الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشهادات
تَحمّلُ الشهادات في غير حقِ الله فرضُ كفاية، فإن لم يوجد إلا من يَكْفي تَعيَّن عليه.
وأداؤها فرضُ عينٍ على من تحمَّلها، متى دُعي إليها وقَدَرَ بلا ضَررٍ في بَدَنِه أو عِرْضِه أو مالِه أو أهلِه، وكذا في التحمُّلِ، ولا يحِلُّ كتمانها، ولا أن يشهدَ إلا بما يَعلَمُه برؤيةٍ أو سماعٍ أو استفاضةٍ فيما يتعذَّر عِلمُه غالباً بدونها كنَسَبٍ وموتٍ ومِلْك مطلق، ونكاحٍ ووقفٍ ونحوها (*).
ــ
(*) قال الخرقي: ومن لزمتْه الشهادةُ فعليه أن يقومَ بها على القريبِ والبعيدِ لا يسعُه التخلُّف عن إقامتِها وهو قادرٌ على ذلك.
قال في الاختيارات (1): الشهادةُ سببٌ موجِبٌ للحق، وحيثُ امتنعَ أداءُ الشهادةِ امتنعت كتابتُها في ظاهر كلام أبي العباس والشيخ أبي محمد المقدسي، ولو كان بيد إنسان شيءٌ لا يستحقُّه، ولا يصلُ إلى من يستحقّه بشهادتهم [لم يلزم أداؤها]، وإذا وصل إلى مُستحقِّه بشهادتهم لزم أداؤُها، والطلبُ العُرفي أو مقتضى الحال في طلب الشهادة كاللَّفْظي، عَلِمَها المشهودُ له أو لا، وهو ظاهرُ الخبر، وخبر:"لا يَشْهَدُ ولا يُسْتَشْهَد"(2) محمولٌ على شهادة الزور، وإذا أدَّى الآدميُّ شهادةً قبل الطلبِ قام بالواجب، وكان أفضلَ، كمن عنده أمانةٌ أداها عند الحاجة، والمسألة تُشبه =
(1) ص 606 - 607.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ مقارب من رواية عمران بن حُصين عن النبي صلى الله عليه وسلم (ويشهدون ولا يُسْتَشْهَدون) في: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، من كتاب الشهادات 3/ 224، والإمام أحمد في: المسند 4/ 426، 427، 436، 440، والبيهقي في: باب الوفاء بالنذر، من كتاب النذور، السنن الكبرى 8/ 74.
ومن شَهِدَ بنكاحٍ أو غيره من العُقودِ فلابدَّ من ذِكْرِ شروطه،
…
وإن شهد برضاعٍ أو سرقةٍ أو شُربٍ أو قَذْفٍ، فإنه يصفُه ويصفُ
…
الزِنا بذكرِ الزمان والمكان والمزنِي بها، ويَذكرُ ما يُعتبَر للحُكمِ ويَختلِفُ به في الكُلِّ (*).
ــ
= الخلافَ في الحُكم قبلَ الطلب، وإذا غَلب على ظنِّ الشاهدِ أنه يُمْتَحَنُ فيُدعَى إلى القول المخالفِ للكتابِ والسنةِ أو إلى محرَّم، فلا يسوغُ له أداءُ الشهادةِ وفاقاً، اللهم إلا أن يُظهر قولاً يريد به مصلحةً عظيمةً، ويشهدُ بالاستفاضةِ ولو عن أحدٍ تَسكنُ نفسُه إليه، اختاره الجدُّ. انتهى ملخصاً.
وقال أيضاً: ولا يعتبرُ في أداءِ الشهادةِ [قولُ الشاهد: ] وأن الدَّينَ باقٍ في ذمةِ الغريم إلى الآن بل يَحكمُ الحاكمُ باستصحابِ الحال إذا ثبتَ عنده سبقُ الحقِ إجماعاً.
فائدة: قال في المقنع: وإذا مات رجلٌ فادَّعى آخرُ أنه وارثُه، فشهدَ له شاهدان أنه وارثُه لا يعلمان له وارثاً سواه يسلَّم المالُ إليه، سواء كانا من أهلِ الخبرةِ الباطنةِ أو لم يكونا، وإن قالا: لا نعرفُ غيرَه في هذا البلدِ احْتَمَلَ أن يُسلَّمَ المالُ إليه، واحتملَ أن لا يسلَّمَ إليه، حتى يَسْتَكْشِفَ القاضي عن خبرِه في البلدانِ التي سافر إليها اهـ.
(*) قوله: (ويذكرُ ما يُعتبر للحُكم ويختلفُ به في الكُلِّ) قال في الاختيارات: ويُعَرِّضُ في الشهادةِ إذا خافَ الشاهدُ من إظهارِ الباطنِ ظلمَ المشهودِ عليه، وكذلك التعرضُ في الحُكْمِ إذا خاف الحاكمُ من إظهارِ الأمرِ وقوعَ الظلمِ، وكذلك التعريضُ في الفَتْوَى، والروايةُ كاليمينِ وأَوْلَى، إذ اليمينُ خَبَرٌ وزيادةٌ اهـ.