الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
ولا يُقْبَلُ في الزنا والإقرارِ به إلا أربعةٌ، ويكفي على من أَتَى بهيمةً رجلان. ويُقْبَلُ في بقيةِ الحدودِ، والقصاصِ، وما ليس بعقوبةٍ ولا مالٍ (*)،
ــ
(*) قوله: (وما ليس بعقوبةٍ)، عبارةُ الدليلِ: الثالثُ: القَوَدُ والإِعْسَارُ وما يُوجِبُ الحدَّ والتعزيرَ فلابدَّ من رجلين، ومثلُه النكاحُ إلى آخره.
قال في الاختيارات: ويَعتَبرُ شهادةَ الإعسارِ بعد اليسارِ ثلاثةٌ، وفي حِلِّ المَسْألةِ، وفي دَفْعِ الغُرَماءِ، وكلامُ القاضي يدلُّ عليه اهـ.
قال في الاختيارات (1): قصةُ أبي قَتَادَةَ وخُزَيْمَةَ تقتضي الحُكْمَ بالشاهدِ في الأموال. وقال القاضي في التَّعليقِ: الحُكْمُ بالشاهدِ الواحدِ غيرُ ممتنعٍ، كما قاله المخالفُ في الهلالِ في الغَيْمِ وفي القابلةِ، على أنَّا لا نعرفُ الروايةَ بمنعِ الجواز، قال أبو العباس: وقد يقال: اليمينُ مع الشاهدِ الواحدِ حق للمستَحلِفِ وللإمام، فله أن يُسْقِطَها، وهذا أحسنُ إلى أن قال: ولو قيل: إنه يَحكمُ بشهادةِ امرأةٍ واحدة مع يمينِ الطالبِ في الأموالِ لكان متوجِّهاً، لأنهما أُقيما مَقَامَ الرجلِ في التَحمُّلِ، وتثبتُ الوكالةُ ولو في غير المالِ بشاهدٍ ويمينٍ، وهو رواية عن أحمد، والإقرارُ بالشهادة بمنزلةِ الشهادةِ بدليلِ الأَمَةِ السوداءِ في الرَّضاعِ، فإن عُقْبَةَ بنَ الحارثِ أخبرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّ المرأة أَخبرتْه أنها أَرضعتْهما، فنهاه عنها من غير سماع المرأة (2). وقد احتجَّ به الأصحابُ في قَبُولِ شهادةِ المرأةِ الواحدةِ في الرَّضاعِ، فلولا أن الإقرارَ بالشهادةِ بمنزلةِ =
(1) ص 619 - 621.
(2)
أخرجه البخاري في: باب تفسير المشبهات، من كتاب البيوع 3/ 70، وفي: باب شهادة المرضعة، من كتاب النكاح 7/ 13، والترمذي في: باب ما جاء في شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، من كتاب الرضاع، عارضة الأحوذي 5/ 94.
ولا يقصدُ به المال ويَطَّلِعُ عليه الرجالُ غالباً: كنكاحٍ وطلاقٍ ورَجْعةٍ، وخلعٍ ونسبٍ، وولاءٍ وإيصاءٍ إليه، يُقبلُ فيه رَجُلانِ. ويُقبلُ في المارِ وما
ــ
= الشهادةِ ما صحَّتِ الحُجَّةُ، ويؤيدُه أن الإقرارَ بحُكمِ الحاكمِ بالعَقْدِ الفاسدِ يَسوغُ للحاكمِ الثاني أن يُنفِذَه مع مُخالفَتِه لمذهبِه اهـ.
قال في المغني (1): إذا ادَّعَى رجلٌ على رجلٍ أنه سَرَقَ نِصَاباً من حِرْزِهِ، وأقامَ بذلك شاهداً وحَلَفَ معه، أو شَهِدَ له رجلٌ وامرأتانِ، وَجَبَ له المالُ المشهودُ به إن كان باقياً أو قيمتُه إن كان تالفاً، ولا يجبُ القَطْعُ؛ لأن هذه حُجَّةٌ في المال دون القَطْعِ، وإن ادَّعى على رجلٍ أنه قَتَلَ وَليَّه عَمْداً، فأقامَ شاهداً وامرأتينِ، أو حَلَفَ مع شاهِدِه، لم يَثْبُتْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ، والفرقُ بين المسألتينِ أنَّ السرقةَ تُوجِبُ القَطْعَ والغُرْمَ معاً، فإذا لم يَثْبُتْ أحدُهما ثَبَتَ الآخَرُ، والقَتْلُ العَمْدُ مُوجَبُه القِصاصُ عَيْناً في إحدى الروايتين، والدِّيَةُ بَدَلٌ عنه، ولا يجبُ البَدَلُ ما لم يُوجَبِ المبدَلُ، وفي الرواية الأخرى: الواجبُ أحدُهما لا بعَيْنِه، فلا يجوزُ أن يتعيَّن أحدُهما إلا بالاختيارِ أو التعذُّرِ ولم يوجَدْ واحدٌ منهما.
وقال ابنُ أبي موسى: لا يجبُ المالُ في السرقةِ أيضاً إلا بشاهِدَين؛ لأنها شهادةٌ على فعلٍ يوجِبُ الحدَّ والمالَ، فإذا بَطَلَتْ في إحداهُما بَطَلَتْ في الأُخرى، والأولُ أَوْلَى لما ذكرناه، إلى أن قال، ولو ادعى رجلٌ على آخرَ أنه سَرَقَ منه وغَصَبَهُ مالاً، فَحَلفَ بالطلاقِ والعَتاقِ ما سرَقَ منه ولا غصَبَهُ فأقام المدَّعِي شاهداً وامرأتينِ شَهِدَا بالسَّرقةِ والغَصْبِ، أو أقام شاهداً وحلَفَ معه، استحقَّ المسروقَ والمغصوبَ؛ لأنه أتى ببيِّنةٍ يَثْبُتُ ذلك بمثلِها، ولم يَثْبُتْ طلاقٌ ولا عَتاقٌ لأن هذه البيِّنةَ حُجَّةٌ في المالِ دون الطَّلاقِ والعَتاقِ.
(1) ج 14/ 133.