الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانظر: تعقب ابن التركماني على البيهقي في الجوهر النقي فقد بين عوار ما احتج به البيهقي وأطال في الرد عليه فأجاد.
ومن شواهده: حديث عبد الله بن يزيد، عند الطبراني في الأوسط (2/ 312/ 2077)، وإسناده حسن غريب. وقد تقدم تحت الحديث المتقدم برقم (24).
• وتدل الأحاديث على النهي عن البول في المغتسل، وحمل جماعة من العلماء النص على ما إذا كان البول يستقر في موضع الاغتسال بحيث يصيبه الرشاش، فأما إذا كان له مسلك [يعني: منفذ] يذهب فيه البول، أو كان الموضع صلبًا يجري عليه البول ولا يستقر فلا حرج إذًا، و إنما ينهى عنه لو كان رخوًا يستقر فيه أو صلبًا ولا يجرى عليه.
وأما الوسواس: فقيل: إن الوسواس من رشاش البول، وقيل: إن الوسواس معناه حديث النفس والأفكار، والمصدر بالكسر، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه [(1/ 106/ 1202) وفيه انقطاع] عن أنس بن مالك صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما يكره البول في المغتسل مخافة اللمم، وذكر صاحب الصحاح وغيره: أن اللمم طرف من الجنون، ويقال أيضًا: أصاب فلانًا لمة من الجن، وهو المس [العرف الشذي (1/ 65)].
قلت: أثر أنس لا يصح، فقد رواه عبد الرزاق (1/ 255/ 979)، وابن أبي شيبة (1/ 106/ 1202)، من طريق الثوري عمن سمع أنسًا، ومعلوم أن الثوري يبهم الرجل إذا كان يستضعفه، وقد أخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 332/ 272)، من طريق ابن المبارك، عن الثوري، عن أبان بن أبي عياش، عن أنس به، فعين ما كان مبهمًا، وأبان: متروك.
وانظر: المجموع (2/ 111)، تهذيب الأسماء (3/ 69)، المغني (1/ 109)، شرح السيوطي لسنن النسائي (1/ 34) وكذا حاشية السندي عليه. معالم السنن (1/ 20)، فيض القدير (6/ 345)، مرقاة المفاتيح (2/ 65)، وغيرها.
***
16 - باب النهي عن البول في الجحر
29 -
. . . معاذ بن هشام: حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد الله بن سَرْجِس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُبال في الجُحْر.
قال: قالوا لقتادة: ما يُكره من البول في الحجر؟ قال: كان يقال: إنها مساكن الجن.
• حديث صحيح
أخرجه النسائي (1/ 33 - 34/ 34) بلفظ: "لا يبولن أحدكم في جحر". وابن الجارود (34)، والحاكم (1/ 186)، والضياء في المختارة (9/ 401 - 402/ 374 و 375)، وأحمد (5/ 82)، والروياني (1451)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 330/ 267)، والبيهقي (1/ 99)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 385/ 192).
ولفظ أحمد والحاكم وغيرهما مطولًا: "لا يبولن أحدكم في الجحر، وإذا نمتم فأطفئوا السراج؛ فإن الفأرة تأخذ الفتيلة فتحرق على أهل البيت، وأوكئوا الأسقية، وخمروا الشراب، وأغلقوا الأبواب".
والحديث سكت عليه أبو داود، وأحتج به النسائي في صحاحه، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن السكن والضياء والحاكم، وقال:"صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته، ولعل متوهمًا يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس، وليس هذا بمستبدع [كذا في المطبوع، والمخطوط (1/ 86/ ب- رواق المغاربة)، والبدر المنير (2/ 323)، فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم عن عبد الله بن سرجس، وهو من ساكني البصرة، والله أعلم".
أما تصحيح ابن خزيمة للحديث فمأخوذ مما رواه الحاكم بإسناده عن ابن خزيمة قال: "أنهى عن البول في الأجحرة لخبر عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في الجحر"، وقال قتادة: إنها مساكن الجن، لست أبت [وفي رواية: أثبت] القول أنها مسكن الجن؛ لأن هذا من قول قتادة".
وأما تصحيح ابن السكن فذكره ابن الملقن في البدر المنير (2/ 323)، وابن حجر في التلخيص (1/ 187).
وقال عبد الحق في الأحكام الكبرى (1/ 367): "لم يسند هذا الحديث غير معاذ".
وقال النووي في الخلاصة (344)، والمجموع (2/ 104):"صحيح".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 321): "هذا الحديث صحيح".
ومع ما ذكره الحاكم هنا من عدم استبعاد سماع قتادة من ابن سرجس، فقد جزم بنفيه في المعرفة (149) بقوله:"وأن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس".
ولعله أخذ هذا القول الأخير مما رواه ابن أبي حاتم في المراسيل (619) عن الإمام أحمد قال: "ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن أنس صلى الله عليه وسلم. قيل: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعًا" وعقبه ابن أبي حاتم بقوله (619 ب): "حديث ابن سرجس: ما يرويه غير معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن عبد الله بن سرجس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البول في الأجحرة".
وفي هذا دلالة على أنه لا يعلم لقتادة عن ابن سرجس سوى هذا الحديث [انظر: تحفة الأشراف (4/ 348)، إتحاف المهرة (6/ 666)، الإمام (2/ 459)، البدر المنير (2/ 323)].
فإذا علمنا بأنه ليس لقتادة عن ابن سرجس سوى هذا الحديث ثم بعد ذلك يقول أبو حاتم: "ولم يلق قتادة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنسًا وعبد الله بن سرجس"[المراسيل (640)، الجرح والتعديل (7/ 133)].
وقد صحح أبو زرعة سماعه منه [جامع التحصيل (633)، تحفة التحصيل (264)].
ومن قبلهما ابن المديني قد أثبت له السماع منه [جامع التحصيل. تحفة التحصيل. البدر المنير، التلخيص، تحفة المحتاج (1/ 162)].
ثم إن الإمام أحمد لم ينكر سماع قتادة من ابن سرجس، وإنما توقف فيه كما في رواية حرب المتقدمة [المراسيل (619)].
ويؤيد ذلك أن ابنه عبد الله سأله فقال: "قتادة سمع من عبد الله بن سرجس؟ " قال: "ما أشبهه، قد روى عنه عاصم الأحول"[العلل (3/ 86/ 4300)].
يعني: أن عاصمًا سمع من ابن سرجس، مع كونه أصغر سنًا من قتادة؛ فسماع قتادة منه أشبه.
بل إنه يبدو لي أن الإمام أحمد بعد ذلك بدا له ثبوت ذلك فجزم به، فقد قال ابنه عبد الله في العلل (3/ 284/ 5264):"قيل [يعني: لأبيه]: سمع قتادة من عبد الله بن سرجس؟ قال: نعم. قد حدث عنه هشام. يعني: عن قتادة عن عبد الله بن سرجس حديثًا واحدًا. وقد حدث عنه عاصم الأحول".
فوافق بذلك الإمام أحمد: ابن المديني وأبا زرعة وأبا حاتم، في إثبات السماع لقتادة من ابن سرجس بهذا الحديث وحده.
فدل ذلك على اتصاله عندهم، فلا يقال بعد ذلك بأن قتادة مدلس، ولم يصرح بالسماع فترد روايته هذه، لا سيما وشأن قتادة في التدليس قريب من شأن الحسن البصري، أعني: أن الغالب عليه التدليس عمن لم يسمع منه أصلًا أو لم يلقه، فإذا ثبت لنا سماعه فتحمل عنعنعته إذًا على الاتصال.
وممن ذكر قتادة في طبقة من احتمل الأئمة تدليسه: ابن حزم في إحكام الأحكام (1/ 141)، ومع هذا فقد ذكره ابن حجر والعلائي في الطبقة الثالثة [تعريف أهل التقديس (92)، جامع التحصيل (113)].
وهذا الحاكم قد رفع شأنه، وذكره في الجنس الأول من أجناس المدلسين ممن يدلس عن الثقات [المعرفة (142)] وصحح له هذا الحديث.
• ثم إن المتن ليس فيه ما يستنكر: فإن البول في الجحر قد يعود على فاعله بأذى الهوام التي تسكن هذه الأجحرة، أو يتأذى بذلك الحيوان الساكن فيها إن كان ضعيفًا، أو قد يكون ساكنه جنًّا فيؤذيه كما قال قتادة.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (3/ 147): "وما ذاك إلا لأنه قد يكون ذريعةً إلى خروج حيوان يؤذيه، وقد يكون من مساكن الجن فيؤذيهم بالبول فربما آذوه"[وانظر: المجموع (2/ 104)، المغني (1/ 109)، المبدع (1/ 83)].
وأما قول العراقي: "ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة بال في جحر، فخر ميتًا، فسُمعت الجن تقول: