الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانظر: الأوسط (1/ 357)، شرح السُّنَّة (1/ 395)، شرح البخاري لابن بطال (1/ 241)، فتح الباري (1/
251).
***
24 -
باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى
45 -
. . . شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيتُه بماء في تَوْر أو رَكْوة فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيتُه بإناء آخر فتوضأ.
• حديث ضعيف.
أخرجه النسائي (1/ 45/ 50)، وابن ماجه (358 و 473)، وأبو الحسن بن القطان في زوائده عليه. وابن حبان (4/ 251/ 1405)، وأحمد (2/ 311 و 454)، وإسحاق (1/ 208/ 164)، والطبراني في الأوسط (1/ 191/ 604)، والبيهقي (1/ 106 - 107)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 390/ 196).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي زرعة إلا إبراهيم بن جرير، تفرد به شريك".
قلت: قد اختلف فيه على إبراهيم بن جرير:
1 -
فرواه شريك بن عبد الله القاضي النخعي [وهو صدوق سيئ الحفظ] عنه، واختلف فيه على شريك:
أ- فرواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ عابد. التقريب (1037)]، والأسود بن عامر شاذان [ثقة. التقريب (146)]، وسعيد بن سليمان الواسطي [ثقة حافظ. التقريب (380)]، وآدم بن أبي إياس [ثقة عابد. التقريب (102)]، وإسحاق بن عيسى بن الطباع [صدوق. التقريب (131)]، وحجاج بن محمد الأعور [ثقة ثبت. التقريب (224)]، ويحيى بن آدم [ثقة حافظ فاضل. التقريب (1048)]:
سبعتهم عن شريك به هكذا.
ب- ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت. التقريب (782)]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث. التقريب (1060)]:
كلاهما عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فتوضأ ومسح على خفيه.
أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 311/ 2293)، وذكره ابن أبي حاتم في العلل (156).
ج- ورواه محمد بن سعيد بن سليمان بن الأصبهاني [ثقة ثبت. التقريب (848)]، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه.
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 60/ 156).
قال أبو زرعة لما سئل عن الحديث بطريقيه الثاني والثالث: "الحديث حديث أبي نعيم، وإبراهيم: هو ابن جرير بن عبد الله البجلي: فلم يلحق أباه".
قلت: إما أن يكون هذا من سوء حفظ شريك، اضطرب فيه، أو المحفوظ ما رواه عنه الجماعة. والله أعلم.
2 -
ورواه أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي، واختلف عليه:
أ- فرواه أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير، وأبو داود الطيالسي سليمان بن داود، ومحمد بن يوسف الفريابي:
ثلاثتهم [وهم ثقات حفاظ]: عن أبان بن عبد الله بن أبي حازم: حدثني مولى لأبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وضئني" فأتيته بوَضوء فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ ومسح على خفيه. فقلت: يا رسول الله! رجلاك لم تغسلهما! قال: "إني أدخلتهما وهما طاهرتان".
أخرجه أحمد (2/ 358)، والدارمي (1/ 183/ 678)، وأبو يعلى (10/ 520/ 6136)، وابن عدي (1/ 388)، والبيهقي (1/ 107)، واللفظ لأحمد.
ب- وخالفهم: أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت. التقريب (782)]، وشعيب بن حرب [ثقة عابد. التقريب (437)]، ومحمد بن يوسف الفريابي [ثقة فاضل. التقريب (911)]، ومحمد بن عبد الله أبو عثمان الكوفي [لم أعرفه]:
رواه أربعتهم: عن أبان بن عبد الله: حدثني إبراهيم بن جرير، عن أبيه بنحوه.
أخرجه النسائي (1/ 45/ 51)، وابن ماجه (359)، والدارمي (1/ 183/ 679)، وابن خزيمة (1/ 47/ 89)، والطبراني في الكبير (2/ 334/ 2393)، ولفظه أتم بنحو لفظ أحمد في الرواية السابقة، والبيهقي (1/ 107).
فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن كلا الإسنادين محفوظ عن أبان، وذلك أن الذين رووا الإسنادين ثقات حفاظ، وقد حفظ الفريابي الإسنادين عن أبان ورواهما عنه؛ مما يدل على أنه كان عند أبان بالإسنادين جميعًا.
وأما عن الترجيح بين روايتي شريك وأبان:
فقد قال النسائي بعد رواية أبان: "هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، والله سبحانه وتعالى أعلم".
قلت: وهذا ظاهر فإن شريكًا وإن كان في الأصل صدوقًا إلا أنه سيئ الحفظ يخطئ كثيرًا، وأما أبان فإن الأكثر على توثيقه:
فقد وثقه أحمد وابن معين وابن نمير والعجلي وابن شاهين وابن خلفون، وقال
البخاري: "صدوق الحديث"، وصحح له حديث "لا صلاة قبل العيدين"[علل الترمذي الكبير (157)]، وصححه له أيضًا: الترمذي (538)، والحاكم (1/ 295)، وصحح له ابن خزيمة هذا الحديث من الطريق الثاني، وقال ابن عدي: "وأبان هذا عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به!.
وأما الذين ضعفوه أو لينوه فهم: النسائي، فقد قال:"ليس بالقوي"، والعقيلي وابن حبان، فقد ذكراه في الضعفاء، إلا أنهما لم يذكرا له حديثًا منكرًا، وقد شذ ابن حبان بقوله:"وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير".
وأما الدارقطني فقد بيَّن حجته في تضعيفه حيث قال في العلل (8/ 276): "وحديث آخر يرويه أبان بن عبد الله البجلي -وكان ضعيفًا- عن مولى لأبي هريرة في المسح على الخفين مرفوعًا، وأبان: ضعيف، وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وكلها باطلة [يعني: ما روى عن أبي هريرة في المسح على الخفين]، ولا يصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح".
وضعف مسلم في التمييز (209) ما رُوي من أحاديث المسح عن أبي هريرة، قال مسلم:"فقد صح برواية أبي زرعة وأبي رزين عن أبي هريرة إنكاره المسح على الخفين، ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به. . . وإن من أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم واهي الرواية، أخطأ فيه إما سهوًا أو تعمدًا".
وبذا يظهر جليًا أنه ضُعِّف لأجل حديث أبي هريرة في المسح على الخفين، ومع كون الإمام أحمد قال في هذا الحديث:"هذا حديث منكر" إلا أنه لم يضغف أبان مطلقًا، فقد قال فيه مرة:"ثقة"، وقال أخرى:"صدوق، صالح الحديث"، مما يبين أنه أخطأ في هذه الرواية فقط، وفيما عداها هو صدوق حسن الحديث، وعليه يحمل تضعيف من أطلق تضعيفه كابن حبان والعقيلي، وكذا تليين النسائي له، ثم إن النسائي مع كونه لينه فقال:"ليس بالقوي"؛ فقد قدم روايته -الطريق الثاني، والذي جعله من مسند جرير- على رواية شريك؛ مما يدل على أنه لم يخطئ فيها مثلما أخطأ في الرواية الأخرى [انظر ترجمة أبان: التهذيب (1/ 121)، إكمال مغلطاي (1/ 162)، الميزان (1/ 9)، المجروحين (1/ 99)، ضعفاء العقيلي (1/ 42)، وغيرها].
وخلاصة ما تقدم: أن كلًا من شريك وأبان قد أخطأ في هذا الحديث:
أما شريك فلكونه جعله من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة، وأما أبان فلكونه جعله من رواية مولى لأبي هريرة عن أبي هريرة، فاتفقا في الوهم حيث جعلاه من حديث أبي هريرة، وليس من حديثه.
والمحفوظ في ذلك: هو ما رواه أبان بن عبد الله البجلي: حدثني إبراهيم بن جرير عن أبيه به.
وهو الذي صححه ابن خزيمة، واستصوبه النسائي.
لكن الدارقطني في العلل ذهب إلى خلاف ذلك، فقد قال: "يرويه أبان بن عبد الله البجلي، وأسد [كذا] بن عمرو البجلي، عن إبراهيم بن جرير، عن جرير.
وخالفهما شريك، رواه عن إبراهيم بن جرير، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير، وهو: أشبه" [العلل (13/ 437/ 3328) (4/ 105/ أ)]، والصواب مع النسائي وابن خزيمة.
• ولم ينفرد بذلك أبان، فقد توبع على أصل الحديث، لكن لم يصح من ذلك شيء:
أ- فقد رواه قيس بن مسلم الجدلي [ثقة رمي بالإرجاء. التقريب (806)]، عن إبراهيم بن جرير بن عبد الله، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه، لا ينزعهما، ويصلي فيهما.
قيل له: بعد نزول المائدة؟ قال: نعم.
أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 334/ 2394)، وفي الأوسط (4/ 64/ 3617).
الا أن إسناده واهٍ، الراوي عن قيس: هو حفص بن سليمان: متروك الحديث مع إمامته في القراءة [التقريب (257)].
ب- ورواه إسماعيل بن عمرو البجلي: ثنا سفيان الثوري، عن إبراهيم بن جرير، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 108).
وقال: "قال سليمان [يعني: شيخه الطبراني]: لم يروه عن سفيان إلا إسماعيل بن عمرو".
قلت: فهو ليس من حديث الثوري في شيء، وهو منه بريء، إسماعيل بن عمرو البجلي: ضعيف، قال ابن عدي:"حدث عن مسعر والثوري والحسن بن صالح وغيرهم بأحاديث لا يتابع عليها"، فهو حديث منكر [الميزان (1/ 239)، اللسان (1/ 474)، الكامل (1/ 322)].
ج- ورواه إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك اللخمي، عن إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين، بعد نزول المائدة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 139/ 438)، وابن عدي في الكامل (2/ 279)، وعلقه في موضع آخر (1/ 259).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حميد بن مالك إلا إسماعيل بن عياش".
وحميد بن مالك هذا: ضعيف، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش [الميزان (1/ 616)، اللسان (2/ 445)].
• وفي الجملة فإن هذا حديث ضعيف، إبراهيم بن جرير: لم يسمع من أبيه، قد ولد بعد موت أبيه، وهو صدوق في نفسه، فلعله أُتي ممن حدثه بهذا، أعني هذه الزيادة من
مسح يده صلى الله عليه وسلم بالتراب أو بالأرض، وغيرها مما يأتي بيانه، قال أبو حاتم وابن معين:"لم يسمع من أبيه شيئًا"، وقال أبو زرعة:"لم يلحق أباه"، وقال ابن عدي:"ولإبراهيم بن جرير غير ما ذكرت من الحديث، في بعض رواياته يقول: حدثني أبي، ولم يضعف في نفسه، إنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا، وأحاديثه مستقيمة تكتب"، قلت: الذي صرح في روايته بسماع إبراهيم من أبيه، فقال:"حدثني أبي"، هو داود بن عبد الجبار، وهو: متروك منكر الحديث، اتهمه ابن معين بالكذب [الميزان (2/ 10)، اللسان (2/ 514)]، وقال الذهبي في إبراهيم:"صدوق، وقال يحيى بن معين: لم يسمع من أبيه، قلت: فضعف حديثه جاء من جهة الانقطاع لا من قبل الحفظ"[انظر: التهذيب (1/ 134)، إكمال مغلطاي (1/ 189)، الميزان (1/ 25)، تاريخ ابن معين (2/ 7)، التاريخ الكبير (1/ 278)، الجرح والتعديل (2/ 90)، بيان الوهم (4/ 102/ 1544) و (5/ 658)، علل الحديث (2427)، المراسيل (26 و 27)، جامع التحصيل (3)، تحفة التحصيل (14)].
• وقد روى هذا الحديث عن جرير بن عبد الله البجلي بدون هذه الزيادات:
1 -
همام بن الحارث بن قيس بن عمرو النخعي الكوفي [ثقة عابد. التقريب (1524)]:
رواه الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن همام، قال: بال جرير ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ ومسح على خفيه.
قال الأعمش: قال إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.
أخرجه البخاري (387)، ومسلم (272)، وأبو عوانة (1/ 213 و 214/ 695 - 698)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 326/ 624)، والترمذي (93) وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(76)، والنسائي (1/ 81/ 181) و (2/ 73 - 74/ 774)، وابن ماجه (543)، وابن خزيمة (1/ 94/ 186)، وابن الجارود (81)، وابن حبان (4/ 164 - 166/ 1335 - 1337)، وأحمد (4/ 358 و 361 و 363 و 364)، والطيالسي (668)، وعبد الرزاق (1/ 194/ 756 و 757)، والحميدي (2/ 349/ 797)، وابن أبي شيبة (1/ 161/ 1857)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1432)، وابن المنذر (1/ 426 و 431/ 438 و 445)، والطحاوي في المشكل (1/ 367 - 369/ 345 - 347 - ترتيبه)، وفي أحكام القرآن (1/ 110/ 125 و 126)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 86)، والطبراني في الكبير (2/ 340 - 342/ 2421 - 2430)، وابن المقرئ في المعجم (254)، والدارقطني (1/ 193)، والبيهقي (1/ 114 و 270 و 273)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 389) و (11/ 135)، والخطيب في التاريخ (11/ 153)، وفي تالي تلخيص المتشابه (1/ 312/ 185)، والمهرواني في فوائده (133).
وانظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 59/ 155)، علل الدارقطني (13/ 467/ 3359).
تابع الأعمش عليه جماعة منهم: مغيرة، وحماد، ومنصور، والحكم بن عتيبة.
أخرجها: ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1432)، والطبراني (2/ 342 - 343/ 2432 - 2436)، والخطيب في التاريخ (5/ 327)، وغيرهم.
2 -
شهر بن حوشب [صدوق، من علماء التابعين]:
يرويه مقاتل بن حيان، عن شهر بن حوشب، قال: رأيت جرير بن عبد الله توضأ، ومسح على خفيه، قال: فقلت له في ذلك، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على خفيه.
فقلت له: أقبل المائدة أم بعد المائدة؟ قال: ما أسلمت إلا بعد المائدة.
أخرجه الترمذي (94 و 611 و 612)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(77)، والطحاوي في المشكل (1/ 370/ 349 - ترتيبه)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2071)، والسهمي في تاريخ جرجان (227)، والطبراني في الكبير (2/ 359/ 2511)، والدارقطني (1/ 194)، وابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم (1 3 - 33)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 45)، والبيهقي (1/ 273 و 274)، والمزي في التهذيب (2/ 39).
قال الترمذي في الموضع الأول: "وهو حديث مفسَّر لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد نزول المائدة".
وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب".
قال أحمد شاكر (1/ 157): "ورواية شهر هذه إسنادها صحيح"، وهو كما قال.
3 -
أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي [ثقة. التقريب (1148)]:
يرويه بكير بن عامر، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير: أن جريرًا بال ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح.
قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة؟ قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.
أخرجه أبو داود (154)، وابن خزيمة (1/ 94 - 95/ 187)، وابن الجارود (82)، والحاكم (1/ 169)، والطحاوي في المشكل (1/ 369/ 348 - ترتيبه)، وفي أحكام القرآن (1/ 111/ 127)، والطبراني في الكبير (2/ 336/ 2401)، والبيهقي (1/ 270)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 390).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح. . . وبكير بن عامر البجلي: كوفي ثقة، عزيز الحديث يجمع حديثه في ثقات الكوفيين".
وصححه ابن خزيمة وابن الجارود.
وقال ابن عدي: "وبكير بن عامر هذا ليس بكثير الرواية ورواياته قليلة، ولم أجد له متنًا منكرًا، وهو ممن يكتب حديثه".
قلت: هو ليس بالقوي، كما قال أبو حاتم وأبو زرعة، وقد اختلفت فيه أقوال الأئمة، بل إن الإمام أحمد اختلفت رواية ابنه عبد الله فيه، فقال مرة:"ليس بالقوي في الحديث"، وقال أخرى:"صالح الحديث، ليس به بأس"، فلا يقال في مثله: ضعيف، كما قال الحافظ في التقريب (177) [انظر: التهذيب (1/ 513)، الميزان (1/ 350)، إكمال مغلطاي (3/ 28)، علل الحديث (382)، الجرح والتعديل (2/ 405) و (6/ 218)].
وحديثه هذا لم ينفرد به بل تابعه شهر في الرواية السابقة: فهو حديث حسن.
4 -
ضمرة بن حبيب بن صهيب أبو عتبة الحمصي [ثقة]:
يرويه زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، قال: حدثنا ضمرة بن حبيب، عن جرير بن عبد الله، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول سورة المائدة، فرأيته يمسح على الخفين.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 161/ 1858)، والطبراني في الكبير (2/ 359/ 2512)، وفي مسند الشاميين (3/ 172/ 2014)، والدارقطني (1/ 193).
وإسناده حسن؛ إلا أن في سماع ضمرة بن حبيب من جرير نظر، فإن بين وفاتيهما قرابة ثمانين سنة، وقد سمع ضمرة من أبي أمامة [التاريخ الكبير (4/ 337)] وبينهما خمسًا وأربعين سنة.
• ورواه جماعة آخرون عن جرير [راجع: معجم ابن الأعرابي (3/ 1076/ 2319)، المعجم الكبير للطبراني (2/ 290 - 359)] ولم يذكروا فيه هذه الزيادات التي رواها أبان مما يدل على ضعفها وردِّها، وهذه الزيادات تتلخص في أمرين:
الأول: مسح اليد بالتراب أو بالأرض بعد الفراغ من الاستنجاء، لقوله:"ومسح يده بالتراب" أو "على الأرض".
الثاني: قوله: "إني أدخلتهما طاهرتين".
فهاتان الزيادتان لا تثبتان من حديث جرير في المسح على الخفين لضعف الإسناد الذي جاء بهما، -أعني: بسبب الانقطاع بين إبراهيم وأبيه-، ولمخالفة هذه الرواية لرواية جماعة من الثقات عن جرير بن عبد الله؛ فلم يذكروا فيها هاتين الزيادتين، لا سيما والحديث متفق عليه بدونهما بإسناد صحيح كالشمس، والله أعلم.
• وعليه: فلا يقال باستحباب مسح اليد بالتراب أو بالأرض بعد الفراغ من الاستنجاء؛ لضعف الحديث، والله أعلم.
وبعد هذا التقرير والتحرير في بيان ضعف هذا الحديث وما دل عليه؛ تعلم ما في قول النووي في شرح المهذب (2/ 129): "والسُّنَّة أن يدلك يده بالأرض بعد غسل الدبر، ذكره البغوي والروياني وآخرون؛ لحديث ميمونة رضي الله عنها قالت:. . . [فذكر حديث الغسل