المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌1 - كتاب الطهارة

- ‌1 - باب التخلي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

- ‌3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

- ‌5 - باب الرخصة في ذلك

- ‌6 - باب كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء [وفي نسخة: عند الحاجة]

- ‌8 - باب في الرجل يردُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

- ‌10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

- ‌11 - باب الاستبراء من البول

- ‌12 - باب البول قائمًا

- ‌13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده

- ‌(1/ 1843/160 - 1847).***14 -باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

- ‌15 - باب في البول في المستحم

- ‌16 - باب النهي عن البول في الجحر

- ‌17 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب ما يُنهى عنه أن يُستنجى به

- ‌21 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌22 - باب الاستبراء

- ‌23 - باب في الاستنجاء بالماء

- ‌ 251).***24 -باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

- ‌25 - باب السواك

- ‌ 208)].***26 -باب كيف يستاك

- ‌27 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب غسل السواك

- ‌29 - باب السواك من الفطرة

- ‌38)].***30 -باب السواك للذي قام من الليل

- ‌31 - باب فرض الوضوء

- ‌32 - باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

- ‌33 - باب ما ينجس الماء

- ‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة

- ‌35 - باب الماء لا يجنب

- ‌36 - باب البول في الماء الراكد

- ‌37 - باب الوضوء بسؤر الكلب

- ‌ 304)].*** •38 -باب سؤر الهرة

- ‌39 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌40 - باب النهي عن ذلك

- ‌41 - باب الوضوء بماء البحر

- ‌42 - باب الوضوء بالنبيذ

- ‌43 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن

- ‌44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

- ‌4).***45 -باب الإسراف في الماء

- ‌46 - باب في إسباغ الوضوء

- ‌47 - باب الوضوء في آنية الصفر

الفصل: ‌ 343)].***34 -باب ما جاء في بئر بضاعة

فيه النجاسة، ولم يجمعوا على أن النجاسة إذا حلت فيه ولم تغير الماء لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا أنه نجس؛ فالماء المحكوم له بالطهارة طاهر حتى يثبت له حكم النجاسة بخبر أو إجماع".

يعني استصحاب الحال [الأصل] وهي الطهارة، ولا ننتقل عنها إلا بيقين، ولا يحصل إلا بالتغير.

وقال ابن القيم: "فهلا أخذتم بهذا الأصل هنا، وقلتم: ما ثبت تنجيسه بالدليل الشرعي نجسناه، وما شككنا فيه رددناه إلى أصل الطهارة؟ لأن هذا لما كان طاهرًا قطعًا وقد شككنا: هل حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنجيسه أم لا؟ فالأصل الطهارة"، فاليقين لا يزول بالشك.

7 -

قال شيخ الإسلام (20/ 521): "وقد أطلق في غير حديث قوله: "الماء طهور لا ينجسه شيء" و "الماء لا يجنب" ولم يقدِّره، مع أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ومنطوق هذا الحديث أيعني: حديث القلتين، يوافق تلك، ومفهومه إنما يدل عند من يقول بدلالة المفهوم إذا لم يكن هناك سبب يوجب التخصيص بالذكر لا الاختصاص بالحكم وهذا لا يعلم هنا".

8 -

أن هذا القول هو الموافق للقياس الصحيح، وهو قياس الماء الذي وردت عليه النجاسة فلم تغيره، على الماء الذي ورد على النجاسة [في حديث الأعرابي مع العلم بأن الذنوب أو الدلو لم يبلغ قلتين]، فقياس الوارد على المورود مع استوائهما في الحد والحقيقة والأوصاف أصح من قياس مائة رطل ماء [لم تبلغ قلتين] وقع فيه شعرة كلب [فلم تغيره قطعًا] على مائة رطل خالطها مثلها بولًا وعذرة حتى غيرها [انظر: إعلام الموقعين (1/‌

‌ 343)].

***

34 -

باب ما جاء في بئر بضاعة

66 -

. . . أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد الخدري، أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بُضاعة؟ وهي بئر يُطرح فيها الحِيَضُ ولحمُ الكلاب والنَّتْنُ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماء طهور، ولا ينجسه شيء".

قال أبو داود: وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع.

• حديث صحيح

أخرجه الترمذي (66)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(55)،

ص: 258

والنسائي (1/ 174/ 326)، وابن الجارود (47)، وأحمد (3/ 31)، وابن أبي شيبة (1/ 131/ 1505) و (7/ 281/ 36092)، وسمويه في بعض الثالث من فوائده (19)، وابن المنذر (1/ 188/269)، وابن الأعرابي في المعجم (1410 و 1411)، وابن حبان في الثقات (7/ 548)، والدارقطني (1/ 30)، والبيهقي في السنن (1/ 4 و 257)، وفي الخلافيات (3/ 196/ 966 و 967)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 312)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 60 - 61/ 283)، وفي التفسير (3/ 372)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 42/ 15)، والمزي في التهذيب (19/ 83)، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 389)، وعزاه ابن حجر في الإتحاف (5/ 298/ 5439) للحاكم في المستدرك، وليس في المطبوع.

وكان أبو أسامة مرة يقول: عبيد الله بن عبد الله بن رافع، ويقول أخرى: عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع. انظر: المسند.

قال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل: "حديث بئر بضاعة: صحيح، وحديث أبي هريرة: "لا يبال في الماء الراكد": أثبت وأصح إسنادًا"، وروى الخلال في كتاب العلل عن أبي الحارث عن أحمد أنه قال:"حديث بئر بضاعة صحيح"، وذكر أبو بكر عبد العزيز في كتاب الشافي عن أحمد أنه قال:"حديث بئر بضاعة صحيح"[تهذيب الكمال (19/ 83)، مجموع الفتاوى (21/ 33 و 60)، المغني (1/ 31) وفيه: قال الخلال: قال أحمد: "حديث بئر بضاعة: صحيح"، الإمام (1/ 115)، المبدع (1/ 34 و 53)، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (2/ 564)، التنقيح (1/ 29)، التلخيص (1/ 13)].

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 382): "قال النووي في كلامه على سنن أبي داود: صحَّحه يحيى بن معين، والحاكم، وآخرون من الأئمة الحفاظ".

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 13): "وصححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم".

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن؛ وقد جوَّد أبو أسامة هذا الحديث، فلم يرو أحد حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد، وفي الباب: عن ابن عباس وعائشة".

وقد احتج به النسائي، وسكت عليه أبو داود، وصححه ابن الجارود.

وقال الدارقطني بعد أن ساق الاختلاف في إسناد هذا الحديث: "وأحسنها إسنادًا: حديث الوليد بن كثير عن محمد بن كعب، وحديث ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي سلمة"[العلل (11/ 288/ 2287)].

وقال البغوي: "هذا حديث حسن صحيح".

وقال شيخ الإسلام بأنه ثابت من حديث أبي سعيد [مجموع الفتاوى (21/ 33 و 60)].

وقال النووي: "حديث صحيح"[المجموع (1/ 124 و 169)].

ص: 259

وقال ابن الأثير في الشافي شرح مسند الشافعي (1/ 67): "هذا حديث صحيح".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 381): "هذا الحديث: صحيح، مشهور من حديث أبي سعيد".

وصححه ابن سيد الناس اليعمري في النفح الشذي (2/ 108)، والعراقي [فيض القدير (6/ 248)].

لكن قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 309/ 1059): "فتحصل في هذا الرجل الراوي له عن أبي سعيد خمسة أقوال:

عبد الله بن عبيد الله بن رافع، وعبيد الله بن عبد الله بن رافع، وعبد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وعبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وعبد الرحمن بن رافع: وكيفما كان فهو من لا تعرف له حال ولا عين"؛ لذا فقد ضعف حديث أبي سعيد هذا.

وقال ابن منده: "مجهول"[التهذيب (5/ 390)].

وقال ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 440): "حديث ضعيف".

قلت: يكفي في الرد عليهم من تقدم ذكره ممن صحح الحديث، أو احتج به، من أئمة هذا الشأن، الذين هم به أعرف، وإليهم المرجع في التصحيح والتعليل، وعليهم المعول في الجرح والتعديل، وباقي الخلق عيال عليهم في هذا الباب، ففي تصحيحهم لهذا الحديث توثيق ضمني لعبيد الله هذا، لا سيما وقد رواه عنه ثلاثة.

قال ابن سيد الناس اليعمري في النفح الشذي (2/ 106): "فمهما حكم به أحمد بن حنبل أو علي بن المديني أو يحيى بن معين، أو من يجري مجراهم من الأئمة: من تصحيح خبر أو رده، أو تعديل راوٍ أو جرحه، فإليهم المرجع في ذلك:

إذا قالت حذام فصدقوها

فإن القول ما قالت حذام

وليس لمن بعدهم أن يعترض ما يجده عن أحد منهم، لا سيما من كان في الأعصار البعيدة عن عصرهم؛

، وتصحيح أحمد لا يعارضه جهالة الحال في راوٍ من الرواة؛ إذ تصحيحه مؤذن بتعديل من صح خبره".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 387): "والذي يظهر: صحة الحديث مطلقًا، كما صحَّحه الأئمة المتقدمون: الترمذي، وأحمد، ويحيى بن معين، والحاكم، وهم أئمة هذا الفن والمرجوع إليهم.

، وأما قوله [يعني: ابن القطان]: إن الخمسة الذين رووه عن أبي سعيد كلهم مجاهيل. ففيه نظر؛ لأن تصحيح الحفَّاظ الأُوَل لهذا الحديث توثيق منهم لهم، إذ لا يُظن بمن دونهم الإقدام على تصحيح ما رجاله مجاهيل؛ لأنه تدليس في الرواية وغش، وهم براء من ذلك.

وقد وثَّق أبو حاتم ابن حبان عبيد الله بن عبد الله بن رافع، وعبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وعقد لهما ترجمتين في ثقاته، وهما في كتاب البخاري واحد،

ص: 260

وكذلك عند ابن أبي حاتم، بل لعل الخمسة المذكورين عند ابن القطان واحدٌ عند البخاري.

لا جرم أن الحافظ أبا محمد بن حزم قال في كتابه "المحلَّى شرح المجلَّى" عقب حديث بئر بضاعة: "هذا حديث صحيح، جميع رواته معروفون عدول،

".

وهذا أجود إسناد لحديث أبي سعيد، كما قال الترمذي والدارقطني [العلل (11/ 288)]، وله أسانيد أخرى منها:

1 -

ما رواه محمد بن إسحاق، عن سَلِيط بن أيوب، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث. وهو الحديث الآتي.

***

67 -

. . . محمد بن إسحاق، عن سَلِيط بن أيوب، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له: إنه يُستقَى لك من بئر بُضاعة، وهي بئر يُلقى فيها لحومُ الكلاب والمحايضُ وعَذِرُ الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الماء طهور لا ينجسه شيء".

• حديث صحيح

أخرجه أحمد (3/ 86) وعنده التصريح بسماع ابن إسحاق من رواية إبراهيم بن سعد عنه به. وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (135)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 100/ 457)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 701 و 703 و 709/ 1048 و 1050 و 1061)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 11)، وفي أحكام القرآن (1/ 92/ 67)، والدارقطني (1/ 30 و 31)، والبيهقي في السنن (1/ 257)، وفي المعرفة (1/ 322/ 383)، وفي الخلافيات (3/ 199 - 202/ 970 - 973)، والمزي في التهذيب (11/ 336).

• واختلف فيه على ابن إسحاق:

أ - فرواه محمد بن سلمة بن عبد الله الباهلي الحراني [ثقة. التقريب (849)]، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني [ثقة حجة، مكثر عن ابن إسحاق، عارف بحديثه، يميز سماع ابن إسحاق من تدليسه، فإذا كان سماع قال: حدثني، وهكذا قال هنا. انظر الحديث المتقدم برقم (48)]، وأحمد بن خالد الوهبي [صدوق. التقريب (88)]، وشعيب بن إسحاق البصري ثم الدمشقي [ثقة. التقريب (436)]:

ص: 261

أربعتهم: عن ابن إسحاق، عن سليط، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد به مرفوعًا.

وفي بعض الروايات عن محمد بن سلمة قال: "عبد الرحمن بن رافع".

ب - وخالفهم: حماد بن سلمة، فرواه عن ابن إسحاق، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد به مرفوعًا.

وقال مرة: عبيد الله بن عبد الله.

أخرجه الطيالسي (2199)، وسمويه في بعض الثالث من فوائده (17)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 706/ 1055)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 11)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 198/ 968).

قال البيهقي: "فحرفه حماد، وإنما رواه محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب".

ج- وخالفهم أيضًا: أبو معاوية الضرير محمد بن خازم [ثقة، في حديثه عن غير الأعمش وهم]، فرواه عن ابن إسحاق وابن أبي ذئب، عمن أخبرهم، عن عبيد الله بن عبد الرحمن به.

أخرجه أبو عبيد في الطهور (136).

د- وخالفهم أيضًا: جرير بن عبد الحميد [ثقة]، فرواه عن ابن إسحاق: بلغني عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع، عن أبي سعيد.

ذكره الدارقطني في العلل (11/ 287/ 2287).

وقال: "وقد قارب لأن ابن إسحاق رواه عن سليط بن أيوب عن عبيد الله".

هـ- ورواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، قال: أخبرني محمد [يعني: ابن إسحاق]، قال: أخبرنا رجل من الأنصار، عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي، عن أبي سعيد به.

أخرجه ابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 1049/702).

وهذا المبهم هو: سليط بن أيوب، فإنه أنصاري مدني، وهكذا رواه الجماعة.

• والمحفوظ من ذلك: ما رواه الجماعة، لا سيما وفيهم: إبراهيم بن سعد المدني، وهو من أثبت الناس في ابن إسحاق، وأعرفهم بحديثه، وقد صرح ابن إسحاق في حديثه بالتحديث، فانتفت بذلك شبهة تدليسه، وقد دلسه ابن إسحاق في رواية حماد بن سلمة فأسقط سليطًا من الإسناد، وأبهمه في رواية أبي معاوية وجرير بن عبد الحميد ويزيد بن هارون.

قال الدارقطني في رواية الجماعة: "وهو أشبه بالصواب".

وسليط بن أيوب بن الحكم الأنصاري المدني: لم يرو عنه سوى محمد بن إسحاق، وقيل: وخالد بن أبي نوف، وإنما يرويه خالد عن ابن إسحاق عن سليط، وذكره ابن حبان في الثقات. فهو في عداد المجهولين [انظر: التهذيب (3/ 450)، وقال في التقريب (403):"مقبول"].

ص: 262

• ولإبراهيم بن سعد في هذا الحديث إسنادان آخران:

فقد رواه عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي سلمة، أن عبد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج حدثه، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يحدث

فذكر الحديث.

أخرجه سمويه في بعض الثالث من فوائده (18)، والقاسم بن ثابت السرقسطي في الدلائل (156)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 709/ 1062)، والدارقطني (1/ 31 و 32)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 202/ 974).

وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون: ثقة من الثالثة.

• ثم رواه إبراهيم بن سعد مرة ثالثة: عن الوليد بن كثير، قال: حدثني عبد الله بن أبي سلمة، أن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع حدثه، أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث

فذكره.

أخرجه أحمد (3/ 86).

وقد روى هذه الأسانيد الثلاثة عن إبراهيم بن سعد: ابنه يعقوب، وهو: ثقة فاضل، روى له الجماعة.

فلا يبعد أن تكون هذه الأسانيد كلها محفوظة.

• وعليه: يكون قد رواه عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع: محمد بن كعب القرظي، وسليط بن أيوب، وعبد الله بن أبي سلمة.

ويكون للوليد بن كثير فيه شيخان: محمد بن كعب، وعبد الله بن أبي سلمة.

ولابن إسحاق فيه شيخان: عبد الله بن أبي سلمة، وسليط بن أيوب.

ولإبراهيم بن سعد فيه شيخان: ابن إسحاق، والوليد بن كثير. والله أعلم.

2 -

ورواه عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يُطرح فيها ما يكره من النتن؟ فقال: "الماء لا ينجسه شيء".

أخرجه النسائي (1/ 174/ 327)، وأحمد (3/ 15 - 16)، وأبو بكر الأثرم في السنن (49)، وسمويه في بعض الثالث من فوائده (16)، وأبو يعلى (2/ 476/ 1304)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 705/ 1052)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 12) وسقط من إسناده سليط وكذا في الإتحاف (5/ 280/ 5405)، وفي أحكام القرآن (1/ 92/ 66)، وابن بشران في الأمالي (38)، والبيهقي في السنن (1/ 257 - 258)، وفي الخلافيات (3/ 204/ 975)، والخطيب في الموضح (2/ 65 - 66) وسقط من إسناده سليط مع كونه من طريق أحمد. والمزي في التهذيب (8/ 187).

وعبد العزيز بن مسلم: بصري ثقة [التهذيب (5/ 258)، الميزان (2/ 635)].

ورواه: بكر بن خنيس [كوفي ضعيف. التهذيب (1/ 503)، الميزان (1/ 344)]، عن

ص: 263

مطرف، عن خالد بن نوف - أو: ابن أبي نوف -، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه به مرفوعًا مختصرًا. ولم يذكر سليط بن أيوب في الإسناد.

أخرجه ابن عدي (2/ 26).

وخالفهما: أسباط بن محمد [كوفي ثقة، وهو ثبت فيما يروي عن مطرف بن طريف الكوفي. التهذيب (1/ 230)]، ومحمد بن فضيل [كوفي صدوق]:

فروياه عن مطرف، عن خالد السجستاني، عن محمد بن إسحاق، عن سليط، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في بئر بضاعة.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 169)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 705/ 1052)، وابن أبي حاتم في المراسيل (719)، والخطيب في الموضح (2/ 66).

قال الدارقطني في العلل (11/ 288): "فرجع الحديث إلى ابن إسحاق وأرسله عن أبي سعيد".

قلت: وهو كما قال.

وقال أبو حاتم: "محمد بن إسحاق بن يسار - صاحب المغازي - بينه وبين سليط: رجل".

قلت: بل الرجل الساقط من الإسناد هو ما بين سليط وأبي سعيد الخدري، وهو: عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع.

وأما ابن إسحاق فقد سمع من سليط هذا الحديث، وثبت سماعه منه من طريق ثابتة صحيحة كما تقدم بيانه.

وخالد بن أبي نوف: روى عنه اثنان، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال أبو حاتم:"يروي ثلاثة أحاديث مراسيل"[التهذيب (2/ 539)، وقال في التقريب (292): "مقبول"].

3 -

ورواه ابن أبي ذئب، عمن لا يتهم، عن عبد الله [وقيل: عبيد الله] بن عبد الرحمن العدوي، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وهي يُطرح فيها ما ينجي الناسُ ولحومُ الكلاب والمحيضُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الماء لا ينجسه شيء". [قوله: "ما ينجي الناس"، يعني: ما يحدثون من القذر، قاله ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 748)، وفي اللسان (15/ 307): "أي: يلقونه من العذرة"، وفي رواية ابن إسحاق: "وعذر الناس"].

أخرجه الشافعي في المسند (165)، وفي اختلاف الحديث (104) إلا أنه قال:"عن الثقة عنده عمن حدثه أو عن عبيد الله بن عبد الرحمن"، وعبد الرزاق (1/ 78/ 255) إلا أنه قال:"عن رجل عن أبي سعيد" فأسقط عبيد الله. وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 704/ 1051)، والبيهقي في السنن (1/ 258)، وفي المعرفة (1/ 321/ 381 و 382).

ص: 264

وقد تقدم أنه قد رواه عن عبيد الله بن عبد الرحمن: محمد بن كعب القرظي وسليط بن أيوب وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ولم يُذكر لابن أبي ذئب رواية عن أحد منهم، فإن كان أحدهم، وإلا فالإسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم.

وقد رواه عن ابن أبي ذئب: جماعة من المتروكين [مثل: عبد الله بن ميمون القداح، وعدي بن الفضل] فجعلوه من مسند أبي هريرة، واختلفوا في إسناده على ابن أبي ذئب، قال الدارقطني في العلل (8/ 157/ 1476):"والحديث غير ثابت"، يعني: من حديث أبي هريرة، ونقله عنه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 42) لكن على حديث أبي سعيد فأوهم، فتعقبه ابن الملقن وابن حجر بأنهما لم يريا هذه القولة للدارقطني في علله ولا في السنن، وخفي عليهما أنها في مسند أبي هريرة من العلل [البدر المنير (1/ 382)، التلخيص (1/ 13)]، وأما ابن عبد الهادي فقال في التنقيح (1/ 31) متعقبًا ابن الجوزي:"وما حكاه المؤلف عنه [يعني: عن الدارقطني] من قوله: والحديث غير ثابت، يريد به حديث أبي هريرة لا حديث أبي سعيد، كما صرح به في العلل"، ووقع ذلك الإيهام أيضًا من النووي في الخلاصة (8).

4 -

طريف بن شهاب أبو سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على غدير فيه جيفة [وفي رواية: جيفة حمار]، فتوضأ بعض القوم، وأمسك بعض القوم حتى يجيء النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، فقال:"توضؤوا واشربوا؛ فإن الماء لا ينجسه شيء".

أخرجه ابن ماجه (520) لكن من مسند جابر. والطيالسي (2155)، وأبو عبيد في الطهور (137)، وابن جرير الطبري في مسند ابن عباس من تهذيب الآثار (2/ 706/ 1056) مرة عن أبي سعيد، ومرة على الشك. والطحاوي (1/ 12) شك الراوي: عن جابر أو عن أبي سعيد. وابن عدي (4/ 117)، والبيهقي في السنن (1/ 258)، وفي الخلافيات (3/ 206 و 207/ 978 و 979) مرة عن أبي سعيد، ومرة على الشك.

رواه عن طريف: قيس بن الربيع وشريك بن عبد الله النخعي: وفيهما ضعف، ووقع في رواية شريك: مرة عن جابر، ومرة عن أبي سعيد، وثالثة عنهما على الشك.

قال البيهقي في السنن: "وأبو سعيد كأنه أصح"، وقال في طريف:"وليس هو بالقوي"، وقال في الخلافيات:"وطريف هو: ابن شهاب أبو سفيان السعدي: ليس بقوي".

قلت: هذا حديث منكر، لتفرد طريف بن شهاب به عن أبي نضرة، وبهذا السياق، فإن طريف بن شهاب: متروك، ليس بشيء، قال ابن عبد البر:"أجمعوا على أنه ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي:"وإنما أنكر عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأت بها غيره"، وقد أنكر عليه ابن عدي هذا الحديث في جملة ما ساقه له من مناكيره، وهو قد تفرد هنا بقصة الغدير، والحديث مشهور في قصة بئر بضاعة بالمدينة [التهذيب (4/ 103)،

ص: 265

الميزان (2/ 336)، إكمال مغلطاي (7/ 59)، المعرفة والتاريخ (2/ 797)، الاستغناء (1096)، الكامل (4/ 116)، المغني في الضعفاء (1/ 499) وقال:"تركوه"، الكاشف (1/ 513)، التقريب (463)، وقال:"ضعيف"].

وقد تقدم له معنا في السنن حديث آخر، منكر أيضًا، في "مفتاح الصلاة الطهور" تحت الحديث رقم (61).

• وللحديث إسناد آخر لكنه واهٍ بمرة، مسلسل بالمتروكين والضعفاء. انظر: تهذيب الآثار للطبري (2/ 707/ 1057 - مسند ابن عباس).

• قال الدارقطني بعد أن ساق الاختلاف في إسناد هذا الحديث: "وأحسنها إسنادًا: حديث الوليد بن كثير عن محمد بن كعب، وحديث ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي سلمة"[العلل (11/ 288/ 2287)].

وقد تقدم ذكر من صحح الحديث من الأئمة.

وصححه الألباني - رحمه الله تعالى - في الإرواء (14) وغيره. وانظر: اختلاف الحديث (110) للشافعي.

قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (3/ 309) بعد أن ضعَّف حديث أبي سعيد في بئر بضاعة: "لحديث بئر بضاعة طريق حسن من غير رواية أبي سعيد، من رواية سهل بن سعد، سنذكره إن شاء الله في باب الأحاديث التي ساقها صحاحًا أو حسانًا ضعيفة من تلك الطرق، صحيحة أو حسنة من غيرها".

ثم وفى بوعده فقال هنالك (5/ 224/ 2435): "ونذكر الآن هنا أن له إسنادًا صحيحًا من رواية سهل بن سعد:

قال قاسم بن أصبغ: حدثنا ابن وضاح: حدثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، قالوا: يا رسول الله! إنك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينجي الناس والمحايض والخبث؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الماء لا ينجسه شيء".

قال قاسم: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة.

وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن [يعني: في مستخرجه على أبي دواد]: حدثنا ابن وضاح، فذكره أيضًا بإسناده ومتنه.

قال ابن حزم: وعبد الصمد بن أبي سكينة: ثقة مشهور.

قال قاسم: ويُروى حديث عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها فاعلم ذلك". انتهى كلامه.

وهذا الحديث أخرجه ابن حزم في المحلى (1/ 155) من طريق محمد بن عبد الملك به. وابن عبد البر في الاستذكار (1/ 162) من طريق قاسم بن أصبغ به.

قال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 118): "قال أبو محمد ابن حزم في كتاب

ص: 266

الإيصال: عبد الصمد بن أبي سكينة: ثقة مشهور" [ونقله ابن الملقن في البدر (1/ 385)].

وقال ابن عبد البر: "وهذا اللفظ كريب في حديث سهل، ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري، لم يأت به في حديث سهل غير ابن أبي حازم، والله أعلم، وقال قاسم: هذا من أحسن شيء رُوي في بئر بضاعة"[وانظر: شرح سنن ابن ماجه (2/ 566)].

وقال ابن دقيق العيد في الإمام (1/ 119): "وعبد الصمد هذا الذي ذكر ابن حزم أنه: ثقة مشهور، تتبعت تراجم من اسمه عبد الصمد في تاريخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي [يعني: ابن عساكر]، فلم أجد له في تلك التراجم ذكرًا".

وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 14): "قلت: ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور، قال ابن عبد البر وغير واحد: إنه مجهول، ولم نجد عنه راويًا إلا محمد بن وضاح".

وقال أبو بكر بن مفوز المعافري: "مجهول العين والاسم، منكر الحديث والرواية، غير عدل ولا ثقة، إنما يعرف برواية ابن وضاح"[الذيل على ميزان الاعتدال (553)].

وعليه: فهو حديث غريب؛ بل منكر.

ولا يعضده ما رواه الدارقطني (1/ 29)، ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (1/ 39):

من طريق: محمد بن موسى الحرشي [لين الحديث]: حدثنا فضيل بن سليمان النميري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الماء لا ينجسه شيء".

فإنه منكر أيضًا، وليس فيه ذكر لبئر بضاعة.

فقد خالفه: حسين بن محمد [هو: ابن بهرام التميمي المرُّوذي، نزيل بغداد: ثقة]، ومحمد بن زياد الزيادي [صدوق يخطئ]:

روياه عن فضيل بن سليمان، عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أمه، قالت: سمعت سهل بن سعد يقول: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي من بضاعة. وفي رواية الزيادي: شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر بضاعة.

أخرجه أحمد (5/ 337 - 338)، والدارقطني (1/ 32).

وهذا هو الصواب، ولا يحتمل فضيل بن سليمان النميري البصري هذا التعدد، فإنه: ليس بالقوي، وقد روى مناكير [التهذيب (3/ 398)، الميزان (3/ 361)].

وقد روى جماعة من الثقات، عن حاتم بن إسماعيل [مدني صدوق]، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه، قالت: دخلنا على سهل بن سعد في نسوة، فقال: إني أسقيكم من بئر بضاعة، وقد سقيت النبي صلى الله عليه وسلم من مائها.

وفي رواية: لو أني سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك، وقد والله سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي من مائها.

أخرجه أبو بكر الأثرم في السنن (55)، وسمويه في بعض الثالث من فوائده (20)،

ص: 267

وأبو يعلى (13/ 511/ 7519) وقال: أبيه، بدل: أمه. والروياني (1121)، والطحاوي (1/ 12)، والطبراني في الكبير (6/ 207/ 6026) وفيه: عن أبيه. وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 391 - 392)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 401) و (2/ 139)، والبيهقي في السنن (1/ 259) وفيه: عن أبيه. وفي المعرفة (1/ 323/ 384) بنفس الإسناد وقال: عن أمه.

قلت: ومن قال: "عن أبيه" فقد وهم، وأما الذي في إسناد البيهقي فهو خطأ، صوابه: عن أمه، كما في المعرفة له، وكما في تهذيب السنن الكبرى للذهبي (1/ 261)، وكما في نصب الراية (1/ 113).

قال البيهقي في السنن: "وهذا إسناد حسن موصول".

قلت: محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني: صدوق، وأمه: قال ابن حزم:

"مجهولة"، وقال في موضع آخر:"ولا يدرى من هي"، وقال ابن حجر:"مقبولة"[المحلى (7/ 357 و 365)، البدر المنير (9/ 279)، التهذيب (4/ 704)، الميزان (4/ 615)، التقريب (774)]، فلعل البيهقي تسهل في أمرها لكونها تابعية، والله أعلم.

وانظر في الأوهام: طبقات ابن سعد (1/ 505).

وروى عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم برَّك في بئر بضاعة، وبصق فيها.

أخرجه الروياني (1101)، والطبراني في الكبير (6/ 122/ 5704).

وإسناده ضعيف جدًّا؛ عبد المهيمن بن عباس: منكر الحديث، روى عن آبائه أحاديث منكرة [التهذيب (3/ 630)].

• وروى عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص [ليس بقوي. التهذيب (2/ 382)، الكاشف (1/ 572)]، قال: سمعت من أبي أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد [روى له البخاري حديثًا في الضعفاء بهذا الإسناد، وقال: "لا يتابع عليه"، وقال ابن القطان: "لا تعرف له حال"، التهذيب (4/ 10)، الميزان (3/ 425)، المغني (2/ 537)، بيان الوهم (4/ 414)]، يحدث عن أبيه [صدوق]، عن جده أبي أسيد الساعدي الخزرجي، قال: وله بئر بالمدينة يقال لها بئر بضاعة، قد بصق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فهو يبشر بها ويتيمن بها

في حديث طويل في قصة الغول.

أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 263/ 585)، ولا يصح.

وانظر: طبقات ابن سعد (1/ 505).

***

قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيِّم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة.

قال أبو داود: وقدَّرت أنا بئر بضاعة بردائي، مددته عليها ثم ذرعته، فإذا

ص: 268

عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غُيِّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماءً متغير اللون.

رواه من طريق أبي داود: البيهقي في السنن (1/ 265)، وفي الخلافيات (3/ 205/ 976).

قال الرافعي في الشرح الكبير (1/ 19): "وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء"[وانظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (167)، المنتظم (17/ 25)، المغني (1/ 26)].

قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 390): "وهذا غريب جدًّا، لم أَرَه بعد البحث، وسؤال بعض الحفاظ عنه، وهذا الوصف لا أعلمه يلقى إلا في صفة البئر التي سُحِر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي: بئر ذروان".

وقال ابن حجر: "هذا الوصف لهذه البئر لم أجد له أصلًا،

، وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة" [التلخيص (1/ 15)].

قلت: ورد هذا الوصف لماء بئر ذروان، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:"لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين": أخرجه البخاري (3268 و 5763 و 5765 و 5766 و 6063 و 6391)، ومسلم (2189).

• تنبيه:

قال ابن حجر في الفتح (11/ 34): "وقال الإسماعيلي: في هذا الحديث بيان أن بئر بضاعة بئر بستان، فيدل على أن قول أبي سعيد في حديثه -يعني: الذي أخرجه أصحاب السنن-: "أنها كانت تُطرح فيها خرق الحيضر وغيرها": أنها كانت تُطرح في البستان؛ فيُجريها المطر ونحوه إلى البئر".

وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 32): "قد يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصدًا وتعمدًا، وهذا ما لا يجوز أن يظن بذمي بل بوثني فضلًا عن مسلم، ولم يزل من عادة الناس قديمًا وحديثًا مسلمهم وكافرهم تنزيه المياه وصونها عن النجاسات، فكيف يظن بأهل ذلك الزمان، وهم أعلى طبقات أهل الدين وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمسُّ أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن تغوط في موارد الماء ومشارعه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصدًا للأنجاس ومطرحًا للأقذار، هذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حدور من الأرض، وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء، ولا يغيره، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة،

".

وانظر: البيان في شرح المهذب (1/ 26).

ص: 269