الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستاك عرضًا، ويشرب مصًا، ويتنفس ثلاثًا، ويقول:"هو أهنأ وأمرأ وأبرأ".
أخرجه ابن قانع في المعجم (1/ 105)، وابن حبان في المجروحين (1/ 208)، والطبراني في الكبير (2/ 47/ 1242)، وابن عدي (7/ 182)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 1277/ 440)، والبيهقي (1/ 40)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 394 - 395)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 471).
وهذا حديث باطل، ليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، ولا من حديث سعيد بن المسيب:
علي بن ربيعة القرشي: قال العقيلي: "مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يتابعه إلا من هو دونه"، ثم ساق حديثه هذا، ثم قال:"ولا يصح"، وضعفه أبو حاتم جدًّا، حيث قال:"هو مثل يزيد بن عياض في الضعف"، ويزيد هذا هو ابن جعدبة، وهو: كذاب [انظر: اللسان (5/ 539)، الجرح (6/ 185)].
وفي الإسناد الآخر: ثبيت بن كثير الضبي، وهو: منكر الحديث [انظر: اللسان (2/ 395)]، وعنه: اليمان بن عدي أبو عدي الحمصي: ليس بالقوي، وله غرائب [التهذيب (4/ 452)، الميزان (4/ 465)].
قال ابن عبد البر في التمهيد: "هذان الحديثان: حديث بهز، وحديث ربيعة بن أكثم: ليس بإسناديهما عن سعيد أصل، وليسا بصحيحين من جهة الإسناد عندهم".
وقال في الاستيعاب (2/ 490) في ترجمة ربيعة بن أكثم: "روى عنه سعيد بن المسيب، ولا يحتج بحديثه؛ لأن من دون سعيد لا يوثق بهم لضعفهم، ولم يره سعيد ولا أدرك زمانه بمولده؟ لأنه ولد زمن عمر بن الخطاب".
وروي من وجوه أخر متصلًا ومرسلًا، ولا يصح من ذلك شيء، انظر: المراسيل لأبي داود (5)، المجموع شرح المهذب (1/ 346)، الإمام (1/ 392)، البدر المنير (1/ 722)، التلخيص (1/ 65).
***
27 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره
50 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عيسى: حدثنا عَنْبَسة بن عبد الواحد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنُّ، وعنده رجلان: أحدهما أكبر من الآخر، فأُوحِيَ إليه في فضل السواك: أن كَبِّر: أعْطِ السواك أكبرهما.
قال لنا أبو داود: قال أبو جعفر محمد بن عيسى: عنبسة بن عبد الواحد كنا نعده من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي.
قال أحمد بن حزم: قال لنا أبو سعيد -هو ابن الأعرابي-: هذا مما تفرد به أهل المدينة.
• حديث صحيح
انفرد به أبو داود دون أصحاب الكتب الستة، وعنبسة بن عبد الواحد: كوفي ثقة لا يضره تفرده عن هشام به؛ فهو إسناد صحيح.
• وقد وجدت له متابعًا:
فقد أخرج ابن عدي (4/ 201) من طريق: عبد الله بن محمد بن زاذان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة أخبرته. . . فذكر الحديث.
وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ عبد الله بن محمد بن زاذان: هالك [الميزان (2/ 486)، اللسان (3/ 409)].
فالحديث حديث عنبسة، ولا تضره أيضًا: مخالفة معمر بن راشد، فقد رواه عن هشام، عن أبيه، مرسلًا، لا يذكر فيه عائشة.
أخرجه عبد الرزاق (10/ 430/ 19604).
ويبدو لي -والله أعلم- أن أبا حاتم رجح رواية معمر المرسلة على رواية ابن زاذان الموصولة، فقد سأله ابنه عنها، فقال:"هذا خطأ؛ إنما هو عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسل، وعبد الله: ضعيف الحديث"[العلل (2/ 342/ 2551)].
وما ذاك عندي -والله أعلم- إلا لكون أبي حاتم لم يطلع على رواية عنبسة، فإن معمرًا ممن يهم في حديث العراقيين، قال ابن معين:"إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه؛ إلا عن الزهري وابن طاووس فإن حديثه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا. . . قال يحيى: وحديث معمر عن ثابت وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة وهذا الضرب: مضطرب كثير الأوهام"[التهذيب (8/ 284)، شرح علل الترمذي (2/ 682)].
كما أن هشام بن عروة كان ينشط أحيانًا فيسند، ويرسل أحيانًا أخرى، قال الأثرم: قال أبو عبد الله [أحمد بن حنبل]: "ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام بن عروة، أسندوا عنه أشياء، قال: وما أرى ذاك إلا على النشاط"[شرح العلل (2/ 679)].
• ومما يدل على أن عنبسة الكوفي قد حفظ هذا الحديث: شاهده عن ابن عمر: فقد روى صخر بن جويرية، عن نافع: أن عبد الله بن عمر حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أراني في المنام أتسوك بسواك، فجذبني رجلان، أحدهما كبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كَبِّر، فدفعته إلى الأكبر".
أخرجه البخاري (246)، قال:"وقال عفان"، وهو شيخه، فهو موصول، وبعضهم يراه تعليقًا. ومسلم (2271 و 3003)، وأبو عوانة [الإتحاف (9/ 101)]، والبيهقي (1/ 39 - 40)، وابن حجر في التغليق (2/ 149).
قال البخاري بعده: "اختصره نعيم، عن ابن المبارك، عن أسامة، عن نافع، عن ابن عمر".
رواه أسامة بن زيد الليثي المدني [صدوق يهم، روى عن نافع أحاديث مناكير. التهذيب (1/ 227)، الإكمال (1/ 57)، الميزان (1/ 174)، التقريب (124)، قال: حدثني نافع: أن ابن عمر قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يستن، فأعطى أكبر القوم، وقال:"إن جبريل أمرني أن أُكبِّر".
أخرجه أحمد (2/ 138) وهذا لفظه. ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة (3/ 389)، والطبراني في الأوسط (3/ 300/ 3218)، وأبو بكر الشافعي في فوائده (897)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 174)[وفيه تصحيف]. والبيهقي (1/ 40)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 385)، وابن حجر في التغليق (2/ 150).
من طرق عن ابن المبارك، عن أسامة به.
ورواية أسامة هذه تقتضى وقوع ذلك في اليقظة، وهو مخالف لما رواه صخر بن جويرية من أن ذلك وقع في المنام، لذا أخرجه مسلم في أبواب الرؤيا، وصخر: ثقة، وهو أثبت من أسامة بن زيد، وروايته أولى بالصواب.
وقد جمع بينهما ابن حجر في الفتح (1/ 425) فقال: "ويجمع بينه وبين رواية صخر: أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم عقبما رآه في النوم تنبيهًا على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض.
ويشهد لرواية ابن المبارك [يعني: رواية أسامة بن زيد، إذ يرويها عنه ابن المبارك] ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت:. . . " فذكر حديث الباب.
قلت: الأولى تقديم رواية صخر بن جويرية، إذ لو كان الأمر كما يقول ابن حجر، لكان فيه تسوية بين صخر وأسامة، ولكان كل منهما حفظ عن نافع ما لم يحفظ الآخر، ولحقهما جميعًا الوهم، لكون ذلك كان في مجلس واحد، والحق أن إلحاق الوهم بأسامة وحده أولى حيث جعلها في اليقظة، وإنما هي في المنام، والله أعلم.
وفي الجملة: فإن حديث عائشة محفوظ، وإسناده صحيح.
وحسَّن إسناده ابن الملقن في البدر المنير (2/ 48)، وابن حجر في الفتح (1/ 425)، والتلخيص (1/ 116).
قال ابن بطال في شرح البخاري (1/ 364): "فيه: تقديم ذي السن في السواك، وكذلك ينبغي تقديم ذي السن في الطعام والشراب والكلام والمشي والكتاب، وكل منزلة قياسًا على السواك،. . .، وهذا من باب أدب الإسلام.
وقال المهلب: تقديم ذي السن أولى في كل شيء ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسُّنَّة تقديم الأيمن فالأيمن من الرئيس أو العالم، على ما جاء في حديث شرب اللبن".
***
51 -
. . . المقدام بن شريح، عن أبيه، قال: قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك.
• حديث صحيح
وفي لفظ لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك.
أخرجه مسلم (253)، وأبو عوانة (1/ 164/ 476 و 477)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 312/ 589 و 590)، والنسائي (1/ 13/ 8)، وابن ماجه (290)، وابن خزيمة (1/ 70/ 134)، وابن حبان (3/ 356/ 1074) و (6/ 260/ 2514)، وأحمد (6/ 41 و 109 و 110 و 182 و 188 و 192 و 237 و 254)، وإسحاق بن راهويه (3/ 896/ 1577)، وابن أبي شيبة (1/ 155/ 1785)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (21)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 365/ 340 و 341)، والبيهقي (1/ 34)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 395/ 251)، والرافعي في التدوين (2/ 235).
هكذا رواه مسعر باللفظ الأول، ورواه سفيان باللفظ الثاني، وكفى بهما نهاية في الحفظ والإتقان.
• ورواه إسرائيل وشريك فزادا فيه زيادة:
أما رواية شريك ففيها: قلت لعائشة: يا أمه! بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليك بيتك؟ وبأي شيء كان يختم؟
قالت: كان يبدأ بالسواك، ويختم بركعتي الفجر [ابن حبان (2514)، وأحمد (6/ 110 و 182 و 237) واللفظ له].
وأما رواية إسرائيل ففيها: أن شريح بن هانئ سأل عائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قبل أن يخرج؟ قالت: كان يصلي الركعتين قبل الفجر، ثم يخرج إلى الصلاة، فإذا دخل تسوك [أحمد (6/ 109 و 254)].
• قال القرطبي في شرح الحديث (1/ 509): "يدل على استحباب تعاهد السواك لما يكره من تغير رائحة الفم بالأبخرة والأطعمة وغيرها. . . ويحتمل أن يكون ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول بيته بالسواك لأنه كان يبدأ بصلاة النافلة، فقلما كان يتنفل في المسجد"، وأما بقية كلامه فقد سبق نقله، ونقل رد الحافظ ابن حجر عليه عند حديث أبي موسى الأشعري (49)، وانظر: شرح النووي (3/ 143)، المجموع (1/ 338).
وقال المناوي في فيض القدير (5/ 130): "بدأ بالسواك لأجل السلام على أهله. . .، أو ليطيب فمه لتقبيل أهله ومضاجعتهم؛ لأنه ربما تغير فمه عند محادثة الناس، فإذا دخل بيته كان من حسن معاشرة أهله ذلك، أو لأنه كان يبدأ بصلاة النفل أول دخوله بيته. . .، وفيه ندب السواك عند دخول المسجد. . .، وتكراره لذلك ومثابرته عليه، وأنه كان لا يقتصر في ليله ونهاره على مرة لأن دخول البيت ما يتكرر، والتكرر دليل العناية
والتأكد، وبيان فضيلة السواك في جميع الأوقات، وشدة الاهتمام به. . .!.
• وفي الباب مما جاء صريحًا من فعله صلى الله عليه وسلم ويدل على شدة عنايته صلى الله عليه وسلم بالسواك حتى عند احتضاره:
ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستنُ به، فأَبَدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره، فأخذت السواك فقضمته ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانًا قط أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال:"في الرفيق الأعلى" ثلاثًا، ثم قضى، وكانت تقول: مات ورأسه بين حاقنتي وذاقنتي.
أخرجه البخاري (890 و 3100 و 4438 و 4449 و 4450 و 4451)، والنسائي في الكبرى (4/ 259/ 7102)، وابن حبان (583/ 14 و 584/ 6616 و 6617) و (16/ 53/ 7116)، والحاكم (1/ 145) و (4/ 7)، وأحمد (6/ 48 و 274)، وابن طهمان في مشيخته (40)، وابن سعد (2/ 233 و 234) و (2/ 261)، وإسحاق بن راهويه (2/ 261/ 764) و (3/ 661 و 989/ 1254 و 1715)، وأبو يعلى (61/ 8 و 77/ 4585 و 4604)، وعبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة (2/ 877/ 1649)، والطبراني في الكبير (23/ 31 - 33/ 78 - 82)، وفي الأوسط (2/ 221/ 1797) و (7/ 72/ 6887)، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (120)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (349)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 277)، والبيهقي في السنن (1/ 39) و (7/ 74)، وفي الدلائل (7/ 206)، والبغوي في شرح السُّنَّة (14/ 44/ 3826)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 307)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 458 و 459).
من طرق عن عائشة به، وفي رواية:"فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فناولته فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فليتنه، فأمَرَّه".
قال ابن رجب في الفتح (5/ 380): "وفي الحديث دليل على أن الاستياك سُنَّة في جميع الأوقات عند إرادة الصلاة وغيرها، فإن استياك النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السواك كان في مرض موته عند خروج نفسه، ولم يكن قاصدًا حينئذٍ لصلاةٍ ولا تلاوةٍ. وقد قيل: إنه قصد بذلك التسوك عند خروج نفسه الكريمة لأجل حضور الملائكة الكرام ودنوهم منه لقبض روحه الزكية الطاهرة الطيبة"، وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 438).
وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: "من تسوك بسواك غيره"، وكذا البيهقي في سننه:"باب: التسوك بسواك الغير".
***