الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب كتاب القاضي إلى القاضي
يُقْبَلُ كتابُ القَاضِي إلى القَاضِي في كُلِّ حقٍّ حتى القَذْفِ، لا في حُدودِ اللهِ كَحَدِّ الزِّنَا ونحوهِ، ويُقْبَلُ فيما حَكَمَ به ليُنْفِذَهُ وإن كانا في بلدٍ واحدٍ، ولا يُقْبَلُ فيما ثَبَتَ عنده لِيَحْكُمَ به إلا أن يَكونَ بينَهما مسافةُ القَصْرِ (*).
ــ
(*) قال في الاختيارات (1): ويُقْبَلُ كتابُ القاضِي إلى القاضِي في الحُدودِ والقِصَاصِ، وهو قولُ مالكٍ وأبي ثَوْرٍ في الحدود، وقولُ مالكٍ والشافعيِّ وأبي ثَوْرِ، وروايةٌ عن أحمدَ في القِصَاصِ، والمَحْكُومُ إذا كان عَيْنَاً في بلدِ الحاكمِ فإنه يُسْلِمُه إلى المُدَّعِي، ولا حاجةَ إلى كتابٍ، وأما إن كان دَيْناً أو عَيْناً في بلد أخرى، فهنا يقف على الكِتَاب، وهاهنا ثلاث مسائل متداخلات: مسألةُ إحضارِ الخَصْم إذا كان غائباً، ومسألةُ الحكم على الغائب، ومسألة كتاب القاضي إلى القاضي، ولو قيل إنما نَحكُم على الغائب إذا كان المحكومُ به حاضراً -لأن فيه فائدة، وهي تسلُّمُه، وأمَّا إذا كان المحكومُ به غائباً: فينبغي أن يُكاتِبَ الحاكمُ بما يثبتُ عنده من شهادةِ الشهود، حتى يكون الحكمُ في بلد التسليم- لكان متوجهاً، وهل يُقبلُ كتابُ القاضِي [إلى القاضِي] بالثبوتِ أو الحُكْمُ من حاكمٍ غيرِ معيَّن، مثل أن يشهد شاهدان: أن حاكماً نافذَ الحُكْمِ حَكَمَ بكذا وكذا؟ القياس أنه لا يُقْبَل، بخلاف ما إذا كان المكاتِبُ معروفاً، لأن مراسلةَ الحاكم ومكاتَبَتَهُ بمنزلةِ شهادةِ الأصولِ للفروعِ، وهذا لا يُقبل في الحُكْمِ والشهاداتِ، وإن قُبل في الفتاوى والإخبارات. =
(1) ص (595 - 597).
ويجوز أن يكتب إلى قاضٍ مُعَيَّنٍ، وإلى كلِّ من يَصِلُ إليه كتابُه من قُضَاةِ المسلمين، ولا يُقبل إلا أن يُشْهِدَ به [القاضي] الكاتبُ شاهِدَيْن يُحضرهما فيقرأه عليهما، ثم يقول: اشهدا أن هذا كتابي إلى فلان ابن فلان ثم يدفعُه إليهما (*).
ــ
= وقد ذكر صاحب المحرَّر ما ذكره القاضي [من] أن الخصمين إذا أَقرَّا بحُكمِ حاكمٍ عليهما، خُيِّر الثاني بين الإمضاءِ والاستئناف، لأن ذلك بمنزلةِ قول الخَصْمِ: شَهِدَ [عليَّ] شاهدانِ ذوا عدلِ، فهنا يُقال بالتخييرِ أيضاً، ومن عَرفَ خَطَّه بإقرارٍ أو إنشاءٍ أو عَقْدٍ أو شهادةٍ عَمِلَ به كالميِّتِ، فإنْ حَضَر وأنكرَ مضمونَه فكاعترافه بالصوتِ وإنكارِ مضمونِه، وللحاكم أن يكتب للمُدَّعَى عليه إذا ثبتتْ براءتُه محضراً بذلك إن تضرر بتركه، وللمحكومِ عليه أن يطالِبَ الحاكمَ عليه بتَسْميةِ البيِّنةِ، ليتمكَّنَ من القَدْحِ فيها باتِّفاق اهـ.
(*) قوله: "ولا يُقبل إلا أن يُشْهِدَ به القاضي الكاتبُ شاهِدَيْنِ" إلى آخره.
قال ابنُ القيِّم في الهدي على قصَّة الأنصارِ مع يهودِ خَيْبر: وقد تضمَّنَتْ هذه الحكومةُ أموراً، منها الحُكْمُ بالقَسَامَةِ، وأنها من دِينِ الله وشَرْعِه، إلى أن قال: ومنها أن المدعَّى عليه إذا بَعُدَ عن مجلسِ الحُكم كَتَبَ ولم يُشْخِصْه، ومنهاجوازُ العملِ والحُكم بكتاب القاضي وإن لم يشهدْ عليه، ومنها القضاءُ على الغائب انتهى.
وقال الحافظ بن حجر: وفيه التأنيسُ والتسليةُ لأولياء المقتول؛ لا أنه حُكمٌ على الغائبين، لأنه لم يتقدم صورة دَعْوَى على غائب، وإنما وقع الإخبارُ بما وقع فذكر لهم قصةَ الحكم على التقديرين، ومن ثَمَّ كتبَ إلى اليهودِ بعد أن دار =