الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الساحر
المجيب د. سالم بن محمد القرني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
العقائد والمذاهب الفكرية/ نواقض الإيمان/السحر والرقى والتمائم والطيرة
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
ما حكم الساحر؟ وهل الساحر كافر أم مشرك؟ وما الفرق بين الكافر والمشرك؟ وهل المشرك مخلد في النار والكافر في رحمة الله؟
الجواب
الساحر الذي يأتي في سحره بمكفرٍ مرتد كافر، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً، وإن لم يقتل نفساً ففي قتله بسحره خلاف، والصحيح أن يقتل حداً لردته، ويقتله ولي أمر المسلمين، وهذا هو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله لكفره بسحره مطلقاً لدلالة آية البقرة:"وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ"[البقرة: من الآية102] ، فالآية دلت على كفر الساحر مطلقاً، وعند أبي داود (3043) ، وأصله في البخاري (3156) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى الأمصار أن اقتلوا كل ساحر وساحرة
…
، وصح عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها. رواه مالك في الموطأ (1672) .
وثبت عند الترمذي (1460) عن جندب رضي الله عنه أنه قال: "حد الساحر ضربةٌُ بالسيف"، فهذه الأدلة كلها تدل على قتله ردة لكفره، أما الفرق بين الساحر والمشرك: فالساحر هو الذي يعمل العقد والرقى والقراءات والطلاسم ليتوصل بها إلى استخدام الشياطين فيما يريد ليضر المسحور، أو يستعمل أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله
…
إلى آخر ما يعمله السحرة ويؤثرون به على الناس، ومن أقسام السحر ما لا يأتي غالباً إلا بالشرك.
وأما المشرك: فهو من يجعل لله نداً، إما في أسمائه وصفاته فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى:"وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"[الأعراف:180] .
وإما أن يجعل له نداً في العبادة: بأن يضرع إلى غيره- سبحانه- من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلاً بقربة من القرب، أو استغاثة في شدة أو مكروه أو استعانة فيما لا يقدر عليه إلا الله في جلب مصلحة، أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة أو تحقيق مطلوب أو نحو ذلك مما هو من اختصاص الله، فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله واتخاذ شريك مع الله.
وإما أن يجعل لله نداً في التشريع بأن يتخذ مشرعاً له سوى الله أو شريكاً لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقرباً وقضاء وفصلاً في الخصومات أو يستحله وإن لم يرده دينا كما قال الله تعالى: "اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ"[التوبة:31] ، وأمثالها من الآيات والأحاديث.
فهذه الأنواع الثلاثة هي أعمال المشرك، وما سبق أعمال الساحر، وهذا يبين الفرق بينهما.
والساحر إن كان سحره من استخدام الشياطين لإضرار المسحور فهو من الاستعانة بغير الله وهو ردة، صاحبه من المخلدين في النار لأنه داخل في الكفر، والله قال عن الكافرين:"خالدين فيها أبدا"[النساء: 169] .
والمشرك كذلك إذا كان شركه مخرجاً عن الملة كما سبق، والكفر ملة واحدة، "إن الله لا يغفر أن يشرك به" [النساء: 48] ، وليس في رحمة الله منهما إلا من تاب وأناب منهما وعمل صالحاً، وإن عمل سوءاً أو كبيرة غير ما سبق من الكفر والشرك.