الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة التطوع
آكَدُها كسوفٌ ثم استسقاءٌ ثم تراويحٌ، ثم وترٌ يُفْعَلُ بين العشاءِ والفجرِ، وأقلُّه ركعةٌ، وأكثرُه إحدى عشرةَ مَثْنى مَثْنى، ويوتر بواحدةٍ، وإن أوترَ بخمسٍ أوسبعٍ لم في آخرها، وبتسعٍ يجلسُ عَقِبَ الثامنةِ ويَتشهَّدُ ولا يُسَلِّم (*) ثم يُصلي التاسعةَ ويتشهَّدُ ويسلِّمُ، وأدنى الكمالِ
ــ
(*) قوله: (وبتسعٍ يجلسُ عَقِبَ الثامنةِ ويتشهدُ ولا يُسلم) قال في الإنصاف: هذا المذهبُ، وهو من المفردات، وقيل: كإحدى عشرة، فيسلِّمُ من كلِّ ركعتينِ، قال في الاختيارات: ويجبُ الوترُ على من يتهجَّدُ بالليلِ، وهو مذهبُ بعضِ مَنْ يوجبُه مطلقاً ويُخيَّر في الوترِ بين فَصْلِهِ ووَصْلِهِ، وفي دعائِه بين فِعْلِهِ وتَرْكِهِ، والوتر لا يُقْضَى إذا فات لفواتِ المقصودِ منه بَفَوات وقتِه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ولا يَقْنُتُ في غيرِ الوترِ إلا أن تَنْزِلَ بالمسلمينَ نازلةٌ فيَقْنُتَ كلُّ مُصَلٍّ في جميعِ الصلواتِ لكنه في الفجرِ والمغربِ آكدُ بما يناسبُ تلك النَّازلةِ، وإذا صلَّى قيامَ رمضانَ فإنْ قَنَتَ في جميعِ الشهرِ أو نصفه الأخير أوْ لم يَقْنُتْ بحالٍ فقد أَحْسَن ا. هـ.
قال في الاختيارات: والتراويحُ إن صلاها كمذهبِ أبي حنيفةَ والشافعيِّ وأحمدَ عشرينَ ركعةً، أو كمذهب مالكٍ ستاً وثلاثينَ، أو ثلاثَ عشرة، أو إحدى عشرة، فقد أَحْسنَ كما نَصَّ عليه الإمامُ أحمدُ لعدم التوقيت، فيكون تكثيرُ الركعاتِ وتقليلُها بحسب طُول القيامِ وقَصَرِه، ومن صلَاّها قبلَ العشاء، فقد سَلكَ سبيلَ المبتدعة المخالفين للسُّنةِ، ويقرأُ أوَّلَ ليلةٍ من رمضانَ في العشاءِ الآخرةِ سورةَ القلم؛ لأنها أولُ ما نزل، ونَقَلَهُ إبراهيمُ بنُ محمد الحارث وهو أحسنُ مما نَقَلَهُ غيرُه أنه يَبتدئُ بها التراويحَ ا. هـ.
ثلاث ركعاتٍ بسَلامَيْنِ يَقْرأُ في الأولى بِسَبِّح وفي الثانية بالكافرون وفي الثالثةِ بالإخلاصِ، ويَقْنُتُ فيها بعدَ الركوعِ، فيقول: اللهم اهدني فيمن هديتَ، وعافني
فيمنْ عافيت، وتولَّني فيمنْ تَولَّيتَ، وباركْ لي فيما أعطيتَ، وقني شَرَّ ما قَضَيْتَ، إنك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، إنه لا يَذلُّ مَنْ واليتَ ولا يَعِزُّ من عاديتَ، تباركتَ ربنا وتعاليتَ (1).
اللهم إنِّي أعوذُ برِضاك من سَخَطِكَ، وبِمُعافاتِكَ من عُقوبتِكَ، وبِكَ مِنْكَ، لا أحْصِي ثناءً عليكَ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِك (2)، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ ويَمْسحُ وجهه بيديه، ويُكْرَه قنوتُه في غيرِ الوترِ، إلا أن تنزلَ بالمسلمينَ نازلةٌ غير الطاعونِ، في الفرائض.
والتراويحُ عشرونَ ركعةً، تُفعلُ في جماعةٍ مع الوترِ بعد العشاءِ في رمضانَ، ويُوتِرُ المُتَهَجِّدُ بعدَه، فإنْ تَبِعَ إمامَهُ شَفَعهُ بركعةٍ، ويُكرهُ التنفُّلُ بينها لا التعقيب بعدها في جماعة.
ثم السننُ الراتبةُ: ركعتانِ قبلَ الظُّهرِ، وركعتانِ بعدَها، وركعتانِ بعدَ المغربِ، وركعتانِ بعدَ العشاءِ، وركعتانِ قبل الفجرِ، وهما آكدُها، ومن فاتَهُ شيءٌ منها سُنَّ له قضاؤُه.
وصلاةُ الليلِ من صلاة النَّهارِ وأفضلُها ثلثُ اللَّيلِ بعدَ نِصْفِه،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1) أخرجه أبو داود في في الوتر، من كتاب الوتر 1/ 329. والترمذي في القنوت في الوتر، من أبواب الوتر 2/ 328 برقم (464)، وابن ماجه في باب ما جاء في القنوت في الوتر من كتاب إقامة الصلاة 1/ 372 برقم (1178).
(2)
أخرجه ابن ماجه في باب ما جاء في القنوت في الوتر من كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها 1/ 373 برقم (1179)، في باب القنوت في الوتر من كتاب الوتر 1/ 329.
وصلاةُ ليلٍ ونهارٍ مثنى مثنى، وإن تطوع في النهار بأربعٍ كالظهرِ فلا بأسَ (*)، وأَجْرُ صلاةِ قاعدٍ على نِصْفِ أَجْرِ صلاةِ قائمٍ، وتسنُّ صلاةُ الضُّحى، وأقلُّها ركعتانِ، وأكثرُها ثَمَانٌ، ووقتُها من خروجِ وقتِ النَّهيِ إلى قُبيلَ الزوال.
وسجودُ التلاوةِ صلاةٌ (*)، يُسَنُّ للقارئِ والمستمعِ دون السامعِ، وإن لم يَسْجُد القارئ لمْ يَسْجُدْ وهو أربَعَ عشرةَ سجدةً (*)، في الحجِّ منها اثنتانِ،
ــ
(*) قوله: (وإن تطوعَ في النهار بأربعٍ في الشرح الكبير: قال بعضُ في النهارِ على أربعٍ، وهذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقي، وقال القاضي: يجوزُ ويُكْرَهُ، ولنا أنَّ الأحكامَ إنما تُتلَقَّى من الشارعِ، ولم يَرِدْ شيءٌ من ذلك والله أعلم. ا. هـ.
(*) قوله: (وسجودُ التلاوةِ صلاةٌ) قال في الاختيارات: قال أبو العباس: والذي تَبينَ لي أن سجودَ التلاوةِ واجبٌ مطلقاً في الصلاة وغيرها، وهو روايةٌ عن أحمدَ، ومذهبُ طائفةٍ من العلماءِ، ولا يُشرعُ فيه تحريمٌ ولا تحليلٌ، هذا هو السنةُ المعروفةُ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعليها عامةُ السلفِ، وعلى هذا فليس هو صلاةً، فلا يُشتَرُط له شروطُ الصلاةِ بل يجوزُ على غيرِ طهارةٍ، واختارها البخاريُّ لكنَّ التجردَ بشروطِ الصلاةِ أفضلُ، ولا ينبغي أن يُخِلَّ بذلك إلا لعذرٍ، فالسجودُ بلا طهارةٍ خيرٌ من الإخلال به، ولكنْ يقالُ: إنه لا يجبُ -في هذا الحال كما لا يجبُ على السامعِ إذا لم يسجدْ قارئٌ- السجودُ، وإن كان ذلك السجودُ جائزاً عند جمهورِ العلماء ا. هـ.
وقال الشَّعبيُّ فيمنْ سمعَ السجدةَ على غيرِ وضوءٍ يَسْجدُ حيثُ كان وَجْهُه.
(*) قوله: (وهو أربَعَ عشرةَ سجدةً) هو المشهورُ من المذهبِ، وعنه أنَّ السجداتِ خمسَ عشرةَ منها سجدةُ (ص).
ويُكّبِّرُ إذا سجدَ وإذا رَفَعَ، ويجلسُ ويُسلِّمُ ولا يتشهَّدُ، ويُكره للإمام قراءةُ سجدةٍ في صلاةِ سِرٍّ وسجودُه فيها (*)، ويَلْزَمُ المأمومُ متابعتُه في غيرها (*)، ويستحبُّ سجودُ الشكرِ عند تَجَدُّدِ النِّعمِ واندفاعِ النِّقمِ، وتَبْطُلُ به صلاةُ غيرِ جاهلٍ وناسٍ.
وأوقاتُ النهيِ خمسةٌ: من طلوعِ الفجرِ الثاني إلى ومن طُلوعِها حتى ترتفعَ قِيْدَ رمح، وعندَ قيامِها حتى تَزُولَ، ومن صلاةِ العصرِ
ــ
(*) قوله: (ويُكره للإمام قِراءةُ سجدةٍ في صلاةِ سرٍ وسجودُه فيها)، قال في الشرح الكبير: قال بعضُ أصحابِنا يكره للإمامِ قراءةُ السجدةِ في صلاةِ السرِّ، فإنْ قرأَ لم يَسْجدوا. قال أبو حنيفةَ لأنَّ فيها إيهاماً على المأموم، وقال الشافعيُّ لا يُكره لِمَا رُوي عن ابنِ عُمَرَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سجدَ في الظهرِ ثم قامَ فركعَ فرأى أصحابَه أَنَّه قرأَ سورةَ السجدةِ. رواه أبو داود (1)، وقال شيخُنا: واتِّباعُ سنةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى ا. هـ.
(*) قوله: (ويلزمُ المأمومُ متابعتُه في غيْرِها)، قال في الشرح الكبير: كذلك قال بعض أصحابنا؛ لأنه ليس بمسنونٍ للإمامِ، ولم يوجدْ الاستماعُ المُقْتَضِي للسُّجود، قال شيخُنا: والأَوْلَى السجودُ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤْتَمَّ به فإذا سَجَدَ فاسْجُدُوا)(2) ا. هـ.
(1) في باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، من كتاب الصلاة 1/ 186.
(2)
أخرجه البخاري في باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، من كتاب الصلاة، وفي باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به 1/ 106، 176، في باب ائتمام المأموم بالإمام 1/ 308 وباب النهي عن مبادرة الإمام بالتكبير، من كتاب الصلاة 1/ 311.
إلى غُروبِها، وإذا شرعتَ فيه حتى تتمَّ، ويجوزُ قضاءُ الفرائضِ فيها، وفي الأوقاتِ الثلاثةِ فعلُ ركعتي طوافٍ وإعادةُ جماعةٍ (*)، ويَحْرمُ تَطَوُّعٌ بغيرِها في شيءٍ من الأوقات الخمسة، حتى ما له سبب (*).
ــ
(*) قوله: (وفي الأوقاتِ الثلاثةِ فعلُ ركعتي طوافِ وإعادةُ جماعة)، قال في المقنع: وتجوزُ صلاةُ الجنازةِ وركعتا الطوافِ وإعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجدِ بعد الفجرِ والعصرِ، وهل يجوز في الثلاثة الباقية؟ على روايتين.
قال ابنُ المنذر: إجماعُ المسلمينَ في الصلاةِ على الجنازةِ بعد العصرِ والصبحِ، في الأوقاتِ الثلاثةِ التي في حديث عُقْبَةَ (1) فلا يجوزُ، قال في الشرح الكبير: وتجوزُ ركعتا الطوافِ بعده في هذين الوقتين، وهل في الثلاثة الباقية؟ فيه روايتان إحداهما يجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف هذا البيتَ وصلَّى أيَّةَ ساعةٍ شاءَ من ليلٍ أو نهارٍ)، وهو مذهبُ الشافعيِّ وأبي ثَوْرٍ، والثانيةُ: لا يجوزُ لحديثِ عُقْبَة.
(*) قوله: (ويَحْرُمُ تطوعٌ بغيرها في شيءٍ من الأوقاتِ حتى ما له سببٌ) قال في المقنع: ولا يجوزُ التطوعُ بغيرها في شيءٍ من هذه الأوقاتِ الخمسةِ إلا ما له سببٌ، كتحيةِ المسجدِ، وسجودِ التلاوةِ، وصلاةِ الكسوفِ، وقضاءِ السُّنَّةِ الراتبة، فإنها على روايتين. قال في الشرح الكبير: المنصوصُ عن أحمد رحمه الله في الوتر أنه يفعلُ بعد طلوعِ الفجرِ قبلَ الصلاةِ لحديثِ: (من نامَ عن الوترِ فَلْيصلِّه إذا أصبح)، فأما سجودُ التلاوة وصلاةُ الكسوفِ وتحيةُ المسجدِ فالمشهورُ في المذهبِ أنه لا يجوزُ فعلُها في شيءٍ من أَوقاتِ النَّهيِ، وكذلك قضاءُ السُّننِ الراتبةِ في الأوقاتِ الثلاثةِ المذكورةِ في حديثِ عُقْبَة، انتهى ملخصاً.
قال في الاختيارات: ولا نَهْيَ بعدَ طلوعِ الشمسِ إلى زوالِها يوم الجمعةِ، وهو قولُ الشافعيِّ وتُقْضَى السننُ الراتبةُ، ويُفعلُ ما لهُ سببٌ، ويُفعلُ ما له سبب في أوقاتِ النَّهيِ، وهي إحدى الروايتين عن أحمدَ، واختيارُ جماعةٍ من أصحابِنا وغيرِهم.
(1) حديث عبقة "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلّي فيهنَّ وأن نَقْبُرَ فيهن موتانا" الخ. الحديث أخرجه مسلم في باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، من كتاب صلاة المسافرين 1/ 568، 569، وأبوداود في باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها، من كتاب الجنائز 2/ 185.