الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب حد الزنا
إذا زَنَى المُحْصَنُ رُجِمَ حتى يموتَ، والمُحْصَنُ: مَنْ وَطِئَ امرأتَه المسلمةَ أو الذميةَ في نكاحٍ صحيحٍ وهما بالغانِ عاقلانِ حُرَّانِ، فإن اختلَّ شرطٌ منها في أَحدِهما فلا إِحْصانَ لواحدٍ منهما، وإن زَنَى الحُرُّ غيرُ المُحْصَنِ جُلِدَ مائةَ جَلْدَةٍ وغُرِّبَ عاماً، ولو امرأةً (*)، والرقيقُ خمسينَ جَلْدةً، ولا يُغَرَّبُ، وحَدُّ لُوطِيٍّ كَزَانٍ (*). ولا يجبُ الحَدُّ إلا بثلاثةِ شُروطٍ:
أحدُها: تَغْيِيْبُ حَشَفةٍ أَصْليَّةٍ كلِّها في قُبُلٍ أو دُبُرٍ أَصْلِيَّيْنِ من آدميٍ حَيٍّ حراماً محضاً (*).
ــ
(*) قوله: "ولو امرأةً"، قال في المقنع: وإن زنا الحُرُّ غيرُ المُحْصَنِ جُلِدَ مائةَ جَلْدةٍ وغُرِّبَ عاماً إلى مسافةِ القَصْرِ، وعنه أن المرأةَ تُنْفَى إلى دونِ مسافةِ القَصْرِ، ويَخْرُجُ معها مَحْرَمُها، فإن أرادَ أُجْرةً بذَلَتْ من مالِها فإن تعذَّر فمن بيتِ المالِ، فإن أَبَى الخروجَ معها استُؤْجِرتِ امرأةٌ ثِقَةٌ، فإن تعذَّر نُفِيَتْ بغيرِ مَحْرَمٍ ويَحتَمِلُ أن يَسقُطَ النَّفْيُ اهـ.
قال في الحاشية: لأن تَغْرِيبَها على هذه الحالِ إغراءٌ لها بالفُجورِ، قال في الإنصاف: وهو قوي.
(*) قوله: "وحَدُّ لُوطِيٍّ كَزَانٍ"، قال في المقنع: وحَدُّ اللُّوطِيِّ كحَدِّ الزانِي سواءً، وعنه حَدُّ الرَّجْمِ بكلٍ حالٍ انتهى. قال ابنُ رجب: الصحيحُ قَتْلُ اللُّوطِي سواء كان مُحْصَناً أو غيرَه.
(*) قوله: "تغييبُ حَشَفَةٍ
…
" إلى آخره، يعني لا يجبُ الحَدُّ إلا بذلك، وأما العقوبةُ فهي ثابتةٌ إذا وُجِدَ الرجلُ مع المرأةِ في بيتٍ أو لِحَافٍ أو نحوِ ذلك من الرِّيبَةِ.
الثاني: انتفاءُ الشُّبْهَةِ، فلا يُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَةٍ له فيها شِرْكٌ أو لولدِه، أو وَطْءِ امرأةٍ ظنَّها زوجتَهُ أو سُرِّيتَه، أو في نكاحٍ باطلٍ اعتقدَ صحتَه، أو نكاحٍ أو مِلْكٍ مُخْتلَفٍ فيه ونحوه، أو أُكرهتِ المرأةُ على الزِّنَا.
الثالث: ثبوتُ الزِّنَا، ولا يَثْبُتُ إلا بأحدِ أمرين:
أحدهما: أن يُقِرَّ به أربعَ مراتٍ في مجلسٍ أو مجالسَ، ويُصرِّحَ بِذِكْرِ حقيقةِ الوَطْءِ، ولا يَنْزِعُ عن إِقْرارِهِ حتَّى يَتِمَّ عليه الحدُّ (*).
الثاني: أن يَشْهَدَ عليه في مَجْلِسٍ واحدٍ بِزِنَاً واحدٍ يَصِفُونَه أربعةٌ ممنْ تُقْبَلُ شَهادتُهم فيه، سواء أَتَوا الحاكمَ جُملةً أو مُتفرِّقِينَ، وإن حَمَلَتِ امرأةٌ لا زوجَ لها ولا سيِّد لم تُحَدَّ بُمجرِّدِ ذلك (*).
ــ
(*) قوله: "ولا يَنْزِعُ عن إقرارِه حتى يتمَّ عليه الحَدُّ"، قال في الاختيارات: والعقوباتُ التي تُقامُ من حَدٍّ أو تَعْزيرٍ إذا ثَبتَتْ بالبينةِ، فإذا أَظْهرَ مَنْ وجبَ عليه الحَدُّ التوبةَ لم يوثَقْ منه بها فيقامُ عليه، وإن كان تائباً في الباطنِ كان الحَدُّ مُكفِّراً وكان مأجوراً على صَبْرِهِ، وإن جاء تائباً بنفسِه فاعترفَ فلا يُقامُ في ظاهرِ مذهبِ أحمدَ، ونصَّ عليه في غيرِ موضعٍ، كما جزمَ به الأصحابُ وغيرُهم في المُحارَبِينَ، وإن شَهِدَ على نفسِه كما شهدَ به ماعزٌ (1) والغامِدِيَّةُ، واختارَ إقامةَ الحَدِّ عليه أُقيمَ، وإلا لا، انتهى.
(*) قوله: "وإن حَمَلَتْ امرأةٌ لا زوجَ لها ولا سيِّدَ لم تُحَدَّ بمجردِ ذلك"، وعنه أنها تُحَدُّ إذا لم تَدَّعِ شُبهةً، اختاره الشيخ تقي الدين، وقال مالك عليها الحَدُّ إذا كانتْ مُقيمةً غيرَ غريبةٍ إلا أن تَظْهَرَ أماراتُ الإكراهِ.
(1) حديث ماعز روي من غير ما طريقٍ وحديثٍ، فرواه أبو هريرة، وجابر بن عبدالله، وجابر بن سمرة، وعبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري، وانظر إرواء الغليل الأرقام (2322، 2333).