الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إزالة النجاسة
يُجزئ في غَسْل النجاسات كلِّها إذا كانت على الأرض غَسلةٌ واحدةٌ تذهب بعين النجاسة، وعلى غيرها سَبْعٌ (*) إحداها بالتراب في نجاسة كلبٍ وخِنْزِيرٍ، ويجزئُ عن التراب أشْنانٌ ونحوه، وفي نجاسة غيرهما سَبْعٌ بلا تراب، ولا يَطْهُر متنجسٌ بشمسٍ ولا ريحٍ ولا دَلْكٍ ولا استحالةٍ (*) غيرَ الخَمْرة،
ــ
(*) قوله: (وعلى غيرها سَبْعٌ)، قال في المقنع: وفي سائر النجاسات ثلاثُ روايات إحداهن: يجب غَسْلُها سبعاً، والثانية: ثلاثًا، والثالثة: تُكَاثَرُ بالماء، يعني حتى تذهب عينُ النجاسة، اختارها في المغني، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دم الحيض:(فلتقرصه ثم لتنضحْه بالماء)، قلت: الأقرب الثلاث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتثليث عند توهم النجاسة للقائم من النوم، فعند تَيَقُّنِها أولى، وأما الحديث الذي يذكره بعضهم:(أُمرنا بغَسْل الأنجاسِ سَبْعاً)(1) فلا تقوم به الحجة.
(*) قوله: (ولا يَطْهُر متنجسٌ بشمسٍ ولا ريحٍ ولا دَلْك ولا استحالةٍ)، قال في الإنصاف: قوله ولا تطهر الأرضُ النجسةُ بشمسٍ ولا ريحٍ ولا بجفافٍ أيضاً، هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وقيل: يطهر في في شرحه، وصاحب الحاوي الكبير، والفائق والشيخ تقي الدين وغيرهم، قال في الاختيارات: وإذا تنجَّس ما يضره الغسل كثياب الحرير والوَرَق وغير ذلك في أظهر قولَي العلماء، وتطهُرُ الأجسام الصقيلة كالسيفِ والمرآةِ ونحوِهما إذا تنجَّست بالمسحِ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، في السكين في دم الذبيحة، ويطهر النَّعْلُ بالدَلْكٍ بالأرض إذا أصابه نجاسة، وهو رواية عن =
(1) رواه أبو داود بإسناد ضعيف برقم (247) وانظر إرواء الغليل للألباني رقم (163).
فإن خُلِّلتْ أو تنجَّس دُهْنٌ مائع لم يَطْهُر (*)، وإن خفي موضعُ نجاسةٍ من الثوب أو غيره غُسِلَ حتى يَجْزم بزواله.
ــ
= أحمد، وذيلُ المرأة يطهرُ بمروره على طاهرٍ يُزيل النجاسة، وتطهر النجاسة بالاستحالة -إلى أن قال- وعلى القول: بأن النجاسة، لا تطهر بالاستحالة، فيُعفَى من ذلك عما يَشُقُّ الاحترازُ عنه كالدُّخان والغبار المستحيل من النجاسة كما يعفى عما يشق الاحتراز عنه من طين الشوارع وغبارها، وإن قيل: إنه نجس، فإنه يُعفَى عنه على أصح القولين، ومن قال: إنه نجس ولم يعْف عما يشق الاحتراز عنه، فقوله أضعف الأقوال، وما تطاير من غبار السِّرْجِيُن ونحوه، ولم يمكن التحرز عنه عُفي عنه، وتطهر الأرض النجسة بالشمس والريح إذا لم يَبْقَ أثرُ النجاسة، وهو مذهب أبي حنيفة، لكن لا يجوز التيمم عليها بل تجوز ذلك ولو لم تُغْسَلْ، ويطهر غيرها بالشمس والريح أيضاً، وهو قولٌ في مذهب أحمد، ونص عليه في حبل الغسال وتكفي غلبة الظن بإزالة نجاسة المذي أو غيره، وهو قول في مذهب في المذي، انتهى ملخَّصاً.
(*) قوله: (أو تنجس دهن مائع لم يطهر)، قال في المقنع: ولا تطهر الأدهان المتنجسة، وقال أبو الخطاب: يطهر بالغسل منها ما يتأتى غسله.
قال في المقنع: ومَنِيُّ الآدمي طاهر، وعنه أنه نجس، ويجزئُ فَرْكُ يابسه، وفي رطوبة فرج المرأة روايتان. وسباع البهائم والطير والبغل والحمار الأهلي نجسة، وعنه أنها طاهرة، وسؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر.
قال في الاختيارات: ونقل عن أحمد في جوارح الطير إذا أكلت الجِيَف، فلا يعجبني عَرَقُها، فدلَّ على أنه كرهه؛ لأكلها النجاسة فقط، وهو أولى، ولا فرق في الكراهة بين جوارح الطير وغيرها، وسواء كان يأكل الجيف أم لا، وإذا شك في =
ويطهر بول غلام لم يأكل الطعام بنضحه، ويعفى في غير مائع ومطعوم عن يسير دم نجس من حيوان طاهر، وعن أثر استجمار (بمحله)، ولا ينجس الآدمي بالموت، ولا ما لا نفس له سائلة متولد من طاهر، وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيُّه طاهر، ومنيّ الآدمي ورطوبة فرج المرأة، وسؤر الهرة وما دونها طاهر، وسباع البهائم والطير والحمار الأهلي -والبَغل منه- نجسة.
ــ
= الرَّوْثَة هل هي من رَوْثِ ما يؤكل لحمه أو لا؟ فيه وجهان في مذهب أحمد مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثني وهو الصواب، أو النجاسة إلا ما استثني. وبول ما أكل لحمه وروثه طاهر لم يذهب أحد من الصحابة إلى تنجسه؛ بل القول بنجاسته قول مُحْدَثٌ لا سلف له من الصحابة.
ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد، ولم يقم دليل على نجاسته، وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته، والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح، وهو أحد الروايتين عن أحمد، ويد الصبي إذا أدخلها في الإناء فإنه يكره استعمال الذي فيه، ويُعفى عن يسير النجاسة حتى بعر فأرة نحوها في الأطعمة وغيرها، وهو قول في مذهب أحمد، وإذا أكلت الهرة فأرة ونحوها؛ فإذا طال الفصل طهر فمها بريقها لأجل الحاجة، وهذا أقوى الأقوال، واختاره طائفة من أصحاب أحمد وأبي حنيفة، وكذلك أفواه الأطفال والبهائم والله أعلم.