الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وإذا وصل بإقراره ما يسقطه، مثل أن يقول له: عليَّ ألفٌ لا يلزمني، ونحوه لزمه الألفُ، وإن قال: كان له عليَّ فقضيتُه، فقوله مع يمينه ما لم تكن بيِّنة أو يعترف بسبب الحق.
وإن قال: له عليَّ مائةٌ ثم سكت سُكوتاً يمكنه الكلامُ فيه، ثم قال: زيوفاً أو مؤجلة لزمه مائةٌ جيدةٌ حالًّةٌ، وإن أقرَّ بدين مؤجل، فأنكر المقَر له الأجل، فقول المقِر مع يمينه، وإن أقر أنه وهب أو رهن وأقبض، أو أقر بقبض ثمن أو غيره، ثم أنكر القبض، ولم يجحد الإقرار، وسأل إحلاف خصمه فله ذلك.
وإن باع شيئاً أو وهبه أو أعتقه، ثم أقر أن ذلك كان لغيره لم يُقبل قوله، ولم ينفسخ البيع ولا غيره، ولزمته غرامته للمقَر له، وإن قال: لم يكن ملكي ثم ملكته بعدُ وأقامَ بينة قُبِلت، إلا أن يكون قد أقر أنه مَلَكه، أو أنه قبض ثمن ملكه، لم يُقبل منه (*).
ــ
(*) قال في الاختيارات: وكلُّ صِلةِ كلام مغَيِّرةٌ له ـ الاستثناء وغيره ـ المقارن فيها متواصل (1)، والإقرار مع الاستدراك متواصل، وهو أحد القولين، ولو قال في الطلاق: إنه سبق لسانه لكان كذلك، ويحتمل أن يقبل الاضراب المتصل، إلى أن =
(1) العبارة في الاختيارات الفقهية ص 629 على الشكل التالي: وكل صلة كلام معتبر له للاستثناء، وغير المتقارب فيها متواصل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قال: وقياس المذهب فيما إذا قال: أنا مقرٌّ في جواب الدعوى، أن يكون مقِراً بالمدَّعى به، لأن القول ما في الدعوى، كما قلنا في قوله: قبلت، أن القبول ينصرف إلى الإيجاب لا إلى شيء آخر، وهو وجه في المذهب، وأما إذا قال: لا أنكر ما تدعيه فبين الإنكار والإقرار مرتبة وهي السكوت، ولو قال الرجل: أنا لا أكذِّبُ فلاناً لم يكن مصدِّقاً له، فالمتوجه أنه مجرد نفي للإنكار إن لم ينضم إليه قرينةٌ بأن يكون المدَّعَى به مما يعلمه المطلوب، وقد ادَّعى عليه علمه، وإلا لم يكن إقراراً. حكى صاحب الكافي عن القاضي: أنه قال فيما إذا قال المدعي: لي عليك ألف، فقال المدعي عليه: قضيتك منها مائة، أنه ليس بإقرار، لأن المائة قد دفعها بقوله، والباقي لم يقر به، وقوله:"منها" يحتمل ما تدعيه.
قال أبو العباس: هذا يخرج على أحد الوجهين في: أبرأتها، وأخذتها، وقبضتها، مقر هنا بالألف؛ لأن الهاء ترجع إلى المذكور، ويتحرج أن يكون مقراً بالمائة على رواية في قوله:"كان له عليَّ وقضيتُه"، ثم هل يكون مقراً بها وحدها أو بالجميع على ما تقدم؟ والصواب في الإقرار المعلق بشرط: أن نفس الإقرار لا يتعلق، وإنما يتعلق المقَر به، لأن المقَر به قد يكون معلقاً بسبب قد يوجبه، أو يوجب أداءه دليلٌ يظهره، فالأول كما لو قال مقر إذا قدم زيدٌ فعليَّ لفلان ألف، صح. وكذلك إن قال: إن رد عبده الآبق، فله ألف، ثم أَقَرَّ بها، فقال: إن ردَّ عبده الآبق فله ألفٌ، صح، وكذلك الإقرار بعوض الخلع، لو قالت: إن طلَّقني، أو إن عفا عني، فله عندي ألفٌ، صح، وأما التعليق بالشهادةِ، فقد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= يُشْبِهُ التَّحكيم، وإن قال: إن حكمتَ عليَّ بكذا التزمته، لزمه عندنا، فلذلك قد يرضى بشهادته، وهو في الحقيقة التزام وتزكية للشاهد، ورضي بشهادة واحد، وإذا أقر العامي بمضمون محض، وادعى عدم العلم بدلالة اللفظ ومثله يجهله، قُبِل منه على المذهب.
قال في الاختيارات (1): ومن أقر بقبض ثمنٍ أو غيره ثمَّ أنكر، وقال: ما قبضت، وسأل إحلاف خصمه، فله ذلك في أصح قولي العلماء، ولا يُشترط في صحة الإقرار كون المقَر به بيد المُقِرِّ.
قال في الاختيارات (2): وإذا أقَرَّ لغيره بعين له فيها حَقٌّ، لا يثبت إلا برضى المالك كالرهن والإجارة ولا بينة، قال الأصحاب: لم يقبل، ويتوجه أن يكون القولُ قوله، لأنَّ الإقرار ما تضَمن ما يوجب تسليم العين أو المنفعة، فما أقر بما يوجب التسليم، كما في قوله: كان عليَّ ألف وقضيته، ولأنا نُجَوِّزُ مثل هذا الاستثناء في الإنشاءات في البيع ونحوه، فكذلك في الإقرارات، والقرآن يدل على ذلك في آية الدين، وكذا لو أقر بفعل فعله، وادَّعى إذن المالك، والاستثناء يمنع دخول المستثنى في اللفظ؛ لأنه يخرجه بعد ما دخل في الأصح.
(1) ص 628.
(2)
ص 630 - 631.