الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الجماعة
تلزم الرجال للصلواتِ الخمس، لا شرطٌ، وله في بيته (*)، وتُستحب صلاةُ أهلِ في مسجدٍ واحدٍ، والأفضلُ لغيِرهم في المسجدِ الذي لا تقامُ فيه الجماعةُ إلا بحضورِه، ثم ما كان أكثر جماعةً، ثم المسجدُ
ــ
(*) قوله: (وله فعلُها في بيته) أي جماعةً في بعضِ الأحيانِ، وعنه أنَّ حضورَ المسجدِ واجبٌ على القريبِ منه؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا صلاة لجار في المسجد) وعن أبي هريرة قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ أعمى فقال يا رسول اللهِ ليس لي قائدٌ يقودُني إلى المسجدِ فسألَهُ أن يُرخِّصَ له أن يُصَلِّيَ في بيتهِ فرخَّصَ له. فلمّا ولَّى دعاه فقال: (أتسمعُ النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فغيرُه فأَجِبْ) رواه مسلم (1). وإذا لم يُرَخِّصْ للأعمى الذي لا قائدَ له فغيرُه أَوْلَى. قال في الاختيارات: والجماعةُ شرطٌ للصلاةِ المكتوبَةِ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ولو لم في مِلْكِ غيرِه فعل. فإذا صلَّى وحدَه لغيرِ عذرٍ لم تصحَّ صلاتُه. وفي الفتاوى المِصْريةِ: وإذا قلنا هي واجبةٌ على الأعيانِ وهو المنصوصُ عن أحمدَ وغيرِه من أئمةِ السَّلَفِ وفقهاءِ الحديث، فهؤلاءِ تنازعُوا فيما إذا صلَّى منفردا يُغْشِي عذر هل تصحُّ صلاته؟ على قولين: أحدهما لا تصحُّ، وهو قول طائفةٍ من قدماءِ أصحابِ أحمدَ (والثاني) تصحُّ مع إثمه بالتَّرْكِ، وهو المأثورُ عن أحمدَ وقول أكثرِ أصحابِه.
(1) في باب يجب إتيان على من سمع النداء، من كتاب المساجد 1/ 452.
العتيقُ، وأبعدُ أولى من أَقْرب (*)، ويَحْرُمُ أنْ يَؤُمَّ في مسجدٍ قبل إِمَامِهِ الراتبِ إلا بإذنِه أو عذره، ومن صلَّى ثم أُقيمَ فرضٌ سُنَّ له أَنْ يُعيدَها، إلا المغربَ (*)،
ــ
(*) قوله: (وأبعدُ أَوْلَى من أَقْرب). قال في المُقنع: وهل الأَوْلى قَصْدُ الأبعدِ أو الأقربِ؟ على روايتين. قال في الشرح الكبير: (إحداهما) قَصْدُ الأَبْعَدِ أَفْضَلُ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (أعظمُ الناس أجراً في الصلاةِ أَبْعَدَهُمْ فَأَبْعَدُهمْ مَمْشَى)(1)(والثانية) قَصْدُ الأَقْربِ، لأنَّ له جِواراً فكانَ أحقَّ بصلاتِه، ولقوله عليه السلام:(لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في المسجدِ)(2) ا. هـ. قلت: يختلف ذلك باختلافِ المقاصدِ والنياتِ والمصالحِ والمفاسدِ.
(*) قوله: (ومن صلَّى ثم أُقيمَ فرضٌ سُنَّ أن يُعيدَها إلا المغربَ). قال في المقنع: وعنه يعيدُها ويشفعُها قال في الشرح الكبير: فأما المغربُ ففي استحبابِ إعادتِها روايتان (إحداهما): قياساً على سائرِ الصلواتِ (والثاني): لا يُستحَبُّ، حكاها أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ التطوعَ لا يكونُ بوتر. فإن قلنا: تُستحبُ شَفْعَها برابعة، نَصَّ عليه أحمدُ وبه قال الأسودُ بنُ يزيد والزهريُّ والشافعيُّ وإسحاقُ. وعن حُذَيْفَة أنه أعادَ الظهرَ والمغربَ وكان قد صلاهنَّ في جماعة. رواه الأَثْرم.
(1) رواه أبو داود في باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة من كتاب الصلاة 2/ 261 برقم (552)، ورواه ابن ماجه في باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً، من كتاب المساجد والجماعات 1/ 257 برقم (782).
(2)
حديث ضعيف كما في المقاصد الحسنة ص 467، وكذا في إرواء الغليل للألباني في المغني: لا نعرفه إلا من قول عليٍّ في (سننه) وقيل أراد به الكمال والفضيلة فإنَّ الأخبار الصحيحية دالَّةٌ على أن الصلاة في غير المسجد صحيحة جائزة، المغني 3/ 9
ولا تُكره إعادةُ الجماعةِ في غيرِ مَسْجِدَيْ مكةَ والمدينة (*): فَيَقْطَعها، ومَنْ كَبَّر قبلَ سلامِ إمامهِ لحقَ الجماعةَ.
وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، فإنْ كان في نافلةٍ أتمَّها، إلا أنْ يَخْشَى فَواتَ الجماعةِ فَيَقْطَعَهَا، ومن كبَّرَ قَّبْلَ سَلَامِ إِمامِةِ لَحِقَ الجماعةَ، وإن في الركعة وأجزأَتْه التحريمة، ولا قراءةَ على مأموم، وتستحبُّ في إسرارِ إمامِهِ وسكوتِه (*)، وإذا لم يَسْمَعْه لِبُعْدٍ لا لِطَرَشٍ، ويَسْتفتحُ ويتعوذُ فيما يَجْهرُ فيه إمامه.
ــ
(*) قوله: (ولا تكره في غير مسجدي مكة والمدينة). قال في الشرح الكبير: فأما إعادتُها في المسجدِ الحرامِ ومسجدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والمسجدِ الأقصى، فقد روي عن أحمدَ كراهتُه، وذكرَه أصحابُنا، لئلا يَتَوانَى الناسُ في حضورِ الجماعةِ مع الإمامِ في الجماعةِ مع غيرِه، وظاهرُ خبرِ أبي سعيدٍ وأبي أُمَامةَ أنه لا يُكْرَهُ، لأنَّ الظاهرَ أنَّ ذلك كانَ في مسجدِ النبي صلى الله عليه وسلم ولأن المعنى يقتضيه، لأن حصولَ فضيلةِ الجماعةِ فيها كحصولها في غيرِها، والله أعلم. انتهى.
قال في الاختيارات: ولا يعيدُ الصلاةَ مَنْ بالمسجدِ وغيره بلا سبب.
(*) قوله: (ولا قراءةَ على مأمومٍ، ويستحب في إسْرارِ إمامهِ وسكوتهِ). قال أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ: للإمام سكتتانِ فاغتنمْ فيهما القراءةَ بفاتحةِ الكتابِ، إذا دخلَ في الصلاةِ وإذا قال ولا الضَّالِّين، وقال عروة: أما أنا فأغتنم من الإمامِ اثنتينِ: إذا قال غير المغضوبِ عليهم ولا الضَّالِّين فأقرأُ عندها، وحين يختم السورةَ فاقرأُ قبلَ أن يَرْكعَ. وعن عُبَادَةَ بن الصَّامتِ رضي الله عنه قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبحَ فَثَقُلَتْ عليه القراءةُ فلما انصرفَ قال: إني أراكُم تقرأونَ وراءَ إمامِكم، قال: قلنا: يا رسول الله إي والله، قال: لا تفعلوا إلا بأمِّ القرآنِ فإنه لا لم يقرأْ بها (1). رواهُ أبو داود. =
(1) أخرجه أبو داود في من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب من كتاب الصلاة 3/ 44 برقم (808)، والترمذي، في باب ما جاء في القراءة خلف الإمام، من أبواب الصلاة 2/ 116 برقم (311).
ومن ركعَ أو سجدَ قبلَ إمامِه (*) فعليه أن يَرْجعَ ليأتيَ به بعده، فإنْ لم يَفْعلْ عمداً بَطَلَتْ، وإن ركعَ ورفع قبل ركوع إمامه عالماً عَمْداً بَطَلَتْ، وإن كان جاهلاً أو ناسياً بطلت الركعةُ فقط، وإن رَكعَ ورَفعَ قبل ركوعهِ ثم سجدَ قبلَ رَفْعِهِ بطلتْ إلا الجاهلَ والناسيَ، ويصلِّي تلك الركعةَ قضاءً.
ويسنُّ للإمام التخفيفُ مع الإتمامِ وتطويلِ الركعةِ الأولى أكثر من الثانيةِ، ويُسْتحبُّ انتظارُ داخلٍ إن لم يَشُقَّ على مأمومٍ، وإذا استأذنت المرأةُ إلى المسجدِ كُرِهَ مَنْعُها، وبيتُها خيرٌ لها.
ــ
= والتِّرمذيُّ. قال في المغني: يستحبُّ أن يسكتَ الإمامُ عَقِبَ قراءةِ الفاتحةِ سَكْتةً يستريحُ فيها ويقرأُ فيها مَنْ خَلْفَه الفاتحةَ لئلا يُنازعوه فيها.
(*) قوله: (ومنْ ركعَ أو سجدَ قبل إمامِه)، إلخ قال في الشرح الكبير:(مسألة) فإنْ ركعَ أو رفعَ قبلَ ركوع إمامِه عالماً عمداً فهل تبطل صلاته؟ على وجهين: (أحدهما): تَبْطُل للنَّهيِ والثاني: لا تبطلُ؛ لأنه سبقه بركنٍ واحدٍ فهي كالتي قبلَها.
قال ابنُ عَقيل: اختلفَ أصحابُنا فقال بعضهم: تبطل الصلاةُ بالسبقِ بأي رُكنٍ من الأركان، ركوعاً كان أو سجوداً أو قياماً. وقال بعضهم: السَّبقُ المُبطِلُ مختصٌّ بالركوع، لأنه الذي يحصُل به إدراكُ الركعةِ وتفوتُ بفواتِه، فجاز أن يَخْتصَّ بُطلانُ الصلاة بالسَّبْقِ به، وإن كان جاهلاً أو ناسياً لم تبطلْ صلاتُه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(عُفي لأُمتي عن الخطأ والنسيان" وهل تبطل الركعة؟ فيه روايتان: (إحداهما): تبطُلُ، في الرُّكوعِ أشْبه ما لَو لم يُدركْه، (والأخرى): لا تبطل للخبر، فأما إن ركع قبل ركوعِ إمامهِ فلمَّا ركعَ الإمامُ سجدَ قبل رَفْعهِ بَطَلَتْ صلاتهُ إن كان عمداً، لأنه لم يقتد بإمامه في أكثر الركعة، وإن فَعَلهُ جاهلاً أو ناسياً لم تَبطُلْ للحديث، ولم يعتدَّ بتلك الركعةِ لعدم اقتدائِه بإمامِه فيها. انتهى.