الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدعاوَى والبينات
المُدَّعِي: مَنْ إذا سَكَتَ تُرِكَ، والمُدَّعَى عليه: مَنْ إذا سَكَتَ لم يُتْرَكْ.
ولا تصحُّ الدعوَى والإنكارُ إلا من جائزِ التصرفِ، وإذا تداعَيا عَيْناً بيدِ أحدِهما فهي له مع يمينِه، إلا أن تكونَ له بيِّنةٌ فلا يَحْلِفُ، فإن أقامَ كلُّ واحدٍ بيِّنةً أنها له قُضِيَ للخارجِ ببينتِه، ولَغَتْ بينةُ الداخل (*).
ــ
= قال في الاختيارات (1): وإذا تَهَايأ فلَاّحوا القريةِ الأرضَ، وزرعَ كلُّ واحدٍ منهم حِصَّتَه فالزرعُ له، ولربِّ الأرضِ نصيبُه، إلا أنَّ مَنْ نزلَ من نصيبِ مالِكِه، فله أَخْذُ أُجْرَةِ القصيلة (2) أو مُقَاسَمَتُها، وأجرةُ وكيلِ القِرَى والأمينِ لحفظِ الزرعِ على المالك والفلاحِ، كسائر الأملاكِ، فإذا أخذوا من الفلاح بِقَدرها عليه، أو ما يستحقُّه الضيفُ حَلَّ لهم، وإن لم يأخُذِ الوكيلُ لنفسِه إلا قَدْرَ أُجرةِ عملِه بالمعروف والزيادةُ يأخذُها المُقْطِعُ، فالمُقْطِعُ هو الذي ظَلَم الفلاحين، والوقفُ جائزٌ على جهةٍ واحدةٍ لا تُقْسَمُ عينُه اتِّفاقاً، والله أعلم اهـ.
قال في المقنع: ويُعَدِّلُ القاسمُ السِّهامَ بالأجزاءِ إن كانت متساويةً، وبالقيمةِ إن كانت مختلفةً، وبالرَّدِّ إن كانت تقتضيه، وقال أيضاً: فإن ادَّعى بعضُهم غَلَطاً فيما تقاسَموه بأنفسهم وأَشْهَدوا على تراضِيهم به لم يُلْتَفَتْ إليه، وإن كان فيما قَسَمَهُ قاسِمُ الحاكمِ فعلى المدَّعِي البينةُ، وإلا فالقولُ قولُ المُنْكِرِ مع يمينِه.
(*) قال في المقنع: وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بيِّنةٌ حَكَمَ بها للمُدَّعِي في ظاهر المذهب، وعنه إن شَهِدَتْ بيِّنةُ المدَّعَى عليه أنها له نُتِجَتْ في مِلْكِهِ، أو قَطِيعةٌ مِنَ الإمامِ قُدِّمَتْ بيِّنتُه، وإلا فهي للمُدَّعِي بيِّنَتِه اهـ. =
(1) ص 602.
(2)
القَصِيلَةُ: يقال قصل الدابة إذا تلفها قصيلاً، والقصيل: ما يقتصل أي يؤخذ من الزرع وهو أخضر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قال في الاختيارات (1): ومَنْ بيدِه عَقَارٌ فادَّعَى رجلٌ بثبوتِه عند الحاكم، أنه كان لجَدِّه إلى موتِه، ثم إلى ورثتِه، ولم يَثْبُتْ أنه مُخَلَّفٌ عن مُوَرِّثِه، لا يُنْزَعُ منه بذلك، لأن أَصْلَيْنِ تعارضا وأسبابُ انتقالِه أكثرُ من الإرْثِ، ولم تَجْرِ العادةُ بسكوتِهم المدَّةَ الطويلةَ، ولو فُتح هذا البابُ لانْتُزِعَ كثيرٌ من عَقَارِ الناسِ بهذا الطريقِ.
وقال أيضاً (2): وإذا تَداعَيا بهيمةً أو فصيلاً فشهدَ القائفُ أن دابَّةَ هذا تُنْتِجُهَا، ينبغي أن يَقضي بهذه الشهادة وتُقَدَّمُ على اليدِ الحسِّيةِ، ويتوجَّه أن يَحْكُمَ بالقِيَافَةِ في الأمور كلِّها كما حكمنا بذلك في الجِذْعِ المَقْلوعِ إذا كان له موضعٌ في الدار، وكما حَكَمْنا في الاشتراك في اليدِ الحِسِّيةِ بما يظهر من اليد العُرفيةِ، فأعطينا كلَّ واحدٍ من الزوجين ما يناسبه في العادة، وكلَّ واحدٍ من الصانِعَيْنِ ما يناسبُه، وكما حكمنا بالوَصْفِ في اللُّقَطَةِ إذا تداعَاها اثنانِ، وهذا نوعُ قِيافةٍ أو شبيه به، وكذلك لو تنازعا غِراساً أو ثمراً في أيديهما، فشَهد أهلُ الخبرة أنه من هذا البستان، ويُرجَعُ إلى أهلِ الخِبْرةِ حيثَ يَستوي المتداعيانِ، كما يُرجَع إلى أهل الخبرة بالنَّسَبِ، وكذلك لو تنازع اثنان لباساً أو نعلاً من لباسِ أحدِهما دون الآخرِ، أو تنازعا دابةً تذهبُ من بعيدٍ إلى اصْطَبْلِ أحدِهما دون الآخرِ، أو تنازعا زوجَ خُفٍّ أو مصراعَ بابٍ مع الآخر شَكْلُه، أو كان عليه علامةٌ لأحدِهما كالزُّرْبُولِ التي للجُنْدِ، وسواء كان المدَّعَى في أيديهما أو في يدِ ثالثٍ، وأما إن كانت اليدُ لأحدِهما دون الآخر، فالقِيافةُ المعارضةُ لهذا كالقِيافةِ المعارضةِ للفِرَاشِ، فإذا قلنا بالقِيافةِ في صورة الرُّجْحَانِ، فقد نقولُ ههنا كذلك، ومثل أن يدَّعي أنه ذهبَ من مالِه شيءٌ ويثبت ذلك، فَيَقُصُّ القائفُ أَثَرَ الوَطْءِ من مكانٍ إلى آخر، فشهادةُ القائف أن المالَ دخلَ إلى هذا الموضعِ توجبُ أحدَ الأمرين، إما الحُكمُ به، وإما أن يكون لَوثاً فيحكمُ به مع اليمين للمُدَّعِي وهو الأقرب، فإن هذه الأمارة ترجِّحُ جانبَ المدَّعِي، واليمنُ مشروعةٌ في أقوى الجانبين اهـ.
(1) ص 583، 584.
(2)
الاختيارات الفقهية ص 478، 479، 480.