المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السادس 355 - عن أبي هريرة رضي الله عنه ، - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٦

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطلاق

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب العدّة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌كتاب اللّعان

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌كتاب الرّضاع

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌كتاب القصاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب القسامة

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كتاب الحدود

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث السادس 355 - عن أبي هريرة رضي الله عنه ،

‌الحديث السادس

355 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أنّ رجلاً ، أو قال امرءاً اطّلع عليك بغير إذنك فخذَفْتَه بحصاةٍ، ففقأت عينه، ما كان عليك جناحٌ. (1)

قوله: (لو أنّ رجلاً ، أو قال: امرءاً اطّلع) في رواية شعيب عن أبي الزناد عند البخاري " لو اطّلع في بيتك أحدٌ " الفاعل مؤخّر. وهو أحدٌ.

قوله: (بغير إذنك) احتراز ممّن اطّلع بإذنٍ. وفي رواية شعيب " ولَم تأذن له ".

قوله: (فخذفته) بالحاء المهملة ، وكذا في رواية شعيب عند أبي ذرّ والقابسيّ وعند غيرهما ، بالخاء المعجمة ، وهو أوجه ، لأنّ الرّمي بحصاةٍ أو نواة ونحوهما ، إمّا بين الإبهام والسّبّابة ، وإمّا بين السّبّابتين.

وجزم النّوويّ ، بأنّه في مُسلم بالمعجمة.

وقال القرطبيّ: الرّواية بالمهملة خطأ ، لأنّ في نفس الخبر أنّه الرّمي بالحصى وهو بالمعجمة جزماً.

(1) أخرجه البخاري (6493) من طريق شعيب. والبخاري أيضاً (6506) ومسلم (2158) من طريق سفيان بن عيينة كلاهما عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

ولمسلم (2158) عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رفعه نحوه.

ص: 459

قلت: ولا مانع من استعمال المهملة في ذلك مجازاً.

قوله: (ففقأتَ عينه) بقافٍ ثمّ همزة ساكنة. أي: شققت عينه، قال ابن القطّاع: فقأ عينه أطفأ ضوأها.

قوله: (جناح) أي: إثم أو مؤاخذة. والمراد بالجناح هنا الحرج.

وقد أخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر عن ابن عيينة عن أبي الزناد بلفظ " ما كان عليك من حرج " ، ومن طريق ابن عجلان عن أبيه عن الزّهريّ عن أبي هريرة " ما كان عليك من ذلك من شيء ".

ووقع عند مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ " من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ، فقد حلَّ لهم أن يفقئوا عينه " أخرجه من رواية أبي صالح عنه.

وفيه ردٌّ على من حمل الجناح هنا على الإثم، ورتّب على ذلك وجوب الدّية ، إذ لا يلزم من رفع الإثم رفعها ، لأنّ وجوب الدّية من خطاب الوضع.

ووجه الدّلالة. أنّ إثبات الحلّ يمنع ثبوت القصاص والدّية.

وورد من وجه آخر عن أبي هريرة أصرح من هذا ، عند أحمد وابن أبي عاصم والنّسائيّ وصحّحه ابن حبّان والبيهقيّ كلّهم من رواية بشير بن نهيك عنه بلفظ " من اطّلع في بيت قوم بغير إذنهم ، ففقئوا عينه ، فلا دية ولا قصاص " وفي رواية من هذا الوجه " فهو هدر ".

واستُدل به.

وهو القول الأول. على جواز رمي من يتجسّس ، ولو لَم يندفع

ص: 460

بالشّيء الخفيف جاز بالثّقيل، وأنّه إن أصيبت نفسه أو بعضه فهو هدر.

القول الثاني: ذهب المالكيّة إلى القصاص ، وأنّه لا يجوز قصد العين ولا غيرها، واعتلُّوا: بأنّ المعصية لا تدفع بالمعصية.

وأجاب الجمهور: بأنّ المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمّى معصية ، وإن كان الفعل لو تجرّد عن هذا السّبب يعدّ معصيةً.

وقد اتّفقوا على جواز دفع الصّائل ولو أتى على نفس المدفوع، وهو بغير السّبب المذكور معصية فهذا ملحق به مع ثبوت النّصّ فيه.

وأجابوا عن الحديث: بأنّه ورد على سبيل التّغليظ والإرهاب، ووافق الجمهورَ منهم ابنُ نافع.

وقال يحيى بن عمر منهم: لعل مالكاً لَم يبلغه الخبر.

وقال القرطبيّ في " المفهم ": ما كان صلى الله عليه وسلم بالذي يهمّ أن يفعل ما لا يجوز أو يؤدّي إلى ما لا يجوز (1)، والحمل على رفع الإثم لا يتمّ مع وجود النّصّ برفع الحرج ، وليس مع النّصّ قياس.

واعتلَّ بعض المالكيّة أيضاً بالإجماع على أنّ من قصد النّظر إلى عورة الآخر ظاهر أنّ ذلك لا يبيح فقء عينه ، ولا سقوط ضمانها عمّن فقأها ، فكذا إذا كان المنظور في بيته وتجسّس النّاظر إلى ذلك.

(1) أخرج البخاري (5887) ومسلم (2156) عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أنَّ رجلاً اطلع في جُحر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى يحك به رأسه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لو أعلم أنك تنتظرني، لطعنت به في عينيك. إنما جعل الإذن من قِبَل البصر.

ص: 461

ونازع القرطبيّ في ثبوت هذا الإجماع ، وقال: إنّ الخبر يتناول كلّ مطّلع.

قال: وإذا تناول المطّلع في البيت مع المظنّة فتناوله المحقّق أولى.

قلت: وفيه نظرٌ. لأنّ التّطلع إلى ما في داخل البيت لَم ينحصر في النّظر إلى شيء معيّن ، كعورة الرّجل مثلاً ، بل يشمل استكشاف الحريم ، وما يقصد صاحب البيت ستره من الأمور التي لا يجب اطّلاع كلّ أحد عليها، ومن ثَمّ ثبت النّهي عن التّجسس والوعيد عليه حسماً لموادّ ذلك.

فلو ثبت الإجماع المدّعى لَم يستلزم ردّ هذا الحكم الخاصّ، ومن المعلوم أنّ العاقل يشتدّ عليه أنّ الأجنبيّ يرى وجه زوجته وابنته ونحو ذلك ، وكذا في حال ملاعبته أهله أشدّ ممّا رأى الأجنبيّ ذكره منكشفاً.

والذي ألزمه القرطبيّ صحيحٌ في حقّ من يروم النّظر فيدفعه المنظور إليه.

وفي وجه للشّافعيّة. لا يشرع في هذه الصّورة.

وهل يشترط الإنذار قبل الرّمي؟ وجهان، قيل: يشترط كدفع الصّائل، وأصحّهما: لا ، لقوله في الحديث " يختله بذلك "(1).

(1) أخرجه البخاري (6900) ومسلم (2157) من حديث أنس رضي الله عنه ، أنَّ رجلاً اطلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه بمشقص أو مشاقص، فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يختله ليطعنه.

ص: 462

وفي حكم المتطلع من خلل الباب ، النّاظر من كوّة من الدّار ، وكذا من وقف في الشّارع فنظر إلى حريم غيره ، أو إلى شيء في دار غيره.

وقيل: المنع مختصّ بمن كان في ملك المنظور إليه.

وهل يلحق الاستماع بالنّظر؟.

وجهان، الأصحّ. لا، لأنّ النّظر إلى العورة أشدّ من استماع ذكرها، وشرط القياس المساواة أو أولويّة المقيس. وهنا بالعكس.

واستدل به على اعتبار قدر ما يُرمى به ، بحصى الخذف ، لقوله في حديث الباب " فخذفته " فلو رماه بحجرٍ يقتل أو سهم تعلق به القصاص.

وفي وجه. لا ضمان مطلقاً ، ولو لَم يندفع إلَّا بذلك جاز.

ويُستثنى من ذلك ، من له في تلك الدّار زوج أو محرم أو متاع ، فأراد الاطّلاع عليه فيمتنع رميه للشّبهة.

وقيل: لا فرق، وقيل: يجوز إن لَم يكن في الدّار غير حريمه ، فإن كان فيها غيرهم أُنذر فإن انتهى وإلَّا جاز.

ولو لَم يكن في الدّار إلَّا رجل واحد ، هو مالكها أو ساكنها ، لَم يجز الرّمي قبل الإنذار إلَّا إن كان مكشوف العورة.

وقيل: يجوز مطلقاً ، لأنّ من الأحوال ما يكره الاطّلاع عليه كما تقدّم.

ولو قصّر صاحب الدّار ، بأن ترك الباب مفتوحاً ، وكان النّاظر مجتازاً ، فنظر غير قاصد لَم يجز، فإن تعمّد النّظر ، فوجهان. أصحّهما.

ص: 463

لا.

ويلتحق بهذا من نظَرَ من سطح بيته ففيه الخلاف.

وقد توسّع أصحاب الفروع في نظائر ذلك.

قال ابن دقيق العيد: وبعض تصرّفاتهم مأخوذة من إطلاق الخبر الوارد في ذلك، وبعضها من مقتضى فهم المقصود، وبعضها بالقياس على ذلك، والله أعلم.

تكميل: بوّب عليه البخاري " من أخذ حقّه أو اقتصّ دون السلطان " أي: من أخذ حقّه من غريمه ، بغير حكم حاكم ، أو اقتصّ إذا وجب له على أحد قصاص ، في نفس أو طرف ، هل يشترط أن يرفع أمره إلى الحاكم ، أو يجوز أن يستوفيه دون الحاكم ، وهو المراد بالسّلطان في التّرجمة؟.

قال ابن بطّال: اتّفق أئمّة الفتوى. على أنّه لا يجوز لأحدٍ أن يقتصّ من حقّه دون السّلطان.

قال: وإنّما اختلفوا ، فيمن أقام الحدّ على عبده كما تقدّم تفصيله

قال: وأمّا أخذ الحقّ ، فإنّه يجوز عندهم أن يأخذ حقّه من المال خاصّة ، إذا جحده إيّاه ولا بيّنة عليه كما تقدّم (1).

ثمّ أجاب عن حديث الباب: بأنّه خرج على التّغليظ والزّجر عن الاطّلاع على عورات النّاس. انتهى.

(1) وهي مسألة الظفر المشهورة ، وقد تقدّم الكلام عليها ، ونقل مذاهب أهل العلم بالتفصيل.

ص: 464

قلت: فأمّا من نقل الاتّفاق ، فكأنّه استند فيه. إلى ما أخرجه إسماعيل القاضي في " نسخة أبي الزّناد " عن الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم ، ومنه: لا ينبغي لأحدٍ أن يقيم شيئاً من الحدود دون السّلطان، إلَّا أنّ للرّجل أن يقيم حدّ الزّنا على عبده.

وهذا إنّما هو اتّفاق أهل المدينة في زمن أبي الزّناد.

وأمّا الجواب: فإن أراد أنّه لا يعمل بظاهر الخبر ، فهو محلّ النّزاع.

ص: 465