الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ نفقةِ الأقاربٍ والمماليكٍ والبهائمِ
(*)
تجب أو تتمتُها لأبويه وإن عَلَوا، ولولدِه وإن سَفَل، حتى ذوي الأرحامِ منهم حَجَبه معسرٌ أو لا. ولكلِّ من يرثُه بفَرْضٍ أو تَعْصيبٍ، لا بِرَحمٍ سوى عَمودَيْ نسبِه، سواء وَرِثَه الآخرُ كأخٍ أو لا، كعمةٍ وعتيقٍ بمعروفٍ، مع فقرِ من تجبُ له، وعَجْزِه عن تكسُّبٍ، إذا فَضَلَ عن قوتِ نفسِه وزوجتِه ورقيقِه يومَه وليلتَه وكسوةٍ وسُكْنَى، من حاصلٍ أو مُتحصَّلٍ، لا من رأسِ مالٍ وثمنِ مِلْكٍ وآلةِ صنعةٍ. ومن له وارثٌ غيرُ أبٍ فنفقتُه عليهم على قَدْرِ إِرْثِهم، فعلى الأمِّ الثلثُ، والثلثانِ على الجَدِّ، وعلى الجَدَّةِ السدسُ، والباقي على الأخِ، والأبُ ينفرد بنفقةِ ولدِه. ومن له ابنٌ فقيرٌ وأخٌ موسِرٌ فلا نفقةَ له عليهما (*)، ومن أمُّه فقيرةٌ وجَدَّتُه موسِرةٌ فنفقتُه على الجَدَّةِ، ومن عليه نفقةُ زيدٍ فعليه نفقةُ زوجتِه كظئرٍ لحَوْلينِ، ولا نفقةَ مع اختلافِ دِيْنٍ إلا بالولاءِ (*). وعلى الأبِ أن يسترضَعَ لولده ويُؤدِّي
ــ
(*) قال في الفروع: وهل يلزمُ المُعْدِم الكسبُ لنفقةِ قريبِهِ على الروايتين في الأولى، ذكره في الترغيب، وجزم جماعةٌ أنه يلزمه ذلك.
(*) قوله: (ومن له ابنٌ فقيرٌ وأخٌ موسرٌ فلا نفقةَ له عليهما)، وعنه تجبُ على الأخِ، اختاره في المستوعب.
(*) قوله: (ولا نفقةَ مع اختلافِ دِيْنٍ
…
)، قال في المقنع: ولا تجبُ نفقةُ الأقاربِ مع اختلافِ الدِّينِ، وقيل في عمودَي النسبِ روايتان اهـ.
قال في الاختيارات: وعلى الولدِ الموسرِ أن ينفقَ على أبيهِ المُعْسِرِ وزوجةِ أبيهِ وعلى إخوتِه الصغار، وتجبُ النفقةُ لكلِّ وارثٍ ولو كان مقاطَعاً من ذوي الأرحام وغيرهم، لأنه من صِلَةِ الرَّحِمِ، وهو عامٌّ كعمومِ الميراثِ في ذوي الأرحامِ، وهو روايةٌ عن أحمد والأوجه وجوبها مرتَّباً، وإن كان الموسِرُ القريبُ مُمتنِعاً فينبغي أن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= يكون كالمُعْسِرِ كما لو كان للرجلِ مالٌ وحِيلَ بينه وبينه لغَصْبٍ أو بُعدٍ، لكن ينبغي أن يكون الواجبُ هنا القَرْض رجاءَ الاسترجاع، وعلى هذا فمتى وجبَتْ عليه النفقةُ وجب عليه القرضُ، إذا كان له وفاء. وذكر القاضي وأبو الخطاب وغيرُهما في أبٍ وابنٍ، القياسُ أن على الأب السدسَ، إلا أن الأصحابَ تركوا القياسَ لظاهرِ الآية، والآية إنما هي في الرضيعِ وليس له ابنٌ فينبغي أن يفرّق بين الصغيرِ وغيرِه، فإن مَنْ له ابنٌ يبعدُ أن لا تكونَ عليه نفقتُه، بل تكون على الأبِ، فليس في القرآنِ ما يخالفُ ذلك، وهذا جيدٌ على قولِ ابنِ عقيلٍ حيث ذكرَ في التذكرةِ أن الولدَ ينفردُ بنفقةِ والدَيه ا. هـ.
قال في الاختيارات: وإذا تزوجت المرأةُ ولها ولدٌ فغَصَبتِ الولدَ وذهبتْ به إلى بلدٍ آخرَ، فليس لها أن تطالبَ الأبَ بنفقةِ الولدِ، وإرضاعُ الطفلِ واجبٌ على الأم بشرط أن تكونَ مع الزوجِ، وهو قولُ ابن أبي ليلى وغيرِه من السلف، ولا تستحقُّ أجرةَ المِثْلِ زيادةً على نفقتِها وكسوتِها، وهو اختيارُ القاضي في المجرَّد، وقول الحنفيَّةِ، لأن الله تعالى يقول:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، فلم يوجبْ لهنَّ إلا الكسوةَ والنفقةَ بالمعروفِ، وهو الواجبُ بالزوجيةِ وما عساه يتجرَّدُ من زيادةٍ خاصةٍ للمُرتَضِع، كما قال في الحامل:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، فدخلتْ نفقةُ الولدِ في نفقةِ أمِّهِ، لأنه يتغذَّى بها، وكذلك المُرتَضِع. وتكونُ النفقةُ هنا واجبةً بشيئينِ، حتى لو سقَطَ الوجوبُ بأحدِهما ثبتَ الآخَرُ، كما لو نَشَزَتْ وأرضَعَتْ ولدَها فلها النفقةُ للإرضاعِ لا للزوجيةِ، فأما إذا كانت بائناً وأرضعتْ له ولدَه فإنها تستحقُّ أجرها بلا ريبٍ، كما قال اللهُ تعالى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]، وهذا الأجرُ هو النفقةُ والكسوةُ، وقاله طائفةٌ، منهم الضحَّاكُ وغيرُه، وإذا كانت المرأةُ قليلةَ اللبنِ وطلَّقها زوجُها فله أن يَكْتريَ مُرْضِعةً لولدِه، وإذا فعلَ ذلك فلا فَرْضَ للمرأةِ بسببِ الولدِ ولها حضانتُه ا. هـ.