الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب موانع الشهادة وعدد الشهود
لا تُقْبَلُ شهادةُ عَمُودَي النَّسَبِ بعضِهم لبعضٍ، ولا شهادةُ أحدِ الزوجين لصاحِبه، وتُقْبَلُ عليهم، ولا من يَجُرُّ إلى نفسِه نفعاً، أو يَدفعُ عنها ضرراً، ولا عدوّ على عدوِّهِ (*)، كمن شَهِدَ على من قَذَفَهُ، أو قَطَعَ الطريقَ عليه، ومن سرَّه مَسَاءًةَ شخصٍ، أو غمَّهُ فرحُهُ فهو عدوُّه.
ــ
= عِلْمِه بالحالِ، أو تَكرَّر منه النظرُ إلى الأجنبياتِ، والقعودُ له بلا حجةٍ شرعيةٍ قَدَحَ ذلك في عدالتِه، ولا يستريبُ أحدٌ فيمن صلَّى مُحْدِثاً، أو إلى غير القِبْلَةِ، أو بعدَ الوقتِ، أو بلا قراءةٍ، أنه كبيرةٌ، ويَحْرُمُ اللعبُ بالشِّطْرَنْجِ، وهو قولُ أحمدَ وغيره من العلماء، كما لو كان بِعِوَضٍ، أو تَضَمَّن تَرْكَ واجبٍ، أو فِعْلَ مُحرَّمٍ إجماعاً، وهو شرٌّ من النَّرْدِ، وقاله مالك. ومن ترك الجماعةَ فليس عدلاً، ولو قلنا: هي سُنَّةٌ، إلى أن قال: وتُقبلُ شهادةُ البدويِّ على القَرَوِيِّ في الوصيةِ في السفرِ، وهو أخصُّ من قولِ مَنْ قَبِلَ مُطلَقاً أو مَنَعَ مُطلقاً، وعلَّل القاضي وغيرُه مَنْعَ شهادةِ البَدَويِّ على القَرَوِيِّ، أن العادةَ أن القرويَّ إنما يشهد على أهلِ القريةِ دون أهلِ البادية، قال أبو العباس: فإذا كان البدويُّ قاطناً مع المدَّعين في القرية قُبِلَتْ شهادتُه، لزوال هذا المعنى، فيكون قولاً آخرَ في المسألةِ مفصَّلاً.
وقال أبو العباس (1) في قوم أَجَّروا شيئاً: لا تُقبلُ شهادةُ أحدٍ منهم على المستأجِر، لأنهم وكلاءُ أو أولياءُ اهـ.
(*) قوله: "ولا عدوٌّ على عدوِّه"، هذا قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا تَمْنَعُ العداوةُ الشهادةَ، لأنها لا تُخِلُّ بالعدالةِ فلا تَمْنَعُ الشهادةَ، كالصداقةِ لا تمنعُ الشهادة له. =
(1) الاختيارات الفقهية ص 616.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قال في الفروع: ويعتبرُ كونُها لغير الله مَوْروثةً أو مُكْتَسَبَةً، وفي الترغيبِ ظاهرُه بحيث يعلمُ أن كُلاً منهما يُسَرُّ بِمَسَاءَةِ الآخَرِ، ويَغْتَمُّ بفرحِه، ويَطْلُبُ له الشَرَّ، قال في الفنون: واعتبرتُ الأخلاقَ، فإذا أشدُّها وبالاً على صاحبِه الحسدُ، وقال ابن الجوزي: الإنسانُ مجبولٌ على حُبِّ الترفعِ على جِنْسِه، وإنما يَتَوجَّه الذمُّ إلى من عَمِلَ بمقتضَى التسخُّطِ على القَدَرِ، أو يَنْتَصِبُ لذمِّ المحسودِ، بل ينبغي له أن يَكرَهَ ذلك من نَفْسِه.
قال شيخُنا: عليه أن يستعمل معه الصبرَ والتَّقْوَى، فيَكْرَهُ ذلك من نفسِه ويستعملُ معه ذلك، وذكر عند ذلك قول الحسن: لا يَضُرُّكَ ما لم تُعْدِ به يداً أو لساناً، قال: وكثيرٌ ممن له دِينٌ لا يُعِينُ من ظَلَمَهُ، ولا يقومُ بما يجب من حقِّه، بل إذا ذمَّه أحدٌ لم يوافقْه، ولا يذكرُ محامِدَهُ بل يسكتُ عند مَدْحِه، وهذا عندهم مذنبٌ في تَرْكِ المأمور لا مُعْتَدٍ، وإنما هو مُفَرِّطٌ في عدم القيامِ بحقِّه، وأما من اعتدى بقولٍ أو فعلٍ فذاك يُعاقَبُ، ومن اتَّقَى وصبرَ نفعَهُ اللهُ بتقواه، كما جرى لزينبَ بنتِ جَحْشِ، وفي الحديثِ:(ثلاثٌ لا ينجو منهنَّ أحدٌ: الحسدُ والظَّنُّ والطِّيرَةُ، وسأحدِّثكم بالمَخْرَجِ من ذلك: إذا حَسَدْتَ فلا تَبْغِ، وإذا ظَنَنْتَ فلا تُحقِّقْ، وإذا تَطَيَّرْتَ فامضِ) اهـ.
قال في الاختيارات (1): والواجبُ في العَدوِّ والصديقِ ونحوِهما أنه إنْ عَلِمَ منهما العدالةَ الحقيقيةَ قُبلتْ شهادتُهما، وأما إن كانت عدالتهُما ظاهرةً مع إمكانِ أن يكونَ الباطلُ بخلافِه لم تُقْبَلْ، ويتوجَّه مثلُ هذا في الأبِ ونحوه انتهى.
وقال أيضاً: والعَدْلُ في كل مكانٍ وزمانٍ وطائفةٍ بحسَبِها، فيكون الشهيدُ في كلِّ قومٍ من كان ذا عدلٍ فيهم، وإن كان لو كان في غيرهم لكان عَدْلُه على وجهٍ آخر، وبهذا يمكن الحُكْمُ بين الناسِ، وإلا فلو اعتُبِر في شهودِ كُلِّ طائفةٍ أن لا يَشْهَدَ عليهم إلا من كان قائماً بأداء الواجباتِ وتَرْكِ المُحرَّماتِ - كما كان الصحابةُ - لبَطَلَت الشهاداتُ كلُّها أو غالبُها اهـ.
(1) ص 610 - 615.