المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - باب التخلي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

- ‌3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

- ‌5 - باب الرخصة في ذلك

- ‌6 - باب كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء [وفي نسخة: عند الحاجة]

- ‌8 - باب في الرجل يردُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

- ‌10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

- ‌11 - باب الاستبراء من البول

- ‌12 - باب البول قائمًا

- ‌13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده

- ‌(1/ 1843/160 - 1847).***14 -باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

- ‌15 - باب في البول في المستحم

- ‌16 - باب النهي عن البول في الجحر

- ‌17 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به

- ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌22 - باب الاستبراء

- ‌23 - باب في الاستنجاء بالماء

- ‌ 251).***24 -باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

- ‌25 - باب السواك

- ‌ 208)].***26 -باب كيف يستاك

- ‌27 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب غسل السواك

- ‌29 - باب السواك من الفطرة

- ‌38)].***30 -باب السواك للذي قام من الليل

- ‌31 - باب فرض الوضوء

- ‌32 - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌33 - باب ما ينجس الماء

- ‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة

- ‌35 - باب الماء لا يجنب

- ‌36 - باب البول في الماء الراكد

- ‌37 - باب الوضوء بسؤر الكلب

- ‌ 304)].*** •38 -باب سؤر الهرة

- ‌39 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌40 - باب النهي عن ذلك

- ‌41 - باب الوضوء بماء البحر

- ‌42 - باب الوضوء بالنبيذ

- ‌43 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن

- ‌44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌4).***45 -باب الإسراف في الماء

- ‌46 - باب في إسباغ الوضوء

- ‌47 - باب الوضوء في آنية الصفر

الفصل: ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

40 -

. . . عن أبي حازم، عن مسلم بن قُرْط، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيبُ بهنَّ فإنها تجزئ عنه".

• حديث منكر، والصواب مرسل.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 271)، والنسائي (1/ 41/ 44)، والدارمي (1/ 180/ 670)، وأحمد (6/ 108 و 133)، وأبو يعلى (7/ 340/ 4376)، والطحاوي (1/ 121)، والدارقطني في السنن (1/ 54)، والبيهقي في السنن (1/ 103)، وفي الخلافيات (2/ 77/ 359)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 310 و 311)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 116/ 105)، والمزي في التهذيب (27/ 529).

وقد سمع مسلم بن قرط من عروة [شرح المعاني (1/ 121)].

قال الدارقطني في السنن: "إسناد صحيح"، وفي بعض النسخ:"إسناده حسن"، وهو أشبه، وانظر: البدر المنير (2/ 336)، التهذيب (4/ 71).

وقال في العلل: "إسناد متصل صحيح"[البدر المنير (2/ 336)، التلخيص (1/ 192)].

وصححه ابن عبد البر في جملة أحاديث [التمهيد (22/ 312)].

وقال النووي في المجموع (2/ 113)، وفي الخلاصة (364):"حديث حسن"، وقال في المجموع (2/ 115) مرة أخرى:"حديث صحيح".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (2/ 347): "هذا الحديث حسن".

قلت: مسلم بن قرط: لم يذكروا له راويًا سوى أبي حازم سلمة بن دينار؟ وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، وقال الذهبي:"لا يعرف"، وقال مرة:"نكرة"، وهو مقل جدًّا، لا يكاد يعرف إلا بهذا الإسناد وهذا الحديث، فإذا كان هذا حاله، ثم هو يخطئ بعد ذلك، فما أحراه أن يكون ضعيفًا، فضلًا عن جهالته، قال ابن حجر في التهذيب:"هو مقل جدًّا، وإذا كان مع قلة حديثه يخطئ؛ فهو ضعيف [التاريخ الكبير (7/ 271)، الجرح والتعديل (8/ 192)، الثقات (7/ 447)، الميزان (4/ 106)، الكاشف (2/ 259)، التهذيب (4/ 71)، التقريب (940) وقال: "مقبول "]، فإن قيل: فما تقول في حكم الدارقطني على إسناد هو فيه بأنه صحيح، ألا يُعد هذا توثيقًا ضمنيًا له؟ فالجواب: أن يقال: إن الذين نقلوا كلام الدارقطني في العلل قد اختصروه اختصارًا مخلًا؛ إذ نص ما في العلل (5/ 49/ أ) (14/ 207/ 3559): "وحديث أبي حازم، عن مسلم بن قرط، عن

ص: 143

عروة، عن عائشة: متصل صحيح عن أبي حازم"، وكان قال قبل ذلك في رواية ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، مرسلًا قال: "وهو الصحيح عن هشام"، ومعلوم أن هشامًا مقدم في أبيه على غيره لا سيما الضعفاء والمجهولين، وهذا منهم، وشرح عبارة الدارقطني: أن إسناد أبي حازم، عن مسلم بن قرط، عن عروة، عن عائشة: إسناد متصل، وهو صحيح عن أبي حازم، ولا يعني هذا: أن هذا الإسناد إسناد صحيح، وإنما هو ضعيف لأجل جهالة وضعف مسلم بن قرط، وكذلك الحكم عليه بالحسن إنما هو من جهة غرابته، والله أعلم.

وعلى هذا فإن حديثه هذا منكر؛ فقد خالف في إسناده من هو أثبت من مائةٍ مثله في عروة:

فقد روى مالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة: عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة؟ فقال: "أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار؟ " لفظ مالك.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 54/ 27)، وأحمد (5/ 215)، والحميدي (432)، ومسدد (1/ 68/ 49 - المطالب العالية)، والطبراني في الكبير (4/ 86/ 4 372)، والبيهقي في المعرفة (1/ 200/ 137)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 310).

هكذا رواه هشام عن عروة مرسلًا، وهو المعروف، فإن أهل بيت الرجل أعلم بحديثه من الغرباء والمجاهيل، وقد اختلف فيه على هشام بن عروة، وهذا أحد الوجوه المحفوظة عن هشام، كما سيأتي بيانه في الحديث الآتي.

• وقد رُوي من حديث:

1 -

أبي أيوب:

يرويه الأوزاعي: حدثني عثمان بن أبي سودة: حدثني أبو شعيب الحضرمي، قال: سمعت أبا أيوب الأنصاري الذي نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تغوط أحدكم فليستنج بثلاثة أحجار فإن ذلك طهور" وفي رواية: "فإن ذلك كافيه".

أخرجه الهيثم بن كليب (3/ 96/ 1153)، والطبراني في الكبير (4/ 174/ 4055)، وفي الأوسط (3/ 280/ 3146)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 311 - 312)، وابن عساكر في التاريخ (66/ 285).

قال الهيثمي في المجمع (1/ 211): "إلا أن أبا شعيب صاحب أبي أيوب لم أر فيه تعديلًا ولا جرحًا".

قلت: إسناده شامي متصل، رجاله ثقات مشهورون غير أبي شعيب الحضرمي صاحب أبي أيوب الأنصاري، لم يرو عنه سوى عثمان بن أبي سودة، وعثمان: تابعي من الطبقة الثالثة، روى عن جماعة من الصحابة، وقد أدرك عبادة بن الصامت وكان مولاه، وهو ثقة، وهذا مما يرفع من حال أبي شعيب هذا، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وخلطه ابن

ص: 144

عساكر بأبي شعيب الذي شهد مع عمر فتح بيت المقدس، قال ابن حجر في الإصابة (7/ 212):"والذي يظهر لي أنه غيره"، فمثله تحتمل روايته لا سيما وحديثه هذا قد روى معناه من غير وجه، فهو حديث حسن.

[انظر في ترجمة أبي شعيب: الجرح والتعديل (9/ 389)، الثقات (5/ 572)، المقتنى في سرد الكنى (3056)، فتح الباب (531 و 3803)، الاستغناء (2463)].

2 -

السائب بن خلاد الجهني:

يرويه هدبة بن خالد: ثنا حماد بن الجعد: ثنا قتادة: حدثني خلاد الجهني، عن أبيه السائب؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل أحدكم الخلاء فليتمسح بثلاثة أحجار".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 151)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 53/ 2589)، والطبراني في الكبير (7/ 141/ 6623)، وابن عدي في الكامل (2/ 245)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1372/ 3462)، وابن عبد البر (22/ 312) وصححه في جملة أحاديث.

وقال ابن عدي: "وهذا الحديث يرويه حماد عن قتادة بهذا الإسناد".

وقال الترمذي في العلل الكبير (10): "وسألت محمدًا [يعني: البخاري] عن حديث خلاد بن السائب عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنجاء؟

فقال: لم أر أحدًا رواه عن قتادة، غير حماد بن الجعد، وعبد الرحمن بن مهدي كان يتكلم في حماد بن الجعد".

قلت: هو حديث منكر، تفرد به عن قتادة: حماد بن الجعد الهذلي، وهو ضعيف، كان عنده كتاب عن محمد بن عمرو، وليث، وقتادة، فما كان يفصل بينهم [التهذيب (1/ 478)، الميزان (1/ 589)]، فلا يحتمل تفرد مثله عن قتادة.

• وله طريق ثانية:

يرويها محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي: ثنا أبي، عن يحيى بن أبي كثير، عن خلاد، عن أبيه، بمثله. وفي رواية:"إذا خرج أحدكم يتغوط أو يبول، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح، وليتمسح ثلاث مرات، وإذا خرج الرجلان جميعًا فليتفرقا، ولا يجلس أحدهما قريبًا من صاحبه، ولا يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك".

أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 75 - 76/ 168)، وابن حبان في المجروحين (2/ 458 - 459 - ط. حمدي السلفي)، والطبراني في الكبير (6624).

قلت: وهذا منكر، كالذي قبله، وإسناده أشد ضعفًا، يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي: ضعيف، روى عن يحيى بن أبي كثير وغيره: مناكير، ويروي أحيانًا عن رجل عن يحيى [التهذيب (4/ 416)، الميزان (4/ 427)]، وابنه محمد: ليس بالقوي، يروي عن أبيه مناكير [التهذيب (3/ 734)، الميزان (4/ 69)].

ص: 145

• وله طريق ثالثة:

يرويها محمد بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى الكناني، قال: حدثني أبي، عن ابن أخي ابن شهاب، عن ابن شهاب، قال: أخبرني ابن خلاد [كذا]، أن أباه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا تغوط أحدكم فليتمسح ثلاث مرار".

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 195/ 1696)، وعزاه ابن الملقن في البدر (2/ 357)، وابن حجر في التلخيص (1/ 110) للنسائي في "شيوخ الزهري"، وعلقه الفسوي في المعرفة (1/ 197)، قال: قال الزهري: أخبرني خلاد، أن أباه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا ابن أخيه، ولا عن ابن أخي الزهري إلا أبو غسان، تفرد به محمد بن يحيى النيسابوري".

وقال ابن حزم في المحلى (1/ 98): "ابن أخي الزهري: ضعيف، والذي رواه عنه محمد بن يحيى الكناني، وهو: مجهول".

قلت: محمد بن يحيى النيسابوري هو: الذهلي الإمام: ثقة حافظ، لا يضره تفرده، وشيخه هو أبو غسان محمد بن يحيى بن علي الكناني: روى له البخاري، وهو: صدوق مشهور [التهذيب (3/ 731)، ذيل الميزان (675)]، وأبوه يحيى بن علي بن عبد الحميد الكناني، ترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا [التاريخ الكبير (8/ 297)] الجرح والتعديل (9/ 175)]، وابن أخي ابن شهاب هو: محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري: ليس بذاك القوي، تفرد عن عمه الزهري بأحاديث لم يتابع عليها، وتكلم أحمد وابن معين في حديثه عن الزهري [التهذيب (3/ 616)، الميزان (3/ 592)، شرح علل الترمذي (2/ 675)]، ولا أراه يثبت عن الزهري.

وعليه: فحديث السائب بن خلاد هذا لا يثبت، ولا يصلح مثله في الشواهد، والله أعلم.

3 -

جابر بن عبد الله:

قال ابن عدي في الكامل (2/ 160): ثنا أحمد بن خالد بن عبد الملك بن مسرح: ثنا عمي الوليد بن عبد الملك بن مسرح: ثنا مغيرة -يعني: ابن سقلاب-، عن أبي العطوف، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استنجى منكم فليستنج بثلاثة أحجار".

أخرجه ابن عدي في ترجمة أبي العطوف الجراح بن منهال، ثم قال في آخر ترجمته:"والضعف على رواياته بيِّن، وذلك لأن له أحاديث عن الزهري والحكم وأبي الزبير وغيرهم، ويبين ضعفه إذا روى عن هؤلاء الثقات، فإنه يروي عنهم ما لا يتابعه أحد عليه".

قلت: إسناده واهٍ بمرة؛ أبو العطوف: متروك، منكر الحديث، كذبه ابن حبان وغيره

ص: 146

[اللسان (2/ 426)]، والمغيرة بن سقلاب: مشاه بعضهم، وهو: ضعيف [اللسان (8/ 133)]، وشيخ ابن عدي: ضعيف [اللسان (1/ 450)، سؤالات حمزة السهمي (148)].

• ورواه ابن لهيعة: ثنا أبو الزبير، عن جابر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تغوط أحدكم فليمسح ثلاث مرات".

أخرجه أحمد (3/ 336).

وابن لهيعة: ضعيف.

والمحفوظ: ما رواه ابن جريج، ومعقل بن عبيد الله الجزري:

قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله: "إذا استجمر أحدكم فليوتر".

أخرجه مسلم (239 و 1300)، وأبو عوانة (1/ 187/ 587)، وأبو نعيم في مستخرجه (1/ 302/ 565)[وفي متنه وهم] و (3/ 380/ 3002)، وأحمد (3/ 294)، وعبد الرزاق (5/ 499/ 9804)، والفاكهي في أخبار مكة (1/ 273/ 549) و (2/ 224/ 1402)، والبيهقي (5/ 90).

• ورواه سفيان الثوري، وأبو معاوية، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا".

أخرجه ابن خزيمة (76)، وأحمد (3/ 400)، وابن أبي شيبة (1/ 143/ 1644)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 345/ 297)، وابن الحامض في الثالث من فوائده (21 - المنتقى)، وابن المقرئ في المعجم (694)، والبيهقي (1/ 103).

وأبو سفيان طلحة بن نافع لم يسمع من جابر سوى أربعة أحاديث، والباقي صحيفة أخذها من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري، ويبدو أن هذا من الصحيفة، وهذه وجادة صحيحة احتج بها مسلم، وأبو الزبير مقدم في جابر على أبي سفيان، وأكثر رواية منه، إلا أن هذه الرواية مفسرة لما أجمل في رواية أبي الزبير، ومثل هذا مما يحتمل من أبي سفيان، لا سيما وقد قال ابن عدي:"لا بأس به، روى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة"[التهذيب (2/ 244)، مختصر الكامل للمقريزي (958)، الكامل (4/ 113) وفي عبارته تصحيف، [وانظر في الترجيح بين أبي الزبير وأبي سفيان، وبعض مرويات أبي سفيان عن جابر: الأحاديث الآتية برقم (97 و 173 و 516)].

قال البيهقي: "وفي هذا كالدلالة على أن أمره بالاستجمار وترًا هو الوتر الذي يزيد على الواحد".

• وفي معناه حديث سلمان، والشاهد منه قوله:"أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار". وفي رواية: "ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار". وقد تقدم برقم (7) وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم.

ص: 147

وحديث أبي هريرة، والشاهد منه:"وكان يأمر بثلاثة أحجار". وقد تقدم برقم (8) وهو حديث صحيح، والله أعلم.

***

41 -

. . . هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستطابة؟ فقال: "بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".

قال أبو داود: كذا رواه أبو أسامة وابن نمير، عن هشام.

• حسن بشواهده.

أخرجه الترمذي في العلل (9)، والدارمي (1/ 180/ 671)، وابن ماجه (315)، وأحمد (5/ 213 و 214 و 215)، والحميدي (433)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 142 و 143/ 1638 و 1652) و (7/ 304/ 36309)، وفي المسند (5 1)، والطحاوي (1/ 121)، والطبراني في الكبير (4/ 86/ 3725 - 3727)، وابن المقرئ في الأربعين (15)، والبيهقي في السنن (1/ 103)، وفي الخلافيات (2/ 80 و 82 و 84/ 362 و 363 و 366)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 308 - 310)، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 165)، والمزي في التهذيب (21/ 608).

• وقد اختلف في هذا الحديث على هشام:

1 -

فرواه عنه به هكذا: عبدة بن سليمان، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وعبد الرحمن بن سليمان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن المبارك، ومفضل بن فضالة، وعلي بن مسهر، ومحمد بن بشر، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان.

إلا أن وكيعًا قال: "عن أبي خزيمة" بدل "عمرو بن خزيمة" فكناه ولم يسمه، وأما يحيى بن سعيد القطان فأبهمه وقال:"عن رجل".

ورواه أبو معاوية مثل رواية الجماعة، وقد أخرجه أبو داود من طريقه.

2 -

ورواه أبو معاوية مرة أخرى عن هشام، عن عبد الرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن خزيمة بن ثابت، به مرفوعًا.

أخرجه الطبراني (3723)، والبيهقي (1/ 103)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1482/ 896).

3 -

ورواه سفيان بن عيينة، قال: أخبرني هشام بن عروة، قال: أخبرني أبو وجزة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه به.

فقال: "أبو وجزة" بدل: أبي خزيمة عمرو بن خزيمة.

ص: 148

أخرجه الشافعي في المسند (13)، وفي الأم (1/ 22)، والحميدي (432)، والطبراني (3724)، والبيهقي في المعرفة (1/ 200/ 138)، وفي الخلافيات (2/ 79 و 84/ 360 و 365)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 365/ 179).

هكذا رواه عن ابن عيينة جماعة من أصحابه الثقات المتقنين، منهم: الشافعي والحميدي وعبد الرزاق وإبراهيم بن بشار الرمادي.

وخالفهم: محمد بن الصباح الجرجرائي، فرواه عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبي خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة به.

أخرجه ابن ماجه (315) عن محمد بن الصباح هذا.

وهو وهم، والصواب رواية الجماعة، والوهم فيه إما من محمد بن الصباح [وهو: صدوق]، أو من ابن ماجه نفسه؛ حمل رواية ابن عيينة على رواية وكيع لما جمع بين حديثهما، فإن الذي يقول في حديثه:"عن أبي خزيمة" إنما هو وكيع وحده، وأما ابن عيينة فيقول:"عن أبي وجزة"، ويفرق بينهما؛ فإنه لما قيل لسفيان: إنهم يقولون: أبو خزيمة، قال: لا إنما هو أبو وجزة الشاعر [المعجم الكبير (4/ 86)، وانظر: المعرفة (1/ 200)].

4 -

ورواه يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك:

فقالوا: عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة؟ فقال: "أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار؟ " لفظ مالك.

هكذا رووه مرسلًا، عن هشام، عن عروة.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 54/ 27)، وأحمد (5/ 215)، والحميدي (432)، ومسدد (1/ 68/ 49 - المطالب العالية)، والطبراني (3724)، والبيهقي في المعرفة (1/ 200/ 137)، وفي الخلافيات (2/ 82 و 84/ 364 و 365)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 310).

• قلت: وهم أبو معاوية في زيادة عبد الرحمن بن سعد في الإسناد، والصواب ما رواه الجماعة بدونها، لا سيما وقد صرح هشام بسماعه من عمرو بن خزيمة في رواية ابن نمير والمفضل بن فضالة وعلي بن مسهر، ولا يقال بأن أبا معاوية قد حفظ الإسنادين جميعًا؛ فإنه ممن يهم في غير حديث الأعمش، وقد لينه أحمد فيما يرويه عن هشام، وقد خالفه في ذلك جماعة كبيرة من الثقات الحفاظ المتقنين، وقد جزم بوهمه في هذا الإسناد البخاري وغيره، قال البخاري:"أخطأ أبو معاوية في هذا الحديث إذ زاد فيه: عن عبد الرحمن بن سعد"[علل الترمذي الكبير (9)، سنن البيهقي (1/ 103)].

• ووهم أيضًا سفيان بن عيينة في قوله: "أبو وجزة" وإنما هو أبو خزيمة عمرو بن خزيمة كما رواه الجماعة.

قال علي بن المديني: "الصواب رواية الجماعة عن هشام عن عمرو بن خزيمة"

ص: 149

[سنن البيهقي (1/ 103)، المعرفة (1/ 200/ 139)، الخلافيات (361)].

وقال أيضًا: "ولا أرى سفيان حفظ هذا؛ لأنه قد خالفه غير واحد،

" [الخلافيات (282)].

وقال البيهقي: "هكذا قال سفيان: "أبو وجزة" وأخطأ فيه، إنما هو أبو خزيمة واسمه عمرو بن خزيمة"[المعرفة (1/ 200)].

تبقى الرواية الأولى والأخيرة وكلاهما محفوظ، يدل على ذلك أمور:

منها: أن سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن المبارك قد رووه بالإسنادين جميعًا في مجلس واحد، مما يدل على أنه كان عند هشام عن أبيه مرسلًا، وعن عمرو بن خزيمة متصلًا، وإن كان ابن عيينة قد وهم في كنيته، أو في تعيينه، فلا يضر ذلك أصل المسألة [وانظر: التمهيد (22/ 309)].

ومنها: أن هشام بن عروة من الحفاظ الذين يحتمل منهم تعدد الأسانيد، لسعة مروياتهم، وكثرة شيوخهم.

ومنها: أن كلا الإسنادين قد رواه عنه ثقات أصحابه المقدمين فيه.

وقد سأل الترمذيُّ البخاريَّ عن هذا الاختلاف فقال: "الصحيح ما روى عبدة ووكيع، وحديث مالك عن هشام بن عروة [عن أبيه] عن النبي صلى الله عليه وسلم: صحيح أيضًا، وأبو معاوية أخطأ في هذا الحديث إذ زاد فيه: عن عبد الرحمن بن سعد".

وقال ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عن اختلاف الرواة في خبر هشام بن عروة في الاستنجاء؟

ورواه وكيع وعبدة، عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع".

ومنهم من يقول: عن هشام بن عروة، عن من حدثه عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

فقال أبو زرعة: الحديث حديث وكيع وعبدة" [علل بن أبي حاتم (1/ 54 - 55/ 139)].

وقال ابن عبد البر: "وروى ابن المبارك عن هشام بن عروة الحديثين جميعًا، فدل على أنهما حديثان، وبان به ذلك، والحمد لله"[التمهيد (22/ 309)].

وانظر: تحفة الأشراف (3/ 124 - 126) مع النكت الظراف.

• وممن وهم في إسناد هذا الحديث أيضًا:

أ- إسماعيل بن عياش: فقد رواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع كن له طهورًا".

أخرجه الطبراني (3729)، وانظر: تحفة الأشراف.

ص: 150

فقد وهم ابن عياش في هذا الحديث مرتين:

مرة في إسناده: فجعل عروة بن الزبير بدل عمرو بن خزيمة، فقلبه وسلك فيه الجادة إذ غالب رواية هشام إنما هي عن أبيه.

ومرة في المتن: فزاد فيه ما ليس منه؛ مخالفًا ثقات أصحاب هشام الحفاظ المتقنين.

وإسماعيل ضعيف في روايته عن أهل الحجاز والعراق، وهذا منه.

ب- يونس بن بكير: فقد رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الاستطابة بثلاثة أحجار".

أخرجه ابن عدي (7/ 177).

وقال: "وهذه الأحاديث عن هشام تعرف بيونس بن بكير عنه".

قلت: أخطأ فيه يونس [وهو صدوق يخطئ، ليس بذاك الحافظ] بذكر عائشة فيه، وأصحاب هشام الحفاظ يرسلونه عن عروة لا يذكرون عائشة، فقد رواه مالك ويحيى القطان وابن المبارك وابن عيينة: عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو المحفوظ، وقد تقدم في الطريق الرابعة.

ثم وجدت له متابعة، ولا تصح:

فقد رواه مبارك بن فضالة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيعجز أحدكم أن يستنجي بثلاثة أحجار، وأن يضحك مما يفعل".

أخرجه ابن بشران في الأمالي (133 و 930)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي: ثنا محمد بن شداد المسمعي: ثنا حجاج بن نصير: ثنا مبارك به.

قلت: مبارك بن فضالة: صدوق، ضعفه بعضهم، وكان كثير التدليس، ولا يقبل منه إلا ما قال فيه: حدثنا، وهو هنا قد عنعنه [التهذيب (4/ 18)، الميزان (3/ 431)]، ولا تثبت هذه المتابعة عنه، إذ الإسناد إليه لا يصح، فإن حجاج بن نصير: ضعيف، وكان يقبل التلقين [التقريب (134)]، ومحمد بن شداد المسمعي: ضعيف [اللسان (7/ 195)].

ج- أبو عتبة أحمد بن الفرج: نا بقية: حدثني مبشر بن عبيد: حدثني الحجاج بن أرطأة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: مرَّ سراقة بن مالك المدلجي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن التغوط؟

فأمره أن يتنكب القبلة، ولا يستقبلها، ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح، وأن يستنجي بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب.

أخرجه ابن عدي (6/ 419)، والدارقطني (1/ 56 - 57)، والبيهقي (1/ 111).

قال ابن عدي: "وهذا الحديث بهذا اللفظ وهذا التمام: لم يروه عن هشام غير الحجاج، وعنه غير مبشر".

وقال الدارقطني: "لم يروه غير مبشر بن عبيد، وهو: متروك الحديث".

ص: 151

قلت: آفته مبشر بن عبيد، وإن كان من فوقه ومن دونه متكلم فيه، إلا أن مبشرًا هذا رماه أحمد وابن حبان والدارقطني بالوضع [التهذيب (8/ 36)، الميزان (3/ 433)، التقريب (919) وقال: "متروك، ورماه أحمد بالوضع"]؛ فهو حديث باطل.

• وإسناد حديث خزيمة: رجاله ثقات، غير أبي خزيمة عمرو بن خزيمة فإنه لم يرو عنه سوى هشام بن عروة، وذكره ابن حبان في الثقات [التاريخ الكبير (6/ 327)، الجرح والتعديل (6/ 229)، الثقات (7/ 220)، التهذيب (6/ 140)، الميزان (3/ 258)، التقريب (734)، وقال: "مقبول من السادسة"].

فالإسناد ضعيف؛ لجهالة عمرو بن خزيمة، إلا أنه يشهد له: حديث سلمان وأبي هريرة وابن مسعود وأبي أيوب وجابر؛ فهو حسن بشواهده، والله أعلم.

وفي الباب أيضًا، ولا يصح:

1 -

عن ابن عباس:

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثة أعواد، أو ثلاثة أحجار، أو بثلاث حثيات من التراب".

أخرجه متصلًا مرفوعًا، ومرسلًا، وموقوفًا: ابن أبي شيبة (1/ 142/ 1639)، والدارقطني (1/ 57 و 58)، والبيهقي في السنن (1/ 111)، وفي المعرفة (1/ 194/ 129)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 330 - 331/ 541).

قال الدارقطني: "لم يسنده غير المضري، وهو: كذاب متروك [قلت: هو: أحمد بن الحسن بن أبان المضري الأُبُلِّي: كذاب، يضع الحديث. اللسان (1/ 426)]، وغيره يرويه عن أبي عاصم، عن زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس مرسلًا، ليس فيه: عن ابن عباس، وكذلك رواه عبد الرزاق وابن وهب ووكيع وغيرهم: عن زمعة.

ورواه ابن عيينة، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس قوله، وقال: سألت سلمة عن قول زمعة أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه [وفي الإتحاف (7/ 251/ 7763): فأنكره] ".

وقال البيهقي: "ولا يصح وصله ولا رفعه".

2 -

عن أنس:

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاستنجاء بثلاثة أحجار، وبالتراب إذا لم تجد حجارة، ولا يُستنجى بشيء قد استنجي به مرة".

أخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 202 و 271) و (5/ 174)، ومن طريقه: البيهقي (1/ 112).

بأسانيد إلى أنس، وهو حديث موضوع.

3 -

عن أبي أمامة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُطهِّر المؤمن ثلاثة أحجار، والماء طَهور [وفي رواية: والماء أطهر] ".

ص: 152

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 209/ 7845)، وابن عدي (4/ 324)، وانظر: بيان الوهم (3/ 204/ 920).

وإسناده واهٍ.

وأما ما يدل عليه حديث أبي أيوب وجابر وخزيمة، وكذلك حديث سلمان وأبي هريرة [برقم (7 و 8)]: فإنه يؤخذ من مجموعها أنه يشترط في الاستنجاء بالحجر أمران:

أحدهما: "أن لا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار".

والثاني: إنقاء المحل، فإن لم يحصل الإنقاء بالثلاث؛ زاد حتى ينقي، ويسن له الإيتار لحديث أبي هريرة المتفق عليه:"ومن استجمر فليوتر"[البخاري (161 و 162)، مسلم (237)].

[انظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج (75)، صحيح ابن خزيمة (1/ 42 - 44)، المغني (1/ 101)، المجموع (2/ 121)، كشاف القناع (1/ 69)، مغني المحتاج (1/ 163)، بلغة السالك (1/ 72)، الهداية (1/ 34) وغيرها].

قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 349): "دلت الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن ثلاثة أحجار تجزي من الاستنجاء، وبذلك قال كل من نحفظ عنه من أهل العلم إذا أنقى، ودل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الاستنجاء لا يجزي بأقل من ثلاثة أحجار".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 17): "ويجوز عند مالك وأبي حنيفة وأصحابه: الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار؛ إذا ذهب النجس؛ لأن الوتر يقع على الواحد فما فوقه، والوتر عندهم مستحب وليس بواجب. . . " ثم قال (11/ 18): "وقال الشافعي: لا يجوز أن يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار، وهو قول أحمد بن حنبل" وانظر: التمهيد (22/ 312)، الاستذكار (1/ 135)، الأوسط (1/ 349).

قلت: استدل المالكية والأحناف لقولهم:

بحديث أبي هريرة: "من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج"، وقد تقدم برقم (35)، وهو حديث ضعيف فلا حجة فيه.

وبحديث أبي هريرة المتفق عليه: "من استجمر فليوتر"، ولا حجة لهم فيه لأن الأمر بالإيتار مجمل فسرته الأحاديث الأخرى الدالة على أن أقل ما يستنجى به هو ثلاثة أحجار، كحديث سلمان وأبي هريرة وأبي أيوب وخزيمة.

وبحديث ابن مسعود "أمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجد. . . " الحديث، ولا تقوم به الحجة؛ فإن هذا فعل يخالف أمره الصريح فيحتمل التأويل، والقول مقدم على الفعل عند التعارض.

واستدل الشافعية والحنابلة بحديث سلمان وأبي أيوب وما كان في معناهما.

قال شيخ الإسلام في المجموع (21/ 211): "والصحيح أنه إذا استجمر بأقل من ثلاثة أحجار فعليه تكميل المأمور به".

ص: 153