الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
شروطُ مَنْ تُقبل شهادتُه ستةٌ: البلوغُ، فلا تُقبلُ شهادةُ الصِّبيانِ. الثاني: العقلُ، فلا تُقبلُ شهادةُ مجنونٍ ولا مَعْتوهٍ، وتُقبلُ ممن يُخْنَقُ أحياناً في حالِ إفاقتِه. الثالث: الكلامُ، فلا تُقبلُ شهادةُ الأخرسِ، ولو فُهِمَتْ إشارتُه إلا إذا أدَّاها بخطِّه. الرابع: الإسلامُ. الخامس: الحِفْظُ. السادس: العدالةُ ويُعتبَر لها شيئان: الصلاحُ في الدِّين، وهو أداءُ الفرائضِ بسُننها الراتبةِ، واجتنابُ المحارمِ، بأن لا يأتيَ كبيرةً ولا يُدمن على صغيرةٍ، فلا تقبلُ شهادةُ فاسقٍ. الثاني: استعمالُ المروءةِ، وهو فعلُ ما يُجمِّله ويزينُه، واجتنابُ ما يدنِّسُه ويَشِيْنُه. ومتى زالتِ الموانعُ، فبلغَ الصبيُّ وعَقَلَ المجنونُ وأسلم الكافرُ وتاب الفاسقُ، قُبلتْ شهادتُهم (*).
ــ
(*) قال في المقنع: ولا يُعتَبرُ في الشهادةِ الحريةُ، بل تجوز شهادةُ العبدِ في كلِّ شيءٍ إلا في الحدودِ والقِصَاصِ على إحدى الروايتين، وتقبلُ شهادةُ الأَمَةِ فيما تجوزُ فيه شهادةُ النساءِ، وتجوز شهادةُ الأصمِّ على ما يراه وعلى المسموعاتِ التي كانت قبل صَمَمِهِ، وتجوز شهادةُ الأعمى في المسموعاتِ إذا تيقَّن الصوتَ وبالاستفاضةِ، وتجوز في المرئياتِ التي تَحمَّلها قبل العَمَى، إذا عَرَفَ الفاعلَ باسمِه ونسبِه.
قال في الاختيارات (1): وله أصولٌ منها: قبولُ شهادةِ أهلِ الذمَّةِ في الوَصيَّةِ، وشهادةُ النساءِ فيما لا يَطَّلِعُ عليه الرجالُ، وشهادةُ الصِّبيانِ فيما لا يطَّلعُ عليه الرجالُ، ويَظهرُ ذلك بالمحتضر في السفر إذا حَضَره اثنانِ كافرانِ واثنانِ مسلمانِ يَصْدُقَانِ وليسا بملازمين للحُدودِ، أو اثنان مُبْتَدِعانِ، فهذان خيرٌ من الكافَرين، إلى =
(1) ص 610، 611، 613، 614، 615.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أن قال: وتُقبلُ شهادةُ الكافرِ على المسلم في الوصيَّةِ في السفر إذا لم يوجد غيرُه، وهو مذهبُ أحمد، ولا تُعتَبرُ عدالتُهم في دِينهم، وصرَّح به القاضي، واستحلافُهم حقٌّ للمشهود عليه، فإن شاء حَلَّفهم، وإن شاء لم يُحلِّفْهم بسبب حقِّ الله، ولو حَكَمَ حاكمٌ بخلافِ آيةِ الوصَّيةِ يُنقَضُ حُكمُه، فإنه خالفَ نصَّ الكتابِ بتأويلاتٍ سَمِجَةٍ. وقول أحمد: أَقْبَلُ شهادةَ أهلِ الذمةِ إذا كانوا في سَفَرٍ ليس فيه غيرُهم، هذه ضرورةٌ يقتضي هذا التعليلُ قبولها في كل ضرورةٍ حَضَراً وسَفَراً، وصيةً وغيرَها، وهو مُتَّجِهٌ، كما تقبلُ شهادةُ النساءِ في الحدودِ إذا اجتمعْنَ في العُرْسِ والحمَّامِ، ونصَّ عليه أحمدُ في روايةِ بكرِ بنِ محمدٍ عن أبيه، إلى أن قال: وإذا قبلنا شهادةَ الكفارِ في الوصيَّةِ في السفرِ، فلا يُعتبَرُ كونُهم من أهل الكتابِ، وهو ظاهرُ القرآنِ، وتقبلُ شهادةُ أهلِ الذمةِ بعضِهم على بعضٍ، وهو رواية عن أحمدَ اختارها أبو الخطابِ في انتصاره، ومذهبُ أبي حنيفة وجماعةٍ من العلماء، ولو قيل: إنهم يَحلِفُون مع شهادةِ بعضِهم على بعض كما يَحلِفُون في شهادتِهم على المسلمين في وصية السفر لكان متوجِّهاً. اهـ.
قال في الاختيارات (1): والشروط التي في القرآن إنما هي في استشهاد التحمُّل لا الأداء، وينبغي أن نقولَ في الشهود ما نقولُ في المحدِّثين، وهو أنه من الشهودِ مَنْ تقبلُ شهادتُه في نوعٍ دون نوعٍ، أو شخصٍ دون شخصٍ، كما أن المحدِّّثين كذلك، ونبأُ الفاسقِ ليس بمردودٍ، بل هو موجِبٌ للتبيُّنِ عند خَبَرِ الفاسقِ الواحد، أما إذا علم أنهما لم يتواطآ، فهذا قد يَحْصُلُ [به] العلم، وتُرَدُّ الشهادةُ بالكِذْبَةِ الواحدةِ، وإن لم نَقُلْ: هي كبيرةٌ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، ومن شهد على إقرارِ كذبٍ مع =
(1) ص 611، 612، 615.