الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصح الحديث بتصحيح الأئمة له، والحمد لله.
***
10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء
19 -
. . . همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
• حديث منكر
أخرجه الترمذي في الجامع (1746)، وفي الشمائل (88)، والنسائي في المجتبي (8/ 178/ 5213)، وفي الكبرى (5/ 456/ 9542)، وابن ماجه (303)، وابن حبان (4/ 260/ 1413)، والحاكم (1/ 187)، وأبو يعلى (6/ 247/ 3543)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 343/ 294)، وتمام في الفوائد (496)، والبيهقي (1/ 94 و 95)، والجوزقاني في الأباطيل (1/ 535/ 343).
وانظر فيمن وهم فيه على همام: فوائد تمام (1199)، تاريخ دمشق (61/ 232) وقال:"غريب جدًّا"، علل الدارقطني [البدر المنير (2/ 337)، التلخيص (1/ 190)].
***
قال أبو داود: هذا حديث منكر؛ وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخد خاتمًا من ورق ثم ألقاه.
والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
وقال النسائي: "وهذا الحديث غير محفوظ".
وقال ابن السكن: "هو وهْمٌ"[البدر المنير (2/ 337)].
وصححه ابن حبان، والحاكم فقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما خرَّجا حديث نقش الخاتم فقط" قاله بعد متابعة يحيى بن المتوكل البصري لهمام.
وروى البيهقي كلام أبي داود مقرًا به، ثم قال:"هذا هو المشهور عن ابن جريج دون حديث همام"، ثم روى عن الحاكم متابعة يحيى بن المتوكل ثم قال بعدها:"وهذا شاهد ضعيف، والله أعلم".
وقال الحازمي: "لم يرو هذا الحديث بهذا السياق إلا همام، ووَهِم في ذلك"[البدر المنير (2/ 337)].
• قلت: لم بنفرد به همام؛ تابعه:
1 -
يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا نقشُه محمد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه.
أخرجه الحاكم (1/ 187)، وعنه: البيهقي (1/ 95)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الأول والثالث من حديثه (4)، وتمام في الفوائد (495)، والبغوي في شرح السُّنَّة (189)، وذكره الدارقطني في العلل بأسانيد بعضها صحيح إلى يحيى بن المتوكل.
قال البيهقي: "وهذا شاهد ضعيف، والله أعلم".
وقال البغوي: "هذا حديث غريب".
2 -
يحيى بن الضريس، عن ابن جريج به:
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 73)، وذكره الدارقطني في العلل [البدر المنير (2/ 339)، تهذيب السنن (1/ 26)، التلخيص الحبير (1/ 190)].
• خالفهم: حجاج بن محمد المصيصي الأعور [ثقة ثبت، من أثبت الناس في ابن جريج. التقريب (224)، سؤالات ابن بكير (54)، شرح علل الترمذي (272)]، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت؛ قال الدارقطني:"حسن الرواية عنه" يعني: عن ابن جريج، وقدَّمه فيه، وهو مكي تحول إلى البصرة. التقريب (459)، سؤالات ابن بكير. شرح العلل]، وعبد الله بن الحارث المخزومي المكي [ثقة. التقريب (498)]، وهشام بن سليمان المخزومي المكي [صدوق؛ مقدَّم في ابن جريج. التهذيب (9/ 50)، الميزان (4/ 299)، شرح العلل]، وروح بن عبادة [ثقة فاضل، وهو بصري. التقريب (329)]، وموسى بن طارق اليماني أبو قرة [ثقة يغرب. التقريب (981)]:
رواه ستتهم: عن ابن جريج: أخبرني زياد بن سعد، أن ابن شهاب أخبره، أن أنس بن مالك أخبره، أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من وَرِقٍ يومًا واحدًا، ثم أن الناس اضطربوا [وفي رواية: اصطنعوا] الخواتم من وَرِقٍ نلبِسوها، فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه؛ فطرح الناس خواتمهم.
أخرجه مسلم (2093/ 60)، وأبو عوانة (5/ 255/ 8627)، وابن حبان (12/ 304/ 5492)، وأحمد (3/ 206)، وذكره الدارقطني في العلل [تهذيب السنن (1/ 26)].
• فرواية هؤلاء الستة هي المحفوظة، ورواية همام ومن تابعه: وهمٌ لأمور:
الأول: أنهم أكثر عددًا، وأتقن حفظًا وضبطًا.
الثاني: أن فيهم مَن هو مقدَّم في ابن جريج، ومِن أثبت الناس فيه، مثل: حجاج الأعور، وأبي عاصم النبيل، وهشام بن سليمان؛ فروايتهم تُرجَّح على رواية غيرهم عند الاختلاف.
الثالث: أن همام بن يحيى وإن كان ثقةً؛ إلا أنه كان إذا حدث من حفظه أخطأ، قال
عفان: "كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يخالف فلا يرجع إلى كتابه، ثم رجع بعدُ قنظر في كتبه، فقال: يا عفان! كنا نخطئ كثيرًا فنستغفر الله تعالى"[التهذيب (9/ 74)، الميزان (4/ 309)].
ويحيى بن المتوكل: قال ابن معين: "لا أعرفه"، قال ابن حجر في نكته على ابن الصلاح (2/ 678):"أراد به جهالة عدالته، لا جهالة عينه؛ فلا يُعترض عليه بكونه روى عنه جماعة، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"وكان يخطئ"[التهذيب (9/ 288)].
وأما يحيى بن الضريس: فصدوق [التقريب (1058)].
فلا تقاوم روايةُ هؤلاء الثلاثة -على ما علمت من حالهم- روايةَ هؤلاء الستة، وفيهم ثقات أثبات متقنون من أثبت أصحاب الرجل.
الرابع: أن الرواية المحفوظة: رواها عن ابن جريج المكي: ثلاثة مكيون -أعني: من أهل بلده-، وثلاثة من الغرباء: مصيصي وبصري ويماني، وأما الرواية الشاذة: فانفرد بها الغرباء دون أهل بلده؛ فهمام ويحيى بن المتوكل: بصريان، وابن الضريس: رازي؛ والحديث الذي اشتهر في بلده وخارجها أولى من الذي لم يعرف إلا خارج بلده.
الخامس: قال ابن حجر في النكت: "فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئًا؛ لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خللٌ من قبله، والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة، وهو زياد بن سعد، ووَهِم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره، هذا وجه حكمه عليه بكونه منكرًا، وحُكْم النسائي عليه بكونه غير محفوظ: أصوب، فإنه شاذ في الحقيقة؛ إذ المنفرد به من ضرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذًا".
قلت: وافق النسائي في حكمه هذا: الدارقطني، فقد قال في العلل عن رواية الجماعة:"وهذا هو المحفوظ، وهو الصحيح عن ابن جريج"[البدر المنير (337)].
وقد روى هذا الحديث عن الزهري -غير زياد بن سعد-: إبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة:
أخرج حديثهم: البخاري (5868)، ومسلم (2093 و 2094)، وأبو عوانة (5/ 254 - 258/ 8622 - 8626 و 8634 - 8640)، وأبو داود (4216 و 4221)، والترمذي (1739)، والنسائي (8/ 172 - 173/ 5196 و 5197) و (8/ 192 - 193/ 5277 و 5279) و (8/ 195/ 5291)، وابن ماجه (3641 و 3646)، وابن حبان (12/ 302/ 5490)، وأحمد (3/ 160 و 209 و 223 و 225)، وأبو يعلى (6/ 242 و 243 و 248 و 262 و 276/ 3536 و 3538 و 3544 و 3565 و 3584)، والطبراني في الأوسط (5/ 273/ 5295)، والبيهقي في السنن (4/ 142)، وفي الشعب (5/ 196/ 6340)، وغيرهم.
وقد وهِم الزهري في قوله: "وَرِق"؛ لأن المعروف أن الخاتم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب اتخاذ الناس مثله إنما هو خاتم الذهب، كما صرح به في حديث ابن عمر المتفق عليه [البخاري (5865 و 5866 و 5867 و 5873 و 5876 و 6651 و 7298)، مسلم (2091)]، والشاهد منه قوله: اتخد النبيُّ صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب، ثم ألقاه، ثم اتخد خاتمًا من وَرِقٍ، ونفش فيه: محمد رسول الله
…
الحديث. وانظر أقوال العلم في ذلك: الفتح (10/ 332) وغيره.
وانظر كلام أهل العلم على حديث همام: المجموع شرح المهذب (2/ 91)، الإمام (2/ 453)، البدر المنير (2/ 336)، النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/ 677)، التقييد والإيضاح (108)، التلخيص الحبير (1/ 190)، فتح المغيث للسخاوي (1/ 226)، تدريب الراوي (1/ 277)، تهذيب السنن (1/ 25 - 31) وغيرها.
• وقد ذكر بعضهم شواهد لحديث همام:
ولا تصلح في الشواهد، أسانيدها واهية، وهي منكرة معلولة:
أ- حديث ابن عباس:
يرويه الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 536/ 344) بإسناده إلى: محمد بن إبراهيم الرازي، قال: حدثنا عبد الله بن عمران، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه.
قال ابن حجر في التلخيص (1/ 191): "ويُنظر في سنده؛ فإن رجاله ثقات؛ إلا محمد بن إبراهيم الرازي، فإنه: متروك".
قلت: هو حديث باطل، آفته: محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي الرازي هذا، فإنه متروك، قال فيه الدارقطني:"دجال، يضع الحديث"[انظر: اللسان (6/ 474)].
وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (1/ 106/ 1207) قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان سليمان بن داود إذا دخل الخلاء نزع خاتمه، فأعطاه امرأته.
هذا هو الصواب، والله أعلم.
ب- حديث ابن عمر:
يرويه ابن عدي في الكامل (6/ 102) بإسناده إلى: رواد بن الجراح، عن العرزمي، عن نافع، عن ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختَّم في خنصره الأيمن، فإذا دخل الخلاء جعل الكتابة مما يلي كفيه.
قال ابن عدي: "وهذا المتن غريب بهذا الإسناد".
قلت: هو باطل؛ رواد بن الجراح، ومحمد بن عبيد الله العرزمي: متروكان.
وقد رواه عبيد الله بن عمر، والليث بن سعد، وأيوب السختياني، وموسى بن عقبة،
وأيوب بن موسى، وجويرية بن أسماء، وأسامة بن زيد، وأبو بشر جعفر بن إياس، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد الحميد بن جعفر، وغيرهم:
عن نافع، عن ابن عمر، قال: اتخد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب، وجعل فَصَّهُ مما يَلِي بطن كفِّه
…
الحديث، وهذا موضع الشاهد منه، على اختلاف بينهم في لفظه.
أخرجه البخاري (5865 و 5866 و 5873 و 5876 و 6651)، ومسلم (2091)، وأبو عوانة (5/ 252 - 254 و 262/ 8612 - 8621 و 8655 - 8657)، وأبو داود (4218 و 4219 و 4227)، والترمذي في الجامع (1741)، وفي الشمائل (83 و 95)، والنسائي (8/ 178/ 5214 - 5216 و 5218) و (8/ 94 و 195/ 5288 و 5290 و 5292 و 5293)، وابن ماجه (3639 و 3645)، وابن حبان (12/ 306 و 307 و 310/ 5494 و 5495 و 5499 و 5500)، وأحمد (2/ 18 و 22 و 34 و 39 و 60 و 68 و 86 و 96 و 119 و 127 و 128 و 141 و 146 و 153)، وابن وهب في الجامع (587 و 588)، والطيالسي (1846)، وعبد الرزاق (10/ 395/ 19475)، والحميدي (675)، وابن سعد (1/ 470 و 473 و 477)، وابن أبي شيبة (5/ 195/ 25162)، وأبو يعلى (10/ 204/ 5835)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 262)، وفي المشكل (4/ 33) و (8/ 368)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 159/ 262)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (354 و 356 و 357 و 362 و 366)، وابن منده في فوائده (28)، وابن جميع الصيداوي في معجمه (109)، وتمام في الفوائد (439)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 198)، والبيهقي في السنن (2/ 424) و (4/ 142)، وفي الشعب (5/ 197 و 198/ 6344 - 6347) و (2/ 205/ 6360 - 6364)، وغيرهم.
ج- حديث علي بن أبي طالب:
يرويه أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء حوَّل خاتمه في يمينه، وإذا خرج وتوضأ حوَّله في يساره.
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 124)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 533/ 342)، وابن الجوزي في الواهيات (537) معلقًا.
قال الجوزقاني: "هذا حديث منكر".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح".
وأعلُّوه بعمرو بن خالد الواسطي، وهو: كذاب، يضع الحديث، قال أحمد:"كذاب، يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة"[انظر: التهذيب (3/ 267)].
ولعل أصله هو: ما رواه سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال شريك: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه.