الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
44 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء
92 -
. . . همام، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد.
قال أبو داود: رواه أبان عن قتادة قال: سمعت صفية.
• حديث صحيح
أخرجه النسائي (1/ 180/ 346)، وابن ماجه (268)، وأحمد (6/ 121 و 234 و 239 و 249)، وإسحاق بن راهويه (3/ 677/ 1270)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الطهور (101)، وفي الأموال (1571)، وابن سعد في الطبقات (1/ 385)، وأبكر الأثرم في السنن (83)، ومحمد بن أسلم الطوسي في الأربعين (3)، وابن قتيبة في غريب الحديث (1/ 161 - 162)، والحسن بن سفيان في الأربعين (14)، وأبو يعلى (8/ 4858/271)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 117/ 643)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 49)، والدارقطني (1/ 94)، والبيهقي (1/ 195)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1836/ 1407)، والرافعي في التدوين (3/ 194).
من طرق عن قتادة به.
• واختلف فيه على قتادة:
1 -
فرواه هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، وهمام بن يحيى، وأبان بن يزيد العطار، وغيرهم: كلهم عن قتادة، عن صفية، عن عائشة به، هكذا.
وقد صرح فيه أبان بسماع قتادة من صفية.
2 -
ورواه حماد بن سلمة [ثقة]، عن قتادة، عن معاذة أو صفية، عن عائشة به.
أخرجه أحمد (6/ 218 - 219)، وأبو عبيد في الطهور (102)، وفي الأموال (1572) [ولم يذكر صفية] [وانظر: إتحاف المهرة (17/ 787)، وأطراف المسند (9/ 334)].
هكذا شك حماد بن سلمة.
3 -
ورواه شيبان بن عبد الرحمن النحوي [ثقة]، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة به.
أخرجه النسائي (1/ 180/ 347)، وأحمد (6/ 280)، وابن الأعرابي في المعجم
(3/ 1041/ 2239)، والطبراني في الأوسط (9/ 126/ 9316)، والدارقطني في الأفراد (5/ 546 - 547/ 6358 - أطرافه).
قال الطبراني: "لم يروه عن قتادة عن الحسن عن أمه عن عائشة إلا شيبان".
وقال الدارقطني: "غريب من حديث الحسن عن أمه عنها، تفرد به قتادة، وغريب من حديث قتادة، تفرد به شيبان بن عبد الرحمن".
4 -
ورواه فوهم أيضًا: إبراهيم بن عبد الملك أبو إسماعيل القناد [صدوق، يخطئ ويهم على قتادة وغيره، وقد ضعفه ابن المديني وابن معين. سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (9 و 62)، الضعفاء الكبير (1/ 57)، إكمال مغلطاي (1/ 247)، التهذيب (1/ 75)، الميزان (1/ 46)]، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد من الماء لصلاة الفريضة، وبغتسل بالصاع.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 58)، والطبراني في الأوسط (1/ 283/ 922).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن أنس إلا أبو إسماعيل".
والمحفوظ: ما رواه الجماعة، لا سيما وفيهم أثبت أصحاب قتادة: هشام وسعيد؛ فإنهما إذا اجتمعا فلا عبرة بمن خالفهما، والله أعلم.
• وتابع قتادة على الوجه المحفوظ عنه:
إبراهيم بن مهاجر البجلي الكوفي [صدوق، لين الحفظ]، فرواه عن صفية، عن عائشة به.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 67/ 714)، والطحاوي (2/ 49)، وابن المقرئ في الأربعين (25)، وفي المعجم (1220)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 248).
من طريقين عن إبراهيم به، أحدهما صحيح، والآخر صالح في المتابعات.
وهذا إسناد جيد في المتابعات.
• قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 12/ 5): "سألت أبا زرعة عن حديث رواه إبراهيم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد؟ قال أبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو: قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال العقيلي: "حديث هشام وأبان أولى".
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 26/ 41): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شيبان النحوي، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد؟ قال أبي: هذا خطأ، إنما هو: قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أشبه.
قال أبو زرعة: حديث قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة: صحيح. ورواه يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عندي أشبه".
قلت: ورواه أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة به.
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 365/ 863)، وفي الأوسط (5/ 374/ 5598).
وانظر الاختلاف فيه على الحسن: في علل الدارقطني (14/ 430 / 3779).
• وأسند العقيلي الحديث من حديث ابن عباس وعائشة بإسنادين غير محفوظين، في ترجمة سلمة بن مسلم العبدي [وهو ضعيف. انظر: اللسان (3/ 85)] ثم قال: "هذا يرويه: قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: بإسناد صحيح، وهو الصحيح"[الضعفاء الكبير (2/ 517) طبعة حمدي السلفي. (2/ 149) طبعة العلمية].
وساق الدارقطني في علله (14/ 430/ 3779) الاختلاف في هذا الحديث مفصلًا بأكثر مما ذُكر هنا، ثم ختم كلامه بقوله:"وأصحها قول من قال: عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة".
• وحاصل مما تقدم: أن المحفوظ هو ما رواه هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وهمام بن يحيى وأبان بن يزيد العطار: عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة به.
وهدا إسناد صحيح، وصرح قتادة بسماعه من صفية في رواية أبان.
وقد صححه كما تقدم أبو زرعة والعقيلي، وقال المنذري:"حديث حسن، ورجاله كلهم ثقات"[البدر المنير (2/ 595)][وانظر: إتحاف المهرة (17/ 703)، النكت الظراف (12/ 389)].
• وهذا الحديث أصله في الصحيحين:
فقد روى شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن [وفي رواية البخاري: شعبة، قال: حدثني أبو بكر بن حفص، قال: سمعت أبا سلمة]، قال: دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غُسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ فدعت بإناء قَدْرَ الصاع، فاغتسلتْ، وبيننا وبينها سِتر، وأفرغتْ على رأسها ثلاثًا، قال: وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة.
أخرجه البخاري (251)، ومسلم (320)، وأبو عوانة (1/ 247 و 248/ 849 - 851)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 370/ 720)، والنسائي (1/ 127/ 227)، وأحمد (6/ 71 - 72 و 143)، والبيهقي (1/ 195)، وابن حجر في التغليق (2/ 152).
• ولحديث عائشة أسانيد أخرى لا تخلو من مقال، وفي بعضها وهن شديد:
أخرجها أحمد (6/ 133)، والبزار (5/ 30/ 1587)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 186 - 187/ 567)، وأبو عوانة (2/ 160/ 2664)، والطحاوي (2/ 49 و 50)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 149)، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي في الأول من أماليه (58)، والطبراني في الأوسط (1/ 109/ 339) و (5/ 215/ 5123)، والدارقطني في السنن (2/ 128 و 153)، وفي الأفراد (5/ 444/ 6000 - أطرافه)، وابن الجوزي في التحقيق (2/ 57/ 1030)، وانظر: علل الدارقطني (5/ 166/ 797) و (14/ 249 و 349 و 387/ 3599 و 3695 و 3738)، سنن البيهقي الكبرى (4/ 171).
***
93 -
. . . يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد.
• حديث ضعيف
أخرجه أحمد (3/ 303 و 370)، والطيالسي (1732)، وأبو عبيد في الطهور (104)، وفي الأموال (1570)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 50)، والبيهقي (1/ 195)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 367/ 280).
هكذا رواه عن يزيد وحده: أبو عوانة، وهشيم، وخالد بن عبد الله الطحان، وعلي بن عاصم: الواسطيون، وهم ثقات، وقد صرح هشيم بالتحديث.
ووهم فيه علي بن عاصم فجعله من قوله صلى الله عليه وسلم، بلفظ:"يجزئ من الوضوء المد من الماء، ومن الجنابة الصاع".
فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: قد كفى من هو خير منك، وأكثر شعرًا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. [أحمد (3/ 370)].
• وأخطأ ابن فضيل، فمرة يرويه عن يزيد وحده مثل الجماعة، ومرة يرويه عن يزيد وحصين، وجوده بعضهم عن ابن فضيل فأسقط يزيد من الإسناد، أو هو من تصرف النساخ، وهو الأظهر، كما عند الحاكم في المستدرك:"عن حصين عن سالم بن أبي الجعد"[كذا هو في المطبوع (1/ 161)، وفي مخطوط رواق المغاربة (1/ 75/ أ)]، وقد رواه ابن خزيمة من نفس الطريق وفيه:"عن حصين ويزيد بن أبي زياد عن سالم"، وساق ابن حجر في الإتحاف (3/ 126/ 2654) إسناد ابن خزيمة هكذا مقرونًا، فلما ذكر إسناد الحاكم وقف عند هارون بن إسحاق شيخ ابن خزيمة وراويه عن ابن فضيل [عند ابن خزيمة والحاكم وابن السكن، إلا أنه كناه عند الأخير ولم يسمه، فقال: "عن حصين وآخر"]، للدلالة على أن ما بعده مثل إسناد ابن خزيمة مقرونًا، فلعل نسخة المستدرك التي نقل منها الحافظ كان الإسناد فيها مثل إسناد ابن خزيمة، والله أعلم.
ومحمد بن فضيل: كوفي صدوق، وهو لا يداني في الضبط والإتقان والتثبت في الرواية: مرتبة هشيم بن بشير، أو الوضاح بن عبد الله أبا عوانة، أو خالد بن عبد الله الواسطي، كلًا على حدة، إذ لو انفرد كل واحد من هؤلاء لقُدِّم عليه، فكيف إذا اجتمعوا؟! وعلى هذا فذكر حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي الثقة في هذا الإسناد إنما هو من أوهام ابن فضيل، فإنه يروي أحاديث عن حصين عن سالم عن جابر، فلعله أُتي من هذا الجانب [انظر: تحفة الأشراف (2/ 174 و 175)]، فسلك فيه الجادة، ولم يتابَع عليه من أقرانه الذين يروون عن حصين، أمثال: هشيم وخالد الطحان وأبي عوانة وجرير وزائدة وغيرهم، وبذا تعلم ما في تصحيح الحاكم إذ يقول:"صحيح على شرط الشيخين".
ولابن فضيل فيه وهم آخر، فقد رواه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، لا من فعله:
رواه ابن فضيل، عن حصين ويزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزئ من الوضوء المد، ومن الجنابة الصاع".
فقال له رجل: لا يكفينا ذلك يا جابر، فقال: قد كفى من هو خير منك، وأكثر شعرًا.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 62/ 117)، والحاكم (1/ 161)، وابن السكن [بيان الوهم (5/ 270/ 2466)، إتحاف المهرة (3/ 126/ 2654)]، وابن أبي شيبة (1/ 708/66)، وعبد بن حميد (1114)، وأبو بكر الأثرم في السنن (86 و 87)، والبيهقي (1/ 195).
وقد اغتر بذلك ابن القطان الفاسي، فصحح إسناده؛ لأجل حصين، وقد علمت ما فيه [بيان الوهم (5/ 270/ 2466)]، وما وقع في سنن الأثرم من إفراد حصين فهو من اجتهاد المحقق.
• وبناء على ما تقدم: فقد تفرد بهذا الحديث عن سالم بن أبي الجعد: يزيد بن أبي زياد الكوفي: وهو ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعيًا [التقريب (1075)]، فمثله لا يحتمل تفرده عن سالم.
وعليه فهو حديث ضعيف، وبذا تعلم ما في قول الحافظ في الفتح (1/ 365):"بإسناد صحيح".
• وممن وهم في هذا الإسناد على يزيد بن أبي زياد، وفي متنه أيضًا:
حبان بن علي العنزي [وهو: ضعيف]، رواه عنه: بكر بن يحيى بن زبان العنزي [قال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح (2/ 394)، وقال في التقريب (176): "مقبول"].
• واختلف على بكر فيه:
أ- فرواه محمد بن المؤمل بن الصباح، وعباد بن الوليد [وهما: صدوقان]، قالا: حدثنا بكر بن يحيى بن زبان: حدثنا حبان بن علي، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجزئ من الوضوء مد، ومن الغسل صاع".
فقال رجل: لا يجزئنا. فقال: قد كان يجزئ من هو خير منك وأكثر شعرًا، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا من قوله.
أخرجه ابن ماجه (270).
ب- ورواه إبراهيم بن المستمر العروقي [صدوق يغرب. التقريب (116)]، قال: نا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: نا مندل -يعني: ابن علي-، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبيه، عن جده عقيل بن أبي طالب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع. هكذا من فعله.
أخرجه البزار (6/ 117/ 2171).
وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن عقيل إلا من هذا الوجه، وهذا الحديث أخطأ فيه مندل إذ جعله بهذا الإسناد، وإنما رواه يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله".
وانظر أيضًا: الكامل لابن عدي (4/ 199)، الأفراد والغرائب للدارقطني (2/ 347/ 1561 - أطرافه)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 114).
قلت: والأول أشبه، وأيًّا كان فإن مندل وحبان ابني علي: ضعيفان، ورواية الجماعة من الثقات الأثبات هي المحفوظة عن يزيد، والله أعلم.
وحديث عقيل بن أبي طالب هذا: منكر سندًا ومتنًا، أما السند فقد علمت ما فيه، وأما المتن فقد جعله حبان بن علي من قول النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ من فعله.
• وقد روى حديث جابر هذا جماعة من الضعفاء منهم:
الربيع بن بدر [متروك]، ومحمد بن عبيد الله العرزمي [متروك]، وعثمان بن عبد الرحمن الجمحي البصري [ليس بالقوي]:
ثلاثتهم: عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع.
أخرجه ابن ماجه (269)، وعبد بن حميد (1070)، والطبراني في الأوسط (4/ 341/ 4380)، وابن عدي في الكامل (3/ 131) و (5/ 162) و (6/ 98)، والسهمي في تاريخ جرجان (309).
لا يصح هذا عن أبي الزبير.
• وله طرق أخرى لا تصح أيضًا عن جابر:
انظر: مسند الطيالسي (1801)، الكامل (5/ 12)، المتفق والمفترق (2/ 865/ 515).
• والمحفوظ عن جابر في هذا الحديث:
هو ما رواه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين، أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه وعنده قوم، فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع. فقال رجل: ما يكفيني. فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرًا وخير منك، ثم أمنا في ثوب.
وفي رواية جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة صبَّ على رأسه ثلاث حفنات من ماء.
فقال له الحسن بن محمد: إن شعري كثير؟ قال جابر: فقلت له: يا ابن أخي، كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من شعرك، وأطيب.
رواه عن محمد بن علي جماعة بألفاظ متقاربة، يزيد بعضهم على بعض، وهذان اللفظان في الصحيح.
أخرجه البخاري في الصحيح (252 و 255 و 256)، وفي الأدب المفرد (959)، ومسلم (329)، وأبو عوانة (1/ 196 - 197/ 625 و 626)، وأبو نعيم الأصبهاني في المستخرج (1/ 375/ 735)، والنسائي (1/ 127 - 128/ 230)، وابن ماجه (577)، وابن خزيمة (1/ 121/ 243)، وأحمد (3/ 298 و 319 و 370 و 379)، والشافعي في المسند (19)، وابن سعد في الطبقات (1/ 430)، وابن أبي شيبة (1/ 65/ 697)، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (73)، وأبو يعلى (4/ 160 و 208/ 2227 و 2320)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 273/ 1961)، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (2/ 531 و 532/ 1486 - 1489)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 253)، والبيهقي (1/ 176 و 177 و 195)، والخطيب في الأسماء المبهمة (57)، والمزي في التهذيب (28/ 324).
***
94 -
. . . محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن حبيب الأنصاري، قال: سمعت عَبَّاد بن تميم، عن جدته -وهي: أم عمارة-: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأُتي بإناء فيه ماء قدرُ ثلثي المد.
• حديث صحيح
أخرجه النسائي (1/ 58/ 74) بنحوه وزاد: قال شعبة: فأحفظ: أنه غسل ذراعيه وجعل يدلكهما، ويمسح أذنيه باطنهما، ولا أحفظ أنه: مسح ظاهرهما. وفي الإغراب (51)، وابن حزم في المحلى (2/ 74)، والبيهقي (1/ 196).
هكذا رواه غندر عن شعبة، فجعله من مسند أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، والدة عبد الله بن زيد.
وقد حسن إسناده ابن الملقن في البدر المنير (2/ 602).
• وخالفه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وأبو داود الطيالسي:
فجعله خمستهم من مسند ابنها عبد الله بن زيد بن عاصم، فقالوا: عن عباد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد.
وقد سأل ابن أبي حاتم أبا زرعة عن هذا الاختلاف وذكر له من الفريق الثاني ابن أبي زائدة وأبا داود حسب؟ فقال أبو زرعة: "الصحيح عندي حديث غندر"[العلل (1/ 25/ 39)].
قلت: لعله لم يقف على رواية من تابع ابن أبي زائدة، وأبا داود، أو أنه كان يأخذ بقول الفلاس:"كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ وخالد وأصحابنا إذا اختلفوا في حديث عن شعبة رجعوا إلى كتاب غندر فحكم بينهم"[شرح علل الترمذي (2/ 703)]، وكذا قال ابن المبارك:"إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم".
لكن هذا محمول على وقوع الاختلاف بين أصحاب شعبة، فحينئذ يرجعون إلى كتاب غندر، أما والحال هنا على الاتفاق فيما بينهم بما يخالف غندر، وفيهم من هو أثبت في شعبة منه مثل: يحيى بن سعيد القطان ومعاذ بن معاذ العنبري، ولم ينفردا بل تابعهما من أصحاب شعبة: أبو داود الطيالسي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وأبو خالد الأحمر، فهذا مما يجعل النفس تطمئن إلى قول الجماعة من أصحاب شعبة، وهو أولى عندي بالصواب، والله أعلم.
أو يقال: إن أبا زرعة مال إلى تخطئة من سلك فيه الجادة، فقال: عن عبد الله بن زيد؛ لأن أكثر رواية عباد عن عمه، فمن قال: عن جدته أم عمارة، فقد حفظ ما لم يحفظه غيره، والله أعلم.
وقد مال إلى تصحيح رواية الجماعة من أصحاب شعبة: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء المقدسي.
وقد أخرج روايتهم:
النسائي في الإغراب (49 و 50)، وابن خزيمة (1/ 62/ 118)، وابن حبان (3/ 363 و 364/ 1082 و 1083)، والحاكم (1/ 144 و 161 - 162)، والضياء في المختارة (9/ 364 و 368 و 369/ 332 و 333 و 337 - 339)، وأحمد (4/ 39)، والطيالسي (1195)، والروياني (1009)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 32)، والهيثم بن كليب الشاشي (3/ 45/ 1088)، والبيهقي (1/ 196).
لفظ ابن أبي زائدة، وبنحوه معاذ بن معاذ:[وهما متقنان]: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بثلثي مد، فجعل يدلك ذراعيه. وفي رواية لابن أبي زائدة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح بأذنيه.
والحديث صححه أيضًا: ابن حزم في المحلى (5/ 242 - 243).
وأما قول البخاري في التاريخ الكبير (6/ 35): "عباد بن تميم المازني الأنصاري المديني عن عمه عبد الله بن زيد،
…
" فلا يعتبر حجة في دعوى الانقطاع وعدم السماع، فالبخاري نفسه ومسلم قد أخرجا لعباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد: سبعة أحاديث، اتفقا على ستة منها، وانفرد البخاري بواحد، وقد جاء التصريح بسماع عباد من عمه عبد الله بن زيد عند البخاري نفسه، وهذه بعض الأسانيد التي وقفت فيها على سماع عباد من عمه [البخاري (1023 و 1028)، مسلم (894)، مالك في الموطأ (1/ 190/ 448)، ابن خزيمة (2/ 339/ 1424)، أبو داود (1166 و 1167)، النسائي (3/ 157/ 1509) و (3/ 163/ 1519)، الدارمي (1/ 432 و 433/ 1533 و 1534)، أحمد (4/ 41)، البيهقي (3/ 348 و 349)، وغيرها][وانظر: تحفة الأشراف (4/ 337) وما بعدها].
وعلى هذا فهو حديث صحيح، متصل الإسناد، رجاله ثقات.
• وهذا هو أقل مقدار من الماء توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه، وأما ما يروى من أنه توضأ بنصف مد؛ فلا يصح.
فقد روى علي بن ثابت الجزري [صدوق]، عن الصلت بن دينار، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مد.
وفي رواية: بقسط من ماء، وفي أخرى: بأقل من مد.
أخرجه أبو يعلى (2/ 74/ 6 - مطالب)، وابن عدي في الكامل (4/ 85)، ومن طريقه: البيهقي (1/ 196).
• ورواه زيد بن الحباب [صدوق]، عن الصلت بن دينار، عن أبي غالب، عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مد.
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 278/ 8071).
قال ابن عدي: "وهذا يرويه الصلت عن شهر"، ثم قال في الصلت:"وعامة ما يرويه مما لا يتابعه الناس عليه".
وقال البيهقي: "والصلت بن دينار: متروك، لا يفرح بحديثه".
وقال الهيثمي في المجمع (1/ 219): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه الصلت بن دينار، وقد أجمعوا على ضعفه"[وفي التقريب (455): "متروك ناصبي"].
***
95 -
. . . شريك، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بإناء يسع رِطلين، ويغتسل بالصاع.
قال أبو داود: رواه يحيى بن آدم، عن شريك، قال: عن ابن جبر بن عتيك.
قال: ورواه سفيان، عن عبد الله بن عيسى، قال: حدثني جبر بن عبد الله.
قال أبو داود: ورواه شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر، قال: سمعت أنسًا؛ إلا أنه قال: "يتوضأ بمكوك"، ولم يذكر:"رطلين".
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الصاع خمسة أرطال.
قال أبو داود: وهو صاع ابن أبي ذئب، وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم.
• منكر بنكر الرطلين، وهو متفق عليه بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد حديث شريك: أخرجه الترمذي (609) بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يجزئ في الوضوء رطلان من ماء"، من قوله صلى الله عليه وسلم لا من فعله. ومثله أحمد في المسند (3/ 179) من قوله صلى الله عليه وسلم، ومرة أخرى من فعله بنحو لفظ أبي داود. وأبو عبيد في الأموال (1581) من فعله صلى الله عليه وسلم، وابن أبي شيبة (1/ 68/ 735) من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: توضأ برطلين من ماء. والطحاوي في شرح المعاني (2/ 50) من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، وهو رطلان. وفي رواية أخرى: يتوضأ برطلين، ويغتسل بالصاع. والبغوي في شرح
السُّنَّة (1/ 366/ 278) من طريق الترمذي به. وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 394) بنحو لفظ أبي داود.
قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك على هذا اللفظ.
وروى شعبة، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي.
ورُوي عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع.
وهذا أصح من حديث شريك".
وقال الدارقطني في العلل (12/ 117/ 2501): "ووهم في متنه، فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يكفي في الوضوء رطلين من ماء"، وإنما ذكره شريك على المعنى عنده أن الصاع ثمانية أرطال.
والقول: قول أبي خالد وعمار بن رزيق: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكفي أحدكم من الوضوء مد"".
قلت: هذا الحديث من أوهام شريك بن عبد الله النخعي، واضطرابُه فيه مما يدل على سوء حفظه، فهو مرة يجعله من فعله صلى الله عليه وسلم، ومرة يجعله من قوله، وهو منكر بذكر الرطلين، فإن شريكًا غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء، حتى ساء حفظه، وربما أتى في المتون بألفاظ تشبه ألفاظ الفقهاء المتداولة بينهم، قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 834) عن شريك:"وكذلك روى حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين من ماء، وهذا ما رواه بالمعنى الذي فهمه، فإن لفظ الحديث: أنه كان يتوضأ بالمد، والمد عند أهل الكوفة رطلان"، وهذا الحديث قد رواه الثقات بدون ذكر هذه اللفظة مما يدل على نكارتها وأنها غير محفوظة:
فقد رواه سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع.
هكذا علقه: الترمذي وأبو داود [كما تقدم].
ووصله: الإمام أحمد في مسنده (3/ 264)، قال: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة، عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، قال: حدثني جبر بن عبد الله، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يكفي أحدَكم مُدٌّ في الوضوء".
وهذا إسناد صحيح، لكن أخشى أن يكون الوهم فيه من معاوية بن عمرو، فانقلب عليه اسم التابعي فقال:"جبر بن عبد الله"، وإنما هو: عبد الله بن عبد الله بن جبر، كما رواه معاوية بن هشام عن الثوري، وكما سيأتي من رواية أبي خالد الدالاني، ومن رواية شعبة ومسعر في الصحيحين.
ووصله أيضًا أبو عوانة (1/ 197/ 629)، من طريق معاوية بن هشام [وهو: صدوق له أوهام. التقريب (956)]، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن جبر، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يكفي من الوضوء المد، ويكفي من الغسل الصاع".
هكذا بدون ذكر عبد الله بن عيسى في الإسناد، والراجح أنه سقط إما من الراوي عن سفيان: معاوية بن هشام؛ فإنه لم يكن بالثبت فيه، وهو قريب فيه من الفريابي وقبيصة [شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (8/ 253)]، يعني: كثير الخطأ على الثوري، وإما أن يكون السقط من الناسخ، فإن الثوري إنما يروي عن عبد الله بن عيسى، ولا تعرف له رواية عن عبد الله بن جبر، ورواية زائدة بن قدامة [الثقة الثبت] بإثباته: هي المحفوظة، والله أعلم.
والحاصل: أن الثوري أحفظ من مائة مثل شريك، فرواية شريك بذكر الرطلين منكرة.
• وقد تابع الثوري عليه، فلم يذكر الرطلين:
أبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن [صدوق يخطئ]، فرواه عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر الأنصاري، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يكفي أحدكم من الوضوء مد، ومن الغسل صاع".
أخرجه أبو يعلى (7/ 4307/284).
هكذا رواه عبد الله بن عيسى: وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ابن أخي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [وهو ثقة]، فرواه من قوله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من فعله، كما رواه شعبة ومسعر.
• خالفه: شعبة ومسعر فروياه من فعله صلى الله عليه وسلم، وهو المحفوظ.
• أما رواية شعبة:
فأخرجها مسلم (325/ 50)، وأبو عوانة (1/ 197/ 627)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 372 - 373/ 729)، والنسائي (1/ 57 - 58 و 127 و 73/ 179 و 229 و 345)، والدارمي (1/ 186/ 689)، وابن خزيمة (1/ 61/ 116)، وابن حبان (3/ 476 و 477/ 1203 و 1204)، وأحمد (3/ 112 و 116 و 259 و 282 و 290)، والطيالسي (2102)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 188/ 568)، والطحاوي (2/ 51)، والبيهقي (1/ 194)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 365/ 277).
قال شعبة: أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر، قال: سمعت أنسًا يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكيَّ. وفي رواية: بخمس مكاكيك.
قال أبو خيثمة: "المكوك: المد".
وقال ابن خزيمة: "المكوك في هذا الخبر: المد نفسه".
وقال في النهاية (4/ 350): "أراد بالمكوك: المد، وقيل: الصاع، والأول أشبه؛ لأنه جاء في حديث آخر مفسرًا بالمد".
• وأما رواية مسعر:
فأخرجها البخاري (201)، ومسلم (325/ 51)، وأبو عوانة (628)، وأبو نعيم الأصبهاني في مستخرجه (730)، وابن أبي شيبة (1/ 66/ 710)، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (65)، والبيهقي في السنن (1/ 194)، وفي المعرفة (1/ 280/ 300)، والبغوي في شرح السُّنَّة (276).
رواه مسعر، عن ابن جبر، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد. لفظ مسلم، والبخاري بنحوه مع تقديم وتأخير.
• ورواه عتبة بن أبي حكيم [صدوق يخطئ كثيرًا. تقدم في الحديث (44)]، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبير بن عتيك، قال: سألنا أنسًا عن الوضوء: الذي يكفي الرجل من الماء؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ من مد، فيسبغ الوضوء، وعسى أن يفضل منه.
قال: سألناه عن الغسل من الجنابة: كم يكفي من الماء؟ قال: الصاع، فسألت عنه: أعن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصاع؟ قال: نعم، مع المد.
أخرجه هكذا مطولًا: الطحاوي (2/ 50)، ومختصرًا: الطبراني في مسند الشاميين (1/ 432/ 761).
• قال الدارقطني في العلل (12/ 118/ 2501): "وروى هذا الحديث شيخ يعرف بموسى بن نصر الحنفي -ولم يكن بالحافظ ولا القوي-، رواه عن عبدة بن سليمان، عن ابن أبي خالد، عن جرير بن يزيد، عن أنس، وتابع شريكًا على قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين.
وهذا غير محفوظ المتن والإسناد جميعًا؛ وموسى بن نصر هذا: ضعيف، ليس بالقوي".
قلت: أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 94) و (2/ 153)، ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (2/ 57/ 1029).
من طريق: أبي عاصم موسى بن نصر الحنفي: حدثنا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن جرير بن يزيد، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين، ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال.
قال الدارقطني: "تفرد به موسى بن نصر، وهو: ضعيف الحديث"[ونقله ابن قدامة في المغني (1/ 141)].
وقال البيهقي في السنن (4/ 171): "إسناده ضعيف، والصحيح عن أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به موسى بن نصر الحنفي هذا به عن عبدة بن سليمان الثقة الثبت، ولا يحتمل تفرد مثل هذا عنه [انظر: ذيل الميزان (708)، اللسان (8/ 226)].
وجرير بن يزيد هذا، هو: ابن جرير بن عبد الله البجلي، قال أبو زرعة الرازي:"وهو شامي منكر الحديث"[الجرح والتعديل (2/ 502)، التهذيب (1/ 298)].
• ولحديث أنس أسانيد أخرى، فيها ضعف ونكارة:
أخرجها الطبراني في المعجم الأوسط (4/ 201/ 3974)، والدارقطني (2/ 153)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 321)، وأبو موسى المديني في اللطائف من دقائق المعارف (357)، وانظر: سنن البيهقي (4/ 171).
• ومما صح أيضًا:
1 -
ما رواه أبو ريحانة، عن سفينة -صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسِّله الصاع من الماء من الجنابة، ويوضِّئُه المدُّ.
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع، ويتطهر بالمد.
أخرجه مسلم (326)، وأبو عوانة (630 - 632)، وأبو نعيم (734)، والترمذي (56)، وقال:"حديث سفينة: حديث حسن صحيح، وأبو ريحانة اسمه: عبد الله بن مطر"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(47)، وابن ماجه (267)، والدارمي (1/ 186/ 688)، وابن الجارود (62)، وأحمد (5/ 222)، وأبو عبيد في الطهور (100)، وفي الأموال (1569)، وابن أبي شيبة (1/ 66/ 706)، وأبو بكر الأثرم في السنن (84 و 85)، والبزار (9/ 283 و 284/ 3832 و 3833)، والرويا في (674)، والدولابي في الكنى (2/ 552/ 993)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 360/ 327)، والطحاوي (2/ 50)، والمحاملي في أماليه (527)، والطبراني في الأوسط (8/ 10/ 7798)، وفي الكبير (7/ 96/ 6438)، وابن عدي (4/ 254)، والدارقطني (1/ 94)، والبيهقي (1/ 195)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 269) و (49/ 59)، والمزي في التهذيب (16/ 148).
2 -
وروى محمد بن العباس المؤدب: ثنا داود بن مهران الدباغ: ثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/ 128/ 11258)، قال: حدثنا محمد بن العباس المؤدب به، وهو ثقة [انظر ترجمته: تاريخ بغداد (3/ 112)، الأنساب (5/ 32)، تاريخ الإسلام (21/ 265)].
خالفه في سياقه: الإمام أحمد فرواه في مسنده (1/ 289)، قال: ثنا داود بن مهران: ثنا داود -يعني: العطار-، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، قال: قال رجل: كم يكفيني من الوضوء؟ قال: مد، قال: كم يكفيني للغسل؟ قال: صاعٌ، قال: فقال الرجل: لا يكفيني! قال: لا أمَّ لك، قد كفى من هو خير منك، رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا إسناد مكي صحيح فريب، تفرد به داود بن مهران الدباغ البغدادي به، وهو:
ثقة متقن [الجرح والتعديل (3/ 426)، الثقات (8/ 235)، تاريخ بغداد (8/ 362)، التعجيل (283)]، وقد أخرج الشيخان لعبيد الله عن ابن عباس أحاديث [انظر: تحفة الأشراف (5/ 72)]، وأخرج مسلم لابن جريج بهذا الإسناد حديثًا (1132).
• كما تقدم معنا شيء من هذا المعنى في قدر الإناء الذي كان يغتسل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، في طرق حديث عائشة المتقدم برقم (77).
وللحديث شواهد أخرى لا يصح منها شيء، عن ابن عباس، وابن عمر، وعقيل بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود:
انظر: مسند البزار (5/ 30/ 1587 و 1588)، شرح المعاني (2/ 50)، الضعفاء الكبير (2/ 149)، المعجم الأوسط للطبراني (4/ 6/ 3467) و (7/ 300/ 7555)، الكامل (2/ 222) و (4/ 199)، سنن الدارقطني (1/ 94)، علل الدارقطني (5/ 166/ 797)، تاريخ أصبهان (1/ 435) و (2/ 296)، سنن البيهقي (1/ 196)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 114).
ومن فقه هذا الباب:
قال الترمذي: "وهكذا رأى بعض أهل العلم: الوضوء بالمد والغسل بالصاع، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: ليس معنى هذا الحديث على التوقي أنه لا يجوز أكثر منه ولا اْقل منه، وهو قدر ما يكفي"[وانظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج (55)].
وقال ابن خزيمة: "باب ذكر الدليل على أن توقيت المد من الماء للوضوء، أن الوضوء بالمد يجزئ، لا إنه لا يسع المتوضئ أن يزيد على المد أو ينقص منه، إذ لو لم يجزئ الزيادة على ذلك ولا النقصان منه؛ كان على المرء إذا أراد الوضوء أن يكيل مدًّا من ماء فيتوضأ به، ولا يبقي منه شيئًا، وقد يرفق المتوضئ بالقليل من الماء فيكفي بغسل أعضاء الوضوء، ويخرق بالكثير فلا يكفي لغسل أعضاء الوضوء"، ثم أخرج حديث جابر من طريق يزيد بن أبي زياد. ثم قال:"باب الرخصة في الوضوء بأقل من قدر المد من الماء"، ثم أخرج حديث عبد الله بن زيد. ثم قال: "باب ذكر الدليل على أن لا توقيت في قدر الماء الذي يتوضأ به المرء، فيضيق على المتوضئ أن يزيد عليه أو ينقص منه،
…
"، فأطال في الترجمة ثم أخرج حديث عائشة: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتوضأ من إناء واحد، وهو متفق عليه وقد تقدم، وحديث ابن عمر في وضوء الرجال والنساء من إناء واحد، وقد
تقدم أيضًا.
وقال ابن المنذر في الأوسط (2/ 118): "هذا الحديث يدل على نفي التوقيت؛ لأنهم لم يأخذوا الماء بكيل، ولا كان ما أخذه كل رجل منهم معلومًا، وفي هذا المعنى: اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة من إناء واحد" ثم قال: "ليس فيما يقتصر عليه المغتسل والمتوضئ من الماء حد لا يجاوزه ولا ينقص منه، وأخذ الناس للماء مختلف على قدر رفق الإنسان وخرقه، وكان مالك يقول: ليس للوضوء ولا للغسل عندنا وقت ولا قدر ولا