الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب النذر
لا يصحُّ إلا من بالغٍ عاقلٍ ولو كافراً (*).
ــ
(*) قال في الاختيارات: باب النَّذْرِ، توقَّفَ أبو العباس في تَحْريمِه، وحَرَّمهُ طائفةٌ من أهل الحديثِ، وأما ما وجب بالشَّرْعِ إذا بايع عليه الرسولَ أو الإمامَ أو تحالف عليه جماعةٌ، فإن هذه العقودَ والمواثيقَ تقتضِي له وجوباً ثانياً غير الوجوبِ الثابتِ بمجرَّد الأمرِ الأولِ، فيكونُ واجباً من وجهين، وكان تركُه مُوجِباً لتَرْكِ الواجبِ بالشرعِ والواجبِ بالنَّذْرِ، هذا هو التحقيقُ، وهو روايةٌ عن أحمد، وقال طائفةٌ من العلماء، ونَذْرُ اللَّجاجِ والغَضَبِ يُخيَّر فيه بين فِعْلِ ما نَذَرَهُ والتكفيرِ، - إلى أن قال-: ومن أَسْرَجَ قَبْراً أو مَقْبرةً أو جبلاً أو شجرةً أو نَذَر لها أو لسُكَّانِها أو المُضافِينَ إلى ذلك المكان لم يَجُزْ، ولا يجوزُ الوفاءُ به إجماعاً، ويُصْرَفُ في المصالحِ ما لم يُعْلَمْ ربُّه، ومن الجائز صَرْفُهُ في نَظيرِه من المشروعِ، وفي لُزومِ الكفَّارةِ خِلافٌ، ومن نذر قِنْدِيلاً يُوقَدُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم صُرِفَتْ قيمتُه لجيرانِه عليه السلام ا. هـ.
وقال أيضاً: ولو قال إنْ فعلتُ كذا فَعَلَيَّ ذبحُ ولدِي أو معصيةٌ غير ذلك أو نحوه وقَصَدَ اليمينَ فيمينٌ وإلا فَنَذْرُ معصيةٍ فيَذْبَحُ في مسألةِ الذَّبْحِ كبشاً، ولو فَعَلَ المعصيةَ لم تَسْقُطْ عنه الكفارةُ ولو في اليمينِ. قوله:"فإنه يُجزيه بقدرِ الثُّلث"، قال في المقنع: ولو نَذَر الصدقةَ بكلِّ مالِه فله الصدقةُ بثُلثِهِ ولا كفَّارةَ عليه، قال في الشرح الكبير: لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي لُبابَةَ حين قال: إنَّ من تَوْبَتِي يا رسولَ اللهِ أن أَنْخَلِعَ من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يُجْزئكَ الثلث)(1) - إلى أن قال-: وعن =
(1) أخرجه الإمام مالك، في: باب جامع الأيمان، من كتاب النذور، الموطأ 2/ 481، وعبدالرزاق في المصنف 8/ 484 في: باب من قال: مالي في سبيل الله، من كتاب الأيمان والنذور.
والصحيحُ منه خمسةُ أقسامٍ:
أحدهما: المُطْلَقُ، مثل أن يقولَ: لله عليَّ نَذْرٌ، ولم يُسَمِّ شيئاً، فيلزمُه كفَّارةُ يمينٍ.
الثاني: نَذْرُ اللَّجاجِ والغَضَبِ، وهو تعليقُ نَذْرِه بشرطٍ يقصدُ المَنْعَ منه، أو الحَمْلَ عليه، أو التَّصْديقَ أو التَّكْذيبَ، فيخيَّر بين فِعْلِهِ وبين كفّارةِ يمينٍ.
الثالث: نذْرُ المُباحِ، كلُبسِ ثوبِه ورُكوبِ دابَّتهِ، فحُكْمُه كالثاني، وإن نَذَرَ مَكْروهاً من طلاقٍ وغيرِهِ استُحِبَّ أن يكفِّر ولا يفعلُه.
الرابع: نَذْرُ المعصيةِ: كشُربِ الخَمْرِ وصَوْمِ الحَيْضِ والنَّحْرِ، فلا يجوز الوفاءُ به ويُكَفِّرُ.
الخامس: نَذْرُ التَّبَرُّرِ مطلقاً أو مُعلَّقاً، كفعلِ الصلاةِ والصيامِ والحجِّ ونحوه كقوله: إن شَفَى اللهُ مريضِي، أو سلَّم مالِي الغائبَ فللَّهِ عليَّ كذا، فَوُجِدَ الشَّرْطُ لَزِمَهُ الوفاءُ به، إلا إذا نَذَرَ الصَّدَقَة بمالِه كلِّه أو بمُسَمَّىً منه يزيدُ على ثُلثِ الكُلِّ، فإنه يُجْزِيهِ قَدرُ الثُلثِ، وفيما عداها يلزمُه المُسَمَّى، ومن نَذَرَ صومَ شَهْرٍ لزمَه التتابعُ، وإن نَذَرَ أياماً معدودةً لم يلزمْهُ إلا بشرطٍ أو نيّةٍ.
ــ
= كعبِ بنِ مالكٍ قال: قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أَنْخَلِعَ من مالي صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(أَمْسِكَ عليكَ بعضَ مالِكَ فهو خيرٌ لك). متفق عليه (1). ولأبي داود (يجزي عنك الثلث).
فائدة: قال في الاختيارات: ويلزمُ الوفاءُ بالوعدِ وهو وجهُ في مذهبِ أحمد ويخرَّجُ رواية عنه من تأجيلِ العاريَّةِ والصُّلحِ عن عِوَضِ التَلَفِ بمؤجَّلٍ.
(1) أخرجه البخاري في: باب إذا تصدَّق أو أوقف بعض ماله، من كتاب الوصايا، وفي: باب سورة التوبة، من كتاب التفسير، وفي: باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والتوبة، من كتاب الأيمان والنذور صحيح البخاري (4/ 609، 87، 88. 8/ 175)، ومسلم في: باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، من كتاب التوبة، صحيح مسلم (4/ 2127).