المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - باب في الرجل يرد السلام وهو يبول - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - باب التخلي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

- ‌3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

- ‌5 - باب الرخصة في ذلك

- ‌6 - باب كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء [وفي نسخة: عند الحاجة]

- ‌8 - باب في الرجل يردُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

- ‌10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

- ‌11 - باب الاستبراء من البول

- ‌12 - باب البول قائمًا

- ‌13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده

- ‌(1/ 1843/160 - 1847).***14 -باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

- ‌15 - باب في البول في المستحم

- ‌16 - باب النهي عن البول في الجحر

- ‌17 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به

- ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌22 - باب الاستبراء

- ‌23 - باب في الاستنجاء بالماء

- ‌ 251).***24 -باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

- ‌25 - باب السواك

- ‌ 208)].***26 -باب كيف يستاك

- ‌27 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب غسل السواك

- ‌29 - باب السواك من الفطرة

- ‌38)].***30 -باب السواك للذي قام من الليل

- ‌31 - باب فرض الوضوء

- ‌32 - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌33 - باب ما ينجس الماء

- ‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة

- ‌35 - باب الماء لا يجنب

- ‌36 - باب البول في الماء الراكد

- ‌37 - باب الوضوء بسؤر الكلب

- ‌ 304)].*** •38 -باب سؤر الهرة

- ‌39 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌40 - باب النهي عن ذلك

- ‌41 - باب الوضوء بماء البحر

- ‌42 - باب الوضوء بالنبيذ

- ‌43 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن

- ‌44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌4).***45 -باب الإسراف في الماء

- ‌46 - باب في إسباغ الوضوء

- ‌47 - باب الوضوء في آنية الصفر

الفصل: ‌8 - باب في الرجل يرد السلام وهو يبول

الصباح وأبو حذيفة: هلال بن عياض، وقال سلم بن إبراهيم الوراق وإسماعيل بن سنان: عياض بن هلال، وقال الثوري: عياض بن عبد الله.

وقد وقع هذا الاختلاف وأكثر منه في حديثه الآخر: "إذا صلى أحدكم فلم يدر زاد أم نقص

" [أبو داود (1029)، الترمذي (396)، النسائي الكبرى. ابن ماجه (1254)، وهو مخرج في رسالتي "سجود السهو"].

وقد رجح البخاري وأبو حاتم ومسلم ومحمد بن يحيى الذهلي والدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والخطيب وغيرهم: أن الصواب فيه قول من قال: عياض بن هلال، ومن قال: هلال بن عياض فقد وهم [نظر: التهذيب (6/ 320)، الجرح (6/ 458)، الثقات (5/ 265)، المستدرك (1/ 158)، سنن ابن ماجه (342 م 1)، علل الدارقطني (11/ 296/ 2294)، الموضح (2/ 345)].

وأيًّا كان فإنه: مجهول، لم يرو عنه سوى يحيى بن أبي كثير [التقريب (765)، الميزان (3/ 307)، الترغيب والترهيب (1/ 83)].

وأما الاضطراب في متنه: فمرة يجعل المقت على التكشف والتحدث في حال قضاء الحاجة. ومرة يجعله على التكشف والنظر دون التحدث، ومرة يجعله على التحدث فحسب؛ ذكره ابن القطان الفاسي (5/ 259 - 260) ثم قال:"واضطرابه دليل سوء حال راويه، وقلة تحصيله، فكيف وهو من لا يعرف؟! ".

وسيأتي له حديث ضعيف آخر برقم (1029).

وخلاصة مما تقدم، أنه لو صح حديث عكرمة، لكان ضعيفًا لجهالة راويه عياض بن هلال، والاضطراب في سنده ومتنه، فكيف وهو لم يصح أصلًا، وإنما المحفوظ فيه هو ما رواه أبان بن يزيد العطار والأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا كما قال أبو حاتم وأبو داود، والله أعلم.

***

‌8 - باب في الرجل يردُّ السلام وهو يبول

16 -

. . . سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر قال: مرَّ رجلٌ على النبي صلى الله عليه وسلم -وهو يبول فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه.

قال أبو داود: ورُوي عن ابن عمر وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمَّم، ثم ردَّ على الرجل السلام.

• حديث صحيح

أخرجه مسلم (370)، وأبو عوانة (1/ 183/ 572 و 573)، وأبو نعيم (1/ 405/ 815)، والترمذي (90 و 2720 و 2720 م)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي

ص: 51

"مختصر الأحكام"(73)، والنسائي (1/ 35 - 36/ 37)، وابن ماجه (353)، وابن خزيمة (1/ 40/ 73)، وابن الجارود (38)، وابن أبي شيبة (5/ 247)، والبزار (12/ 242/ 5985)، وأبو العباس السراج في مسنده (18)، والطحاوي (1/ 85)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (868 و 869)، والسهمي في تاريخ جرجان (149)، والبيهقي في السنن (1/ 99)، وفي المعرفة (118 و 119).

قال الترمذي: "حسن صحيح".

وقال ابن منده: "وهذا إسناد صحيح"[الإمام (2/ 492)].

وتابع الضحاك عليه: يزيد بن عبد الله بن الهاد؛ إلا أن روايته أتم من رواية الضحاك:

فقد أخرج أبو داود (331)، وابن حبان (4/ 145/ 1316)، والدارقطني (1/ 177)، والبيهقي (1/ 206).

من طريق عبد الله بن يحيى البرلسي: حدثنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد: أن نافعًا حدثه، عن ابن عمر قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه ثم رد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الرجلِ السلام.

وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري، وحيوة بن شريح هو: ابن صفوان التجيبي أبو زرعة المصري.

• خالفهما فوهم ولم يحفظ هذا الحديث:

أ- أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب [ثقة]، رواه عن نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رجلًا مرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يهريق الماء، فسلَّم عليه الرجل، فردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم[السلام]، ثم قال:"أما إنه لم يحملني على السلام عليك إلا أني خشيت أن نقول: سلَّمت [عليه] فلم يردَّ على السلام، فإذا رأيتَني هكذا فلا تسلَّم عليَّ؛ فإنك إن تفعل لا أردُّ عليك".

أخرجه الشافعي في الأم (2/ 108/ 105)، وفي المسند (11)، وابن الجارود (37)، وأبو العباس السراج في المسند (21)، والبزار (12/ 242/ 5984)، والبيهقي في المعرفة (1/ 190/ 117)، والخطيب في التاريخ (3/ 139).

من طريق: سعيد بن سلمة بن أبي الحسام [صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ من حفظه]، وتابعه عليه: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة من الأئمة]: كلاهما عن أبي بكر به.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن الوهم فيه ممن روى عن أبي بكر هذا، لا منه نفسه، والمحفوظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يردَّ على الرجل السلام إلا بعد أن تيمم، كما في حديث ابن عمر [من رواية ابن الهاد]، وأبي الجهيم.

ص: 52

قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 131 - 132): "وأبو بكر -فيما أعلم- هو: ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، روى عنه مالك وغيره، وهو: لا بأس به، ولكن حديث مسلم: أصح؛ لأنه من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، والضحاك: أوثق من أبي بكر، ولعل ذلك كان في موطنين".

قلت: الظاهر أنها واقعة واحدة، لاتحاد المخرج، إذ مدارها على نافع، والقصة واحدة، وقد تعقبه ابن القطان الفاسي على تعيينه الراوي، ولكنه أقره على تضعيف الحديث، فقال في بيان الوهم (5/ 658):"جزم بأن راويه أبا بكر هو: ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، وليس ذلك كذلك، ولا يصح الحديث"، وقد فصَّل كلامه في موضع آخر (5/ 119/ 2370) فانظره.

قلت: ما ذهب إليه عبد الحق هو: الحق، وقد جاء اسمه مصرحًا به في الرواية في رواية السراج، وكذا ابن الجارود والبزار، وانظر: تعقب ابن دقيق العيد لابن القطان في ذلك: الإمام (2/ 494)، البدر المنير (9/ 44).

ب- محمد بن ثابت العبدي، قال: أخبرنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته، فكان من حديثه يومئذٍ أن قال: مرَّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سِكَّة من السكك، وقد خرج من غائطٍ أو بولٍ، فسلَّم عليه؛ فلم يردَّ عليه، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيديه على الحائط، ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم ردَّ على الرجل السلام، وقال:"إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر".

أخرجه أبو داود (330)، والطيالسي (3/ 381/ 1962)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 49)، والطحاوي (1/ 85)، والعقيلي (4/ 38)، وابن حبان في المجروحين (2/ 251)، وابن عدي (6/ 134)، والطبراني في الأوسط (8/ 6/ 7784)، والدارقطني (1/ 177)، والبيهقي في السنن (1/ 206 و 215)، وفي المعرفة (309)، والخطيب في التاريخ (13/ 135)، وابن عساكر في التاريخ (58/ 466)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 235/ 276).

وهذا حديث منكر:

قال ابن هانئ: "عرضت على أبي عبد الله -يعني: أحمد بن حنبل- حديث محمد بن ثابت؛ فقال لي: هذا حديث منكر، ليس هو مرفوعًا".

وقال مهنا: "سألت أحمد عن هذا الحديث؛ فقال: ليس بصحيح؛ إنما هو عن ابن عمر"[تعليقة على العلل لابن عبد الهادي (171)].

وقال أبو داود: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثًا منكرًا في التيمم".

وقال أيضًا: "لم يتابَع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعل ابن عمر".

ص: 53

زاد في التحفة (6/ 226) وعزاه لأبي داود في كتاب التفرد له: "قال [أبو داود]: وروى أيوب ومالك وعبيد الله وقيس بن سعد ويونس الأيلي وابن أبي رواد: عن نافع عن ابن عمر: أنه تيمم ضربتين للوجه واليدين إلى المرفقين. قال أبو داود: جعلوه فعل ابن عمر"، وانظر: سؤالات أبي داود (504).

وقال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 50) في ترجمة محمد بن ثابت: "يخالف في بعض حديثه

وروى محمد عن نافع عن ابن عمر: مرفوع في التيمم، وخالفه: أيوب وعبيد الله والناس فقالوا: عن نافع عن ابن عمر فعله"، وقال نحوه في الضعفاء الصغير (312).

وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل (7/ 216): "روى حديثًا منكرًا" يعني: هذا الحديث.

وقال أبو زرعة: "هذا خطأ إنما هو موقوف"[العلل (1/ 54/ 136)].

وقال فيه ابن معين: "ليس بشيء؛ أنكروا عليه حديث نافع عن أبن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ به رجل فسلم عليه فتيمم ثم رد عليه. وهذا منكر، لا يتابع عليه"[الإرشاد (3/ 882 - 883)، تاريخ الدوري (4/ 310)].

ونقل ابن المنذر قول ابن معين والبخاري ثم قال: "فسقط أن يكون هذا الحديث حجة، لضعف محمد في نفسه، ومخالفة الثقات له، حيث جعلوه من فعل ابن عمر".

وأخرج العقيلي بعد الحديث رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر فعله، ثم قال:"ورواه عبد الله بن عمرو [كذا، ولعل الصواب: عبيد الله بن عمر] ويحيى بن سعيد وابن عجلان عن نافع. كذا موقوف، وهذا الصواب".

وقال ابن حبان في المجروحين عن محمد بن ثابت العبدي: "يرفع المراسيل، ويسند الموقوفات توهمًا من سوء حفظه، فلما فحش ذلك منه بطل الاحتجاج به، وهو الذي روى عن نافع

فساق الحديث بإسناده ثم قال: "وإنما هو موقوف على ابن عمر".

وأنكره عليه ابن عدي في الكامل، وقال عنه:"وعامة أحاديثه لا يتابع عليه".

وضعفه ابن حزم في المحلى (2/ 149).

وقال البيهقي: "وقد أنكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي؛ فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنما هو التيمم فقط، فأما هذه القصة فهي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة برواية أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة وغيره، وثابتٌ عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر: أن رجلًا مرَّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم عليه، فلم يردَّ عليه، إلا أنه قصر بروايته، ورواية يزيد بن الهاد عن نافع أتم من ذلك".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 287): "وأصحاب نافع الحفاظ يروونه: عن نافع عن ابن عمر فعله: أنه كان يتيمم إلى المرفقين، هكذا رواه مالك وغيره، ورواه

ص: 54

محمد بن ثابت العبدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا. وأنكروه عليه، وضعفوه من أجله" وقال أيضًا:"وهذا لم يروه عن نافع أحد غير محمد بن ثابت هذا، وبه يعرف، ومن أجله يُضَعَّف، وهو عندهم حديث منكر، لا يعرفه أصحاب نافع".

وقال الخطابي في المعالم (1/ 86): "وحديث ابن عمر: لا يصح؛ لأن محمد بن ثابت العبدي: ضعيف جدًّا لا يحتج بحديثه".

وقال المزي في الأطراف: "الصواب أنه موقوف ورفعه منكر"[ذكره ابن عبد الهادي في تعليقه على العلل (169)].

وقال ابن رجب في فتح الباري (2/ 41): "ورفعه منكر عند أئمة الحفاظ، وإنما هو موقوف عندهم: كذا قاله الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والبخاري والعقيلي والأثرم

".

وقال ابن حجر في الفتح (1/ 527): "لكن خطَّأ الحفاظ روايته في رفعه، وصوَّبوا وقفه، وقد تقدم أن مالكًا أخرجه موقوفًا بمعناه، وهو الصحيح"، وانظر: التلخيص (1/ 151).

وانظر أيضًا: الإمام (3/ 143 - 151)، البدر المنير (2/ 636)، الخلاصة (559)، المجموع (2/ 244).

وهذا الذي رواه أصحاب نافع عنه عن ابن عمر قوله وفعله.

أخرجه مالك في الموطا (1/ 73/ 90 و 91)، وابن أبي شيبة (1/ 146)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 34)، والطحاوي (1/ 114)، والعقيلي (4/ 39)، والدارقطني (1/ 180 و 181)، والبيهقي (1/ 207)، والخطيب في التاريخ (5/ 344).

***

17 -

. . . قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان، عن المهاجر بن قُنفُذ: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال:"إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طُهرٍ" أو قال: "على طهارة".

• رجاله ثقات

أخرجه النسائي (1/ 38/37)، وابن ماجه (350)، وأبو الحسن بن القطان في زوائده على ابن ماجه (350 م)، والدارمي (2/ 360/ 2641)، وابن خزيمة (1/ 103/ 206)، وابن حبان (3/ 82 و 803/ 86 و 806)، والحاكم (1/ 167) و (3/ 479)، وأحمد (4/ 345) و (5/ 80)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 9/ 673 و 674)، وأبو العباس السراج في مسنده (19 و 20)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 133 و 342)، والطحاوي (1/ 27 و 85)، والطبراني في الكبير (20/ 329/ 780 و 781)، وأبو الشيخ في

ص: 55

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (161)، والبيهقي (1/ 90)، وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 294 -

295)، والمزي في التهذيب (28/ 578).

تنبيه: وقع وهم من بعض رواة الحديث، حيث قال في الرواية:"فَسَلَّمْتُ وهو يَتَوَضَّأُ"، وهو اختصار مخلٌّ، وإنما المحفوظ في الرواية: أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فلم يردَّ عليه حتى توضأ، والله أعلم.

قال النووي في المجموع (2/ 107) و (3/ 113): "هذا الحديث صحيح"، وانظر: الأذكار للنووي (70)، الآداب الشرعية (1/ 355).

قلت: رجاله ثقات، إلا أن حضين بن المنذر لا يعرف له سماع من المهاجر؛ قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 128) عن حضين:"سمع عثمان وعليًّا، وعن مهاجر بن قنفذ".

والحسن البصري: كثير الإرسال، ولم أر له سماعًا من حضين، وإن كان ممكنًا لتعاصرهما، وسكناهما البصرة، مع قرب وفاتيهما.

وقد رواه عن قتادة: شعبة وسعيد وهشام، وهم أثبت أصحابه.

وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكلم حيث قال: "صحيح على شرط الشيخين"، وليس كما قال؛ حضين لم يخرج له البخاري، ولم يخرجا شيئًا بهذا الإسناد.

وقال فيه الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 206): "وهذا حديث حسن صحيح".

• وقد اختلف فيه على الحسن:

أ- فرواه قتادة عنه به هكذا.

ب- ورواه يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن. شرح العلل (2/ 685)، التهذيب (4/ 470)]، وزباد بن حسان الأعلم [ثقة ثقة، من قدماء أصحاب الحسن. التهذيب (1/ 644)، شرح العلل (2/ 686)]، وحميد الطويل [ثقة، من أكبر أصحاب الحسن، نسخ كتب الحسن. التهذيب (1/ 494)،، وجرير بن حازم [ثقة، من أصحاب الحسن، يهم إذا حدث من حفظه. التهذيب (1/ 294)، ومجاعة بن الزبير [ضعيف. اللسان (6/ 463) وغيره]، والحسن بن دينار [متروك، كذبه غير واحد. اللسان (3/ 40)][والراوي عن مجاعة والحسن: عبد الله بن رُشَيد: قال ابن حبان: "مستقيم الحديث"، وقال البيهقي: "لا يحتج به"، وقال الذهبي: "ليس بقوي وفيه جهالة"، اللسان (4/ 477)، المغني (1/ 338)، ذيل العراقي على الميزان (469)]:

ستتهم: عن الحسن، عن المهاجر بن قنفذ بنحوه. فلم يذكروا أبا ساسان في الإسناد، ولم يذكر الثقاتُ منهم المرفوعَ من قوله صلى الله عليه وسلم:"إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك "لا أني كرهت أن أذكر الله عز وجل وأنا على غير طهارة" وإنما اقتصروا على المرفوع من فعله صلى الله عليه وسلم في عدم رده السلام حتى توضأ.

أخرجه أحمد (5/ 80)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 247)، وفي المسند (671)،

ص: 56

والطحاوي (1/ 85)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (871)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الأول من حديثه (19)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 1757/852)، وابن قانع في المعجم (3/ 59)، والطبراني في الكبير (20/ 329/ 779)، والدارقطني في حديث أبي الطاهر الذهلي (69).

وقتادة: ثقة ثبت، من أعلم أصحاب الحسن، وهو فيه مقدم على جرير بن حازم وأضرابه، لكنه خالف من هو أثبت منه في الحسن وأطول صحبة وأكثر عددًا، قال أبو زرعة:"يونس أحبُّ إليَّ في الحسن من قتادة"[الجرح والتعديل (9/ 242)، التهذيب (4/ 471)، وانظر: الجرح (7/ 134)]. ولا يُعلَم للحسن سماع من المهاجر بن قنفذ.

ويحتمل أن يقال فيه: كلا الوجهين محفوظ عن الحسن، وكلٌّ حدَّث بما سمع، وهذا أولى عندي من توهيم قتادة؛ إذ هو من أحفظ الناس، وقدَّمه بعضهم في الحسن على بقية أصحابه، فإن قيل: لعل قتادة أُتي فيه من قبل التدليس، فيقال: قد رواه شعبة عن قتادة وقد كفانا تدليسه.

وعلى هذا يقال بأن الحسن كان ينشط أحيانًا فيذكر الحضين بن المنذر في الإسناد مع الزيادة في المتن، وأحيانًا يسقط الحضين فيرسله عن المهاجر ويختصر المتن، وهو الغالب عليه، والله أعلم.

وعليه تبقى علة هذا الإسناد في عدم ثبوت الاتصال والسماع بين الحضين والمهاجر، ولمتنه علة أخرى:

• وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 163/ 142): "وحديث المهاجر ليس فيه للتيمم ذكر".

قلت: الثابت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد السلام، كما في حديث ابن عمر المتقدم (16) -رواية ابن الهاد-، وكما في حديث أبي الجهيم:

فقد روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قال: سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار -مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصاري، فقال أبو جهيم: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جملٍ، فلقيه رجلٌ فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم[السلام]، حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم ردَّ عليه السلام.

أخرجه مسلم (369) معلقًا. ووصله: البخاري (337)، وأبو عوانة (1/ 257/ 888)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 405/ 814)، وأبو داود (329)، والنسائي (1/ 165/ 311)، وابن خزيمة (1/ 139/ 274)، وابن حبان (3/ 85/ 805)، وابن الجارود (127)، وأحمد (4/ 169) و (5/ 456)[ساقط من الميمنية]. وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 73/ 768) و (4/ 193/ 2175)، والدولابي في الكنى (1/ 65/ 151)، والطحاوي (1/ 85 و 86)، وابن قانع (2/ 187) و (3/ 130)، وأبو أحمد الحاكم في

ص: 57

الكنى (3/ 186 و 187)، والدارقطني (1/ 176 و 177)، وابن حزم في المحلى (2/ 121 و 155)، والبيهقي في السنن (1/ 205)، وفي المعرفة (1/ 283 - 284/ 307)، وفي الخلافيات (2/ 510/ 850)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 236/ 280)، وابن الأثير في أسد الغابة (6/ 64)، والحافظ رشيد الدين يحيى بن علي في غرر الفوائد (1) وقال:"هكذا أخرجه مسلم في صحيحه مقطوعًا، وهو حديث صحيح ثابت متصل في كتاب البخاري وغيره"، والمزى في التهذيب (22/ 382)، وغيرهم.

وممن وهم في هذا الحدبث:

أ- أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث: رواه عن الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، به إلا أنه قال:"فمسح بوجهه وذراعيه" بدل "ويديه".

أخرجه الدارقطني (1/ 176)، والبيهقي في السنن (1/ 205)، وفي المعرفة (308).

وقد خالف أبو صالح -على ما فيه من ضعف- أصحاب الليث، مثل ابنه شعيب ويحيى بن بكير وغيرهما، على أنه رواه مرة أخرى -عند ابن الجارود وابن أبي عاصم- مثل رواية الجماعة.

قال ابن رجب في فتح الباري (2/ 39): "وأبو صالح تغير بآخره وقد اختلف عليه في لفظه، ورواية يحيى بن بكير أصح، قال الخطابي: حديث أبي الجهيم في مسح الذراعين لا يصح. يعني: لا يصح رواية من روى فيه مسح الذراعين"، وقول الخطابي هذا في أعلام السنن (1/ 345).

وقال ابن حجر في الفتح (1/ 527): "والثابت في حديث أبي جهيم أيضًا بلفظ "يديه" لا "ذراعيه" فإنها رواية شاذة مع ما في أبي الحويرث وأبي صالح من الضعف".

ورواه أيضًا: محمد بن إسحاق وابن لهيعة عن الأعرج به، مثل رواية الجماعة؛ فدل ذلك على شذوذ قول من قال:"وذراعيه".

ب- ورواه ابن لهيعة [وهو: ضعيف]، عن الأعرج، قال: سمعت عمير بن عبد الله يحدث عن عبد الله بن يسار -مولى ميمونة-، عن أبي الجهيم الأنصاري قال:

فذكره بنحوه.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (61)، قال: ثنا حسان بن عبد الله المصري [ثقة]، عن ابن لهيعة به.

ووهم فيه ابن لهيعة بزيادة عبد الله بن يسار في الإسناد، وقد رواه مرة أخرى مثل الجماعة -عند أحمد-.

ج- ورواه أبو عصمة نوح بن أبي مريم [متروك، ذاهب الحديث جدًّا، كذَّبه غير واحد. التهذيب (8/ 558)] عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جملٍ، إما من غائطٍ أو من بول، فسلَّمتُ عليه، فلم يردَّ عليَّ السلام، فضرب الحائط بيده ضربةً، فمسح بها وجهه، ثم ضرب أخرى فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين، ثم ردَّ عليَّ السلام.

ص: 58

أخرجه الدارقطني (1/ 177)، ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (1/ 234/ 274).

وهو منكر؛ لتفرد أبي عصمة به عن موسى بن عقبة، ولم يتابعه عليه إلا من هو مثله.

فقد رواه: خارجة بن مصعب، عن عبد الله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم . . . مثله.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 112)، والدارقطني (1/ 177)، ومن طريقه: ابن الجوزي (275).

وخارجة بن مصعب: متروك، يدلس عن الكذابين، وكذبه ابن معين [التهذيب (1/ 512)]، وشيخه: عبد الله بن عطاء بن يسار: لم أقف له على ترجمة [انظر: الكامل (3/ 57)، الإمام (3/ 156)، البدر المنير (2/ 639)].

د- ورواه الشافعي في الأم (2/ 102 و 103/ 108 و 106)، وفي اختلاف الحديث (10/ 74/ 76 - أم)، وفي المسند (12) قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصِّمَّة قال:"مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يردَّ علي حتى قام إلى جدارٍ، فحتَّه بعصا كانت معه، ثم مسح يده على الجدار، فمسح وجهه وذراعيه، ثم رد عليَّ".

ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (2/ 50/ 541)، والبيهقي في السنن (1/ 205)، وفي المعرفة (306)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 402/ 311) وقال:"حديث حسن" فلم يصب.

وهذا حديث منكر، باطل بهذا السياق، لم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم حتَّ الجدار بعصا، ولا اْنه مسح ذراعيه؛ وهذا إسناد ساقط واهٍ بمرة: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي: متروك الحديث، كذبه الأئمة، وقد خفي أمره على الشافعي. وشيخه أبو الحويرث: ليس بالقوي، والله أعلم.

قال البيهقي: "هذا منقطع؛ عبد الرحمن بن هرمز الأعرج لم يسمعه من ابن الصمة، إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس عن ابن الصمة، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية: قد اختلف الحفاظ في عدالتهما"[وانظر للمزيد: الإمام (3/ 155)].

وانظر أيضًا: المعجم الأوسط للطبراني (1/ 78/ 222).

• وفي الباب عن:

1 -

مسلمة بن علي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: مرَّ رجلٌ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه، فلما فرغ ضرب بكفيه الأرض فتيمم، ثم ردَّ عليه السلام.

أخرجه ابن ماجه (351)، وابن عدي (6/ 313)، والطبراني في الأوسط (4/ 72/ 3641).

ص: 59

قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث عن الأوزاعي التي ذكرتها لا يرويها بهذا الإسناد عن الأوزاعي غير مسلمة بن علي" ثم قال: "وكل أحاديثه

أو عامتها غير محفوظة".

قلت: وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، مسلمة بن علي: متروك، منكر الحديث [التهذيب (8/ 171)، الميزان (4/ 109)].

2 -

الصلت بن الحجاج، عن محمد بن جحادة، عن رجاء بن حيوة، عن أبي العجفاء، عن عبد الله بن عمرو: أن رجلًا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يرد عليه.

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 208/ 2100)، وابن عدي في الكامل (4/ 83).

وقال: "وهذا عن ابن جحادة لا يرويه غير الصلت".

قلت: هو منكر، فقد عدَّه ابن عدي في مناكيره، وقال فيه بعدُ:"وفي بعض أحاديثه ما يُنكر عليه بل عامته كذلك" وقد ذكره ابن حبان في الثقات [انظر: اللسان (3/ 236)].

وأبو العجفاء: وثقه ابن معين والدارقطني وابن حبان، وقال البخاري:"في حديثه نظر"، وقال أبو أحمد الحاكم: "ليس حديثه بالقائم [التهذيب (10/ 189)، الميزان (4/ 550)].

3 -

عيسى بن يونس، عن هاشم بن البريد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله: أن رجلًا مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيتَني على مثل هذه الحالة فلا تسلم عليَّ؛ فإنك إن فعلت ذلك لم أردَّ عليك".

أخرجه ابن ماجه (352)، والبزار [الأحكام الكبرى للإشبيلي (1/ 370)]. والسرقسطي في الدلائل (1/ 133/ 62)، وابن عدي (7/ 116)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 766).

وقد اختلف فيه على هاشم بن البريد:

أ- فرواه عيسى بن يونس [كوفي، ثقة مأمون]، عن هاشم بن البريد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله به، كما تقدم.

ب- وخالفه: محمد بن عبيد [ابن أبي أمية الطنافسي، كوفي، ثقة يحفظ] قال: ثنا هاشم -يعني: ابن البريد-: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن جابر، قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فلم يردَّ عليَّ، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فلم يردَّ عليَّ، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فلم يردَّ عليَّ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا خلفه، حتى دخل رحله، ودخلت أنا إلى المسجد، فجلست كئيبًا حزينًا، فخرج عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهَّر؛ فقال:"عليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله" ثم قال: "ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بخير سورة في القرآن؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال:"اقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] حتى تختمها".

أخرجه أحمد (4/ 177)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (9/ 129/ 112).

ص: 60

قلت: هذا حديث مضطرب، اختلف فيه الثقات على هاشم بن البريد في إسناده ومتنه، وفي تفرده -وهو كوفي- عن ابن عقيل المدني: نظر.

وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عيسى بن يونس؟ فقال: "لا أعلم روى هذا الحديث أحد غير هاشم بن البريد"[العلل (1/ 68/34)].

وقال فيه ابن عدي أيضًا: "وهذا لا أعلم رواه عن عبد الله بن محمد بن عقيل إلا هاشم".

وقال الدارقطني في الأفراد (2/ 350/ 1571): "تفرد به هاشم بن البريد عنه [يعني: عن ابن عقيل]، ولا أعلم حدث به عنه غير عيسى بن يونس".

وابن عقيل: صدوق سيئ الحفظ [التهذيب (4/ 474)] الميزان (2/ 484)، سؤالات الآجري (5/ ق 35 و 38)].

والحديث قد حسَّنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (4/ 97/ 1538) و (5/ 658)، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 52)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 208)، ولا يسلم لهم ذلك، وقد تقدم بيان علته، والله أعلم.

فإن قيل: رواية أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن، عن نافع، عن ابن عمر: أن رجلًا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه الرجل، فردَّ عليه السلام، فلما جاوزه ناداه النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول: إني سلمت على رسول الله فلم يردَّ عليَّ، فإذا رأيتَني على هذه الحالة فلا تسلم عليَّ فإنك ان تفعل لا أردُّ عليك"، والتي تقدم ذكرها تحت الحديث السابق (16): تشهد لرواية عيسى بن يونس، فيقال: هذه رواية شاذة من حديث ابن عمر؛ لا تصلح في الشواهد! إذ المنكر أبدًا منكر!.

4 -

شعبة [وقيل: سعيد، وقيل: شعبة: ثنا سعيد]، عن محمد بن المنكدر، عن رجل، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب: أن رجلًا سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم وقد بال، فلم يردَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال بيده إلى الحائط -يعني: أنه تيمم-. كذا عند أحمد من رواية غندر، وفي رواية الطيالسي عن شعبة: عن حنظلة الأنصاري: أن رجلًا سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يردَّ عليه حتى تمسح، وقال:"لم يمنعني أن أردَّ عليك "لا أني لم أكن متوضئًا". أو قال: لم يردَّ عليه حتى تمسح، فرد عليه.

أخرجه الطيالسي (2/ 594/ 1361)، وأحمد (5/ 225) [وانظر: إتحاف المهرة (6/ 584)، الجرح والتعديل (3/ 239)].

وإسناده ضعيف؛ لأجل المبهم، والاضطراب في اسم راوي الحديث، وعبد الله بن حنظلة: له رؤية وقال إبراهيم الحربي: ليست له صحبة [التهذيب (4/ 278)][وانظر: التاريخ الكبير (5/ 67)، الجرح (5/ 29)، الإصابة (2/ 299)]. وأما أبوه حنظلة بن أبي عامر الراهب، وهو المعروف بغسيل الملائكة، فقد استشهد بأُحد، فلا يبعد إرساله، والله أعلم.

ص: 61

5 -

أحمد بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحباب: وحدثني بكر بن سوادة أبو عبيدة الناجي، عن الحسن، عن البراء بن عازب: أنه سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول؛ فلم يردَّ عليه السلام حتى فرغ.

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 353/ 7706).

وقال: "لا يروى هذا الحديث عن البراء إلا بهذا الإسناد، تفرد به: ابن الحباب".

قلت: خالف ابنَ أبي شيبة في لفظه: أحمدُ بن منصور الرمادي قال: نا زيد بن الحباب: أخبرني بكر أبو عبيدة الناجي: نا الحسن، عن البراء بن عازب: أنه سلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ؛ فلم يردَّ عليه حتى إذا فرغ من وضوئه ردَّ عليه.

أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (870)(451 - المنتقى)، عن الرمادي به.

ولعل روايته هي الصواب؛ فإن الرمادي: ثقة حافظ، وأما أحمد بن أبي شيبة الرهاوي: فلم أر من وثقه، والراوي عنه: محمد بن عبد الرحمن أبو السائب المخزومي: لم أقف له على ترجمة.

والحديث لا يصح؛ بكر بن سوادة، هو: بكر بن الأسود أبو عبيدة الناجي، كان زيد بن الحباب يقول فيه: ابن سوادة، والناجي هذا: ضعيف، لا يتابَع على ما يرويه من المسند على قلَّته [انظر: اللسان (2/ 337)، التاريخ الكبير (2/ 87)، الجرح والتعديل (3/ 382)، تاريخ ابن معين للدوري (2/ 61 و 62)، وابن الجنيد (781)، وابن محرز (2/ 381)، سؤالات ابن أبي شيبة (49)، ضعفاء العقيلي (1/ 147)، الكامل لابن عدي (2/ 28)، وغيرها]، ولا يعرف للحسن سماع من البراء [انظر: المراسيل (54)، تحفة التحصيل (67)، نصب الراية (1/ 90)].

6 -

أبو كريب: ثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن جابر، عن عبد الله بن محمد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عَلْقَمَةَ بن الفَغْوَاء، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَهْرَاقَ الْمَاءَ فَنُكَلِّمُهُ فَلا يُكَلِّمُنَا، وَنُسَلِّمُ عليه فَلا يَرُدُّ عَلَيْنَا، حتى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ فَيَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ! نُكَلِّمُكَ فَلا تَكَلِّمُنَا، وَنُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَلا تَرُدُّ عَلَيْنَا، قال: حتى نَزَلَتْ آيَةُ الرُّخْصَةِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية [المائدة: 6].

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 164/ 2752)، وابن جرير الطبري في تفسيره (6/ 115)، والطحاوي (1/ 88)، وابن قانع في المعجم (2/ 286)، والطبراني في الكبير (18/ 6/ 3) واللفظ له، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2174/ 5451).

تنبيه: وقع في بعض المصادر تصحيف وتخليط في هذا الإسناد، وانظر: الاتحاف (11/ 291/ 14039).

ص: 62

قال ابن كثير في تفسيره (2/ 23): "وهو حديث غريب جدًّا، وجابر هذا هو: ابن زيد الجعفي: ضعفوه".

وقال الهيثمي في المجمع (1/ 276): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه جابر الجعفي وهو: ضعيف".

قلت: هدا حديث باطل سندًا ومتنًا؛ آفته جابر بن يزيد الجعفي، وهو ممن يعتبر بعضهم بحديثه إذا صرح بالسماع، وإلا فهو: متروك يدلس ويكذب، كان يؤمن بالرجعة، وهي بدعة مكفرة ترد حديث صاحبها [انظر: التهذيب (1/ 284)، الميزان (1/ 379)، إكمال مغلطاي (3/ 139)، وغيرها].

7 -

الفضل بن أبي حسان، قال: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد، قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبولُ، فسلَّمت عليه، فلم يردَّ عليَّ، ثم دخل إلى بيته فتوضأ ثم خرج، فقال:"وعليكم السلام".

أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 310/ 5402)، وفي الكبير (2/ 228/ 1945).

قال في الأوسط: "لا يروى هذا الحديث عن جابر بن سمرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: الفضل بن أبي حسان".

قال الهيثمي في المجمع (1/ 276): "رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وقال: تفرد به الفضل بن أبي حسان، قلت: ولم أجد من ذكره".

قلت: ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 61)، وسأل عنه أباه قال:"كتبت عنه، وهو: صدوق"، وترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه (12/ 363) وقال:"وكان ثقة"[وانظر: تاريخ الإسلام (18/ 392 و 394)]، وفي تفرده بهذا الإسناد: غرابة؛ وله علة أخرى: وهي تفرد أسباط بن نصر به عن سماك.

وسماك: ثقة في نفسه، وإنما تُكُلِّم في روايته عن عكرمة خاصة، وأنه كان في آخر أمره يُلقَّن فيتلقن، فسماع من سمع منه قديمًا صحيح، مثل سفيان وشعبة [انظر: التهذيب (2/ 114) وغيره]، وهذا الحديث يرويه عنه: أسباط بن نصر، وهو: ممن تُكُلِّم فيه وفي روايته عن سماك، قال الساجي:"روى أحاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب"، فضلًا عن كونه ممن يخطئ ويغرب، واختلفت فيه أقوال النقاد بين معدل ومجرح [انظر: التهذيب (1/ 109)، الميزان (1/ 175)، وغيرهما].

فالحديث غريب.

وانظر مما لا يصح في الباب أيضًا: الكامل (6/ 177)، سنن الدارقطني (1/ 92)، المطالب العالية (2/ 279/ 87)، تخريج الأحاديث الضعاف (55)، البدر المنير (2/ 177).

• ومن فوائد ما صح في هدا الباب: حديث ابن عمر -بلفظيه-، وحديث أبي الجهيم، وما كان في معناهما مما ضعفه يسير يصلح في الشواهد:

ص: 63

1 -

أن من عُدِم الماء في الحضر، حيث طلب الماء فلم يجده؛ فله أن يتيمم ويصلي، فإن وجد الماء بعدُ في الوقت فلا إعادة عليه؛ لأن العبادة قد وقعت على وجه مأذون له فيه، فبرئت بها الذمة، وصادف وجودُ الماء ذمةً بريئةً من الطلب.

ولفعل ابن عمر الذي رواه الشافعي في الأم (2/ 97/ 102) و (8/ 699/ 3899)، وفي المسند (20)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (2/ 61/ 555)، والبيهقي في السنن (1/ 224)، وفي المعرفة (1/ 299/ 339)، وفي الخلافيات (2/ 521/ 865).

قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر: أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة؛ فلم يُعِد الصلاة.

قال الشافعي: والجرف قريب من المدينة.

قال ابن المنذر (2/ 34): "ثابت عن ابن عمر".

وقال البيهقي: "هذا عن ابن عمر: ثابت".

وقال النووي في المجموع (2/ 327): "هذا إسناد صحيح"، وقال أيضًا (2/ 330):"وهذا صحيح عن ابن عمر".

قلت: وهو كما قالوا، ولم ينفرد به ابن عيينة، فقد تابعه عليه يحيى بن سعيد القطان وفضيل بن عياض عن ابن عجلان به مثله:

أخرجه الدارقطني (1/ 186)، والبيهقي (1/ 233).

ولم ينفرد به ابن عجلان فقد تابعه عليه يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع به:

أخرجه الدارقطني (1/ 186)، وعبد الرزاق (1/ 229/ 884)، وابن المنذر (2/ 64/ 558)، والبيهقي (2/ 231 - 232)، وعلَّقه البخاري قبل الحديث (337) بصيغة الجزم.

وسوف يأتي تخريج هذا الأثر مفصلًا تحت الحديث رقم (339).

وأما ما روي عن عليَّ في التلُّوم إلى آخر الوقت رجاء وجود الماء؛ فلا يصح عنه [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 160) و (2/ 433)، الأوسط لابن المنذر (2/ 57/ 562)، سنن الدارقطني (1/ 186)، سنن البيهقي (1/ 233) وقال: "وهذا لم يصح عن علي"، الخلافيات للبيهقي (2/ 524/ 862) وقال: "والحارث الأعور: ضعيف لا يحتج بحديثه"].

قال الشافعي في اختلاف مالك (8/ 699): "ولا أعلم أحدًا مثله [يعني: ابن عمر] قال بخلافه".

وقال البيهقي (2/ 233): "وبالثابت عن ابن عمر نقول، ومعه ظاهر القرآن".

وقال ابن المنذر (2/ 65): "وكذلك نقول، وقد أدَّى هذا فرضه كما أمر، فمن ادَّعى نقض ذلك وإيجاب الإعادة عليه فليأت بحجة، ولا حجة نعلمها مع من أوجب عليه الإعادة، ولا فرق بين من صلى جالسًا لعلةٍ ثم أفاق وقدر على القيام، ومن صلى عريانًا لا

ص: 64