المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٦

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب العدّة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌كتاب اللّعان

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌كتاب الرّضاع

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب القسامة

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

الفصل: ‌الحديث الخامس والثلاثون

‌الحديث الخامس والثلاثون

339 -

عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه أنه تزوَّج أمّ يحيى بنت أبي إهابٍ، فجاءت أمةٌ سوداء، فقالت: قد أرضعتكما، فذكرتُ ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: فأعرض عني، قال: فتنحّيت، فذكرت ذلك له، فقال: وكيف وقد زعَمَتْ أنْ قد أرضعتكما؟ فنهاه عنها (1).

قوله: (عن عقبة بن الحارث) بن عامر بن نوفل النوفلي. مِن مسلمة الفتح. (2).

وقع للبخاري في " الشهادات " عن ابن أبي مُلَيكة حدّثني عقبة بن

(1) أخرجه البخاري (88 ، 1947، 2497، 2516، 2517، 4816) من طريق ابن جريج وعمر بن سعيد بن أبي حسين وأيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة رضي الله عنه.

وحديث عقبة رضي الله عنه هذا تفرّد به البخاري دون مسلم. كما نبّه عليه ابن حجر وغيره.

(2)

أبو سِروعة في قول أهل الحديث ، ويقال: إن أبا سروعة أخوه وهو قول أهل النسب وصوَّبه العسكري ، وقيل: إنَّ أبا سروعة أخو عقبة لأمّه وجزم به مصعب الزبيري.

وأغرب أبو حاتم الرازي فقال: أبو سروعة قاتل خبيب له صحبة اسمه عقبة بن الحارث بن عامر ، وليس هو عقبة بن عامر الذي أدركه ابن أبي مليكة. هو الذي أخرج له البخاري وأصحاب السنن. ووهِم من أخرج حديثه في المتفق لصاحب العمدة ، وله رواية عن أبي بكر الصديق. وروى عنه أيضاً إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد بن أبي مريم المكي. مات عقبة بن الحارث في خلافة ابن الزبير. قاله في الإصابة بتمامه (4/ 518).

وقال الشارح في " الفتح "(7/ 385): وذكر ابن إسحاق بإسنادٍ صحيحٍ عن عقبة بن الحارث قال: ما أنا قتلت خبيباً لأني كنت أصغر من ذلك، ولكن أبا ميسرة العبدريَّ أخذ الحربة فجعلها في يدي ثم أخذ بيدي وبالحربة ثم طعنه بها حتى قتله ".

ص: 217

الحارث ، أو سمعته منه.

وفيه ردٌّ على من زعم: أنّ ابن أبي مُلَيكة لَم يسمع من عقبة بن الحارث، وقد حكاه ابن عبد البرّ ، ولعل قائل ذلك أخذه من رواية البخاري في النّكاح من طريق ابن عليّة عن أيّوب عن ابن أبي مُلَيكة عن عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث ، قال ابن أبي مُلَيكة: وقد سمعته من عقبة ، ولكنّي لحديث عبيدٍ أحفظ.

وأخرجه أبو داود من طريق حمّاد عن أيّوب، ولفظه: عن ابن أبي مُلَيكة عن عقبة بن الحارث قال: وحدّثنيه صاحبٌ لي عنه ، وأنا لحديث صاحبي أحفظ. ولَم يسمّه.

وفيه إشارةٌ إلى التّفرقة في صيغ الأداء بين الإفراد والجمع ، أو بين القصد إلى التّحديث وعدمه ، فيقول الرّاوي فيما سمعه وحده من لفظ الشّيخ، أو قصد الشّيخ تحديثه بذلك: حدّثني. بالإفراد.

وفيما عدا ذلك: حدّثنا. بالجمع أو: سمعت فلاناً يقول.

ووقع عند الدّارقطنيّ من هذا الوجه: حدّثني عقبة بن الحارث. ثمّ قال: لَم يحدّثني ، ولكنّي سمعته يحدّث.

وهذا يعيّن أحد الاحتمالين.

وقد اعتمد ذلك النّسائيّ فيما يرويه عن الحارث بن مسكينٍ فيقول " الحارث بن مسكينٍ قراءةً عليه وأنا أسمع " ولا يقول حدّثني ، ولا أخبرني؛ لأنّه لَم يقصده بالتّحديث ، وإنّما كان يسمعه من غير أن يشعر به.

ص: 218

قوله: (تزوج أمّ يحيى بنت أبي إهابٍ) في رواية للبخاري " أنه تزوج ابنةً لأبي إهاب بن عزيز " اسمها غنيّة - بفتح المعجمة وكسر النّون بعدها ياء تحتانيّة مشدّدة - وكنيتها أمّ يحيى.

وهجم الكرمانيّ فقال: لا يعرف اسمها.

ثمّ وجدت في النّسائيّ ، أنّ اسمها زينب ، فلعلَّ غنيّة لقبها أو كان اسمها فغيّر بزينب كما غيّر اسم غيرها

وأبو إهاب بكسر الهمزة لا أعرف اسمه، وهو مذكور في الصّحابة، وعزيز بفتح العين المهملة وكسر الزّاي وآخره زاي أيضاً. وزن عظيم. ومَن قاله بضمّ أوّله فقد حرّف.

ووقع عند أبي ذرٍّ عن المستملي والحمويّ عُزير بزاي ، وآخره راء مصغّر. والأوّل أصوب

قوله: (فجاءت أمةٌ سوداء) لَم أقف على اسمها.

قوله: (قد أرضعتكما) زاد الدّارقطنيّ من طريق أيّوب عن ابن أبي مُلَيكة عن عقبة: فدخلتْ علينا امرأة سوداء ، فسألتْ فأبطأنا عليها ، فقالت: تصدّقوا عليّ فوالله لقد أرضعتكما جميعاً.

زاد البخاريّ في " العلم " من طريق عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن أبي مُلَيكة " فقال لها عقبة: ما أرضعتني ولا أخبرتني " أي: بذلك قبل التّزوّج كأنّه اتّهمها.

زاد في " باب إذا شهد بشيءٍ فقال آخر: ما علمت ذلك "(1). وفي

(1) يقصد آلَ أبي إهاب عندما سألهم عقبة رضي الله عنه. ولفظه عند البخاري: فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ، ولا أخبرتني. فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم. فقالوا: ما علمنا أرضعتْ صاحبتُنا. فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة .. الحديث.

وبوب عليه: باب إذا شهد شاهد أو شهود بشيء فقال آخرون: ما علمنا ذلك يحكم بقول من شهد.

ص: 219

" العلم " فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله " وترجم عليه " الرّحلة في المسألة النّازلة ".

وزاد في النّكاح " فقالت لي: قد أرضعتكما. وهي كاذبة ".

قوله:: (فذكرت ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم) في رواية للبخاري " فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله ".

قوله " فركب " أي: من مكّة ، لأنّها كانت دار إقامته.

قوله: (فأعرض عني) زاد البخاري في رواية له " وتبسّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ".

قوله: (فتنحّيت، فذكرتُ ذلك له) في رواية للبخاري " فأعرض عنّي فأتيته من قِبَل وجهه فقلت: إنّها كاذبة " ، وفي رواية الدّارقطنيّ " ثمّ سألته فأعرض عنّي ، وقال في الثّالثة أو الرّابعة ".

قوله: (وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما؟ فنهاه عنها) في رواية للبخاري " دعها عنك " ، زاد الدّارقطنيّ في رواية أيّوب في آخره " لا خيرَ لك فيها. وللبخاري أيضا " كيف وقد قيل؟ ففارقَها ونكحت زوجاً غيره ".

اسم هذا الزّوج. ظُرَيْب بضمّ المعجمة المشالة وفتح الرّاء وآخره

ص: 220

موحّدة مصغّراً.

القول الأول: ذهب الجمهور إلى أنّ شهادة الإماء والعبيد لا تقبل مطلقاً.

القول الثاني: تقبل في الشّيء اليسير. وهو قول الشّعبيّ وشريح والنّخعيّ والحسن.

فأخرج ابن أبي شيبة من رواية منصور عن إبراهيم قال: كانوا يجيزونها في الشّيء الخفيف. ومن طريق أشعث الحمرانيّ عن الحسن نحوه.

القول الثالث: تقبل مطلقاً. وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور.

لحديث عقبة ، ووجه الدّلالة منه أنّه صلى الله عليه وسلم أمر عقبة بفراق امرأته بقول الأمة المذكورة ، فلو لَم تكن شهادتها مقبولة ما عمل بها.

واحتجّوا أيضاً بقوله تعالى: {ممّن ترضون من الشّهداء} قالوا: فإن كان الذي في الرّقّ رضاً فهو داخلٌ في ذلك.

وأجيب عن الآية: بأنّه تعالى قال في آخرها: {ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا} والإباء إنّما يتأتّى من الأحرار لاشتغال الرّقيق بحقّ السّيّد ، وفي الاستدلال بهذا القدر نظرٌ.

وأجاب الإسماعيليّ عن حديث الباب. فقال: قد جاء في بعض طرقه " فجاءت مولاةٌ لأهل مكّة " قال: وهذا اللفظ يطلق على الحرّة التي عليها الولاء فلا دلالة فيه على أنّها كانت رقيقة.

وتعقّب: بأنّ رواية حديث الباب فيه التّصريح بأنّها أمةٌ فتعيّن أنّها

ص: 221

ليست بحرّة.

وقد قال ابن دقيق العيد: إن أخذنا بظاهر حديث الباب فلا بدّ من القول بشهادة الأمة، وقد سبق إلى الجزم بأنّها كانت أمةً ، أحمدُ بنُ حنبل. رواه عنه جماعة كأبي طالب ومهنّا وحرب وغيرهم.

وأخرج ابن أبي شيبة من رواية المختار بن فلفل قال: سألت أنساً عن شهادة العبيد ، فقال: جائزة.

وروى ابن أبي شيبة أيضاً من طريق أشعث عن الشّعبيّ: كان شُريح لا يجيز شهادة العبد ، فقال عليٌّ: لكنّنا نجيزها ، فكان شُريح بعد ذلك يجيزها إلَّا لسيّده.

واحتجّ بالحديث مَن قَبِل شهادة المرضعة وحدها.

قال عليّ بن سعد: سمعت أحمد يسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرّضاع ، قال: تجوز على حديث عقبة بن الحارث.

وهو قول الأوزاعيّ. ونُقل عن عثمان وابن عبّاس والزّهريّ والحسن وإسحاق.

وروى عبد الرّزّاق عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: فرّق عثمان بين ناسٍ تناكحوا بقول امرأةٍ سوداء أنّها أرضعتهم ، قال ابن شهاب: النّاس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم.

واختاره أبو عبيدٍ إلَّا أنّه قال: إن شهِدتْ المرضعة وحدها وجب على الزّوج مفارقة المرأة ، ولا يجب عليه الحكم بذلك، وإن شهِدتْ معها أخرى وجب الحكم به.

ص: 222

واحتجّ أيضاً بأنّه صلى الله عليه وسلم لَم يلزم عقبة بفراق امرأته بل قال له " دعها عنك " وفي رواية ابن جريج " كيف وقد زعمت؟ " فأشار إلى أنّ ذلك على التّنزيه.

وذهب الجمهور. إلى أنّه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة؛ لأنّها شهادةٌ على فعل نفسها.

وقد أخرج أبو عبيد من طريق عمر والمغيرة بن شعبة وعليّ بن أبي طالب وابن عبّاس ، أنّهم امتنعوا من التّفرقة بين الزّوجين بذلك ، فقال عمر: فرِّق بينهما إن جاءت بيّنة ، وإلا فخلّ بين الرّجل وامرأته إلَّا أن يتنزّها ، ولو فتح هذا الباب لَم تشأ امرأةٌ أن تفرّق بين الزّوجين إلَّا فعلتْ.

وقال الشّعبيّ: تقبل مع ثلاث نسوة، شرط أن لا تتعرّض نسوة لطلب أجرةٍ.

وقيل: لا تقبل مطلقاً.

وقيل: تقبل في ثبوت المحرميّة دون ثبوت الأجرة لها على ذلك.

قال مالك: تقبل مع أخرى.

وعن أبي حنيفة: لا تقبل في الرّضاع شهادة النّساء المُتمَحِّضات، وعكَسَه الاصطخريّ من الشّافعيّة.

وأجاب من لَم يقبل شهادة المرضعة وحدها: بحمل النّهي في قوله: " فنهاه عنها " على التّنزيه ، ويحمل الأمر في قوله:" دعها عنك " على الإرشاد.

ص: 223

وأغرب ابن بطَّال. فنقل الإجماع على أنّ شهادة المرأة وحدها لا تجوز في الرّضاع وشبهه.

وهو عجيبٌ منه. فإنّه قول جماعة من السّلف حتّى إنّ عند المالكيّة رواية أنّها تقبل وحدها ، لكن بشرط فشوّ ذلك في الجيران.

وفي الحديث جواز إعراض المفتي ، ليتنبّه المستفتي على أنّ الحكم فيما سأله الكفّ عنه، وجواز تكرار السّؤال لمن لَم يفهم المراد والسّؤال عن السّبب المقتضي لرفع النّكاح.

ص: 224