الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصوم
يجب صومُ رمضانَ برؤيةِ هلالهِ، فإنْ لم يُرَ مع صَحْوِ ليلةِ الثلاثين أصبحوا مُفطرين، وإن حال دونه غيمٌ أو قَتَرٌ (*) فظاهرُ المذهب يجبُ صومُه، وإن رُؤي نهاراً فهو لِلَّيلةِ المقبلةِ، وإذا رآه أهلُ بلدٍ لزم الناسَ كلَّهم الصومُ (*).
ــ
(*) قوله: (وإن حالَ دونه غَيْم أو قتر) فظاهرُ المذهب يجبُ صومهُ، قال في المقنع: وعنه: لا يجبُ، وعنه: الناسُ تَبَعٌ للإمام، قال الحافظ بن حجر على قوله صلى الله عليه وسلم:(إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا؛ فإن غُمَّ عليكم فاقْدروا له)، وفي رواية:(لا تصوموا حتى تروا الهلال)(1)، وهو ظاهرٌ في النهي عن ابتداء صومِ رمضانَ قبلَ رؤيةِ الهلالِ فيدخل فيه صورةُ الغَيْمِ وغيرها، ولو وقع الاقتصار على هذه الجُملة لكفى ذلك لمن تَمَسَّك به؛ لكن اللفظ الذي رواه أكثرُ الرواةِ أوقع للمخالف شبهةً، وهو قولهُ:(فإن غُمَّ عليكم فاقْدرُوا له)، فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين حُكْم الصَّحْوِ والغَيْمِ فيكون التعليقُ على الرؤيةِ متعلقاً بالصَّحْو، وأما الغيمُ فله حُكم آخر، ويحتمل أن لا تَفْرقة، ويكون الثاني مؤكِّداً للأول، وإلى الأول ذهب أكثرُ الحنابلة، وإلى الثاني ذهب الجمهورُ، فقالوا: المرادُ بقوله: فاقدروا له أي انظروا في الشهر، واحسبوا تمام الثلاثين، ويُرَجِّحُ هذا التأويلَ الرواياتُ الأخرى المُصَرِّحةُ بالمراد من قوله:(فأكملوا العِدَّةَ ثلاثين) ونحوها وأَوْلَى ما فَسَّر الحديثَ الحديثُ انتهى.
(*) قوله: (وإذا رآه أهلُ بلد لزم الناسَ كلُّهم الصومُ). قال في الشرح الكبير: هذا قولُ الليث وبعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: إن كان بين البلدين مسافةٌ قريبةٌ لا تختلف المَطالعُ لأجلها كبغدادَ والبصرةَ لزم أهلَها الصومُ برؤية الهلال في =
(1) أخرجه البخاري في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1907)، ومسلم في باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (1080).
ويُصام برؤيةِ عَدْلٍ ولو أنثى (*)، فإن صاموا بشهادةِ واحدٍ ثلاثينَ يوماً فلم يُرَ الهلالُ، أو صاموا لأجل غَيْمٍ لم يُفطروا، ومن رأى وحدَه هلالَ رمضانَ وَرُدَّ قولُه، أو رأى هلالَ شوال صام، ويَلْزم الصومُ لكل مسلمٍ مكلَّفٍ قادرٍ، وإذا قامتْ البينةُ في أثناء النهار وجبَ الإمساكُ والقضاءُ على كل من صار (في أثنائه) أهلاً لوجوبه، وكذا حائضٌ ونفساءُ طَهُرَتَا ومسافرٌ قَدِم مُفطراً، ومن أفطر لِكِبَرٍ أو مرض لا يُرجى بُرْؤُه أَطْعم لكلِ يومٍ مسكيناً، ويسنُّ لمريضٍ يضرُّه، ولمسافرٍ يَقْصرُ، وإن نوى حاضرٌ صومَ يومٍ ثم سافر في أثنائه فله الفِطْرُ وإن أفطرتْ حاملٌ أو مُرْضعٌ خوفاً على أنفسهما قضتاه فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا لكل يوم مسكيناً، ومن نوى الصومَ ثم جُنَّ أو أُغْمي عليه جميعَ النَّهار ولم يُفِقْ جُزءاً منه لم يَصِحَّ صومُه، لا إن نام جميعَ النهار، ويَلْزَمُ المُغْمَى عليه القضاءُ فقط.
ــ
= أحدهما وإن كان بينهما بُعْدٌ كالحجاز والعراق والشام، فلكلِّ أهلِ بلدٍ رؤيتُهم، وهو مذهب القاسم في الاختيارات: تختلف المَطَالعُ باتفاق أهل المعرفة بهذا فإن اتفقتْ لزم الصومُ وإلا فلا، وهو الأصحُّ للشافعية، وقولٌ في مذهب أحمد، قال الحافظ ابن حجر: وقد أجمعوا على أنها لا تُراعَى الرؤيةُ فيما بَعُدَ من بلاد كخراسان والأندلس.
(*) قوله: (ويصام برؤية عدلٍ ولو أنثى). قال في الفروع: وفي الكافي يُقبَل العبدُ وفي المرأة وجهان، أحدهما: يُقبل لأنه خَبَر، والثاني: لا؛ لأن طَرِيقَهُ الشهادةُ، ولهذا لا يُقبل فيه شاهدُ الفَرْعِ مع إمكانِ شاهدِ الأصل.
ويجب تعيينُ النية من الليل لصومِ كلِّ يومٍ واجبٍ (*) لا نية الفريضة، ويصح النفلُ بنيةٍ من النهار قبلَ الزوال وبعدَه، ولو نوى: إن كان غداً من رمضان فهو فَرْضي لم يُجزئه، ومن نوى الإفطارَ أَفْطر (*).
ــ
(*) قوله: (ويجب تعيينُ النية من الليل لصوم كلِّ يومٍ واجبٍ)، وعنه لا يجب تعيين النية لرمضان، لأن التعيين يجزئ عن نية الفرضية، قال في الاختيارات: ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى.
(*) قوله: (ومن نوى الإفطار أفطر)، قال في الفروع: نصَّ عليه وفاقاً للشافعي ومالك، وعند ابن حامد وبعض المالكية وبعض الشافعية لا يبطل صومُه كالحج، وقولنا:(أفطر) أي صار كمن لم يَنْوِ لا كمن أكل فلو كان في نفل ثم عاد جاز. نصَّ عليه ا. هـ. ملخصاً.