المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌15 - باب في البول في المستحم - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - باب التخلي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

- ‌3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

- ‌5 - باب الرخصة في ذلك

- ‌6 - باب كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء [وفي نسخة: عند الحاجة]

- ‌8 - باب في الرجل يردُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

- ‌10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

- ‌11 - باب الاستبراء من البول

- ‌12 - باب البول قائمًا

- ‌13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده

- ‌(1/ 1843/160 - 1847).***14 -باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

- ‌15 - باب في البول في المستحم

- ‌16 - باب النهي عن البول في الجحر

- ‌17 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به

- ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌22 - باب الاستبراء

- ‌23 - باب في الاستنجاء بالماء

- ‌ 251).***24 -باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

- ‌25 - باب السواك

- ‌ 208)].***26 -باب كيف يستاك

- ‌27 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب غسل السواك

- ‌29 - باب السواك من الفطرة

- ‌38)].***30 -باب السواك للذي قام من الليل

- ‌31 - باب فرض الوضوء

- ‌32 - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌33 - باب ما ينجس الماء

- ‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة

- ‌35 - باب الماء لا يجنب

- ‌36 - باب البول في الماء الراكد

- ‌37 - باب الوضوء بسؤر الكلب

- ‌ 304)].*** •38 -باب سؤر الهرة

- ‌39 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌40 - باب النهي عن ذلك

- ‌41 - باب الوضوء بماء البحر

- ‌42 - باب الوضوء بالنبيذ

- ‌43 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن

- ‌44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌4).***45 -باب الإسراف في الماء

- ‌46 - باب في إسباغ الوضوء

- ‌47 - باب الوضوء في آنية الصفر

الفصل: ‌15 - باب في البول في المستحم

أخرجه الروياني (1218).

7 -

سراقة بن مالك:

وذكر في الشاهد منه الظل والطريق.

أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 5198/240)، والخطابي في غريب الحديث (2/ 559).

وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 353)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 37 / 75)، وقد انفرد برفع هذا الحديث، وذكر زيادة الماء أو النهر: أحمد بن ثابت بن عتاب، الملقب فرخويه، وهو متهم [انظر: اللسان (1/ 414)].

ولا تخلو أسانيدها من مقال، وفي بعضها ضعف شديد جدًّا.

قال الخطابي في معالم السنن (1/ 19): "قوله: "اتقوا اللاعنين": يريد الأمرين الجالِبَيْن للَّعن، الحاملَيْن الناس عليه، والداعيَيْن إليه؛ وذلك أن من فعلهما لُعن وشُتم، فلما صارا سببًا لذلك أضيف إليهما الفعل؛ فكان كأنهما اللاعنان، وقد يكون اللاعن أيضًا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول، كلما قالوا: سر كاتم، أي: مكتوم، وعيشة راضية، أي: مرضية. والملاعن: مواضع اللعن. والموارد: طرق الماء، واحدها موردة. والظل هنا يراد به مُستظَل الناس الذي اتخذوه مقيلًا ومناخًا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته؛ فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته تحت حايش من نخل، وللحايش لا محالة ظل. وإنما ورد النهي عن ذلك في الظل يكون ذرى للناس ومنزلًا لهم"، وانظر: غريب الحديث (1/ 108)، شرح النووي (3/ 160 - 161)، البدر المنير (2/ 315).

وقال القرطبي في المفهم (1/ 524): "ويفهم من هذا: تحريم التخلى في كل موضع كان للمسلمين إليه حاجة، كمجتمعاتهم وشجرهم المثمر، وإن لم يكن له ظلال وغير ذلك".

***

‌15 - باب في البول في المستحم

27 -

. . . معمر: أخبرني أشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفَّل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبولَنَّ أحدكم في مُستَحَمِّه ثم يغتسلُ فيه [وفي رواية: ثم يتوضأُ فيه]؛ فإن عامة الوسواس منه".

وروى شعبة وسعيد عن قتادة، عن عُقبة بن صُهبان: سمعت عبد الله بن مغفَّل يقول: البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس.

وحديث شعبة أولى.

ص: 99

ورواه يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن ابن مغفل قوله.

• الصحيح موقوف، وله حكم لرفع، وله شاهد دون جملة الوسواس.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 429)، وفي الأوسط (2/ 24/ 1655)، والترمذي في الجامع (21)، وفي العلل (12)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(20)، والنسائي (1/ 34/ 36)، وابن ماجه (304)، وابن حبان (4/ 66/ 1255)، وابن الجارود (35)، والحاكم (1/ 167 و 185)، وأحمد (5/ 56)، وعبد الرزاق (1/ 255/ 978)، وعبد بن حميد (505)، والروياني (907)، وابن المنذر (1/ 331/ 268)، والعقيلي (1/ 29)، والطبراني في الأوسط (3/ 230/ 3005)، والبيهقي (1/ 98)، والخطيب في الموضح (1/ 231).

من طرق عن معمر، عن أشعث بن عبد الله به.

قال الترمذي في الجامع: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أشعث بن عبد الله، ويقال له: أشعث الأعمى".

وقال في العلل: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: لا يُعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، ويرون أن أشعث هذا هو ابن جابر الحُدَّاني، وروى معمر فقال: عن أشعث بن عبد الله، عن الحسن".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أشعث بن عبد الله إلا معمر".

وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".

وضعفه العقيلي، وصحح فيه الموقوف.

وقال النووي في المجموع (2/ 110): "هذا الحديث حسن".

وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (290): "وإسناده صحيح".

قلت: أشعث: هو ابن عبد الله بن جابر الحُدَّاني البصري، وهو: صدوق، إلا أنه لم يُذكر له سماع من الحسن، وإن كان أدرك أنس بن مالك، وروى عنه أيضًا، قال البخاري لسليمان بن حرب:"أشعث أدرك أنسًا؟ قال: نعم"[التاريخ الكبير (2/ 126)، [وانظر: التهذيب (1/ 365)، الميزان (1/ 265)، التاريخ الكبير (1/ 429)، الموضح (1/ 227)، وغيرها].

وأما قول عبد الحق في الأحكام الوسطى: "ولم يسمعه أشعث من الحسن" فهو وهم منه، صدر عن لبس في فهم كلام يحيى القطان المنقول عند العقيلي، وإنما الذي لم يسمعه من الحسن هو الحسن بن ذكوان، وسيأتي الكلام عليه، وقد بيَّن هذا المعنى الحافظ ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 572/ 582) بما يشفي ويغني، إلا أن ابن القطان وهم في قوله: "وهو كما ترى لم يعرض فيه [يعني: العقيلي في الضعفاء] لما بين الأشعث

ص: 100

والحسن البصري، وكيف يعرض له، وهو أخص أصحابه، وقد سمع منه كثيرًا

".

قلت: وهذا وهم من الحافظ فإن أشعث هذا ليس من أصحاب الحسن المشهورين، ولعله أراد أشعث بن عبد الملك الحمراني، فإنه من أصحاب الحسن ممن أكثر الرواية عنه، وسمع منه الكثير، وهو من الطبقة الثانية من أصحاب الحسن عند ابن المديني [انظر: التاريخ الكبير (1/ 431)، شرح علل الترمذي (275)، التهذيب (1/ 367)، الميزان (1/ 266)].

ولعل الذي أدى به إلى الخلط بينهما: ما وقع في بعض نسخ النسائي: "عن الأشعث بن عبد الملك" وهو وهم أيضًا، فإن المزي لم يثبت هذا الاختلاف في أطرافه (7/ 173).

وإنما نسبه رواة الحديث فقالوا: أشعث بن عبد الله، وهو كذلك في بعض النسخ من سنن النسائي، وهذا هو الذي اعتمده المزي وغيره.

وأما الحسن البصري فلم أر تصريحًا له بالسماع في طرق الحديث، وهذا لا يُعِلُّ الإسناد بشيء، أعني: عنعنة الحسن فيه، فإنها مقبولة محمولة على الاتصال، فقد ثبت للحسن البصري سماع من عبد الله بن مغفل في غير هذا الحديث، وقد أثبت له السماع منه: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو حاتم والبزار والبرديجي [انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 111/ 1731)، مسائل صالح (634 و 636)، المراسيل (151)، تاريخ ابن معين (3/ 136/32)، من كلام أبي زكريا للدقاق (1 39)، معرفة الرجال لابن محرز (661)، العلل لابن المديني (50)، التاريخ الكبير (7/ 384)، التاريخ الأوسط (1/ 229/ 1097 و 1098)، كنى البخاري (39)، الجرح والتعديل (3/ 41) و (9/ 381)، مسند أحمد (5/ 56)، الكامل (5/ 108)، التمهيد (22/ 333)، نصب الراية (1/ 90)، البدر المنير (4/ 116)، تحفة التحصيل (73)].

ولا يقال بأن الحسن مدلس فترد عنعنته حتى يصرح بالسماع، وذلك أن تدليس الحسن إنما هو من نوع ما أسماه ابن حجر بالإرسال الخفي، يعني: رواية المعاصر عمن لم يلقه ولم يسمع منه بصيغة موهمة، وهذا النوع من التدليس لا ترد عنعنته طالما ثبت سماعه من شيخه ولو مرة فلا يطلب السماع في كل حديث بعينه لكونه محمولًا على الاتصال.

فإن قيل: إن مجرد وصفه بالتدليس كافٍ لرد عنعنته.

فيقال: إن الذي عليه المتقدمون وجمهور المتأخرين أن التدليس يطلق على رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه، وروايته عمن عاصره ولم يلقه، وتدليس الحسن من النوع الثاني لا الأول.

فإن قيل: فما الدليل على هذا؟

فيقال: بأن الذين وصفوا الحسن بالتدليس هم: خلف بن سالم [معرفة علوم

ص: 101

الحديث (108)]، والنسائي [سؤالات السلمي (442)، الميزان (1/ 460)]، وابن حبان [الثقات (4/ 123)، مشاهير علماء الأمصار (642)، المجروحين (1/ 80 و 81)]، والحاكم [المعرفة (108 و 111)]، وابن حزم [الإحكام في أصول الأحكام (1/ 141 - 142)]، وابن دقيق العيد [الاقتراح (213)]، والذهبي [أهل التدليس، شرحه التأسيس (23)]، والعلائي [جامع التحصيل (105)]، وسبط ابن العجمي [التبيين (72)]، وابن حجر [تعريف أهل التقديس (40)].

وهؤلاء منهم من وصفه بالتدليس لروايته عن معاصرين لم يلقهم ولم يسمع منهم: كخلف بن سالم وابن حبان والحاكم.

ومنهم من ذكره في طبقة من احتمل الأئمة تدليسه فتقبل عنعنته مطلقًا: كابن حزم وابن حجر.

وأما العلائي فذكره في طبقة من اختلف في قبول عنعنته، ولا سلف له.

والبقية ذكروه في عموم الموصوفين بالتدليس، ولا يلزم منه رد عنعنته مطلقًا فإنهم -في وصف الحسن بالتدليس- تبع لمن تقدمهم، وهم على كونه ممن يروي عن المعاصر ولم يلقه، لا ممن يروي عمن سمع ما لم يسمع.

فإن قيل: فالنسائي ذكره في المدلسين، وعددهم سبعة عشر راويًا، أفلا يعد ذلك دليلًا على أنه اقتصر على كبار المدلسين الذين ترد عنعنتهم؟

فيقال: إن مقبولي العنعنة منهم: عشرة، ممن ذكرهم ابن حجر في الطبقة الثانية، فذِكْر الحسن فيهم ليس دليلًا على رد عنعنته، بل هو من قبيل المعاصر الذي يروي عمن لم يلقه.

ثم إن الموصوفين بالتدليس ليسوا في طبقة واحدة بل هم على مراتب، وإنما ترد عنعنة من غلب عليه التدليس وثبت أنه دلس، كما أن من أنواع التدليس ما لا تقدح العنعنة في رواية الراوي؛ مثل تدليس الشيوخ، أو تدليس التأويل في صيغ الأداء.

• ومن الأئمة الدين قبلوا عنعنة الحسن أو صححوا له:

1 -

ابن سعد:

إذ يقول في الطبقات (7/ 157 - 158): "ما أسند من حديثه، وروى عمن سمعه منه: فحسن حجة، وما أرسل من الحديث فليس بحجة".

2 -

البخاري:

وهذا البخاري إمام أهل الصنعة يخرج له حديثًا قد ثبت له فيه سماعه من أبي بكرة: قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر

ويقول: "إن ابني هذا سيد

" الحديث (2704 و 3629 و 3746 و 7109).

قال البخاري: "قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث".

ص: 102

ثم أخرج له حديثًا ثانيًا (1040 و 1048 و 1062 و 1063 و 5785) في الكسوف معنعنًا، ثم علقه من طرقٍ عن الحسن، ومنها قوله: (وتابعه موسى عن مبارك عن الحسن قال: أخبرني أبو بكرة

"، ومن المعلوم أن في تفرد المبارك بن فضالة بذكر السماع في حديث الحسن فيه نظر، فقد أنكر الإمام أحمد على المبارك تصريحه بسماع الحسن من بعض الصحابة مع أن أصحاب الحسن يذكرونه عنه بالعنعنة [راجع: التهذيب (8/ 32)].

ثم أخرج له حديثًا ثالثًا (783) معنعنًا أيضًا، في الركوع دون الصف، لم يصرح فيه بالسماع من أبي بكرة، لكن أتى التصريح بالتحديث في رواية أبي داود (683 و 684)، والنسائي (2/ 118).

ثم أخرج له حديثًا رابعًا (4425 و 7099) بالعنعنة: "لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة"، وقد نظرت في طرق الحديث فلم أظفر منها بتصريحه بالسماع، فهو مروي بالعنعنة في كل طرقه التي اطلعت عليها.

ويصلح هذا الحديث الأخير أن يقال فيه: إن البخاري احتج بعنعنة الحسن بعد ما ثبت له السماع في أحاديث أخرى مما يدل على أن عنعنة الحسن لا تضره مطلقًا إلا إذا لم يثبت لنا سماعه من شيخه فحينئذ يتوقف فيه.

ومن الممكن أن يقال في هذا الأخير أيضًا: إن البخاري احتج بعنعنة الحسن لما علم أنه متابَع عليه، ولم ينفرد به عن أبي بكرة، فقد قال البزار في مسنده (9/ 107 /3649) بعد هذا الحديث من رواية الحسن عن أبي بكرة معنعنًا:"وهذا الحديث قد رواه أبو بكرة، ورواه عن أبي بكرة جماعة، وهذا الإسناد أحسن إسناد يروى في ذلك من حديث حميد الطويل".

3 -

ابن المديني:

أورد الإمام البخاري في التاريخ الكبير (2/ 290) حديث العقيقة عن سمرة بن جندب في ترجمة الحسن البصري ثم قال: "قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بحديثه: "من قتل عبده قتلناه".

يعني: أن ابن المديني احتج بحديثه هذا مع أنه معنعن، ومخالف لما عليه جمهور العلماء من أن السيد لا يقاد بعبده، وهذا يعني: أن أحاديث الحسن عن سمرة كلها محمولة على الاتصال بعد ثبوت سماعه منه في حديث العقيقة.

4 -

أن الذين وصفوا الحسن بالتدليس قبلوا عنعنة الحسن، واحتجوا بها، كابن حبان والحاكم.

5 -

واحتج بعنعنته أيضًا وصحح له: الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وأبو عوانة والبزار والبيهقي والضياء وابن القطان الفاسي ومغلطاي والهيثمي [راجع: المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (1/ 510 - 517)].

• إذا تبين هذا فلا وجه لتضعيف هذا الإسناد بدعوى تدليس الحسن البصري، وهذا

ص: 103

الإسناد أقرب ما يكون إلى قول المنذري في الترغيب (1/ 82): "إسناده صحيح متصل، وأشعث بن عبد الله: ثقة صدوق، وكذلك بقية رواته، والله أعلم".

فإذا جاء من يتعقب الترمذي، بل والبخاري أيضًا فيقول: لم ينفرد به أشعث الحداني عن الحسن، بل توبع عليه [انظر: المرسل الخفي (4/ 1754)].

• فيقال له: تعال فلننظر إلى هذه المتابعات:

1 -

قال الطبراني في الأوسط (7/ 6793/42): حدثنا محمد بن هارون: نا مروان بن محمد: نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرجل في مغتسله، وقال:"إنه يورث الوسواس".

قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن قتادة عن الحسن إلا سعيد بن بشير، تفرد به مروان بن محمد".

قلت: سقط من هذا الإسناد سهوًا: العباس بن الوليد بن صبح الخلال الدمشقي بين محمد بن هارون بن محمد بن بكار وبين مروان بن محمد الطاطري؛ يؤيد ذلك أمران:

الأول: تباعد ما بين وفاتي محمد بن هارون ومروان بن محمد فإن بينهما (79) سنة.

الثاني: أن الطبراني ذكر هذا الحديث بعد حديث (6792) قال فيه: حدثنا محمد بن هارون: ثنا العباس بن الوليد: نا مروان بن محمد: نا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس

.

وقد أخرج بهذا الإسناد إلى قتادة ثلاثة أحاديث (6789 و 6792 و 6816)، وإلى مروان حديثًا واحدًا (6798).

ويحتمل أن يكون الواسطة بينهما: إبراهيم بن مروان بن محمد الطاطري، فقد أخرج الطبراني ثلاثة أحاديث بهذا الإسناد (6783 و 6787 و 6788).

وسواء كان العباس أو إبراهيم هو الواسطة فلا يضر، فإن كليهما: صدوق [التقريب (116 و 488)].

ثم وجدت بعد هذا البحث أن الطبراني قد أخرجه في مسند الشاميين (4/ 37 /2669)، قال: حدثنا محمد بن هارون بن محمد بن بكار: ثنا العباس بن الوليد الخلال: ثنا مروان بن محمد الطاطري به.

فكان بحثي في محله، ولله الحمد والمنة.

ولا يضر تفرد مروان بن محمد الطاطري بهذا الإسناد؛ فإن مروان: ثقة ضابط، يُعتمد على حفظه، إلا أن الحمل فيه على سعيد بن بشير؛ فإنه دمشقي ضعيف، يروي عن قتادة المناكير، وفي تفرده عن قتادة بمثل هذا الإسناد نكارة ظاهرة [التهذيب (3/ 303)].

بل إنه خالف أوثق وأضبط وأحفظ أصحاب قتادة:

فقد رواه سعيد بن أبي عروبة، وشعبة:

ص: 104

كلاهما عن قتادة، عن عُقبة بن صُهْبان، قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس. موقوف.

وهذا لفظ شعبة، ولفظ سعيد: نُهي أو زُجر أن يُبال في المغتسل.

أخرجه البخاري في صحيحه (4842) تبعًا لحديث آخر. وفي التاريخ الكبير (6/ 431)، والحاكم (1/ 185)، وابن أبي شيبة (1/ 106/ 1201)، وأبو يعلى في المعجم (36)، والعقيلي (1/ 29)، والبيهقي (1/ 98)، وعلقه أبو داود (27).

وإسناده صحيح.

فأين سعيد بن بشير من شعبة وابن أبي عروبة، فإنه قد سلك فيه الجادة كما ترى، فوهم فيه مرتين:

مرَّة قلب الإسناد فجعل الحسن البصري مكان عقبة بن صهبان، ومرة رفع الموقوف.

فلا يشك عاقل بعد هذا في سقوط هذه المتابعة بل وبطلانها، لا سيما مع جزم الأئمة بتفرد أشعث الحداني به عن الحسن.

• وممن وهم فيه على قتادة أيضًا:

يزيد بن إبراهيم التستري فقد رواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن -أخي الحسن البصري-، عن عبد الله بن مغفل: أنه كان يكره البول في المغتسل، وقال: إن منه الوسواس.

أخرجه البيهقي (1/ 98)، وعلقه أبو داود (27).

وفي سنده تصحيف إذ فيه: "ثنا قتادة، عن سعيد، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عبد الله بن مغفل"، والتصحيح من "المهذب في اختصار السنن الكبير" للذهبي (1/ 118).

ويزيد: ثقة ثبت؛ إلا أنه في قتادة ليس بذاك. أُنكرت عليه أحاديث رواها عن قتادة [التهذيب (9/ 327)]، وقد وهم فيه مرة واحدة حيث قلب إسناده، وجعل سعيد بن أبي الحسن مكان عقبة بن صهبان، ولكنه تابع شعبة وسعيدًا على وقفه.

2 -

قال العقيلي في الضعفاء (1/ 29): حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم: حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر المديني قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الحسن بن ذكوان، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في المغتسل.

قال يحيى: قيل له: أسمعته من الحسن؟ قال: لا.

ثم قال العقيلي: "

ولعل حسن بن ذكوان أخذه عن أشعث الحداني".

فإن كان كما قال العقيلي، فقد رجع الحديث إلى الأشعث، وإن لم يكن فلا متابعة أيضًا: فإن الحسن بن ذكوان: صالح الحديث، كان يدلس عن المتروكين مثل عمرو بن خالد الواسطي [متروك، ورماه وكيع بالكذب. التقريب (734)]، وهو هنا قد أقر على نفسه بأنه لم يسمعه من الحسن ودلَّسه [انظر: التهذيب (2/ 257)، الميزان (1/ 489)].

ص: 105

• تنبيه:

ذكر الحافظ في الفتح (8/ 588): أن الطبري أخرجه من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن أيضًا، ثم قال:"وهذا التعقب وارد على الإطلاق، وإلا فإسماعيل ضعيف".

قلت: ويحتاج أيضًا إلى نظر في الإسناد إليه.

• وبعد ما رأينا حال هذه المتابعات يجب المصير والتسليم لهؤلاء الجهابذة الحفاظ، حيث اتفقوا على تفرد الأشعث الحداني بهذا الحديث عن الحسن ولم يتابع عليه، قاله: البخاري والترمذي والعقيلي وابن المنذر، وقال:"وقد دفع حديث عبد الله بن مغفل بعض أصحابنا، وقال: لم يروه غير أشعث الحداني عن الحسن، ووقفه سائر من رواه".

قلت: وهو كما قال أبو داود وابن المنذر والعقيلي، بتقديم رواية شعبة وابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عقبة بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل قوله، على رواية أشعث المرفوعة، قال أبو داود والعقيلي:"حديث شعبة أولى".

وقال الترمذي في حديث أشعث: "غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أشعث بن عبد الله"، وقال البخاري:"لا يُعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه"، وفي هذا استنكار للمرفوع، وتنبيه على أن الوهم فيه من أشعث.

إلا أنه يبقى التنبيه على رواية ابن أبي عروبة ففيها: نُهي أو زُجر عن البول في المغتسل، فهذا وإن كان موقوفًا؛ إلا أن له حكم الرفع.

وحاصل ما تقدم: أن الحديث موقوف على عبد الله بن مغفل، وله حكم الرفع، وله شاهد يأتي [وانظر: المرسل الخفي (4/ 1753)] وانظر: فيض القدير (6/ 345)].

ولذلك فإن الإمام أحمد لما سئل عن هذا الحديث لم ينكره، ولم يضعفه، وإنما أجاب جواب المحتج به، فقد قال ابنه صالح في مسائله (557):"قلت: ما تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا يبل أحدكم في مستحمه"؟

قال: يقول: "إن منه الوسواس"؛ إذا كان يبول موضعًا يغتسل فيه"، والله أعلم.

***

28 -

. . . داود بن عبد الله، عن حميد الحميري -وهو: ابن عبد الرحمن-، قال: لقيت رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبولَ في مغتسله.

• حديث صحيح

لفظ أبي عوانة عند أحمد: لقيت رجلًا قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين، كما صحبه أبو هريرة أربع سنين، قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، وأن يبول في

ص: 106

مغتسله، وأن تغتسل المرأة بفضل الرجل، وأن يغتسل الرجل بفضل المرأة، وليغترفوا جميعًا.

أخرجه أبو داود مفرقًا في موضعين (28 و 81)، والترمذي مقتصرًا على شطره الأول بمعناه من فعله صلى الله عليه وسلم، في الشمائل (35) بلفظ:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترجل غِبًا". والنسائي مفرقًا (1/ 130/ 238) و (8/ 131/ 5054)، والحاكم (1/ 168) بشطره الأول. وأحمد (4/ 110 و 111) و (5/ 369)، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (100)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 331/ 269)، والطحاوي (1/ 24)، وابن شاهين في الناسخ (51 و 52)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3124/ 7201)، والبيهقي (1/ 98 و 190)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 47/ 22)، وابن الأثير في أسد الغابة (6/ 440 - 441).

وهذا حديث صحيح.

وقد صححه الحميدي، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 226): "وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الحديث

".

وصححه ابن القطان (2/ 104/ 72) و (5/ 226/ 2436).

وقال النووي في المجموع (1/ 360): "رواه النسائي بإسناد صحيح، وجهالة اسم الصحابي لا تضر لأنهم كلهم عدول"، وقال أيضًا (2/ 111):"وإسناده صحيح".

وقال ابن حجر في البلوغ (6): "وإسناده صحيح".

وأما قول ابن المنذر والبيهقي فيه فهو غير مقبول.

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 332): "وحديث داود الأودي: حديث منكر، ولا يُدرى محفوظ أم لا، والله أعلم".

قلت: بل هو محفوظ.

وقال البيهقي في السنن (1/ 190): "وهذا الحديث رواته ثقات إلا أن حميدًا لم يسم الصحابي الذي حدثه فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود بن عبد الله الأودي لم يحتج به الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى".

وقال في المعرفة (1/ 278): "وأما حديث داود بن عبد الله الأودي

فإنه منقطع".

والقول بإرساله غير ظاهر، بل هو متصل صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر، وداود الأودي وإن لم يحتج به الشيخان فقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي وأبو داود، فهو ثقة يحتج بما تفرد به عن حميد.

قال ابن حجر في الفتح (1/ 300): "رجاله ثقات، ولم أقف لمن أعله على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر، وقد صرح التابعي بأنه لقيه، ودعوى ابن حزم أن داود راويه عن حميد بن عبد الرحمن هو ابن يزيد الأودي، وهو ضعيف: مردودة؛ فإنه ابن عبد الله الأودي، وهو ثقة".

ص: 107