، فمن الأذكار: سبحان الله، الحمد لله، الله أكبر، لا إله إلا الله. وكلها جمل مفيدة؛ أي لها معنى.

أما ذكر الاسم المجرد المفرد فلا معنى له، لأنه ليس جملة تامة مفيدة: مبتدأ وخبرًا، أو فعلًا وفاعلًا ومفعولًا.

وقوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)[الإنسان: 25] .هو مثل قوله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)[الأعلى: 1] . وقوله: (فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)[الأنعام: 118] . كلها تحصل بجمل مفيدة مثل قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم، بسم الله، بسم الله الرحمن الرحيم. وليس معنى الآية ذكر الاسم المفرد مجردًا من الإضافة.

وعادة الذين يذكرون هذا الذكر، ينتقلون منه إلى قول: هو، هو، هو. فما معنى هذا أيضا؟!

إنها لأذكار غريبة، بعيدة كل البعد عن روح الإسلام، وأوامره، وما هي إلا مبتدعات ما أنزل الله بها من سلطان.

وفي هذا القدر كفاية لإيضاح المقصود، وقد حصل مطلوب السائل من الإجابة على سؤاله بكل التخصيص.

ص: 122